(1 ) المقدمـــة
(2 ) تعريف الثقافة لغة واصطلاحاً
( 3 ) عناصر الثقافة ،، المصدر
(4 ) خصائص الثقافة
( 5 ) الانماط الثقافية
( 6 ) كيف تتكون الثقافة
( 7 ) العلاقة بين الثقافة و الحضارة
( 8 ) غزو ثقافي ام تفاعل ثقافات
( 9 ) الخاتمــة
المقدمــة :
لكل أمة مفهومات أساسية خاصة بها، تحرص عليها، وتسعى لترسيخها وتثبيت جذورها في شتى المجالات الفكرية، والاجتماعية، والسياسية، وتعمل على المحافظة عليها، والاهتمام بها، وتأصيلها في أبنائها، ومن ثم إيصالها إلى الآخرين باستخدام الوسائل المتاحة كلها.
وهذه المفاهيم هي ما يمكن أن نطلق عليها اسم الثقافة.
ومن المعلوم بداهة أن الثقافات تتعدد، وتختلف باختلاف المبادئ والتصورات الفكرية لدى الأمم. وبالتالي فإنه يمكننا القول أن الثقافة هي:
حصيلة مقومات شتى تكون في النهاية صورة معينة، وشخصية خاصة لأي أمة، بكل ما تحمله من تصورات وأفكار، وآمال، وتطلعات.
لذا، فإن ثقافة كل أمة تشكل عناصر مهمة بالنسبة لأبنائها؛ لأنها وثيقة الارتباط بالإنسان، وإكمال شخصيته من الناحيتين: المادية، والروحية.
كما أنها عميقة الصلة بالمجتمع؛ لأنها تحوي عناصر الفكر، والتصور، والاعتقاد التي تشكل بدورها الأرضية الفكرية للبناء الأخلاقي، وتركيب شخصية الفرد بنواحيها العقلية، والنفسية، والروحية.
لذا، فقد اهتمت الأمم عبر تأريخها بنشر ثقافاتها، وحمايتها من الانصهار في غيرها من الثقافات، أو السماح لغيرها بالحلول محلها.
وعن الثقافة يقول الأستاذ "عمر عودة الخطيب": "هي الصورة الحية للأمة، فهي تحدد ملامح شخصيتها، وهي التي تضبط سيرها في الحياة، وتحدد اتجاهها فيها. إنها عقيدتها التي تؤمن بها، ومبادئها التي تحرص عليها، ونظمها التي تعمل على التزامها، وتراثها الذي تخشى عليه الضياع والاندثار، وفكرها الذي تود له الذيوع والانتشار".
موضوع:
هذا هو المعنى العام للثقافة.
فما هو المعنى الخاص لها؟
معنى الثقافة الخاص يمكن استخلاصه من تعريفها اللغوي والاصطلاحي. ) 1(
تعريف الثقافة لغة واصطلاحاً:
1.في اللغة:
إن تعريف كلمة "ثقافة" تعريفاً دقيقاً أمر غير متاح، وذلك أن المعنى اللفظي لهذه الكلمة يضيق عن استيعاب مدلولها المتشعب، ذي الدلالات الكثيرة، والأبعاد غير المتناهية؛ لأنها كلمة جديدة لا تتصل بالمدلول اللغوي الذي ذكرته معاجم اللغة العربية، إلا من قبيل التأويل والمجاز.
فهي مأخوذة من كلمة (culture) المشتقة من أصل لاتيني: بمعنى الفلاحة أو الزراعة.
لكن هذا لا يمنع أن نشير إلى بعض ما أوردته المعاجم من مدلولات هذه الكلمة:
إن أصل كلمة ثقافة مأخوذ من الفعل "ثقف".
ومعاني هذا الفعل كثيرة، منها على سبيل الذكر لا الحصر:
أ) الحذق، الفطنة، سرعة أخذ العلم وفهمه.
فيقال: ثقف الرجل ثقفاً وثقافة: أي صار حاذقاً.
ب) تقويم المعوج من الأشياء، وتثقيف الشيء تسويته، ومنه المثاقفة، والمثاقفة: وهو ما تسوى به الرماح.
ج) إدراك الشيء والظفر به. وعليه: ثقفته بمعنى صادفته، وأدركته، وظفرت به ومنه قوله تعالى {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ{.
د) التهذيب والتأديب.
هـ) ومن المعاني المتداولة لكلمة ثقافة:
المشاركة البارعة في فروع شتى من المعرفة وبلوغ الفرد والجماعة مستوى في كسب المعلومات.
2.في الاصطلاح:
إن المعنى الاصطلاحي لكلمة "ثقافة" أوسع بكثير من معناها اللغوي مما يبرز صعوبة إيجاد تعريف جامع لها.
ذلك أن التعريفات الاصطلاحية لها اختلفت باختلاف توجها المعرفين وتخصصاتهم العلمية.
ومع هذا فسنذكر بعض هذه التعريفات:
أ) قال هنري لاوست: "إن الثقافة هي مجموعة الأفكار والعادات الموروثة، التي يتكون منها مبدأ خلقي لأمة ما، ويؤمن أصحابها بصحتها، وتنشأ منها عقلية خاصة بتلك الأمة تمتاز عن سواها".
ب)آرنست باركر: "إنها ذخيرة مشتركة لأمة من الأمم تجمعت لها، وانتقلت من جيل إلى جيل خلال تأريخ طويل، وتغلب عليها بوجه عام عقيدة دينية هي جزء من تلك الذخيرة المشتركة من الأفكار والمشاعر واللغة".
جـ) ماثيو أرنولد: "محاولتنا الوصول إلى الكمال الشامل عن طريق العلم بأحسن ما في الفكر الإنساني مما يؤدي إلى رقي البشرية".
د) هي مجموعة من العلوم والفنون والمعارف النظرية التي تؤلف الفكر الشامل للإنسان فتكسبه أسباب الرقي والتقديم والوعي.
هـ) هي ما تعكسه حضارة معينة تضم ثمرات الفكر من علم، وفن، وقانون، وأخلاق.
ومع هذا فإن هذه التعريفات على مالها من مدلولات قيمة. إلا أنها لا تغطي الأبعاد المختلفة لمعنى الثقافة أو مفهومها، وهذا لا يعني قصورها أو خطأها.
وحتى يكون للثقافة معناها ومفهومها الشامل، فلابد من أن تشمل الجانبين: النظري والعلمي.
وقد يكون التعريف الذي اختاره "مالك بن نبي" هو أقرب التعريفات لهذا المفهوم فقد عرف الثقافة بأنها: "مجموعة من الصفات الخلقية، والقيم الاجتماعية التي تؤثر في الفرد منذ ولادته، وتصبح لا شعورياً العلاقة التي تربط سلوكه بأسلوب الحياة في الوسط الذي ولد فيه". (2 )
عناصر الثقافة :
يرى بعض العلماء ان الثقافة تقسم الى قسمين رئيسيين :
1.عناصر مادية : و هي تتضمن كل ما ينتجة الانسان من مخترعات حسية .
2.عناصر غير مادية : تتضمن الاعراف و العادات و التقاليد و القيم و الاخلاق ، و هي عناصر سلوكية التي يمارسها الفرد خلال حياته .
ولكن الغالبية العظمى ترى ان العناصر الثقافية ثلاثه و على رأس هؤلاء العلماء " رالف لنتون " الذي قسم العناصر الثقافية الى :
اولا – العموميات او العالميات الثقافية :
وهي تلك العناصر من الثقافة التي تشترك فيها الغالبية العظمى من الامة (( عموميات )) او الغالبية العظمى من العالم (( عالميات )) .. و تشمل هذه العناصر المخترعات المادية و الممارسات المعنوية . و هذه العناصر مثل الافكار العامة ، العادات و التقاليد ، النظم ، و الاستجابات العاطفية ، و المخترعات التي تخدم الامه و تميزها عن غيرها و تجعلها متميزة باسلوب حياة معينة و استعمالات للمخترعات التي بين يديها بطريقة خاصة بها . فالزواج من حيث المحتوى او المفهوم يعتبر من العالميات أما من حيث الشكل و الطريقة فيعتبر من العموميات .
ثانيا – الخصوصيات او التخصصات الثقافية :
هي العناصر التي يشارك بها بعض الافراد المجتمع ، او فئة من المجتمع ولكن ممارسة تلك الفئة من الناس لهذا النوع من الثقافة يعود بالفائدة دوما على المجتمع ككل ، ولا يضر بأحد كما انه ذو فائدة كبيرة للجماعة .. مثال على ذلك ما يقوم به البعض من سلوكيات او مهارات او قدرات تعود بالفادة على الجميع .. و الخصوصيات او التخصصات تقسم الى عدة اقسام منها :
1.الخصوصيات المهنية : هي العناصر الثقافية التي يمارسها اصحاب مهن معينة دون غيرهم (( كلباس الاطباء او الجنود ..الخ )) او اسلوب حياة عمال المناجم ، ام طريقة غناء الصيادين ..الخ .
2.الخصوصيات الطبقية : كتصرفات و لباس و طريقة حياة طبقة معينة من طبقات المجتمع ، أو طريقة حديثهم .
3.الخصوصيات العقائدية : يظهر ذلك في ممارسة الافراد للشعائر الدينية او طريقة الملبس او المأكل او اقامة الطقوس الدينية المختلفة في المناسبات العامة .
4.الخصوصيات العنصرية : فهناك عادات و قيم و طريقة حياة يومية يمارسها جنس معين في مجتمع معين ولا يمارسها جنس اخر في نفس المجتمع و تعود هذه الممارسة للعنصر الذي انحدر منه هؤلاء الافراد . (3)
خصائص الثقافــة :
أ؟- مكتسبة : الثقافة لا يرثها الانسان كما يرث لون عينية او بشرتة ، بل يكتسبها بطرق مقصودة (( بالتعلم )) او عرضية من الافراد الذين تفاعل معهم و يعيشون حوله ، منذ ولادتة ، كأسرته و اقرانه و غيرهم من الذين يخالطهم .
ب?- انتقاليه : الثقافة تراث اجتماعي يتعلمها و يتمثلها الفرد بصفة عضوا في جماعة معينة ، فهي تنتقل من جيل الى جيل بوساطة عمليه التنشئة الاجتماعية ، و من جماعة لاخرى ، او من مجتمع لاخر بوساطة عملية التثاقف " Acculturation "
ت?- تراكميـة : و هذا يعني ان الثقافة ذات طابع تاريخي تراكمي عبر الزمن ، فهي تنتقل من الجيل الى الجيل الذي يليه ، بحيث يبدأ الجيل التالي من حيث انتهى الجيل الذي قبله ، و هذا يساعد على ظهور انساق و انماط ثقافية جديدة .
ث?- الثقافه اداة لتكيف الفرد بالمجتمع : تعتبر الثقافة الاداة التي يستطيع الانسان من خلالها ان يتكيف بسرعة مع التغيرات التي تطرأ على بيئته الاجتماعية ، و تزيد ايضا من قدرته على استخدام ماهو موجود في بيئته
ج?- تكاملية : الثقافة ذات طابع تكاملي , و هي مركبة حيث تتكون من عناصر و سمات مادية و فكرية ,تتجمع مع بعضها في نمط pattern ,و انماط ثقافة تترابط و تتكامل مع بعضها بفضل بعض العناصر التجريدية التي يطلق عليها اسم موضوعات اساسية او تشكيلات configurations و يقول كلاكهون ((فاسلوب حياة كل جماعة هو عبارة عنب ناء و ليس مجرد مجموعة عشوائية من انماط الاعتقاد و السلوك اللمكنة ماديا , و الفعالة وظيفيا ,فالثقافة نسق تقوم أجزاؤه على الاعتماد المتبادل فيما بينها ..
ح?- واقعية: اعتبر كثير من العلماء الظاهر الثقافية كالظواهر الاجاتماعية ,و بالتالي فانه ينبغي النظر اليها (كالاشياء ) واقعية مستقلة لا تتعلق بوجود افراد معينين . و بناء عليها يمكن دراستها كأشياء مدركة موضوعيا, و ثؤثر الظواهر الثقافية بعضها ببعض ,كما تؤثر في السلوك الاجتماعي للافراد في المجتمع و هي تخضع (لقواعد ) اجتماعية .
خ?- استمرارية : الثقافة ظاهرة تنبع من وجود الجماعة و رضاهم عنها ,و تمسكهم بها ,و نقلها الى الأجيال اللاحقة ,فهي بذلك ليست ملكا لفرد معين .,فهي لا تموت بموت الفرد ,لانها ملك جماعي و تراث يرثه جميع افراد المجتمع, كما انه لا يمكن القضاء على ثقافة ما , الا بالقضاء على جميع افراد المجتمع الذي يتبعها , او تذويب تلك الجماعة التي تمارس تلك الثقافة بجماعة اكبر او اقوى ,و لا تفنى الثقافة الا اذا انقرض المجتمع الذي يمارسها سواء بالقوة او الحرب او السيطرة او ظهور ثقافة جديدة من منطلق عقائدي جديد قوي و مسيطر ,و هذا امر يصعب تنفيذه على ارض الواقع .
د?- انسانية : الثقافة ظاهرة تخص الانسان فقط لانها نتاج عقلي , و لاانسان يمتاز عن باقي المخلوقات بقدرته العقلية و امكاناته الابداعية ,و لا يشارك الانسان في هذه الظاهرة – الثقافة – أي من المخلوقات الحية ,فتتطور الانسان من المرحلة الرعوية الى المرحلة الزراعية فالمرحلة الصناعية ,و تعلم من الذين سبوه , و هو بدوره سينقلها الى الاجيال القادمة لان الثقافة التي هي من صنع الانسان لا تنتقل الا من خلاص الانسان نفسه . ( 4 )
الانماط الثقافيــة :
ان العناصر المعيارية لاي ثقافة تاخذ شكل نماذج تمثل انماط السلوك الفردي التي يمارسها اعضاء المجتمع .
و تعطى هذه الانماط التماسك و الاستمرارية و الشكل المميز لاسلوب الحياة للناس و المتبنين لها . و للتخطيط الثقافي مظهران متكاملان : سلوك ظاهري ماخوذ بدلالته المميزة و قيم نفسية مفهومة ضمنا .
إن هذه القيم الضمنية تؤثر في الاشكال الظاهرية الممارسة . و القيم المختلفة تتضح في اشكال المختلفه و هذا ما يمكن رؤيته مثلا من انماط الزواج بين الامريكين و العرب فاختيار القرين او الطرف الاخر يقوم به الافراد في ثقافة معينه و يفرض من العائلات الاخرى و هكذا .
و في المجتمعات الاوربية يعتبر تقديم الاشياء الثمينة خلال الخطبة وفي وقت الزواج ثانويا (( و شكليا )) وفي المجتمعات اخرى كالمجتمعات العربية يعتبر اساسية و منظمة و متبعه .
و مع هذا نتعرف على الطريقة الصحيحة في كلا المجتمعين ظاهريا و (( ضمنيا )) و اكثر من هذا يستطيع اعضاء كل من المجتمعين القول بان انماطهم و طريقتهم في الزواج هي الاصح . و هكذا يمكن القول ان النمط الثقافي هو : " انعكاس العناصر المشتركة على السلوك الفردي لهولاء الذين يعيشون في الثقافة التي ولدوا في احضانها " . (5)
كيف تتكون الثقافة:
أ. الثقافة الفردية
يخلق الطفل مزوداً بحوافز ودوافع وقدرات وإمكانيات يتميز ببعضها عن جميع المخلوقات الأخرى غير البشرية، تدفعه لأنماط من السلوك الفطري الغريزي، وتتيح له ابتداء تلمس حاجاته الجسدية، في ظل الشعور بالأمن في حضن الأم التي تحوطه بالمحبة وتغمره بالحنان وتشمله بالرعاية، فلا يلبث أن يحاول تركيب ومطابقة ما يرى وما يسمع، وأن يحاول التعبير عن كل ذلك بالمحاكاة والتقليد.
إن المدركات الذهنية والحسية في السنوات الخمس الأولى النابعة من الحوافز والدوافع والقدرات المخلوقة مع الطفل يصح لنا أن نسميها (ثقافة فطرية) وللطفل ثقافة مكتسبة وهي ما يتراكم حول الثقافة الفطرية وفوقها بعد سنواته الخمس الأولى، وتتكون هذه الثقافة المكتسبة لدى الفرد عن طريقين.
– التعلم الذاتي واكتساب القدرات والمهارات بالتقليد والمحاكاة وبمعايشة اللعب وبالحوادث والاستقراءات المتلاحقة عن قصد وعن غير قصد.
– وبالتعليم من الغير، وفق أو على غير خطة مرسومة ومنهج مدروس.
وبين هاتين الثقافتين ـ الفطرية والمكتسبة ـ جسر موصل أو حاجز غير واضح تماماً، فالجزء البسيط من المدركات والمكتسبات دون سن التمييز أقرب إلى الثقافة الفطرية أو لنقل هو انبثاق عنها وختام لها. والجزء المركب والمعقد من هذه المدركات والمكتسبات أقرب إلى الثقافة المكتسبة أو لنقل هو ابتداء فيضها أو هو منبعها وأساسها.
ونظراً لدور الغير في هذه الفترة من حياة الإنسان، والأثر المهم الذي يخلفه، قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم (كل مولود يولد على الفطرة وأبواه يمجسانه أو يهودانه أو ينصرانه) رواه أبو يعلى والطبراني والبيهقي.
ب. الثقافة الاجتماعية
هناك (الثقافة البدائية التلقائية وتوجد حيث يوجد المجتمع، وهي تسود كافة المجتمعات الإنسانية ولا يخلو منها مجتمع، وتتجلى في عموم الحالة السائدة في المجتمع ).
وهناك (ثقافة موجهة قد تم التخطيط لها على أسس متينة وقواعد ثابتة). (6 )
العلاقة بين الثقافة والحضارة :
صحيح أن الثقافة ليست هي الحضارة، ولكنها العنصر الهام في عملية البناء الحضاري، فبمقدار شمولية الثقافة وتوازنها واستقرارها وصحة متبنياتها يرتفع عمود الحضارة، وتترسخ أركانها في المجتمع.
وليس لقوة مهما بلغت أن تهزم أو تهدم حضارة قائمة على ثقافة صحيحة سليمة جامعة.
وكما أن الثقافة هي الركن الأساسي لبناء الحضارة فان البنيان الحضاري بعد أن يقوم يلقي بظلاله على الثقافة بحيث يمكن اعتبار الحضارة القائمة رافداً جديداً من روافد الثقافة المستقبلية، وتقوم علاقة نمو متبادل مضطرد بين الثقافة والحضارة.
وما يقال عن الحضارة والعلاقة المتبادلة بينها وبين الثقافة يقال عن المدنية التي هي وليدة الحضارة ومظهرها الواقعي العملي.
من المهم أن نشير هنا إلى أن هنالك من يسوي بين الثقافة والحضارة ويجعلهما مفهوماً واحداً، ومن اشهر هؤلاء تايلور في القرن الماضي.
وهنالك من يفرق بينهما إما على أساس أن الثقافة تشير إلى ما هو عقلي في حين تشير الحضارة إلى ما هو مادي أو بالعكس على أساس أن الثقافة تعني المظاهر المادية للحضارة كالتقنية والصناعة وأن الحضارة تعني المظاهر الأدبية والفلسفية والعقلية.
وعلى سبيل المثال فان المفكرين الأوروبيين في عصر النهضة ـ ولا سيما الألمان منهم ـ يقصرون الحضارة على الإنجازات التقنية والمعرفة العلمية الموضوعية التي يمكن أن تقاس قياساً كمياً، في حين يرون أن الثقافة تشير إلى المعرفة الذاتية غير الوصفية ذات الأحكام التقويمية كالديانات والاعتقادات والأخلاق والفلسفة والآداب والفنون. والحقيقة أن الثقافة والحضارة متداخلتان إلى ما دون التساوي ومتمايزتان دون تباعد. (7 )
غزو ثقافي أم تفاعل ثقافات :
لا يمكن وضع سقف للتقدم الثقافي في عالم سريع التطور، دائم التغير والتبدل بل والتحول.
إن وضع سقف لثقافة أمة يعني وقف نمو الأمة، والإخلال بشروط بقائها ونمائها، وبالتالي بداية شوط السقوط والموت.
ولكي تبقى الثقافة في حالة نمو، لابد من انفتاح الثقافات المتنوعة المتباينة على بعضها، الانفتاح الذي يسمح بالفعل والانفعال من أجل الإطلال على آفاق جديدة من عوامل الثقافة ومكوناتها. لكن ذلك مشروط بالانفتاح الحر الذي يتيح التفاعل الطبيعي الحر دون قسر أو ضغط أو إلجاء ليتم في بوتقة التفاعل، فعل الثقافة الأصح والأكمل والأشمل بالثقافات الأقل صحة وكمالاً وشمولاً. أو لنقل لتجتذب كل ثقافة ما تحتاج لكمالها وشمولها من الثقافات المنفتحة عليها بشكل حر يشبه انتقال السوائل في الأواني المستطرقة، ولا أقول يشبه التفاعل بين السخونة والبرودة، بحيث يبرد الساخن ويسخن البارد حتى تتساوى درجة الحرارة في السائلين المتجاورين.
إن هذا التفاعل الحر ـ الذي ينطوي على الفعل والانفعال ـ قد يؤدي إلى الوصول إلى ثقافة عالمية باتت ملامحها شبه واضحة، يتوحد عليها البشر في يوم من الأيام مهما طال انتظاره.
من هنا دعونا نطل على ما يسمى بالغزو الثقافي الذي يقابله الانهزام الثقافي.
إن كل الثقافات الإقليمية والقومية والعرقية قابلة لأن تمارس الغزو الثقافي أو أن تقع فريسة له بسبب الانهزام الثقافي.
والانهزام الثقافي في هذه الحال إما داخلي ذاتي أو لغزو ثقافي خارجي.
أما عندما تكون الثقافة إنسانية عالمية فلا ينطبق على تحولاتها عنوان الانهزام الثقافي، كما لا يمكن أن يوصم أثرها في الثقافات القومية بالغزو الثقافي، بل إنه التفاعل الثقافي فعلاً وانفعالاً.
لا ينكر هنا أن القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية والإعلامية قد تساند ثقافة ما فتصمد لوقت أطول أو ربما تفرض على الشعوب بالقوة والقهر، لكن ذلك لن يدوم طويلاً، فكم من أمة مهزومة عسكرياً استطاعت أن تهزم مستعمريها ثقافياً، وما زالت ماثلة في الأذهان حالة التتار والمغول الذين اكتسحوا العالم الإسلامي عسكرياً ليجدوا أن الإسلام قد اكتسحهم ثقافياً، ولم يترك أمامهم أي مجال سوى تبني ثقافته واعتناق عقيدته وتمثل قيمه الإنسانية العليا، فاستسلموا لذلك دون مقاومة.
إن الشعوب التي يخفت في أعماقها ووجدانها صوت ثقافتها، وتنبهر أبصارها بوهج بريق ثقافة الغير، لابد أن تنهزم أمام الغير وأمام ثقافته، وانهزام الشعوب ليس بالضرورة انهزاما للثقافة التي كانت تحملها، فالثقافة القائمة على أسس سليمة وأركان صحيحة لا تنهزم لا في السلم ولا في الحرب، وإن كمنت إلى حين تحت ضغط عوامل خارجية طارئة ومؤقتة.
أما الثقافات الأخرى التي لا تملك مثل هذه الشروط والمقومات، فإنها سرعان ما تنهزم وتؤول إلى الزوال، مهما لمع بريقها في حين من الأحيان، ومهما روجت لها الأنظمة القوية المسيطرة عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، فالحق لابد أن يسود والباطل لابد أن يمحى من الوجود. (8)
الخاتمــة:
إننا لو قصدنا بكلمة "ثقافة": "الحصول على مستوى معين من التأهيل العلمي"؛ فسنجد شريحة عريضة من المجتمع يمكن أن توافق القصد.
أما لو قصدنا بالثقافة: "معرفة شيء عن كل شيء، وكل شيء عن شيء"؛ فإن الدائرة ستضيق كثيراً.
لكن لو أدرنا بكلمة "ثقافة": "القدرة على التوفيق بين ما لدينا من تراث عظيم، وما نعاصره من حضارة مذهلة، مع الاستيعاب الكامل له ومعرفة كيفية التعامل معه، والإفادة منه، والتفاعل مع الواقع المعاش والبيئة المحيطة، بصورة متزنة، دون إفراط أو تفريط"؛ فإن الدائرة تضيق حتى تكاد تصبح نقطة!(9)
المصادر:
(1 ) المقدمـــة ،، المصدر ((موقع http://www.lahaonline.com ))، د. سارة بنت عبد المحسن آل جلوي . + رأي خاص
(2 ) تعريف الثقافة لغة واصطلاحاً ،، المصدر (( موقع www.albayan.co.ae((
( 3 ) عناصر الثقافة ،، المصدر (( كتاب علم الاجتماع التربوي ؛ تأليف الدكتور ابراهيم ناصر + الدكتورة دلال ملحس " الجامعة الاردنية "
(4 ) خصائص الثقافة ،، المصدر (( كتاب المدخل الى علم الاجتماع ؛ تأليف فهمي الغزوي + عبد العزيز خزاعله + معن عمر )) " الاردن – عمان "
( 5 ) الانماط الثقافية ،، (( كتاب علم الاجتماع التربوي ؛ تأليف الدكتور ابراهيم ناصر + الدكتورة دلال ملحس " الجامعة الاردنية "
(6 ) كيف تتكون الثقافة ،، المصدر (( كتاب مقدمة في علم الاجتماع ؛ تأليف الدكتور ابراهيم عثمان ))
(7 ) العلاقة بين الثقافة و الحضارة ،، المصدر (( موقع www.annabaa.org (( د . محمد جواد ابراهيم .
(8 ) غزو ثقافي ام تفاعل ثقافات ،، المصدر (( كتاب اسس علم الاجتماع ؛ تأليف عودة محمد))
( 9 ) الخاتمة ،، المصدر (( رأي خاص))
جنوح الشباب ومشكلات الانحراف
مقدمة
يعتبر الشباب من أهم شرائح المجتمع وعماد الأمة ومكمن طاقتها المبدعة وقوتها الواعدة. ومشكلات الشباب محور المشكلات الاجتماعية، وحلها هو المدخل إلى حلّ مشكلات المجتمع وبنائه وتقدمه. وإفساد المجتمع والوطن وتخريب الدين يبدأ من إفساد فئة الشباب وحرفهم عن الطريق القويم بشتى الطرق والأساليب والمغريات.
والإسلام يعي هذه الحقيقة ومدى خطورتها على الأمة والدين لذلك اهتم بقطاع الشباب، وتوجهت التربية الإسلامية إلى عقولهم ونفوسهم وعواطفهم من أجل رعايتهم وتربيتهم تربية صالحة، وتلبية حاجاتهم ورغباتهم المادية والنفسية المشروعة، ووقايتهم من الفساد والانحراف. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلّم أن مقام الشاب الصالح عند الله تعالى يعادل مقام الإمام العادل يوم القيامة في حديثه عن السبعة الذين يظلهم الله في ظلّه ، منهم " إمام عادل وشاب نشأ في طاعة الله .." (1).
ظاهرة الجنوح والانحراف عند الشباب تعتبر من أبرز المشكلات التي تعاني منها المجتمعات في العالم. بما تخلّفه من تأثيرات نفسية واجتماعية على شخصية الشاب وما تتركه من آثار سلبية وخطيرة على المجتمع في مجالات الجريمة والسرقة وانتشار المخدرات والفساد والانحلال الخلقي. وتجد المؤسسات الاجتماعية والدينية نفسها مضطرة للتصدي لهذه الانحرافات وقمعها وتحمل مسؤولية معالجة أسبابها والوقاية منها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
(1) رواه البخاري ومسلم في صحيحهما…
موضوع
الجنوح والانحراف وعوامله :
يوضح علم الاجتماع أن الجنوح نموذج من السلوك الاجتماعي, يقوم المنحرف من خلاله بتصرفات مخالفة للقوانين الاجتماعية والأعراف والقيم السائدة في المجتمع, ويسيء به إلى نفسه وأسرته ومجتمعه. يبدأ الجنوح غالباً عند الأحداث الذين تتراوح أعمارهم بين 12 – 18 سنة، وهي بداية فترة المراهقة التي تعتبر من أخطر مراحل العمر في حياة الإنسان. وتؤكد الدراسات النفسية والاجتماعية على أهمية دور التربية الصالحة للشاب منذ الطفولة في كنف الأسرة ثم المدرسة، فإذا تلقى الشاب منذ صغره رعاية وتربية جيدة ينشأ إنساناً صالحاً، وإن كانت تربيته سيئة تظهر لديه ظواهر الانحرافات في وقت مبكر.
تتعدّد عوامل وأسباب جنوح الأحداث وانحراف سلوكهم الاجتماعي، منها:
ـ عوامل اجتماعية:
بعض الأسر تدفع بأبنائها إلى سوق العمل لساعات طويلة خلال اليوم, فيغيبون عن البيت أو المدرسة بعيداً عن الرعاية والمتابعة، مما يفتح أمام الأطفال أبواباً واسعة للانحراف والقيام بالأعمال والسلوكيات الطائشة والمتهورة والانغماس في الشذوذ الأخلاقي والاجتماعي، فالطفل يتأثر بسهولة بالبيئة المحيطة به، وينجرّ وراء رفاق السوء إذا لم يلق الرعاية والمتابعة المستمرة.
وقد بينت الدراسات أن الجنوح جمعي وليس فرديا. فالشاب لا يقوم بتنفيذ أعمال منحرفة كالسرقة والنشل وعمليات التهريب وغيرها بمفرده، بل بعمليات جماعية شبه منظمة على شكل عصابات أو شلّة بالتعاون مع أقرانه. من هنا تأتي أهمية الرفقة الصالحة للشاب واختياره لأصحابه من أهل الصفات الحميدة.
ومن أسباب الانحراف الإدمان على السكر وتعاطي المخدرات من قبل ربّ الأسرة. كما أن الهروب والتسرّب من المدرسة ومن البيت, وعدم شغل أوقات فراغه بنشاطات وفعاليات مفيدة (رياضية – أدبية – ثقافية – … الخ ), يؤدي إلى ظهور الشذوذ والانحراف النفسي والأخلاقي والخروج على قيم المجتمع عند الشاب .
ـ عوامل بيئية:
منها تفكّك الأسرة والنزاعات الدائمة بين الوالدين, أو فقدان الأب في الأسرة، أو وجود زوجة الأب الذي يؤدي هذا إلى إهمال الأولاد. وممارسة القمع والقسوة تدفع الناشئة من الشباب إلى الهروب المستمر من البيت واللجوء إلى الشوارع والزوايا السيئة، فيتعلّم منها بسهولة العادات والقيم غير الأخلاقية.
ـ عوامل نفسية:
كثيراً ما تؤدي مشاعر الإحباط واليأس وخيبة الأمل, نتيجة الفقر والعوز والحاجة في الأسرة إلى انحراف الشباب واتباع السلوكيات السيئة، مثل السرقة لشراء ما يسد حاجته من الملابس والألعاب ووسائل الترفيه، وأحياناً شح ّ الوالدين وبخلهما وتقتيرهما بالمصروف على أبنائهما. فالشاب ضمن هذه الأجواء الأسرية سيعاني من الحرمان المادي والعاطفي والرعاية والحب والحنان والعطف والتربية الحسنة. وهي من الضرورات النفسية الأساسية التي يجب أن تتوفر في الأسرة , لينشأ الشاب نشأة صالحة, تقيه مخاطر الجنوح والشذوذ الاجتماعي .
وتتنوع مظاهر الجنوح عند الشاب فيبدي عدائية مفرطة تجاه محيطه الأسري ووسطه الاجتماعي على شكل تجاوزات مستمرة وتمرد وعصيان للأوامر والتوجيهات. ويقوم بالاعتداء على حقوق وأملاك الآخرين . ويفتعل العراك والنزاعات مع أقرانه ويلحق الأذى بهم. وتبلغ عدوانيته حدّ تحطيم ممتلكات غيره, وإشعال النار في المنزل . ومن أهم نتائج الجنوح الإخفاق في المدرسة. لأنه يؤدي إلى إهمال الشاب لواجباته المدرسية ويدفعه إلى التحايل والكذب والتعويض عن هذا الفشل باتباع أساليب غير مشروعة لإثبات وجوده في المجتمع . ويشيع بين الشباب الجانحين ظاهرة الإدمان على التدخين والكحول والمخدرات . ويتميز الجانحون بضياع رغباتهم وعدم وضوح غاياتهم في الحياة وعدم قدرتهم على تحديد ما يريدون .
الوقاية والعلاج :
أصبحت اضطرابات السلوك الاجتماعي عند الشباب مشكلة اجتماعية حقيقية تحتاج إلى كثير من البحث والدراسة والعقلانية والتأنّي والوعي والثقافة والاستعانة بأصول التربية الإسلامية وعلم النفس التربوي وطرائقه, لمعالجة هذه المشكلة من خلال تضافر جهود المؤسّسات الاجتماعية والتربوية (الأسرة – المدرسة – المسجد – … ) لأن هذه المؤسّسات بالأساس تتحمل مسؤولية انحراف وجنوح الأولاد منذ البداية . فالأسرة المهملة التي تعاني من الأزمات والمشكلات, والمدرسة التي يسود فيها ظاهرة التعليم بالقوة والصرامة والعنف .
والمجتمع الذي يمارس القمع والاضطهاد ويفرض القيود الصارمة على الشباب . تجعلهم يشعرون بالظلم والقهر والضياع نتيجة الإحساس بفقدان الحرية والمسؤولية والقيمة الاجتماعية. فيتحول الشاب إلى شخص عدواني مشاكس يعمل على الانتقام لذاته وشخصيته المفقودة بالأساليب المنحرفة . ومعالجة مظاهر الانحراف عند الشباب يحتاج إلى تكوين رؤيا شاملة وعميقة. وفق معايير وأسس, تستند على أصول التربية الإسلامية , وتحليلات علم النفس التربوي الحديثة, لفهم مشكلات الشباب ومعاناتهم ومعرفة دوافعهم للانحراف. ودفعهم للالتزام بالانضباط السلوكي والقوانين والأنظمة, ومعايير القيم الاجتماعية والدينية ولتحقيق هذه الأهداف, يجب تحقيق التفاعل البنّاء مع الشباب وكسب ثقتهم ومحبتهم , وإبعادهم عن مشاعر وأجواء العنف والخوف والقلق والتوتر والنفور والضياع . وإلا فإن أسلوب الترهيب والعقاب لا يشكل سوى حلّ آنيٍّ مؤقتٍ, يختفي ويتلاشى باختفاء مؤثراته .
أما القناعة والتجاوب الذاتي, فتشكل ضمانة لاستمرار التزام الشاب وتطوير وترسيخ دافعية الانضباط الإيجابي لديه. فيكتسب من خلالها سلوكاً جديداً, موافقاً لقيم المجتمع وأخلاقه . والتربية الإسلامية تقوم بالأساس على مبدأ الحوار والإقناع والأسلوب الحسن ، من قوله تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " (2). وللأسرة دور أساسي في تكوين شخصية الشاب النفسية والسلوكية من خلال التربية الصالحة وغرس المفاهيم والقيم الحسنة وتقديم الرعاية والحب والاهتمام والتوجيه اللازم . وإلا فإن أوضاع ومشكلات الأسرة ، خاصة الفقر والبطالة والانحلال الخلقي والنزاعات داخل الأسرة, تؤدي إلى ضياع الشباب وانحرافهم وشذوذهم والتمرد على القانون الاجتماعي . دفاعاً عن الذات, ضد ما يشعرون به من ظلم اجتماعي وقهر وحرمان .
ـ الوقاية من الانحراف أهم وسائل معالجة ظاهرة جنوح الأحداث عن طريق الفهم الواعي الثقافي والاجتماعي والديني واعتبار الأبوة والأمومة رسالة مقدسة ومسؤولية عظيمة يجب أن تؤديها الأسرة على أكمل وجه . وكما قال النبي عليه الصلاة والسلام: "كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيته " (3).
كما يجب على المؤسسات التربوية والاجتماعية والدينية , الاهتمام جيداً بعالم الشباب ورعايتهم وتطويرثقافتهم وشغل أوقات فراغهم بنشاطات متعددة (رحلات – نوادي – جمعيات – رياضة – أدب – علوم – بحث – فنون … الخ ) مما يتلاءم مع ميولهم ويشبع حاجاتهم ورغباتهم المشروعة. فاستئصال أسباب الجنوح منذ البداية هو الأساس في معالجة هذه الظاهرة لتأمين حياة أفضل للشباب , في أحضان أسرة صالحة ومستوى معيشي جيد وتكوين أسرة عاملة ومتعلمة ومسؤولة, تشكل ضمانة له من الانحراف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
(2) سورة النحل الآية/ 125
(3) رواه مسلم في صحيحة.
وغياب الشاب عن البيت بسبب الدراسة والتعلم والنشاطات الاجتماعية والفنية المختلفة أمر جيد؛ إذ يبقى تحت رعاية مؤسسات تربوية صالحة. تحلّ محل الأسرة خلال فترة الغياب عن البيت. أما غيابه لساعات طويلة, بسبب الحاجة المادية وانخراطه في العمل بعمر مبكر وتركه الدراسة, فهو أمر سيء له نتائجه الخطيرة . فأجواء العمل غير سليمة وغير تربوية, تنعدم فيها الرعاية والاهتمام الصحيح. وتصبح مرتعاً للعلاقات المشبوهة مع ربّ العمل أو رفاق السوء ومن ثم الانحراف والجنوح .
فالوقاية من انحراف الشباب, تحتاج إلى إجراءات حازمة لمعالجتها من جذورها وذلك بتحسين الأوضاع المعيشية للأسر الفقيرة وانتفاء الحاجة إلى العمل المبكر . وفرض التعليم الإلزامي في المرحلة التعليمية الأساسية.
وتوفير ظروف صحية وسليمة لمتابعتهم الدراسة وإيجاد اهتمامات قيميّة سامية وغايات نبيلة يعملون من أجل تحقيقها .
خاتمة
ثمة كلمة لا بد منها تخاطب عقول الشباب . وهي أن قوة إيمان الشاب ورسوخ العقيدة الإسلامية في نفسه ووعيه هي الأساس في تحديد مساراته واتجاهاته في الحياة. ووقايته من الانحرافات والشذوذ والبقاء على الطريق الصحيح والصمود أمام مغريات الحياة وعواصفها ومواجهة المخطّطات المشبوهة التي تستهدف تخريب عقول الشباب وإفسادهم من أجل تقويض المجتمع الإسلامي وانحلاله وهدم أسسه .
فالإيمان يمدّ الشاب بالقوة اللاّزمة على الصمود والمواجهة والتحمل والصبر على المكاره ومقاومة الشهوات وحب المتع الدنيوية والجري وراءها ، بهدف الحصول على مرضاة الله تعالى والفوز بوعده وجزائه للصابرين , وتجنب معصية الله تعالى وارتكاب المحرّمات والخوف من عقابه تعالى . وليكن شعار الشاب المسلم قوله تعالى : (ومن يتقِ الله يجعلْ له مخرجاً ويرزقْه من حيث لا يحتسب) (4).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4) سورة الطلاق الآية /2/.
لوسمحتوو بغيت تقرير عن الثقافة في دولة الامارات مع المراجع
ساعدوني بليز
للتحميل كامل و مرتب في المرفقات
لقد عرف العلماء الثقافة بتعريفات عديدة،وهنا لسنا بصدد درس أكاديمي، بقدر ما يهمنا هو المعرفة بحد ذاتها، وحسب معرفتي، لتعريف الثقافة فهي مجموع ما يتعلم وينقل من نشاط، وعادات،وتقاليد، وقيم ،واتجاهات ومعتقدات (( تنظم العلاقات بين الأفراد ((و الأفكار والمخترعات ،وما ينشأ عنها من سلوك يشترك فيه أفراد المجتمع أنها طريقـة الحيـاة وهذه الثقافة هي التي تحدد سلوك الأفراد، وذلك من خلال عملية التنشئة والتربية ويتعلم الفرد عناصر هذه الثقافة أثناء نموه ومن خلال التفاعل مع الأفراد ومع الأهل في المواقف العديدة.
إن أول تكليف نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أهم أسس التثقيف
(( اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم ، الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلم ))
كان هذا النص قاعدة الإصلاح الأولى التي صنع النبي صلى الله عليه وسلم بها نواة مجتمع حضاري حوَّل مجرى التاريخ في منطقة لا تمتلك أنموذجاً للحضارة .وفي واقعنا المعاصر ثمة انفصام بين هويتنا وثقافتنا يحكم مسبقاً على مشاريعنا بالعقم ، فالوطن العربي تمتلك شعوبه هوية تختلف عن هوية الشعوب الأخرى ، ولا يمكن بحال أن تتفاعل مع ثقافتها ، بل تنبهت مؤخراً إلى الغزو الثقافي الذي رافق الغزو الإعلامي وأصبح موضوع بحث ونقاش . يطرح هذا في أوساط المؤسسات الثقافية التي تقف حيرى أمام فشلها في الرقي بثقافة الشعوب وتنميتها .
إن الجدلية بين ثقافة المجتمع وقيمه لا يمكن أن تنفصم ، وكل تنمية للثقافة لا تنطلق من قيم المجتمع الذي تطرح فيه هي عقيمة ، ومن ثم فإن الشعب العربي لا يمكن أن يتفاعل مع ثقافات تتنافى مع قيمه وإن سميت ثقافة عربية .
أولا: تعريف الثقافة.
أيضاَ قد عرفت الثقافة بأنها مجموعة من أشكال ومظاهر مجتمع معين. تشمل عادات ، ممارسات، قواعد ومعايير كيفية العيش والوجود ، من ملابس ، دين ، طقوس ، وقواعد السلوك والمعتقدات.
من وجهة نظر أخرى يمكن القول أن الثقافة هي كل المعلومات والمهارات التي يملكها البشر. مفهوم الثقافة أمر أساسي في دراسة المجتمع ، لا سيما لعلم الإنسان وعلم الاجتماع.
ثانيا:من أين تأتي الثقافة؟
المجتمع؟ أم التاريخ؟ أم الدين؟ أم عمليات التفاعل بين الأفراد؟ أم التقاليد والشعائر والطقوس؟ أم التراث الشعبي؟
تأتي الثقافة من كل الاتجاهات، وتشرب من أكثر من نبع، وتلك هي إشكاليتها، فالثقافة هي فعل تفاعل يترجم إدراك الإنسان بكافة تجلياته الفطرية والتركيبية، ويجد المرء في الثقافة خاصة الشعبية منها، نماذج جاهزة تحوز على صدقية كبيرة في بيئته ووسطه، يعمد إلى تبنيها بشكل تلقائي كونها شائعة ومعممة. ومن بين العناصر الثقافية التي تبدو أكثر عمومية هي العادات، وهي تكرار عملية معينة، أو النشاط "اللاشعوري" واللاواعي لعملية ما، والناتج عن تكرار فعل حتى لو كان فعلا اجتماعيا، والعادات تكون فردية، تتكون وتمارس في حالات العزلة عن المجتمع، فيكاد الإنسان يكون مجموع عادات تمشي على الأرض، بل إن قيمته تعتمد في بعض الأحيان على عاداته.
ثالثا:الثقافة والمجتمع:
الثقافة هي مفهوم اجتماعي يعكس مدى معرفة أبناء المجتمع للمنظومة الاجتماعية التي يعيشون فيها من عادات وتقاليد ولغة وأعراف ومكتسبات ونظم اجتماعية سائدة تطغى على مكونات الشخصية والسلوك لأفراد المجتمع سواء كان مجتمعاً محافظاً أو انفتاحياً كما يحلو للبعض تسميته.وأن هذه المكتسبات الشخصية والأطر العامة التي تحرك السلوك العام في المجتمع ولأفراده أن – لا تتداخل مع – ولا تخل بالثوابت العامة والرئيسية التي قام عليها المجتمع من تشريعات وقوانين وضعية أو عقائدية دينية أو..الخ، وينبغي على أفراد المجتمع أن يتماشوا أيضاً مع التوجه العالمي في حدود هذه الأعراف السائدة والتأقلم مع التجديد الحاصل في المجتمعات الخارجية بهدف التطوير والتعايش البناء،وأضيف كذلك بأنها هي البيئة وأسلوب الحياة التي صنعها الإنسان لنفسه وتنتقل عن طريق أفراد المجتمع من جيل إلى جيل مع بعض التطورات التي تتماشي مع ثوابت هذا المجتمع بلا تفريط، ولكن الجدير بالذكر أنه هل يمكن اعتبار ثقافة المجتمع بأنها شيء لا يمكن المساس به أو التغيير فيه حتى مع التطور السريع الحاصل في العالم؟ سؤال مهم يجب التفكير فيه دون النظر لبعض الاعتبارات الاجتماعية التي عادة ما ترتقي عند التمسك بها لدرجة الخروج عن الإطار العام للمجتمع وكذلك الخروج عن الثوابت العامة الاجتماعية والدينية وتعد كذلك خروجاً عن المألوف؟
وكما هو عاليه هي مجموعة العادات والتقاليد التي يتقلد بها المجتمع وتلك الثقافة هي نتاج لكل الثقافات والموروثات التي بداخل كل مجتمع فرعي.
*وكل مجتمع فرعي يتكون من عدة أحياء.
*وكل حي يتكون من عدة شوارع.
*وكل شارع يتكون من عدة منازل.
*وكل مبنى يتكون من عدة شقق أو من الممكن أن نقول عدة أسر تسكنه.