يسعدلي صبـآحكمـ / مسـآكمـ بكل خير ..
شحالكمـ .؟ عساكم مرتاحيـن ..
.
.
بحث عن السكان في الوطن العربي ..[ اتمنى منكمـ الاستفاده ..
.
.
السكان في الوطن العربي
"صندوق الأمم المتحدة للسكان"
خلفيه تاريخية
يعتبر الوطن العربي مهد الحضارات، وشاهد على قيام الممالك بدءاً بمملكة سباً في اليمن. وقد أدت الهجرات التي أملت عليها ندرة المياه والجفاف إلى انتقال السكان على طول البحر الأحمر إلى شمال الجزيرة العربية والشمال الإفريقي، وجنوباً إلى بحر العرب وشرق إفريقيا وجنوب شرق إفريقيا ثمّ صعوداً إلى الخليج.
وقد أسس البابليون في العراق، والفراعنة في مصر حضارات عريقة في المنطقة استطاعت لأْْمد بعيد لعب دور هام وبارز في تشكيل الخارطة السياسية للمنطقة، إلى أن توالت على المنطقة حضارات الإغريق، والرومان، والأنباط. وفي هذه الأثناء تمكنت ممالك عربية صغيرة بقوة محدودة من الظهور في الفترة الواقعة بين الإمبراطوريتين الرومانية والبيزنطية؛ معلنة ظهور الدولة الإسلامية التي استطاعت ضم وتوحيد المنطقة بأسرها، وممتدة في كل الاتجاهات شمالاً وغرباً إلى أوروبا، وجنوبا إلى أفريقيا وجنوب شرق آسيا.
وتحت لواء الإسلام الذي نصّت تعاليمه على نشر العلم، وحثّ على تعليم الذكور والإناث على حدّ سواء؛ استطاع المسلمون ومن كان تحت لوائهم وكافة سكان المنطقة من غير المسلمين إحداث نهضة في مجال الآداب، العلوم الإنسانية الطب، الجراحة، البصريات، الملاحة، الكيمياء، الفيزياء، الجبر، العلوم، والتكنولوجيا. واستطاع الوطن العربي عبر طريق الحرير أن يسيّر تجارة رائجة في الفكر والعلوم، وشكل حلقة وصل بين حضارات آسيا وإفريقيا وأوروبا.
يبلغ عدد سكان الوطن العربي حالياّ حوالي (287) مليون نسمة، بما يشكّل (5%) من إجمالي سكان العالم. ويمكن القول أن كافة أقطاره متشابهة اجتماعياّ، لغوياّ، وديموغرافياّ، ويضم عموماّ معدلات زواج مرتفعه، وزواج مبكر يليه حمل مباشر وغير متباعد؛ مما يزيد ارتفاع معدلات الزيادة السكانية، وزيادة في معدلات الشباب؛ الأمر الذي يقود إلى زيادة الأعباء والتبعية والاتكال، وشيوع الأمية خاصة بين النساء في الوطن العربي، وانتشار فقر الدم الناتج عن الحمل المبكر والمتكرر، نقص الحديد، سوء التغذية، ونقص البروتين هي عناصر يعزى أسباب تزايدها إلى: " الزواج المبكر- الحمل المباشر بعد الزواج – عدم المباعدة بين فترات الحمل – فقر الدم "والتي تؤدي بالتالي إلى " استنزاف صحة الأمهات ـ الإجهاض العفوي ـ ولادة غير مكتملة "، أو قد يتسبب بمواليد أوزانهم دون المعدل ( التقزّم والنحول)، أو بطيئي النمو. وهذا بالتالي يقود إلى ازدياد نسبة الأمراض بين الأمهات والمواليد والأطفال " مثل الأمراض والإصابات المتعلقة بالحمل والولادة ".
هناك أيضاّ اختلافات متباينة واضحة بين السكان في الدول العربية، وبين الدول نفسها والمتمثلـة في مستويات التطور، المدنية، البطالة، الدخل القومي، التوزيع السكاني ومعدلات النمو. بالإضافة إلى اختلاف الدول وتباينها في وعيها وإدراكها للمشاكل السكانية، والسياسات والإستراتيجيات السكانية التي تحتاجها لتحديد مشاكلها السكانية، وحل الأمور العالقة من أجل إحراز تطور مستدام، ويمدّه بأسباب الحياة والتطور.
عام 1973 فسّر "عبد الرحيم عمران" التحولات الديموغرافيّة في الوطن العربي من خلال نظريته في علم الأوبئة الانتقالي؛ حيث اعتبر أن الوفاة هي العامل الرئيسي للتحول والتغير السكاني، بينما اعتبر أن المواليد والتزايد السكاني العامل المعدّل. ويعتبر عمران أن مسألة السكان تمرّ بثلاثة أطوار خلال فترة التحوّل من المعدلات المرتفعة إلى المتدنية للوفيات والمواليد وهي:
1ـ طور المجاعة والآفات والأمراض الوبائيّة : حيث تنقلب معدلات الوفيات والمواليد إلى أعلى درجاتهـا نتيجـة الوباء المتكرّر الناجم عن الطبيعـة، الحروب المدنيـّة ونقص الموارد؛ الأمر الذي يؤدي إلى انتشار الوباء والعدوى والمجاعة، وتدني مستوى المعيشة، وتوقعات لأعمار قصيرة الأمد تدوم لثلاثين أو أربعين عاماّ فقط. هذا، والمثال الحالي لهذا النمـط الحياتي هم سكان العراق ( بسبب الحصار والعقوبات المفروضة)، والصومال حيث تفقد هذه الشعوب أطفالها الذين هم دون سن الخامسة بسبب نقص الغذاء والدواء. ومن يحيا منهم يبقى مهدداّ بعواقب ونتائج على المدى الطويل، كتوقف النمو أو الموت المفاجيء؛ الأمر الذي يترك أثره على الحياة بصحة جيده، وقدرات تعليمية في المستقبل.
2ـ طور التراجع الوبائي : وهي الفترة اللاحقة التي تعتمد على توافر الخدمات الصحيّة المتضمنة الأدوية الوقائية كاللقاحات، وتحسين التغذية خاصة للنساء والأطفال ؛ الأمر الذي من شأنه أن يسارع بتقليص معدلات الوفيات ، في الوقت الذي تصل فيه معدلات المواليد إلى أعلى مستوياتها أو تتضاعف مؤقتاّ. ونتيجة لذلك، فإن فرص وتوقعات الأعمار سوف تتحسّن وتتراوح ما بين خمسين عاماّ إلى ما يزيد على ستين عاماّ، بالمقارنة مع ثلاثين أو أربعين عاماّ المتوقعة بسبب المجاعة والآفات. وسوف يزداد بالتالي معدل النمو السكاني. يمكن القول أن العديد من الدول العربية قد تجاوزت هذه المرحلة إلى المرحلة التي تليها.
3ـ طور الأمراض بفعل الإنسان : والتي تنشأ بتزايد العمر والتطور الصناعي مثل أمراض الشرايين والضغط وما يرافقه من أمراض، الإصابات بالإشعاعات، السرطان الناتج عن المواد المضافـة والحافظة للأطعمة، تدمير البيئة وتعريضها للتلوث الكيميائي والصناعي؛ الأمر الذي يستحث الجينات على التحوّل والتغيّر الفجائي؛ ممّا يحدث مواليد جدد مختلفة عن الأبوين. معدلات الخصوبة نسبيّاً متدنيّة في هذا الطور، ويستمر النمو السكّاني في ازدياد؛ ولكن في مستويات معيشيّة بسيطة. ينطبق هذا الطور حالياً على دول الخليج العربي.
وعادة ما تمرّ المجتمعات بأحد الأطوار الثلاثة التي سبق ذكرها أثناء تحوّلها الديموغرافي، وتتفاوت فيما بينها بسرعة هذا التحوّل؛ ممّا يجعل كل مجتمع يحتلّ مرتبة مختلفة. وبناءّ عليه، يمكن استنباط هذه النماذج السائدة التالية :
1ـ النموذج التقليدي : والذي رافق الثورة الصناعية في أوروبا، وامتدّ عبر فترة زمنية طويلة، وأحدث تقليصاً جوهرياً في معدلات الخصوبة والوفيات "خاصة في فرنسا، حيث تناقصت معدلات المواليد التي سبقت تناقص وانحدار معدلات الوفيـات ". وصلت معدلات الوفـاة إلى أقل من 10 لكل ألف شخص، ومعدلات الولادة أقل من 20 لكل ألف شخص.
2ـ النموذج المتسارع : وفيه يصبح التركيز على برامج تنظيم الأسرة جنباً إلى جنب مع الخدمات الصحيّة، الوقائية، والعلاجيّة. فتتناقص تدريجياً معدلات الوفيات والمواليد بنسب سريعة. مثال هذا النموذج اليابان وبلدان شرق أوروبا التي بدأت تميل إلى الإجهاَض المتعمّد وتحثّ عليه.
3ـ النموذج المتأخر" البطيء" : والذي ينطبق حاليّاً في الدول النامية. فمعدّل الوفيات بدأ بالتناقص بعد الحرب العالمية الثانية في الوقت الذي تميّزت فيه معدلات المواليد بالتراجع بعد ذلك بكثير، مع بعض الإستثناءات . وتندرج الدول العربية ضمن هذا النموذج؛ حيث معدلات النمو السكّاني المرتفعة بسبب الفجوة المتزايدة بين معدلات المواليد المرتفعة ومعدلات الوفيات المتدنيّة. إنّ معدلات نمو سكّاني كهذه تفـوق معدلات النمو الاقتصادي، ولا بدّ أن يشكّل فيها النمو السكّاني المتسارع هذا خطراً على المستوى المعيشي للسكّان ؛ الأمر الذي دفع بالدول العربية إلى تبنّي المزيد من السياسات السكانية من أجل إحداث التوازن بين هذا التزايد السكّاني، وتنمية مستدامة، وحماية بيئية.
لمحة ديموغرافيه للسكّان العرب
النمو السكّاني
قدّر مجموع السكّان في الدول العربيّة في منتصف القرن العشرين بحوالي (76 ) مليون نسمه، بمعدّل زيادة سنويّة قدره (2.5 %) لتصـل إلـى ما يزيد عن (144 ) مليون نسمه عام 1975 ( تقريباً ضعف العدد خلال 25 عام). وقد ارتفع معدّل هذه الزيادة إلى ( 2.7 %) بين عاميّ 1975 ـ2017 حيث قدّر عدد السكّان في الوطن العربي عام 2022 حوالي (284 ) مليون نسمه.
تزايد النمو السكّاني بنسبة (2.7 %) خلال النصف الثاني من القرن الماضي مرتفعه جدّاً إذا ما قورنت بمعدلات النمو السكّاني في الدول الأخرى والتي بلغت أقل من (2 %) لنفس الفترة. هذا النمو السكّاني المرتفع ما هو إلاّ نتيجةً حتميّة للجهود المباركة لخفض معدلات الوفاة مقترناً بمجتمعات فتيّة واستمرارية لمعـدلات الخصوبة المرتفعة . وإثر التغيّرات السياسيّة الكبيرة التي طرأت على الدول العربية؛ ومستفيدة من تجارب العالم الغربي في التأكيد على الصحة العامة والسيطرة على معدلات الوفاة؛ فقد عمدت الدول العربية لاتخاذ إجراءات وسياسات من أجل رفع المستوى المعيشي للسكّان إثر انتهاء الحرب العالمية الثانية وبعدها في مجال الصحة العامة، والسيطرة على معدلات الوفاة.
هذا، وقد عملت الأمم المتحدة بالتعاون مع منظمات متخصّصة في هذا المجال مثل منظمة الصحة العالمية التي قامت بتسهيل ونقل المعرفة والمصادر التي تمّ استخدامها من أجل خفض معدلات الوفاة، وكان أول نجاح لها من خلال توفير الأدوية المتطوّرة ( كالمضادات الحيويّة)، بالإضافة إلى البرامج الدولية التي تهدف للقضاء على الأمراض الطفيلية ( حثّ وتوعية على كيفيّة استخدام المبيدات الحشرية ). وقد كانت منظمة الصحّة العالمية رائده في نقل المعرفة والتزويد بأدواتها ووسائلها الراقية للسيطرة على معدلات الوفاة .وعليه، فقد انخفضت ودون رجعة معدلات الوفاة بين المواليد والأطفال والأمهات والمجتمع ككللّ. الأمر الذي أدى إلى اتساع الفجوة بين معدّلات المواليد ومعدلات الوفاة والتي تؤدي بالتالي إلى التضخم السكّاني المتسارع. فبنهـاية عام 1970 بلغت معـدلات المواليد الخام (42 ) مولود لكل ألف شخص ( أو ما يزيد عن 6 مليون مولود كل عام ) ومعـدلات الوفاة الخام (12.2) لكل ألف شخص ( 1.8 مليون حالة وفاة سنوياً )، أي بزيادة سكانية صافية بلغت ما يزيد على (4) مليون شخص سنوياً.
وتشير التوقعات إلى أن معدلات المواليد وبالتالي معدلات النمو السكّاني سوف يستمرانّ في الارتفاع لغاية القرن الحادي والعشرين. على أية حال، يمكن القول أن هذه المعدلات قد تتناقص تبعاً للتغيرات الاجتماعيّة والاقتصاديّة التي عملت على زيادة استخدام وسائل منع الحمل، ومنها ما طرأ من تحسين واضح وتغيّر ملموس من خلال ازدياد تعليم النساء وتوعيتهن وتمكينهنّ، ومشاركة الرجال لتحسين الصحة الإنجابية. وتبعاً لذلك؛ فإن معدّل النمو السكاني سوف يتنـاقص في الربـع الأول من القـرن ليصل إلى (2 %) وبيـن عامي 2025 ـ 2050 ليصل إلى (1.3 % ) ويصبح عدد السكـان (470) مليـون سنة 2025، و(654) مليون مع سنة 2050.وترسخ وعي الدول العربية على الفوائد المتوقعة من تحسين الخدمات الصحية والسيطرة على الوفاة.
لقد حققت الدول العربيّة نتائج إيجابيّة ورائعة عبر تطوير الخدمات الصحيّة والقضاء على الموت الجماعي وتناقصت معدلات الوفاة من ( 16.6 ) لكل ألف شخص في السبعينات إلى ( 12.2 ) لكل ألف شخص في الثمانينــات، و(9.2 ) لكل ألف شخص في التسعينات، وقد تواصل هذا الانخفاض ليبلغ ( 8.9 ) لكل ألف شخص عام 1988 ، ومن المتوقع أن يواصل تراجعه ليصل إلى ( 7.1 ) لكل ألف شخص في العقد الأول من القرن الحادي والعشرون. أمّا معدلات الأعمار حاليّاً في البلاد العربيّة فقد تراوحت بين أعلى مستوياتها (74.9 ) عاماً للرجال، (79.3 ) عاماً للنساء في الكويت، وأكثرها انخفاضا ( 39.9 ) للرجال، (41.6 ) للنساء في جيبوتي. أما أعداد الوفيات فقد استقرت على حوالي ( 11 ) مليون لكل من عقدي الثمانينات والتسعينات، وتشير التوقعات أن هذه المعدلات لن يطرأ عليها تغيير في العقد الأول من القرن الحالي.
التحسينات التي طرأت على الخدمات الصحيّة أدت إلى رفع معدلات الأعمار من ( 49.8 ) سنة في السبعينات إلى ( 57 ) سنة في الثمانينات، ( 61.8 ) سنة في التسعينات، ( 66 ) سنة عام 2022 . هذا الارتفاع والتحسّن الذي طرأ على معدلات الأعمار كان نتيجة الجهود المشتركة التي بذلت من أجل تقليص الوفيات، إن خفض عدد الوفيات هذا قد أسهم بدوره في استدامة الزيادة السكانية. ومع تحسين الخدمات الصحيّة المستمرّ، سوف تواصل معدلات الوفيات تناقصها التدريجي خاصة في الـدول التي ترتفع فيها هـذه المعدلات مثل جيبـوتي ( 16.4 ) ـ الصومال (18.1 ) ـ السـودان ( 14.4 ) ـ موريتانيا ( 17.5 ) ـ واليمـن ( 13.9 ). وما لم توازن ببرامج فاعلة لتنظيم الأسرة؛ فخفض معدلات الوفاة سيقود إلى معدلات مرتفعة للنمو السكاني وإضافات بشريّة في الدول العربية.
ولأن التركيز في مجال الصحة كان للوقاية من الأمراض؛ فالاحتياج لمصادر مالية كبيرة لم يكن ضرورياً لخفض الوفيات. كما أن خفض الوفيات قد تمّ تحقيقها دونما تحسّن ملموس في مستويات المعيشة . إن تقليص معدلات الوفاة بشكل عام وخاصة بين النساء والأطفال والمواليد كان توجهاً ومطلباً دوليا، وتجاوب السكان بشكل إيجابي مع حملات الوقاية مثل التطعيم؛ الأمر الذي أثّر تأثيراً مباشراً من حيث السيطرة على الأمراض المعدية.
تناقصت معدلات الوفاة بشكل متسارع بعد الحرب العالمية الثانية، وأدى التحسّن بأحوال المرأة الصحيّة إلى بعض الزيادة بالخصوبة والتي هي مرتفعة أصلاً. أدّى ذلك إلى زيادة إضافيّة لمعدلات النمو السكاني المرتفعـة؛ حيث ازدادت من ( 2.5 %) بالسنة للفتـرة 1950ـ1975 إلى ( 2.7% ) للفترة 1975ـ2017 . وكان من الممكن أن يكون هذا المعدّل أعلى في بعض الدول العربية ومنها تونس، مصر، الجزائر، والمغرب ما لم يكن لديها مبادرات ناجحة لتخفيض الخصوبة من خلال تطبيق برامج تنظيم الأسرة تطبيقاً واسعاً.
كما تلعب المجتمعات الشابة دوراً حاسماً في النمو السكاني، ففي الثمانينات بلغ عدد الذين هم دون سن الخامسة عشر ( 47% ) من مجموع السكان، أي أكثر من ( 77 ) مليون نسمة، وبحلول التسـعينات يتوقع أن ينجبوا ويتكاثروا. وقد وصل عدد السكان الشباب في التسـعينات ( 100 ) مليون. ومن المتوقع أن يصل عدد من هم دون الخامسة عشر بحلول العقد الأول من الألفية الجديدة حوالي ( 130 ) مليون نسمة.
واستناداً للهرم السكاني المصنّف حسب العمر والجنس، نلاحظ أن الأعداد التي تدخل فئة سنوات الإخصاب أكثر بكثير من هؤلاء الذين تنتهي لديهم فترة الإخصاب. ومن هنا، فإن المجتمعات التي يتزايد فيها السكان الشباب ويتزايد فيها الزواج المبكر يتواصل فيها التوالد المتتالي، وهذا ما يوصف بالزخم السكاني. ولن يكون هناك مخرج أو فائدة؛ لأننا لو افترضنا أن كل زوجين سيكون إنجابهم بمعدل 2.1 طفل لكل زوجين، وهو المعدل المخفف؛ سيظلّ الارتفاع في معدلات النمو السكاني قائم بسبب هذا الزخم.
ولتوضيح ذلـك، كان هناك ( 37 ) مليـون امرأة في عمر الإخصاب ( 15 ـ 49 سنة ) عام 1980؛ ووصل هذا الرقم إلى ( 50 ) مليون عام 1990، ثمّ ( 69 ) مليون بحلول عام2017، وسوف يواصل ارتفاعـه بمرور السنوات. وكان العمر الوسيط في الدول العربيـة ( 18 ) سنه عام 1980 ، تزايد ببطء شـديد ليصل إلى ( 18.4 ) سنه عام 1990 ، وإلـى (19.5 ) سنه عام 2022 .
وبانخفاض معدلات الخصوبة والنمو السكاني، يتوقّع للدول العربية أن تأخذ وقتاً أطول لمضاعفة عدد سكانها. واستناداً للمعدل السائد بين عامي 1975 ـ 1980 جاءت التوقعات بأن تضاعف الدول العربية سكانها خلال ( 22 ) عام. بحلول عام 2022 اختلفت التوقعات لتصل إلى ( 30 ) عام، وقد تزداد لتصل إلى ( 43 ) عام بحلول عام 2025 ، ومن المتوقع أن تحتاج إلى ( 63 ) عاماً بحلول عام 2050 . على أية حال، فإن الوطن العربي يشمل سبعة دول يمكن أن تضاعف عدد سكانها بعام 1990 خلال عشرين سنه أو أقلّ. وهذه الإحصائيات مثيرة للقلق عندما تصبح الأرض غير قادرة على إشباع من عليها، ويكمن الخطر في قلة موارد المياه، والتصحّر، وانكماش الأرض الزراعية بسبب الزحف السكاني والعمراني عليها.
التوزيع السكاني
يتوزع الوطن العربي على اثنين وعشرين دولة ممتدّة من الخليج العربي شرقاً إلى المحيـط الأطلسي غرباً بمساحة كاملة قدّرت بـ ( 14 ) مليون كيلو متر مربع. وجميع الدول العربية أعضاء في جامعة الدول العربية، ويمكن توزيع دول الوطن العربي جغرافياً إلى أربع مجموعات وهي التالية :
1ـ وادي النيل والقرن الإفريقي ويضم : مصر، السودان، الصومال، جزر القمر، جيبوتي.
2ـ شمال أفريقيا ويضم : ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب، وموريتانيا.
3ـ الهلال الخصيب ويضم : العراق، سوريا، الأردن، لبنان، والأراضي الفلسطينية المحتلّة.
4ـ شبه الجزيرة العربيّة ودول الخليج العربي ويضم : المملكة العربية السعودية، اليمن، عمـان، الإمارات العربيـّة المتحدة، قطـر، البحريـن، والكـويت.
واستناداً لتقديرات السكان عام 2022 ، بلغ عدد سكان المجموعة الأولى ( 109 ) مليون نسمه أو ( 38 % ) من إجمالي عدد السكان في الوطن العربي، وتتناقص نسبة هذه المجموعة والتي بلــغت ( 44 %) عام 1950 من مجموع السكان الإجمالي ليصل حسب ما هو متوقع له إلى ( 34 %) مع منتصف القرن الحادي والعشرين . يشكل سكان شمال أفريقيا ربع سكان الوطن العربي بنسبة ( 27 %) مع عام 2022، نزولاً من نسبة ( 30 %) عام 1950، وتوقع نسبة ( 20 % ) من سكان العالم العربي بحلول عام 2050 . أما سكان الهلال الخصيب وشبه الجزيرة العربيّـة والخليج العربي فيشكلون ما تبقى من مجموع السكان الإجمالي بتقديرات متساوية تتراوح بين 17 ـ 18 % لكل مجموعة.
وتعتبر مصر أكثر الدول العربيـة سكاناً وبنسبة 28 % من إجمالي السكان العرب عام 1950 . وتحتـل الجزائر والسـودان والمغرب المركـز الثاني في حجم السكـان والذي يتراوح بيـن ( 11 ـ 12 %) لكل دولة، وتأتي العراق في المرتبة الخامسة ( 7%) ، ثم اليمن، تونس، سوريا والمملكة العربيّـة السعودية بنسب تتراوح بيـن (5 ـ6 %) لكل دولة. أما لبنان، الأردن، ليبيا، موريتانيا، والأراضي الفلسطينية المحتلة فتتراوح جميعها بنسبة ( 7 %)؛ في الوقت الذي تشكل فيه البحرين، جزر القمر، جيبوتي، قطر، والإمارات العربيّة المتحدة أقل مـن ( 1 %) مجتمعة من مجموع السكان العرب.
ولقد تزايدت معدلات النمو السكاني في كافة الأقطار العربية ، في حين تباين الانخفاض لمعـدلات الوفاة ، ومبقية على معدلات الخصوبة كما هي ، بالإضافة إلى الهجرة الدولية (وهذه الأسباب التي تحدث فجوة كبيرة بين معدلات المواليد والوفيات) ، أدت إلى تزايد سكاني في دول أسرع من غيرها . لقد ازداد معدل النمو السكاني في معظم الأقطار العربية منذ مطلع الخمسينات حتى أواخر السبعينات. وبلغت معدلات النمو السكاني التي سادت منذ الخمسينات لنسـبة تصل ( 2 % ) سنوياً أو أكثر، عدا الأراضي الفلسطينية المحتلة التي بلغت أقل من ( 1 % ) بسبب الهجرات القسرية باتجاه الأردن ( والتي أدت إلى زيادة سكانيّـة مرتفعـة في الأردن ) . فالهجرات السكانية والنمو السكاني الطبيعي أديا إلى معدلات نمو سكاني مرتفعة في البحرين، جيبوتي ، المملكة العربية السعودية ، قطر ، الإمارات العربية المتحدة ، عمان ، والكويت . وقد اعتبر عقد التسعينات والذي شهد أعلى ارتفاع لأسعار النفط؛ أكثر العقود التي شهدت تنامياً سكانياً لدول الخليج العربي بسبب الهجرة العاملة .
ولقد ساد أعلى معدل نمو سكاني في الربع الأخير من القرن الماضي في كل من البحرين، جزر القمر، جيبوتي، العراق، الأردن، الكويت، عُمان، السعودية، الصومال، الإمارات العربية المتحدة واليمن. وبنهاية القرن العشرين قدّر مجموع السكان في الدول العربية (284) مليون نسمة وقد بلغت نسبة سكان كل من مصر، الجزائر، السودان، تونس، ولبنان في خفض معدلاتها إلى 24 ،11 ،11، 3،1 % على التوالي. هذا، ومن المتوقع أن تنخفض هذه النسب أكثر في منتصف القرن الحادي والعشرين، حيث يتوقع لمصر أن تخفض نسبة سكانها إلى ما يقارب خمس العدد الإجمالي للسكان العرب أو (17 %)، الجزائر (7.8 %)، السودان (9.7 %)، وأما تونس فستصل إلى (2 %)، ولبنان إلى أقل من (1 %) من مجموع سكان الدول العربية.