صدمت المشاعر العامة بمطالعة أخبار مؤسفة عن حالات انتحار متعددة على صفحات الحوادث , هذه إحدى الظواهر المنتشرة والتي تعاني منها الأمة بشكل عام , فما هو الانتحار ؟ وما أسباب حدوث هذه الظاهرة ؟ وأشكال الانتحار ؟ وهل هناك حل للقضاء عليها ؟ وما أثرها على المجتمع ؟ وكيف نساعد الشباب المعرضين لهذة الظاهرة ؟
ودور التشريع الإسلامي في هذه الظاهرة ؟
كلها تساؤلات سنحاول الإجابة عنها من خلال هذا التقرير ….
أتمنى أن تستفيدون من التقرير …
الموضوع :
فما هو الإنتحار ؟
والانتحار هو قتل النفس بطريقة متعمدة وهذا هو التعريف الذي تتضمنه مراجع الطب النفسي ، وهناك مصطلح آخر مقابل كلمة الانتحار Suicide هو الفعل المدروس لإيذاء النفس " Deliberate Self Harm , DSH " وقد يكون مجرد محاولة للانتحار لم تتم أو قتل للنفس .
أسباب الانتحار:
إن السلوك الانتحاري هو سلسلة الأفعال التي يقوم بها الفرد محاولا من خلالها تدمير حياته بنفسه دونما تحريض من آخر أو تضحية لقيمة اجتماعية ما. ولذلك يعتبر من الصعب جداً وضع أسباب محددة للانتحار, فكل الدراسات القديمة والحديثة أجمعت على تضافر العوامل النفسية والاجتماعية والطبية فيما بينها لحدوث الفعل الانتحاري, وتعتبر الأمراض النفسية والاضطرابات العصابية والذهانية من المسببات الرئيسية للانتحار, ولكن فرويد (عالم النفس المشهور) أشار إلى أن الانتحار هو توجيه العدوانية الكامنة بالشخص ضد ذاته, أي أن هناك أزمة نرجسية يعاني منها الفرد تتجلى في اضطراب التوازن عنده بين العالم المثالي المنشود والعالم الواقعي المعيش.
وقد يكون جو البيت المحطم من أهم الأسباب المؤدية للانتحار, والبيت المحطم يعني الأسرة أو العائلة المفككة الأوصال والمتنافرة الأفراد, إذ تبين أن الذين فقدوا والديهم قبل سن الخامسة كانوا الغالبية بين المنتحرين وخاصة في عمر الشباب.
وأكدت الدراسات أن الرجال أكثر انتحارا من النساء, ولكن النساء يكثر انتحارهن في أعمار الشباب بين 20 ـ 29 سنة.
والأسباب مفزعة منها ما هو سبب اجتماعي ومنها ما هو حالة فراغ روحي وأسباب أخرى تتعدى ذلك يربطها كثيرون بحالة القهر والإذلال والتهميش المتعمد في مجتمع لا حول لهم ولا قوة , وفي إحدى العائلات في إحدى قرى مدينة المالكية(سوريا) إن ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة انتحروا بنفس الطريقة وفي نفس المكان وشاب آخر من القحطانية( سوريا ) أنهى حياته لأن ألمانيا اعاداته لسوريا فلم يتأقلم مع الحياة التي هجرها وعاد إليها وأصيب بنكسة وحالة نفسية متأزمة لينهي حياته حرقا , وآخر تعاطى المخدرات في سبب أدهشني بشيوع هذه الظاهرة بين شبابنا ونحن ننام على خراب , وفتاة في ناحية القحطانية (سوريا ) وضعت حدا لمأساتها كما روى أهل القرية بأن أقدمت على حرق نفسها لأن أخاها كان يقسوا معها المعاملة فلم تجد البديل بأن تتخلص من جبروته إلا لتحرق جسدها الغض الطري في غرفة مهجورة لم يبقي النار إلا عظاما طرية في جسدها النحيل , وفي امتحانات الشهادة الثانوية العام المنصرم أقدمت فتاة من مدينة القامشلي على تجرع كميات كبيرة من الدواء لأنها لم تحصل على المجموع الذي أراد لها والدها المهندس وتشاء الأقدار أن يكتب لها حياة جديدة .
ربما أصابع الاتهام ستتوجه بالدرجة الأولى في أسباب الانتحار إلى الأسرة التي تعاني التفكك والمشكلات الكثيرة بين الأبوين أو ربما الإخوة أنفسهم لأسباب مختلفة .
* عدد حالات الانتحار في العالم يبلغ 800 ألف حالة سنوياً حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية التي تشير إلى احتمال زيادة هذا العدد إلى مليون شخص كل عام ، وفي الولايات المتحدة وصل عدد حالات الانتحار إلى أكثر من 230 ألف شخص بمعدل شخص ينتحر كل 20 دقيقة أو 75 حالة انتحار يومياً . وهؤلاء هم الذين ينجحون في إتمام الانتحار بينما يصل معدل محاولات الانتحار إلى 10 أضعاف هذا العدد .
* أعلى معدلات الانتحار توجد في الدول الاسكندنافية ( السويد – النرويج – الدنمارك ) ، وتصل إلى 40 لكل 100 ألف من السكان ، وفي بعض دول أوروبا الشرقية مثل المجر تصل هذه المعدلات إلى 38-40 لكل 100 ألف ، في فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا تزيد هذه المعدلات على 20 لكل 100 ألف .
* في مصر وفي دول العالم العربي والدول الإسلامية تنخفض معدلات الانتحار لتسجل معدل لا يزيد عن 2-4 لكل 100 ألف من السكان ، ويعود ذلك إلى تعاليم الدين الإسلامى الواضحة بخصوص تحريم الانتحار وقتل النفس .
* تزيد معدلات الانتحار في الرجال مقارنة بالسيدات بمعدل 3 أضعاف بينما تزيد معدلات محاولات الانتحار التي لا تنتهي بالقتل الفعلي في المرأة مقارنة بالرجال .
أشكال الانتحار :
أثبتت الأبحاث والدراسات أن هناك أشكالا خاصة للانتحار, لها مدلولاتها المرضية النفسية المهمة وأهم هذه الأشكال:
* الانتحار الثنائي: هو الرغبة في الموت مع شخص آخر حيث يقدم الشخصان معا على الانتحار وخاصة المحبوبين والدافع الأساسي للانتحار الثنائي هو الحب.
* الانتحار الموسع: حيث يسبب الشخص المنتحر الموت لشخص آخر أو أشخاص آخرين غير راغبين في الموت. فقد تنتحر الزوجة بالغاز وينجم عن ذلك وفاة زوجها وأطفالها الموجودين معها في المنزل.
* الانتحار الموازن: وهو انتحار هدفه الأساسي إراحة الذات من مرض ما لاشفاء يرجى معه, ومثل هذا النوع من الانتحار يتقبله المجتمع إلى حد ما ومع ذلك فهو قليل الحدوث.
* الانتحار الإيثاري: حيث يقدم المنتحر على قتل زوجته وأطفاله ثم يقدم على الانتحار. وينتشر هذا النوع من الانتحار لدى الأفراد المكتئبين الذين يرون أن الحياة تافهة وبأن بلاء عظيما سيحل بعائلاتهم.
كيف نساعد الشباب المعرضين لخطر الانتحار؟
من المهم جدا تقديم يد العون والمساعدة للأشخاص المعرضين لخطر الانتحار وخاصة إذا كانوا من فئة الشباب عصب الحياة والمجتمع, وذلك عن طريق:
1ـ حماية الفرد من المحيط وإدخاله المشفى عند الضرورة.
2ـ الترفيه والترويح عن القلق وتأسيس علاقات تتسم بالهدوء والتفهم الكامل له من قبل المعالج.
3ـ المراقبة الدائمة وبلطف وعدم تقريع وإيذاء سلوكه الانتحاري.
4ـ العلاج بالعمل الدءوب واستعمال مضادات الكآبة عند الحاجة.
5ـ عند الاكتئاب الشديد لا مانع من العلاج بالصدمة الكهربائية.
6ـ العلاج النفسي والاجتماعي لإعادة ترميم شخصية المصاب من أجل مساعدته في القيام بدوره المنوط به كعنصر فعال في المجتمع.
7ـ وأخيرا مراقبة المريض في فترة النقاهة وتعديل ما يمكن تعديله في محيطه الاجتماعي مدركين بذلك ما المغزى من المحاولة الانتحارية وهي بمنزلة رسالة هادفة تشير إلى حاجته ليد العون.
أن الانتحار مشكلة تعاني منها الدول الغربية أكثر من الدول العربية , فالوازع الديني والأسرة المحافظة التي حافظة على أبنائها ,وأتبعت كل ما أمر الله به , مما أدى إلى قلة هذه الظاهرة في مجتمعنا العربي والإسلامي .
عاقبة الانتحار :
المنتحرون مخلدون في النار .
قال رسول الله (صلى الله علية وسلم ) :
" من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً , ومن تحسي سمناً وقتل نفسه , فهو في نار جهنم يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ,ومن قتل نفسه بحديده فحديدتة في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها "
الخاتمة :
وأخيرا, ً الانتحار هو محاولة قتل النفس , وتعود أسباب هذه الظاهرة لأكثر من سبب , وأولها المجتمع الذي يعيشون به ,وقد توصلت إلى هذه النتيجة من خلال مقارنتي بين الدول العربية ومجتمعاتها , وبين الدول الغربية ومجتمعاتها , حيث لاحظت أن , هذه الظاهرة منتشرة في الدول الغربية وقليل منها في دولنا العربية , وفي العام الإسلامي , فان الرسالة التي أريدها أن تصل إلى الجميع هي أن الانتحار أو قتل النفس ليس حلاً لأية أزمة أو مشكلة .. وهناك دائما الكثير من البدائل التي يمكن التفكير فيها حين تتأزم الأمور وتشتد المحن ، ويمكن أن تتلمس النور وسط السواد الحالك المحيط بنا ،ويتحقق الخروج من النفق المظلم وانتصار إرادة الحياة ،والحل هنا يتفق تماماً مع المنظور الإسلامي للتعامل مع البلاء والشدائد بالعودة إلى الله سبحانه وتعالى والتمسك بإيمان قوي والتحلي بالصبر والثبات ،حتى يقضى الله أمره ، وهو القادر على كل شيء .
المصادر :
كتب :
1- الإنتحار في المجتمع الكويتي / مكتب الإنماء الإجتماعي. الكويت، الكويت : مكتب الإنماء الإجتماعي، 1995
2- لإنتحار : نماذج حية لمسائل لم تحسم بعد / تأليف أحمد محمود عياش. بيروت : دار الفاربي، 2022
معهد الامارات التعليمي
www.uae.ii5ii.com
قوقل