التصنيفات
القسم العام

بحث: مظاهر العنف في المدارس الحكومية -التعليم الاماراتي

مظاهر العنف في المدارس الحكومية

النص الكامل

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
القسم العام

مطوية عن العنف المدرسي مدارس الامارات

مطوية عن العنف المدرسي
مقدمة :
أصبح لمفهوم العنف حيزا كبيرا في واقع حياتنا المعاش فأصبح هذا المفهوم يقتحم مجال تفكيرنا وسمعنا وأبصارنا ليل نهار وأصبحنانسمع العنف الأسرى والعنف المدرسي والعنف ضد المرأة والعنف الديني وغيرها من المصطلحات التي تندرج تحت أو تتعلق بهذا المفهوم .
ولو تصفحنا أوراق التاريخ لوجدنا هذا المفهوم صفة ملازمة لبني البشر على المستوى الفردي والجماعي ، بأساليب وأشكال مختلفة تختلف باختلاف التقدم التكنولوجي والفكري الذي وصل إليه الإنسان ، فنجده متمثلا بالتهديدوالقتل والإيذاء والاستهزاء والحط من قيمة الآخرين والاستعلاء والسيطرة والحربالنفسية وغيرها من الوسائل .
والاتجاه نحو العنف نجدهفي محيط سلوكيات بعض الأفراد ، كما نجده في محيط سلوكيات بعض الجماعات في المجتمعالواحد ، كما يوجد في محيط المجتمعات البشرية ، وهو يوجد في مختلف الأوقات ، وقدتزداد نسبة العنف في مجتمع معين وقد تنقص ، كما تختلف قوته من مجتمع إلى مجتمع ومنزمن إلى زمن ، وقد تكون صور التعبير عن العنف عديدة ومتباينة لأن الناس مختلفون ومتباينون .
كما أن الناس يعيشون في ظل مناخات ثقافية وسياسية واقتصادية مختلفة ولقد بدأ الاهتمام العالمي بظاهرة العنف سواء على مستوى الدول أو الباحثين أو العاملين في المجال السلوكي والتربوي أو على مستوى المؤسسات والمنظمات غير الحكومية في الآونة الأخيرة في التزايد وذلك نتيجة لتطور الوعي النفسي والاجتماعي بأهمية مرحلة الطفولة وضرورة توفير المناخ النفسي والتربوي المناسب لنمو الأطفال نموا سليما وجسديا واجتماعيا لما لهذه المرحلة من أثر واضح علي شخصية الطفل في المستقبل ، بالإضافة لنشوء العديد من المؤسسات والمنظمات التي تدافع عن حقوق الإنسان والطفل ، وقيام الأمم المتحدة بصياغة اتفاقيات عالمية تهتم بحقوق الإنسان عامة وبعض الفئات خاصة الأطفال وبضرورة حماية الأطفال من جميع أشكالالإساءة والاستغلال والعنف التي يتعرض لها الطفل في زمن السلم والحرب .
تعريف العنف :
يعرف العنف بأنه سلوك إيذائي قوامه إنكار الآخرين كقيمة مماثلة للأنا أو للنحن ، كقيمة تستحق الحياة والاحترام ، ومرتكزة على استبعاد الآخر، إما بالحط من قيمته أو تحويله إلى تابع أو بنفيه خارج الساحة أو بتصفيته معنويا أو جسديا .
ويعرف أيضا بأنه ( سلوك أو فعل يتسم بالعدوانية يصدر عنطرف قد يكون فردا أو جماعة أو طبقة اجتماعية أو دولة بهدف استغلال طرف آخر في إطارعلاقة قوة غير متكافئة اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية بهدف إحداث أضرار مادية أو معنوية أو نفسية لفرد أو جماعة أو طبقة اجتماعية أو دولة ) .
إذا فالعنف يتضمن عدم الاعتراف بالآخر ويصاحبه الإيذاءباليد أو باللسان أي بالفعل بالكلمة ، وهو يتضمن ثلاث عناصر (الكراهية – التهميش – حذف الآخر) .
والعنف سلوك غير سوي نظرا للقوة المستخدمة فيه والتيتنشر المخاوف والأضرار التي تترك أثرا مؤلما على الأفراد في النواحي الاجتماعية والنفسية والاقتصادية التي يصعب علاجها في وقت قصير ، ومن ثم فإنه يدمر أمن الأفرادوآمان المجتمع .
الخصائص العامة التي يتصف بها العنف :
1- العنف سلوك لا اجتماعي كثيرا ما يتعارض معقيم المجتمع والقوانين الرسمية العامة فيه .
2- العنف قديكون ماديا فيزيقيا وقد يكون معنويا مثل إلحاق الأذى النفسي أو المعنوي بالآخرين .
3- العنف يتجه نحو موضوع خارجي قد يكون فردا أو جماعات أو قد يكون نحو ممتلكات عامة أو خاصة .
4- العنف يهدف إلي إلحاق الضرر أو الأذى بالموضوع الذي يتجه إليه .
ولا يمكن دراسة ظاهرة العنف دون الإشارة إلي بعض المفاهيم التي تتداخل معها مثال العدوان ، الغضب ، القوة ، الإيذاء .
أولا:العنف والعدوان :
يرتبط العنف بالعدوانارتباطا وثيقا فالعنف هو الجانب النشط من العدوانية ، ففي حالة العنف تنفجر العدوانية صريحة مذهلة في شدتها واجتياحها كل الحدود ، وقد تنفجر عند الأفراد الذينلم يكن يتوقع منهم سوى الاستكانة والتخاذل ، أي أن العنف هو الاستجابة السلوكية ذاتالسمة الانفعالية المرتفعة التي تدفع صاحبها نحو العنف دون وعي وتفكير لما يحدثوللنتائج المترتبة على هذا الفعل .
ثانيا العنف والغضب :
هناك علاقة وثيقة بينالغضب والعنف فلو تخيلنا أن هناك متصلا لوجدنا أن الغضب يقع في أول المتصل في حينيقع الغضب المتوسط في منتصفة في حين يقع العدوان في أخر المتصل ، أي إن العنف هو أقصى درجات الغضب ، وهو تعبير عن الغضب في صورة تدمير وتخريب وقتل ، وقد يكون هذاالتعبير في صورة فردية أو جماعية ، وذلك عندما تقوم الجماعات بالتعبير عن غضبهابالحرق أو التدمير للممتلكات العامة مثلا .
ثالثا : العنف والقوة :
القوة هي ( القدرة علىفرض إرادة شخص ما ، ويتم فيها التحكم في الآخرين ، سواء بطريقة شرعية أو غير شرعيةبناء على ما لدى الشخص من مصادر جسدية أو نفسية أو معنوية ) ، والملاحظ على أن الأقوياء هم الذين يفرضون إرادتهم حتى وإن كان يقاومهم الآخرين ، وهذا ما نلاحظه عندما يمارس المعلم سلطته في ممارسة العنف علي تلاميذه أو الرجل علي أبنائه بحكمسلطته الأبوية أو الرجل على زوجته في المجتمعات الذكورية .
فمن يمتلك القوة يصبح قادرا على ممارسة العنفعلى الضعفاء سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات وحتى على مستوى الدول .
رابعا ً : العنف والإيذاء :
إن تعريفات الإيذاء عديدةومتباينة ويرجع ذلك إلى عدة عوامل منها الشخص الذي يقع عليه الإيذاء والمعايير الاجتماعية السائدة في المجتمع ، ولقد ظل فعل الإيذاء داخل الأسرة مثلا يحاطبالكتمان داخل مجتمعاتنا ، كما كان حتى وقت قريب يمارس في مدارسنا من قبل المدرسين تجاه التلاميذ تحت شعار التربية ، ولكن في ظل التطورات التربوية الحديثة وانتشار فكر حقوق الطفل والمرأة أصبح ينظر لهذه السلوكيات على أنها ممارسات عنيفة بغض النظر عن نظرة العرف والتقاليد لها .
منقول

الملفات المرفقة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الثاني عشر

بحث عن ظاهرة العنف والتطرف كامل -مناهج الامارات

السلام عليكم
اشحالكم عساكم بخير
اليوم يايبتلكم بحث اتمنى انا يعيبكم
المقدمه:-

إن التعامل مع هذه الظاهره انما يحيلنا الى المفهوم عبر تمظهراته.
ان كلمة (عنف) كلمه غير ساكنه كلمه محتدمه وجارحه وتحمل سمات
متناقضه ظاهريا . ولكن ذلك لا يجعلنا نبحر باتجاه النوايا الحسنه التي تغلق
هذه الظاهره المنفلته من عقالها والتي تكسبها الرؤيا المضاده بعدا لا شرعيا
يستند بالدرجه الاساس الى تاريخ طويل من العلاقه القائمه على مبدأ القراءه
المخالفه والمضاده في العالم .
و تقف خلف كل سلوك جملة دوافع وعوامل تفسر أسباباً كامنة تعلل انتهاج السلوك المعين. وظاهرة التطرف والعنف لها أسبابها ودوافعها وعلينا تحديدها بشكل واضح للوصول إلى جوهر الحلول وجذورها، ولا شك أننا سنكون في حالة إرباك إذا لم نعرف حقاً الأسباب التي تدفعنا وتسيرنا، من هنا علينا تحاشي الأحكام المتسرعة لظاهرة العنف.
وهي من أهم الظواهر التي تؤثر سلبياً في بناء الفرد والمجتمع على السواء والتي أصبحت في أيامنا جزءاً لا يتجزأ من مجموع السلوكيات في الحياة اليومية والتي تظهر في غالبية جوانب الحياة , في العائلة, في العمل, في المؤسسات على أنواعها وبضمنها مؤسسات التربية والتعليم والأماكن العامة وغيرها.
هذه الظاهرة هي ظاهره العنف التي بدأت تنتشر في مجتمعاتنا وإن كانت تلبس أوجه مختلفة ومتنوعة فهي في ماهيتها متشابهة وتظهر كرد فعل سلبي وتكون موجهة إلى الفرد نفسه أو إلى الغير أو للاتجاهين معاً .
أسباب العنف ودوافعه كثيرة وهي تنحدر من مصادر شعورية و/أو عقلانية .
ولما لهذه الظاهرة من تأثير ومخاطر فأن المجتمعات ترفضها وتولي الأهمية لمعالجتها ومحاربتها ونـحن بدورنـا نتكاتف سويـة كمجتمع متحضر للعمل على منع العنف في جميع جوانب حياتنا
البيت وألاهل من خلال دورهم في تربيه أولادهم يهتمون ببناء أفراد صالحين يتعاملون فيما بينهم ومع الآخرين وفي المجتمع من منطلق التسامح وعدم العنف. فالمدرسة وما لها من دور كبير في تنشئة الطلاب ــــ أجيال المستقبل وهي المسؤولة عن تطور هذه الأجيال , تهتم من خلال التربية والتعليم بأن ينشأ جيل وأجيال تتعامل بالمحبة والتعاون والتفاهم وينطلقون في أداء أدوارهم في مواقع مختلفة من الحياة وهم يتمتعون بالقيم السامية ويتحلون بالأخلاق الحميدة.
من هذا المنطلق نرى أن المدرسة والبيت شركاء في تنمية هذه الأجيال وتضع نصب أعينها وفي مقدمة أولوياتها أن يتخرج من بين جنباتها رجال ونساء, أعضاء نافعون صالحون , يتعاملون في مجالات حياتهم بالأخلاق الحميدة ويرفضون العنف .

والله ولي التوفيق

………………………………………….. …………………………………………
عزت راجع – أصول علم النفس ، دار القلم ، بيروت

1

الموضوع :-
في البداية لا بد لنا من ان نقول ان العنف يعد ظاهره اجتماعيه ولكن هل هو
ظاهره اجتماعيه ام انه ظاهره لغويه ونفسيه وعضويه .
ان الحديث عن العنف على اعتباره ظاهره اجتماعيه قائمه بحد ذاتها خارج
هذه الدائره الثلاثيه انما يوقعنا في وهم التجريد.
فالعنف ظاهره عدميه محضه تستند على المغالطه في وجهات النظر والامعان
في تدمير الاخر . من خلال تجاوزه وفق قبليه غير عقلانيه .تعتبر هي المحور
الاساس لتنميه هذه الظاهره التي تزدهر في الذات المغلقه . التي تدور حول
نفسها من اجل اذابة الاخر في ادارة واحده منفعله ومشوشه ولا ترى نفسها
الا من خلال فعل التدمير . فلو اخذنا ظاهرة العنف في الادب مثلا لوجدنا انه يستند
على القراءه المغالطه للاخر ولوجدنا ان الادب يكتب عبر هذه الاليه .
هكذا يبدو الحال في الملاحم وفي الكتب البدائيه التفسيريه للعالم وهكذا هو الحال
بالنسبه للكتب العظيمه فهي تكاد تكون وليدة لهذه الحاضنه ابتداءا من
هوميروس وفرجيل و دانتي و ملاحم وادي الرافدين وانتهاءا بشكسبير و ملتون
ديدرو و فولتير و دستويفسكي و تولستوي و جيمس جويس و فوكنر ……الخ..
في الواقع ان الاعمال الادبيه كلها خرجت من مفهوم العنف حتى وان كانت تحمل
وجهة نظر مضاده ومغايره ومع ذلك يفترض لهذه الظاهره ان تتحرر بشكل سلمي
. العنف تمثل لا يتحقق الا بواسطة تحرره من( الانا )التي تقابلها (انا) اخرى
تطردها . وهو يدل على التناقض الظاهري . الجلاد والضحيه لا تتماثل الا نادرا
وذلك حين يتم تبادل الادوار وطالما ان هكذا اليه غير موجوده هنا فليس من حقنا
راهنا على اقل تقدير ان نؤيد العجله لهكذا نوع من الفهم … العنف ضاهرة سلبية وما تغرس الندامة …
عن عائشة – رضي الله عنها – أن يهود أتوا النبي – صلى الله عليه وسلم – فقالوا: السام عليكم. فقالت عائشة: عليكم ولعنكم الله وغضب الله عليكم. قال – صلى الله عليه وسلم -: " مهلا ياعائشة، عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش". قالت: أولم تسمع ما قالوا ؟ قال: " ألم تسمعي ما قلت؟ رددت عليهم فيستجاب لي فيهم، ولا يستجاب لهم في . (البخاري ومسلم)

هكذا يعلمنا الرسول – صلى الله عليه وسلم – الابتعاد عن العنف واللجوء إلى الرفق في الأمور كلها: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه".

إن العنف في معاملة الناس يولد عندهم رغبة في الانتقام متى سنحت الفرصة، بخلاف الرفق الذي يتسبب في تأليف القلوب، وتطويع الناس…وهذا الي لفت انتباهي اليوم عندما كنت باحد المستشفيات للاسف واقولها بكل الم هذي الي تدعي انها ملاك الرحمة وانها وانها …تعامل طفلا لا يتجاوز عمره ال 7 سنوات بكل فضاضة وقسوة…فما كانت ردة الطفل الا برد اكثر قسوة وعنف اكبر..
لو نلاحظ من يعش بين الناس محروما من الرفق، متصفا بالعنف محروم من الخير كما قال الرسول – صلى الله عليه وسلم -: "من يحرم الرفق يحرم الخير كله".

إن العنف شين خلقي، وظاهرة قبيحة تؤدي إلى شيوع الأحقاد والعداوات، كما أنه يبعث في النفوس الرغبة في التحدي والعناد، وعدم الاستجابة للمطلوب منها، وإن كان المطلوب حقا وخيرًا. إن العنف في معالجة الآلة يكسرها، وفي مقارعة الخطوب يحطم الطاقات، ويدمر القوى ..

………………………………………….. ………………………………………….. ………………
عبدالرحمن عدس ومحي الدين طوق . علم النفس الاقصى

كذلك لو تلاحضون وسائل الاعلام للاسف…التي المفروض تكون وسيله تربوية هادفة لتنتج جيلا منتج وايجابي , نلاحظ وللاسف لاتخلو من مشاهد العنف وتاثيرها على سلوك المشاهدين وبالاخص صغار السن..

ماتعرضه هو اهمال ,سخرية ,ضرب,سب وتنتهي بالجرائم المختلفة وعلى راسها القتل!!

لو نتوقف مع >>العنف مع الخدم______العنف ضد النساء_____العنف مع الحيوان

الخادم >>هل العنف ضده لانه انسان ضعيف كل همه كسب لقمة عيشه بشرف..نجلده بالاعمال الشاقة ويصل احيانا الى ضربهم وايذائهم بدنيا ونفسيا..فأليكم هذه القصة اخواتي التي حدثت زمنَ المصطفى – صلى الله عليه وسلم -:
قال أبو مسعود البدري – رضي الله عنه -: كنت أضرب غلاما لي بالسوط، فسمعت صوتا من خلفي: اعلم أبا مسعود، فلم أفهم الصوت من الغضب، قال فلما دنا مني إذا هو رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.. فإذا هو يقول: اعلم أبا مسعود أن الله أقدر منك على هذا الغلام. قال: فقلت لا أضرب مملوكا بعده أبدا.
وفي بعض الروايات قال أبو مسعود: هو حر لوجه الله، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: "أما لو لم تفعل للفحتك النار.. ".

لو نأتي الان ونرى العنف ضد النساء..لقد اصبح ضاهرة في بلاد الغرب واني لااخفي عليكم ارى المشاهد هذه يوميا وبشكل مستمر اذا كان في الشارع او التلفزيون..حالات شاذة مؤذيه ومع تصورنا أن هذه الجرائم في مجتمعاتنا تبقى في إطار محدود إلا أن الأمر يستدعي التذكير بشناعة هذا الأمر ومخالفته لشريعة الإسلام ونظامه الأخلاقي.

فهذا رسول الإسلام – صلى الله عليه وسلم – يقول: "إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة".

ولما أخبر – صلى الله عليه وسلم – بأن رجالا يضربون نساءهم. قال: " ليس أولئك بخياركم".

وإن احتاجت المرأة أو الطفل إلى التقويم يبقى الكي آخر العلاج(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) (النساء: 34) وعندئذ لا بد من مراعاة الضوابط الشرعية التي تضمن سلامة النفس والجسد ولا تبيح الإيذاء.

يمكن البعض يستهينون بالعنف مع الحيوان…ولايدركون من انهم سوف يحاسبون عليه يوما لايفيد فيه الندم..

إن بعض من انتكست فطرهم يتلذذون بتعذيب الحيوانات ويستعملون العنف معها، وهذا مما نهى عنه الإسلام، فقد دخل النبي – صلى الله عليه وسلم – بستانا لرجل من الأنصار فإذا جمل، فلما رأى الجملُ النبي – صلى الله عليه وسلم – حنَّ وزرفت عيناه فمسحه النبي – صلى الله عليه وسلم – ثم قال: "من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله. فقال: أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها؟ فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه (تتعبه)".

………………………………………….. ………………………………………….. ………………
عبدالرحمن عدس ومحي الدين طوق . علم النفس الاقصى
تقف خلف كل سلوك جملة دوافع وعوامل تفسر أسباباً كامنة تعلل انتهاج السلوك المعين. وظاهرة التطرف والعنف لها أسبابها ودوافعها وعلينا تحديدها بشكل واضح للوصول إلى جوهر الحلول وجذورها، ولا شك أننا سنكون في حالة إرباك إذا لم نعرف حقاً الأسباب التي تدفعنا وتسيرنا، من هنا علينا تحاشي الأحكام المتسرعة لظاهرة العنف.
لكن هناك عدة ملاحظات منهجية في بحث مسألة الدوافع والأسباب:
1- إن العنف ظاهرة مركبة متعددة التغييرات، ولا يمكن تفسيرها بمتغير أو عامل واحد فقط. فالمؤكد أن هناك مجموعة من العوامل تتفاعل بل تتداخل وتترابط وتؤثر بعضها على بعض سلباً أو إيجاباً فيما بينها لتفجر أعمال العنف.
2- إنه يجب التمييز بين الأسباب المباشرة والموقفية التي تفجر أعمال العنف، وتلك العوامل غير المباشرة أو الكامنة التي تقف خلفها. فالأولى تعتبر بمثابة المناسبات والشرارات ولكنها ليست الأسباب والعوامل البنائية الكامنة التي تولد الظاهرة. فقيام حكومة ما برفع أسعار بعض السلع مثلاً يسبب عنفاً جماهيرياً فإنه لا يعد السبب الرئيسي للعنف حيث يرتبط غالباً بوجود أزمة تنموية تتمثل بعض أبعادها الاقتصادية في موجات التضخم والبطالة والعجز في ميزان المدفوعات والديون .
وإذا كان مقتل شخصية سياسية يعد سبباً في اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975، فإنه من المحتم أن خلف هذه الحادثة تقف ثمة أسباب مباشرة لاندلاع العنف كان هذا الحدث شرارة نهوضها على أرض الواقع.
3- إنه على الرغم من تعدد وتداخل العوامل التي تؤدي إلى حدوث ظاهرة العنف، إلا أن التأثير النسبي لهذه العوامل ليس واحداً، بل يختلف من دولة إلى أخرى، طبقاً للاختلافات والتمايزات المرتبطة بالتركيب الاجتماعي والثقافي والبناء السياسي والظروف الاقتصادية.
وفي بعض الحالات، يمكن القول بوجود عامل أو عوامل جوهرية أو مركزية تؤدي إلى أعمال العنف بينما يأتي تأثير العوامل الأخرى في مرتبة تالية. فعلى سبيل المثال، كانت تعتبر أزمة التكامل وتسييسها عاملاً محورياً للعنف السياسي في السودان والعراق بينما الأزمة الاقتصادية كانت عاملاً جوهرياً للعنف السياسي في لبنان وتونس في الثمانينيات.
. أن نتعمق في مسألة تفاوت الظرف والمكان، لإيماننا بأن العنف أمر نسبي متعدد الأوجه حيث أن هدفنا معالجة العنف في داخل العقول. والأسباب الفكرية الكامنة وراء ظاهرة العنف عديدة نذكر بعضها:
ولاً: الثنائية الفكرية:
تعتبر الثنائية الفكرية المتمثلة في رؤية الواقع محصوراً بين دفتي الحق والباطل، أو الحرمة والحلية، أو الصواب والانحراف، لكافة خصومنا، هي أبرز أسباب نشوء العنف، ويسمى العنف الفكري بالتعصب والتزمت، وفي لسان العرب لابن منظر يقول: تعصب الرجل أي دعا قومه إلى نصرته والتألب معه على من يناوئه سواء كان ظالماً أو مظلوماً. وجاء في الحديث: (العصيب هو من يعين قومه على الظلم). ويعرّف روجيه جارودي التزمت بأنه: إقامة مطابقة بين الإيمان الديني أو السياسي من جهة، وبين الصبغة الثقافية والمؤسساتية التي تلبسها في لحظة من لحظات الماضي ومن جهة أخرى. ويضيف (إن التزمت يعني إيقاف عجلة الحياة والتطور والاعتقاد بأنني كمسيحي مثلاً أو كيهودي امتلك الحقيقة المطلقة دون
غيري)(3).
………………………………………….. ………………………………………….. ………………
عبدالرحمن عدس ومحي الدين طوق . علم النفس الاقصى

ويقول الدكتور علي الدين هلال في ندوة بجامعة القاهرة حول التطرف الفكري عام 1994: (إن التطرف يبدأ بالعقل ثم ينتقل إلى السلوك)، ويضيف (إنها ظاهرة عالمية تتسم بمجموعة من السمات المشتركة أهمها توهم (احتكار الحقيقة) والتفكير القطعي ورفض الاختلاف والتعددية، واستخدام الألفاظ والمصطلحات السياسية الغليظة كالخيانة والكفر والفسوق.. الخ، وعدم التسامح).
وقد حدد مفتي الجمهورية د. سيد طنطاوي في الندوة ذاتها الإنسان المتطرف بأنه (المتجاوز للحدود الشرعية في أي أمر من الأمور حتى في العبادة نفسها)(4).
ومن الذين طرحوا رأياً متميزاً في مجال تعريف التطرف الدكتور سمير نعمي أحمد أستاذ ورئيس قسم اجتماع في جامعة عين شمس حيث قال: (إن التطرف ليس كما يشاع بأنه خروج عن المألوف فكل الأديان السماوية كانت خروجاً عن ما ألفه الناس، بل أنه مرادف للكلمة الإنجليزية (Dogmatism) أي الجمود العقائدي والانغلاق العقلي).
ويستطرد الباحث بنظرة إلى معتقد المتطرف إذ تقوم على:
1- أن المعتقد صادق مطلقاً وأبدياً.
2- يصلح لكل زمان ومكان.
3- لا مجال لمناقشته ولا للبحث عن أدلة تؤكده أو تنفيه.
4- المعرفة كلها بمختلف قضايا الكون لا تستمد إلا من خلال هذا المعتقد دون غيره.
5- إدانة كل اختلاف عن المعتقد.
6- الاستعداد لمواجهة الاختلاف في الرأي أو حتى التفسير بالعنف.
7- فرض المعتقد على الآخرين ولو بالقوة(5).
إن احتكار الحقيقة والحق الأوحد في التمتع بالبقاء والحياة هو بمثابة الإرهاصات الأولية للمجازر التي شهدها ويشهدها عالمنا المعاصر، حيث تنشأ الاختلافات الدينية والعرقية والمذهبية المتعصبة وتتحول لمجادلات عقيمة وسلوكيات ثأرية ناقمة.
وقد أثبت التحليل النفسي أن الثنائية الفكرية تقلص الحقل الذهني وتساهم في هبوط الاهتمامات من خلال الازدراء واللامبالاة تجاه كل ما لا يكون غرضاً من أغراض هواه وحماسه، ويقين لا يتزعزع في صواب فكره مما ينسل إلى إسقاط العدوانية على الآخر وممارسة أفعال ضد المحيط تقود إلى علاقة سادية مع هذا المحيط.
إن المتعصب ذو الفكر الأحادي يعيش في قمقم نرجسية فكرية تحوم حوله هالة قدسية تصبغ حياته في طيف واحد منحوت بالإيمان والعدل والحق الخالد، وبفضل ذلك سيتوصل إلى تغيير العالم وإنقاذه من ويلاته على طريقة الفانوس السحري إلى اجتلاب الفردوس والنعيم لبني البشر، إن ذلك من شأنه أن ينهض فكرة إسقاطية في عقل المتعصب تريحه من كل شبهات الضعف والقصور البشري الذي يحيطه طالما ظل في هوس الظنون بالهيمنة الفكرية لمنطقه وفكره وعقيدته.
لا شك أن النظرة الثنائية نابعة من حالة أن هناك حدوداً واضحة تفصل بين الذات والموضوع، والذات لا بد أن تدافع عن وجودها بأن تعلن صوابها وخطأ الآخر وتدافع عن ذلك الوجود باستماتة ولا ترى إمكانية أن يكون الوجود حقاً للطرفين،
………………………………………….. ………………………………………….. ………………

ولكن هذا المنظور تبدو خطورته عندما تبدأ السلوكيات والمواقف بالازدواجية والغموض وعندها تتولد ظاهرة التطرف والتعصب والعنف والتشدد.
وقد ظهرت فرق كثيرة آمنت بمطلقية امتلاك الحقيقة، أبرزها الخوارج ومن الغلاة الذين وظفوا معتقداتهم لصالح هيمنتهم الأيدلوجية وبدا أن هناك نهوضاً لفتاوى التجريم والمروق عن الدين بدعوى مخالفتهم للدين وتكرست بشكل مفجع في التاريخ الإسلامي – وحتى زمننا المعاصر – لكل من يصبو نحو التغيير أو التطوير أو البحث الجاد.
يقول أديب إسحاق (مفكر عربي ولد في لبنان وعاش في مصر في منتصف القرن التاسع عشر): (حد التعصب عند أهل الحكمة العصرية غلو المرء في اعتقاد الصحة بما يراه وإغراقه في استنكار ما يكون على ضد ذلك الرأي حتى يحمله الإغراق والغلو على اقتياد الناس لرأيه بقوة ومنعهم من إظهار ما يعتقدون ذهاباً في الهوى في إدعاء الكمال لنفسه وإثبات النقص لمخالفيه من سائر الخلق).
ويضيف إسحاق: (إن التشبث بالرأي الأوحد وتأكيد صحته المطلقة هو خطأ كبير لأن الإنسان ولكونه إنساناً يعجز فهمه عن إدراك الكثير من أسرار هذا الوجود وأنه ككائن بشري ممتنع عن الكمال فقد كانت هناك (حقائق) في عصر ما تبين أنها (أوهام) في عصر آخر)(6).
ويقول الزعفراني في الاستدلال على محدودية القدرة الإنسانية (كنت يوماً بحضرة أبي العباس ثعلب فسئل عن شيء فقال: لا أدري، فقيل: وكيف لا تدري وإليك تضرب أكباد الإبل؟ فقال: لو كان لأمك تمر بقدر ما أدري لاستغنت. وسئل الشعبي عن مسألة فقال: لا أدري. فقيل: له فبأي شيء تأخذ رزق السلطان؟ فقال: لأقول فيما لا أدري: لا أدري)(7).
إن تعصب الاعتقاد هو من أخطر أنواع التعصب إذ أنه يمهد لإحداث سلسلة حافلة بالأخطاء ويعطي المبرر الشرعي والغطاء الرسمي لتكريس ظاهرة العنف تحت ذريعة المعتقد والمذهب والدين.
والتعصب يمنح الأمان المعرفي وتوطيد النرجسية لمعتنقيه مما يبيح التوغل في العنف، وقد لوحظ أن الفرنسيين خلال الثورة الفرنسية كانوا كلما يريقون دماً كان يلزمهم الاعتقاد بمطلقية مبادئهم فالمطلقية وحدها كانت لا تزال قادرة على تبرئتهم في نظر أنفسهم وعلى دعم طاقة اليأس عندهم(8).
في الوقت ذاته تتكرس مفاهيم المفاضلة والتميز عند المتطرف حيث يصبح مفهوم الطليعة والقيادة والريادة والأفضلية على (كل الآخرين ونفي حق وجود الآخرين من الأساس وليس هناك مكان للحديث عن الانفتاح والتواصل، هذه السلسلة من المفاهيم الفضفاضة تصبح جزءاً من البنية النفسية والشعورية داخل الفرد والجماعة التي ينتمي لها وعلى أساسها تتبلور بعض الأنماط السلوكية في التعامل مع الواقع الخارجي ومع الفئات والجماعات الأخرى يعبر عنها الدكتور القرضاوي نظرة الجماعة إلى نفسها: (على أنها جماعة المسلمين وأن معها الحق كله، وليس بعدها إلا الضلال، وأن دخول الجنة والنجاة من النار حكر على من اتبعها، وأنها وحدها الفرقة الناجية ومن عداها من الهالكين)(9).
………………………………………….. ………………………………………….. ………………
عبدالرحمن عدس ومحي الدين طوق . علم النفس الاقصى
بل إن التزمت والتعصب يؤول إلى التحجر والجمود المضاد لكل تغير أو تطور وهذا من شأنه أن يضغط المتزمت إلى زوايا دحر الإصلاح أو تعديل مسلكيات تفكيره كيلا تتأقلم مع الظروف الجديدة حتى يصل إلى الاعتقاد أنه يستحيل استيعاب أن فكرته أو عقيدته تحت الشبهات!!
ويرجع البعض إلى تنامي التعصب والعنف الفكري في الفرد حيثما يكون الفاعل مهووساً بشبكة تمثلات وتخيلات تؤول إلى إشغال كل الفضاء الذهني مع ابتعاد أي تطور يطرأ أو طرأ عليه، وتسيطر على الفرد نوعاً من الوهم بقدرته على محاكاة الجميع ضمن دائرة حقيقته المطلقة.
ويفسر البعض انتحاء ضعاف العقول إلى فكر العنف نظراً لضيق الأفق وفقدان الوعي، لكن الدكتورة زبيدة محمد عطا أستاذة التاريخ الوسيط وكيل كلية الآداب في جامعة حلوان فندت هذا الرأي بدراسة متميزة بعنوان (الإرهاب الفكري بين تنظيمات الباطنية والتنظيمات الأصولية الحديثة) حيث أشارت إلى أن أغلب الدعاة كانوا من المفكرين وطبقة المثقفين، فقد درس الحسن بن الصباح – صاحب نظرية النزارية الداعية لمحاربة التنظيمات الإسماعيلية التي خالفته – فقه الإسماعيلية وانتقل إلى مصر ثم أعلن مذهبه وكان سيد قطب على قدر كبير من العلم وأيضاً صالح سرية مؤسس تنظيم الجهاد العسكري حاصل على دكتوراه في التربية وكان شكري مصطفى مؤسس جماعة التكفير والهجرة حاصلاً على بكالوريوس زراعة وكان عبد السلام فرج (أحد قيادات الجهاد ومدبر عملية اغتيال الرئيس المصري السابق أنور السادات) حاصل على بكالوريوس هندسة أما عمر عبد الرحمن مفتي الجهاد ومنظم الجماعة الإسلامية فهو أستاذ جامعي في كلية أصول الدين!!!)(10).
حتى أن الباحثين في الإطار الاجتماعي لحركات الإرهاب يلحظون وجود أبناء الطبقة المتوسطة والعليا مجندين لهذه الحركات مستعدين للانخراط فيها، حيث يتميزون في العادة بقدر متوسط أو عال في التعليم، ومستوى دخل معقول أو حتى مرتفع، وقدرة على التنظيم والعمل السري، ولا تتوافر هذه القدرة عادة إلا لأبناء الطبقات المتوسطة أو العالية في بلادنا.
من هنا يبدو لنا أننا أقرب إلى تفسير ظاهرة انتحاء الفرد للعنف إلى انهيار المثل والقيم الحضارية في العقل تتسبب في إحداث خلخلة فكرية وأيدلوجية يضطرب معها العقل ويصاب بنوع من الهروب إلى العنف.
وبقراءة عاجلة إلى أفكار سيد قطب التي تشكلت منبعاً هاماً نهلت منه الجماعات المتطرفة نجد أنه اعتمد على ثلاثيته المتمثلة في جاهلية المجتمع، والحاكمية لله، وتوصل إلى ثالثة الأثافي بإعلان الجهاد لفرض حاكمية الله على الفرد والمجتمع.
وتبدو لنا أن الثلاثية خلقت اغتراباً نفسياً بين الداعية والمجتمع ضمن قيم مثلية تكرس نخبوية المؤمن بها، دافعة لثنائية فكرية تجعل الحياة ضمن نطاق آليتي الحق والباطل وحسب!!
ولعل ثلاثية سيد قطب – رحمه الله – كانت تدعو فيما تدعو إلى صياغة فكرة الحقيقة المطلقة عند جماعة الإخوان المسلمين والتي تحتم جهل وفساد كل المجتمع غير المؤمن بنظريته في انجراف غير منطقي ومربك للعقل.
ولسنا في صدد الغلو في تحليل موقف وسلوك المتطرف، لكننا بحاجة ماسة إلى فهم حقيقة أن الصح يمكن أن يكون أكثر من شكل وطيف، وأن الخطأ يمكن أن يكون أكثر من شيء وأن بين الصواب والخطأ درجات نسبية متفاوتة، وإننا مطالبون بالتخلي عن الثنائية الفكرية التي قد تجر الويلات على ديننا ومعتقداتنا وطريقة تفكيرنا، بل قد تمس إنسانيتنا ذات التعدد الذوقي والفكري والشعوري.
إخفاقات التنمية
يعرف الدارسون في مجال العلوم الاجتماعية ثلاث صور أساسية للعنف:
أولها: العنف المؤسسي، الذي تعبر عنه ممارسات بعض الحكومات خروجاً عن الدساتير والمواثيق والشرعية التي ارتضتها لنفسها.
وثانيها: المقاومة المسلحة.
وثالثها: العنف الهيكلي الذي ينجم عن التفاوت في توزيع الدخول والثروات وفرص الحياة أو هو نتيجة الانقسام الطبقي داخل كل مجتمع.
………………………………………….. ………………………………………….. ………………
عبدالرحمن عدس ومحي الدين طوق . علم النفس الاقصى
وحديثنا سينصب على الشكل الثالث، حيث دلت إحصائيات وتقارير التنمية العالمية أو توقعات الحياة في البلدان المتقدمة تزيد عنها في بلدان العالم الثالث بحوالي ربع قرن تقريباً. فبينما يعيش الفرد في المتوسط في البلدان المتقدمة حوالي ثلاث أرباع القرن، يعيش إنسان العالم الثالث غنيه وفقيره بمتوسط لا يتجاوز نصف القرن، وهكذا ينخفض كلما زادت الدول فقراً.
إن التفاوت الاجتماعي يترتب عليه فقر وسوء تغذية وارتفاع معدلات الوفاة مقارنة بالمواليد وتفاوت شاسع في صورة المواصلات والأنظمة والمعلومات مما يشكل عنفاً هيكلياً تتحقق آثاره بطريقة غير مباشرة.
ولا شك فإن العنف الهيكلي ينشأ نتيجة إخفاقات التنمية في المجتمعات المعاصرة، فمن ناحية الإخفاق السياسي يظهر غياب فرص التطور السياسي السلمي والديمقراطي وتطفو على السطح عسكرتارية تقود مجتمع مدني!! فلا وجود للتعددية السياسية ولا وجود لقدر من حرية التعبير، وليس هناك من تداول حقيقي للسلطة، أدى إلى حرمان القوى السياسية والاجتماعية من التعبير السياسي الشرعي وتجاهل أو قمع مطالب الأقليات فيما تسيطر التبعية للخارج جل السلوك السياسي والسلطوي، كلها تدفع إلى تجذّر التناقضات والاختلالات لتشكل نمو ظاهرة العنف.
ويلاحظ أن النظم العربية تعطي اهتماماً متزايداً لأجهزة ومؤسسات القمع والقهر والمليشيات الحزبية وأجهزة الاستخبارات إضافة إلى تضخم ميزانيات التسليح وما يصاحبه من هدر وإنفاق مالي يسحب من مخصصات مجالات التنمية السياسية والاجتماعية والتربوية الأخرى.
من ناحية أخرى تساهم علاقات التبعية والارتماء بأحضان القوى الصاعدة في وجود نظم تسلطية متدهورة الشرعية، يشكل أحد اختلالات المجتمع وتناقضاته ويخلق بيئة ملائمة لحدوث العنف السياسي.
فأحداث الشغب التي عرفتها الأقطار العربية مثل مصر 1977، وتونس 1981، 1984 والمغرب 1984، والسودان 1981، 1985، كانت نتيجة قيام حكومات هذه الأقطار برفع أسعار السلع الأساسية وتخفيض الدعم وذلك تنفيذاً لتوصيات صندوق النقد الدولي(14)!!
ومن ناحية الإخفاق الاجتماعي تتبلور فجوة عميقة نظراً للتخلف الحاد في مجالات التقنية والتطور التكنولوجي عند البلدان العربية مما تزلزل الأنماط والقيم الاجتماعية ويؤدي إلى صراع حاد بين أقطاب وشرائح كل مجتمع حول القيم الصالحة للاستمرار والقيم المسببة للتخلف.
كما تظهر فرص عدم العدالة الاجتماعية المتمثلة في تفاوت توزيع الدخول والخدمات والمرافق الأساسية كالتعليم والصحة والإسكان والكهرباء بين الحضر والريف مما يحول الأرياف إلى حزمة فقر مدقع.
فمعظم البلدان العربية والإسلامية تعيش تحت وطأة إخفاق مخططات التنمية وانتشار الفقر والبطالة وتدني مستوى المعيشة وسوء توزيع الثروة وتزايد مظاهر الاستفزاز الاجتماعي وانهيار قيمة العمل وتدني إنتاجيته وتدهور المرافق الحكومية والخدمات العامة وتكدس الأحياء العشوائية في المدن بفقراء المزارعين النازحين من القرى فضلاً عن زيادة أعداد الخريجين من المدارس والجامعات الذين لا يجدون فرص العمل، كما تمثل تيارات الغضب والعنف أحد أسبابها رد فعل نفسي للأوضاع المتردية التي تحياها المجتمعات العربية والإسلامية(15).
أما إخفاق التنمية التربوية فيظهر بجلاء انحطاط المؤسسات والنشاطات الأكاديمية والمناهج التعليمية ووسائلها حيث تتكرس أهداف التعليم على التلقين والتكرار والحفظ دون أن تخلق رجلاً مبدعاً نامي العقل مفكراً مناقشاً، إنها نظم تعليمية لا تساعد على تنمية التعبير الحر عن الرأي مما يعبد طريق تربية اتجاهات اللجوء للعنف.
ونظراً لغياب التخطيط التربوي السليم وفي ظل تفاوت المدخلات التعليمية عن مخرجاته، نشأت أزمة التعليم التي أدت إلى تهميش أعداد ضخمة من الشباب الذين لم ينالوا حظهم من التعليم أو لم ينالوا فرصهم في الحياة والعمل بعد التخرج مما لفظ التعليم أعداد لن تجد طريقها إلى الاندماج داخل دواليب الدولة والمؤسسات فاستشرت ظاهرة التبطل بين الشباب وتنامى شعور حاد بالإحباط وعدم الثقة من مجمل النظم والعمليات السياسية، وجعل هذه الفئات لقمة سائغة للانخراط في العنف.
وهناك الإخفاق التنموي الاقتصادي والمتمثل في التفاوت الطبقي والحرمان الاقتصادي لبعض فئات المجتمع وهيمنة قوى المال والأعمال على كافة مناحي النمو الاقتصادي ومراكز سلطة اتخاذ القرار وعدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية وتوزيع الثروات كلها تؤثر بصورة مباشرة في أنماط الإنتاج والاستهلاك وتخلق أزمة تنمية.
وليس من قبيل الصدف أن نشهد فشل العديد من الأنظمة العربية في إشباع الحاجات الأساسية لقطاعات كبيرة من المواطنين.
ويظهر الخلل التوزيعي الاقتصادي من مصدرين أولهما: النقص في مصادر الثورة والسلع والخدمات المادية، أي القيم المتنازع ليها بين أفراد المجتمع وهنا تبرز أهمية التنمية الاقتصادية. وثانيها: هو عدم العدالة في توزيع الثروة والأشياء ذات القيمة بين مختلف طبقات المجتمع وفئاته، نظراً لعدم كفاءة السياسات التوزيعية وانحيازها لصالح فئات دون أخرى(16).
وقد ظهرت دراسات خلصت إلى وجود علاقات طردية بين عدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية والعنف السياسي، أي كلما زادت درجة عدم المساواة زاد معدل العنف السياسي. فقد استنتج تانتر وميدلارسكي أن الحركات الثورية الناجحة خلال الفترة من عام 1955 – 1960 وقعت في مجتمعات عرفت درجة عالية من عدم المساواة في ملكية الأرض. وانتهت دراسة أخرى أجراها ميلر عام 1985 عن العلاقة بين عدم المساواة في توزيع الدخل والقهر الاجتماعي والعنف السياسي في 56 دولة خلال فترتين مختلفتين (1985 – 1967) و(1968-1977) إلى تأكيد العلاقة الطردية(17).
كما لوحظ أن أعمال العنف التي كانت إما على شكل إضرابات أو تضاهرات أو أحداث شغب التي مارستها قطاعات وشرائح من العمال والطلبة وبعض الجماعات الإسلامية وحتى بعض القوى اليسارية في فترة السبعينيات والثمانينيات كانت مرتبطة أساساً بقضية العدل الاجتماعي والاحتجاج على الفجوات الاقتصادية والاجتماعية المجحفة والمطالبة بتوزيع الثروات توزيعاً عادلاً. ومرجع هذه الأزمة أنه كلما ساءت عملية التوزيع العادل للثروات وتضخمت التناقضات الاجتماعية والاقتصادية، ساد إحباط فردي وسخط جماعي يمهد لإحداث سلسلة من بؤر توتر وصراع يهدد بالانفجار متى سنحت الفرصة.
واللافت للانتباه أن هناك علاقة تلازمية بين التنمية الاقتصادية والسياسية، فكلما تحدث تنمية اقتصادية لا بد أن يرافقها تطوير مؤسساتي وسياسي تلبية للمطالب الجديدة التي برزت في فترة الازدهار الاقتصادي وتنامي الوعي في قطاعات الجماهير والمطالبة بالحقوق السياسية. هذا الاتساق لم تستوعبه الدول العربية بشكل جيد مما كان شرارة نهوض العنف حيث اتجهت بعض القوى السياسية لممارسة بعض أشكال العنف للتأثير على سلطة القرار والضغط عليها لإحداث تطوير سياسي.
ثالثاً: غياب النقد الذاتي
يبدو أن هناك الكثير من القضايا والمعتقدات والتصورات أصبحت من المسلمات والبديهيات الغير قابلة للنقض أخذت تستشري في أدبيات الفكر المعاصر، فأضحى النقد والمصارحة من الأمور المحرمة!! ولعل من المسبقات الفكرية للمتزمتين من أصالة فكرهم وكمالها لا تتيح استيعاب إمكانية مراجعة الأصول المنهجية والفقهية ما دامت فوق الشبهات. يقول قاموس لاروس الصغير عام 1966: (إن المتزمتين هم أشخاص يرفضون إصلاح عقيدتهم لكي تتأقلم مع الظروف الجديدة). ولنا أن نتصور كيف يصبح مفهوم النقد الذاتي في ظل العقليات.
بل غاب عن الكثير من قضايا العمل الإسلامي التأصيل الشرعي وخاصة ظاهرة العنف التي تعتبر غائرة في الفهم الخاطئ للعمل الإسلامي فتجربة شكري مصطفى في مصر مثلاً أو عملية جهيمان في السعودية كانت تعتمد على منطلقات غير مؤصلة شرعياً وكلتا التجربتين لجأت للعنف سواء في البنى الفكرية أو السلوكية.
فقد كانت جماعة شكري تتبنى إطلاق الاجتهاد دون حدود، وحرية تصحيح الحديث بلا ضوابط وكان شكري يقول في إحدى التحقيقات: (أعطوني قاموساً في اللغة العربية والقرآن وصحيح البخاري ويكفي الاجتهاد). وكذلك الحال بالنسبة للاجتهاد المفتوح من غير ضوابط شرعية أدت بجهيمان لتبني فكرة المهدي وأخذ البيعة عند الكعبة وما حدث من مآسي عند الحرم(18).
رابعاً: ضيق قنوات الحوار
لا زالت الأطر الديمقراطية في مجتمعاتنا العربية هشة مما يقلص إمكانية استقرار الدولة المدنية ويفضي إلى تكريس مفاهيم أقرب للديكتاتورية والعنف. ولعل أهم وأبرز الأطر الديمقراطية فتح قنوات قانونية للتعبير عن الرأي والفكر دون التعرض لهم أو إيجاد وصاية على إبداعهم، وكلما ضاقت هذه السبل نما الشعور بالظلم وعظمت مشاعر القنوط والسخط.
………………………………………….. ………………………………………….. ………………
عبدالرحمن عدس ومحي الدين طوق . علم النفس الاقصى

وقد تنشأ تبعاً لذلك ظاهرة الفئات المهمشة اجتماعياً وسياسياً في ظل فقدان الأطر الديمقراطية المتاحة وإدماجهم في نسيج المجمع المدني وما يصاحبه استبعاد الأقليات أو الفئات المعارضة وحركات الرفض ما يكونوا مادة خامة للعمل السياسي العنيف، ألم يكن الطلبة والعمال نموذج الفئات المهمشة التي وجدت طريقها نحو العنف والشغب متى أتيحت الفرصة لذلك؟
يقول الأستاذ حافظ الشيخ: (إن مجرد العزل القسري للناس ومجود إقصائهم عن مجاري الشأن العريض العام هو في حد ذاته يخلق أفضل الظروف لنشأة التطرف وهكذا فإن التطرف يزداد مع الزمن ويشتد بفعل حالة العزل والإقصاء ومع الإمعان فيها)(20).
لقد حاربت بريطانيا الجيش الجمهوري الايرلندي بكل وسائل الأمن والجيش وأحدث المعدات الحربية الاستخباراتية والإعلامية لدرجة حجب بث أصوات ممثليهم، لكن أصوات قنابلهم ضلت تلعلع في بريطانيا حتى اضطرت الحكومة العمالية الجلوس على طاولة الحوار للتفاهم.
وإسبانيا ضلت عقوداً طويلة في حرب منهكة واستنزافية مع منظمة (إيتا) التي تطالب بانفصال إقليم الباسك (شمال غرب إسبانيا) حتى قبل الطرفان الحوار الهادئ بديلاً عن الرصاص.
إن ضيق قنوات الحوار وغياب القنوات الوسيطة أو عدم فاعليتها – وهي التي تقوم بتجميع المطالب وتوصيلها وتنظيم علاقة الحاكم والمحكوم – وعدم الاعتراف بمبدأ المعارضة السياسية وغلق كل قنوات التعبير الشرعي يكون حافزاً لتحريك العنف لدى فئات عريضة من المجتمع.
في الوقت ذاته فإن إغلاق منافذ الحوار يشكل حزمة تمنع القوى السياسية والاجتماعية من تنمية ذاتيتها الفكرية والاجتماعية بحيث تطرح بدائل عملية للإصلاح السياسي والنظم الفاسدة القائمة في المجتمع أو تقدم برامج لكيفية بناء السلطة وممارسة الحكم الصحيح وكيفية مواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتراكمة، حيث تظل منهكة في صراع وتحدي السلطة وردود الأفعال وتكتفي بإعلان المعارضة والاحتجاج والرفض للنظم السياسية القائمة.
من جهة أخرى نرى أن الكثير من دعاة العنف والتطرف والتزمت يفتقدون لمنهجية الحوار حيث لا يتيحوا لأنفسهم محاورة الآخرين في معتقداتهم وأفكارهم لما قد يسبب التشكيك بمنطلقاتهم الفكرية ويضعف ولاءهم وانتماءهم مما يدفعهم إلى الانضواء تحت مظلة العمل السري وانتهاج السبل القمعية.
إن نقد هذا الفكر من خلال الحوار يزيل اللبس ويكشف الغموض وبالتالي فإن من يقدم على تبنيه واعتناقه يكون على بينة ومن يتصدى له ويحاربه يكون أيضاً على بينة بحقيقته ودوافعه، فلا ينقاد شاب متحمس وراء فكر طائش بعد أن تسلط الأضواء عليه ويكشف حقيقته.
إن فتح قنوات الحوار أمر إيجابي في كلا الحالتين فهو يسحب دعاة التعصب من سراديب السرية ويضع أمامهم خيارات التفكير بصوت عالي من ناحية، ويضع فكر ومعتقدات التطرف تحت مطارق النقد والمصارحة والمكاشفة من ناحية أخرى.
خامساً: التعالي السلطوي
أثرنا أن نضيف هذه النقطة منفصلة عن النقاط السابقة برغم كونها لا تمس الدوافع الفكرية لنشأة العنف أو النظم الداخلية للتيارات السياسية والفكرية المختلفة، ذلك أنه من الصعب حصر التطرف في الأفراد والجماعات وتناسي القابضين على الحكم باعتبار أن التطرف والعنف هو في الغالب رد فعل. وعادة ما تكون الدولة هي المبتدئة بالعنف، فهي المؤهلة بسهولة للانزلاق إليه نظراً لضيق أفق الحاكمين وسعيهم الحثيث للحفاظ على الحكم واستغلال المكنة والقدرة التي تمنحهم الدولة في تكريس سطوتهم.
وتقصد بذلك التطرف الذي يمارسه أصحاب الدولة لإضفاء الشرعية على حكمهم بتوظيف الدين توظيفاً سياسياً عندما لا تكون ثمة شرعية سياسية، فإنهم يلجئون إلى التعالي بالسياسة لجعل حكهم يعلو على كل شرعية بشرية.
لنا في التاريخ السالف أمثلة عديدة ذات دلالة هامة في تكريس التعالي السلطوي نذكر بعضها ونحيل جلها إلى دفاتر التاريخ المليئة بحبر أسود تثير الشجون وحرقة القلوب على فداحة العبث بالدين والإسلام:
* خطب زياد بن أبيه في أهل البصرة عندما قدمها عاملاً عليها لمعاوية فقال: (أيها الناس إنا أصبحنا لكم ساسة وعنكم ذادة نسوسكم بسلطان الله الذي أعطانا ونذود عنكم بفيء الله الذي خولنا) ليعبر عن تكريس أيديولوجية الجبر في الحكم.
* وساهم الأمويون أيضاً في تكريس أيديولوجية الجبر طلباً للشرعية فأسبغوا على أنفسهم ألقاباً تجعل وجودهم من وجود الله، مثل خليفة الله في الأرض وأمين الله.. الخ. وهي الألقاب التي تنهض من قبل طبقة الشعراء والقصاص وخطباء الجمعة الرسميين، بل عمدوا إلى وضع أحاديث ترفع من شأنهم وتجعل مقامهم عند الله أسمى من مقام جميع البشر وهكذا نسبوا إلى النبي (صلّى الله عليه وآله) أنه قال: (الأمناء عند الله ثلاثة جبريل وأنا ومعاوية). كما نسبوا إليه حديثاً يقول: (اللهم علم معاوية الكتاب ومكن له في البلاد وقه العذاب). ولما توفي معاوية عمم خلفاؤه جملة ادعاءات فنسبوا إلى النبي أنه قال: (إن الله تعالى إذا استرعى عبداً رعيته كتب له الحسنات ولم يكتب له السيئات). وأنه قال أيضاً: (إن من قام بالخلافة ثلاثة أيام لم يدخل النار). وخطب هشام بن عبد الملك حين ولي الخلافة فقال: (الحمد لله الذي أنقذني من النار بهذا المقام وأحضر يزيد بن عبد الملك أربعين شيخاً شهدوا له أنه ما على الخلفاء حساب وعقاب)(21)!!
إن السلطة والدولة بحكم امتلاكها المكنة المادية والقدرة تفضي إلى أن تكون سبباً مباشراً في تكريس العنف في الأفراد والجماعات. فبالإضافة إلى الإضفاء الشرعي وخلق الهيبة والقدسية على سلوكيات السلطة فإنها تمارس سياسات دكتاتورية من شأنها زج الجماهير قسراً للعنف من مثيل التمييز وسلب الحقوق السياسية والاجتماعية والسياسات الاقتصادية الخاطئة واضطهاد وتعذيب الشعوب وقمع الهوية الثقافية والدينية لشعب أو أمة ما، مما يكون سبباً رئيسياً لنشأة الأصولية.
وعادةً ما تبدأ السلطات بممارسة العنف من خلال اتخاذ إجراءات وقائية كما يطلق عليها من مثيل حملات الاعتقال أو المحاكمات الاستثنائية، وهذا يمكن أن يخلق ردود أفعال مضادة. بل إن النظم السياسية ما برحت تفتأ تكدس مخازنها كافة الأسلحة الفتاكة والتجسسية والقمعية وتعطي اهتماماً متزايداً لأجهزة ومؤسسات القمع والقهر كالجيوش وقوات الأمن، وقوات الحرس الجمهوري والاستخبارات العسكرية والمدنية والمليشيات الميدانية وكأنها في حرب دائمة مع (الشعب) نفسه!!
يقول الباحث الفرنسي فرانسو بورجا: (إن ما يطلق عليه العنف الديني يستتر وراءه – في معظم الأحيان – العنف الذي تمارسه النظم التي تفضل أن تقدم خصومها الذين يتحدونها في صورة الشيطان، وذلك لتتجنب مواجهة نتائج الانتخابات. وعندما تغلق الأنظمة – بهذه الطريقة – أبواب الوصول إلى الساحة السياسية الشرعية أمام الإسلام السياسي فهي تدفعه إلى ممارسة هذا العنف لكي تبرر لجوءها إلى القمع لحماية كيانها)(22).
يقول الكاتب مصطفى حجازي: (ردود فعل السلطة عنيفة ومباشرة وتأخذ طابعاً مادياً. والبنية الاجتماعية التي تنتج عن هذه الوضعية جامدة متصلبة، لا تتضمن أي صمامات أمان أو أي تقنية للعدوانية التي لا بد أن تتراكم، ولذلك فإن هذه العدوانية لا بد أن تتفجر في الداخل والخارج تبعاً للظروف)(23).
والأدهى من ذلك أنها أحياناً – ومن خلال أجهزتها وعناصرها الاستخبارية تتسلل داخل القوى الوطنية والمعارضة لتدفع تلك القوى نحو ممارسة أعمال عنف وشغب وتحدي أو تشعل فتيل الفتنة بين عناصرها أو تمارس نشاطاً تخريباً مرعباً تنسبه لتلك القوى، وحينها تصبح عملية ضربها وتفتيتها أمراً مبرراً وشرعياً تتبجح به أمام محطات التلفاز.
إن هناك ثمة سمات مشتركة تشترك بها أغلب النظم العربية، فهي أولاً نظم انتقالية لم تستقر بعد، أي أنه لا يوجد اتفاق عام داخل المجتمعات العربية حول شكل النظم السياسية ومضمونها. ومن ثم نظم تمر بعملية تغير وتبدل على مستوى أبنيتها التنظيمية والمؤسسية وعلى مستوى أسسها الاقتصادية والاجتماعية. وثانياً هي نظم تابعة، أي تتحكم في إطار التبعية لقوى خارجية أو ضمن فلك مصالحها. وهي ثلاثاً نظم تسلطية تقوم على احتكار السلطة فلا تسمح بتعددية سياسية حقيقية أو أطر ديمقراطية. وهي رابعاً نظم محدودة الفاعلية، إذ أنها تعثرت – بدرجات مختلفة – في إنجاز مهام ما بعد الاستقلال(24).
هذه السمات – التي شرحناها سلفاً بإفراد – تخلق مناخاً مواتياً لتفريخ العنف وتناميه في الجماهير بشكل مطّرد وخطير للغاية.
إن هناك فارقاً شاسعاً بين عنف الضحية وعنف الجلاد، فبرغم نقدنا لعنف الضحية سواءً كانت حركة أو مجموعة أو كتلة عمالية أو مهنية، فإن عنف الجلاد يشكل انتهاكاً صارخاً يتضمن ممارسات وحشية لا تقل قسوة عن أزمنة العصور الوسطى إن لم تتجاوزها تفنناً وتقنيةً وبشاعةً.
والمفارقة الهامة في البحث أن للبشر حاجات أساسية ونفسية تساهم بشكل مباشر في صياغة حياته وشخصيته والحفاظ على كيانه وكلما انتهكت هذه الحاجيات أدى إلى الانتقاص من آدميته وأضرت بحقوقه وأصبحت الفرصة مهيأة لانتحاء الأشخاص نحو ممارسة سبل أقرب للعنف وهذه الحاجيات هي المرتبطة بالقيم التالية:
1- نبذ كافة أشكال العنف والحاجة للأمن.
2- الرخاء الاقتصادي.
3- التوازن البيئي.
4- العدل الاجتماعي.
5- المشاركة.
6- التسامح.
ومتى ما أُخليت هذه القيم في مجتمع ما، كان عرضة لبروز التعصب وسيادة منطق القوة!! وتبدو أن السلطة هي الأقرب لانتهاك هذه القيم لسطوتها على مكنونات السلطة وقدرتها على توفير حاجيات الناس العامة.
ولمعالجة ظاهرة التطرف والعنف هناك ثمة أولويات لا بد العمل عليها:
1- تكريس الأصول المعرفية بمفاهيم الحرية والتعددية والانفتاح ولفت نظر المتطرفين بها.
2- ممارسة النقد الذاتي للتكيف مع روح العصر وملاحقة العلل والمثالب.
3- فتح حوار مع المتطرفين والتعاون معهم في المجالات السياسية والاجتماعية والدينية كسبيل لوقف تماهي التطرف فيهم.
آلخــــــــآتمـــــــــــــه :-
ظاهرة العنف ليست ظاهرة حديثة وليدة العولمة وإنما يعود تاريخها إلى المجتمع الإنساني الأول… من حكاية قابيل مع أخيه هابيل. ومنذ ذلك اليوم وحتى يومنا هذا شهدت البشرية أصنافاً لا تحصى كمَّاً وكيفاً من مظاهر القسوة والبربرية.. و العنف.. التي سببت سلسلة من الكوارث المأساوية المتعاقبة؛ لأن العنف لا يولِّد إلا العنف.
وهذه الظاهرة الخطيرة تتنافى والفطرة السليمة وطبيعة التكوين البشري كما تتنافى وروح التعاليم الإلهية والشريعة الإسلامية، فهناك العشرات من النصوص القرآنية، وهناك السنة النبوية الشريفة وسيرة أهل البيت (ع)، كلها تثبت بوضوح أن الأصل في الحياة وفي معاملة الإنسان مع أخيه الإنسان، هو مبدأ السلم والعفو والتسامح، أما القسوة والعنف فهو الاستثناء والذي لا يلجأ إليه إلا العاجزون عن التعبير بالوسائل الطبيعية السلمية. من جهة عدم ثقة الفرد أو الجماعة بقوة أو صحة أفكارهم وقناعاتهم فيعمدون إلى فرضها على الآخرين بالقهر والإكراه.
إن الإسلام يرفض جميع أشكال العنف والإرهاب ويدعو إلى السلام والرفق واللين والإخاء كما يتجلى ذلك في قوله تعالى: (وقولوا للناس حسناً) (1) –(أدعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) (2) – (وإن تعفوا أقرب للتقوى) (3) ويقول النبي (ص): (تعافوا تسقط الضغائن بينكم) (4) ويقول(ص): (العفو أحق ما عمل به) (5) وعن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) قال: (شر الناس مضن لا يعفو عن الزلة، ولا يستر العورة) (6) ويقول(ع): (بالعفو تستنزل الرحمة) (7) وعنه (ع): (اخلط الشدة بالرفق وأرفق ما كان الرفق أوفق) (8).
ولقد قدم النبي (ص) وأهل بيته (ع) دروساً عملية في العفو والتعامل الحسن والتسامح، حتى مع الأعداء، وقد تجلَّى ذلك في موقف النبي (ص) من الكفار والمشركين حين فتح مكة، قائلاً (ص) لهم: (اذهبوا أنتم الطلقاء) وعلى الرغم مما تسبَّب به أعداء النبي (ص) من الأذى إلا أنه (ص) يكرّر دعاءه لهم بالقول: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون).
ولا يخفى على القارئ الكريم أن ظاهرة العنف لا تختص بمجموعة معينة في المجتمع دون أخرى، فكلٌّ من الرجل والمرأة والطفل معرَّضون لشتى مظاهر العنف، فالحروب المدمرة التي يسجل لنا التاريخ أرقاماً خيالية من ضحاياها والنزاعات الدموية المنتشرة اليوم في مختلف بقاع العالم.. إنما يذهب ضحيتها عدد كبير من الرجال والنساء والأطفال ويلقى الجميع نصيبهم من القتل والأسر والسجن والتعذيب والتشريد والتطهير العرقي.. من دون تمييز بين رجل أو امرأة أو طفل، وما يجري يومياً في فلسطين والعراق وأفغانستان و… خير شاهدٍ على ما نقول.
آلمــــــــــرآآجــــع :-
1- (إبراهيم، د. حسنين توفيق ظاهرة العنف السياسي في النظم العربية – مركز دراسات الوحدة العربية 1992).
2- (المصدر السابق).
3- جارودي، روجيه: الحركات الأصولية بين التزمت والاعتدال.
4- (صحيفة الوطن الكويتية 12/2/1992).
5- (ظاهرة العنف والتطرف، مدونة التنمية مايو 1996).
6- (الرميحي، د. محمد مجلة العربي العدد 332 سبتمبر 1995).

والسموووووووحه

دعـــــولي انزين هب تدعووووون عليه

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده