النصيحة ان كانت دينية ، او دنيوية ، او نفسية ..فهي هدية غالية …
تقدم لنا او نقدمها لغيرنا ، دافعها الحب والمودة وارادة الخير، فهي إحسان إلى من تنصحه، بصورة الرحمة له، والشفقة عليه، وهو إحسان محض يصدر عن رحمة ورقة، ومراد الناصح بها: وجه الله ورضاه، والإحسان إلى خلقه.
الانسان بفطرته مخلوق اجتماعي ، يميل بطبعه الى الانضمام للآخرين ومشاركتهم الحياة.وقد قام الاسلام بتنظيم حياة الفرد مع نفسه ، ومع عائلته، و اقربائه ، واصحابه ، وعامة الناس من خلال الروابط الايمانية القوية.
والنصيحة هي لب قيام العلاقات الاجتماعية الحميمية.
ومعنى النصيحة في اللغة يأتي من الاخلاص والذي هو لب الاعمال كلها .يقال : نصح العسل ،أي قام بتخليصه مما يرافقه من شوائب.
والنصيحة هي حق المؤمن على المؤمن ، ويجب ان لا ترجو من النصيحة الرياء او السمعة او الشهرة او الانتقاص من الناس وتجريحهم.
صحيح ان كلمة منا …… قد لا تغير وجه الحقيقة ، وصحيح ان الحياة قد لا تنتظر موقف احد منا لتنضبط احوالها ……… !
الا ان الدعوة هي امر الهي ، فلا يجب ان نرى الفاحشة والمعاصي والاخطاء تنتشر بين الناس ونتخذ موقفا سلبيا من ذلك.*
في ابسط الامثلة :قد تكون الشوارع المحيطة بسكني غير نظيفة تنتشر القاذورات في كل مكانقد يكون في مكان عملي سرقات كثيرة وغش وخداع… قد أرى شخصا يصف سيارته بطريقة خاطئة فيعطل سبيل المرور……….. فما هو موقفي من كل ذلك …؟؟
يجب ان اتدخل……….صحيح ، هذا واجب علي ……….ولكن المهم هو كيفية تدخلي.
يجب على الناصح ان يكون عاملا بما ينصح به غيره ، حتى لا يكون ممن يأمرون الناس بالبر وينسون انفسهم ،
ويجب ان يكون عالما ايضا……………:قبل ان تدعو احدهم وتوبخه على ترك الصلاة ، المفروض بك ان تدله على الله اولا .ان تشرح له علاقته بالخالق عن طريق التفكر ، وعن طريق الذكر .يجب ان تبين له إعجاز القرآن العلمي ، و إعجازه البلاغي ، و إعجازه البياني ، وإعجازه التشريعي ، و إعجازه الغيبي ، و دقة نظمه ، و روعة آياته*يجب ان تشرح له عظمة هذا النبي ، وأن هذا النبي أسوة لنا حسنة ، وانه مشعل أمامنا يضيء لنا الطريق ، ورحمته بنا من انفسنا ، وحبه لنا ، وانه يجب علينا الاهتداء بهديه والنصر لسنته .ولعل اكثر ما يثير حنقي واستغرابي !!!هو ان رفع العصاة لرايات فجورهم وعصيانهم ومباهاتهم وافتخارهم بالمعاصي ،*يقابله رفع بعض الدعاة لرايات البذاءة والغلظ في القول.
فهناك من يصف العاصين بأسوأ الالفاظ واقربها الى القول الفاحش ، ومرد ذلك الى الكراهية والمقت الشديد ، والرغبة في نقل وسرد فضائح الاخرين! فهل نقل هذه الفضائح… حد من المشكلة !
فتنقلب الامور ويصبح الامر بالمعروف والنهي عن المنكر…. هو خوض في اعراض الناس ، وتأنيب وتعيير واهانة وذم وشتم ……….. بصورة النصح الامين !!مما يجعل موقف الدعاة مكروها من قبل عامة الناس ،*
ان الدعوة الى سبيل الله تكون بالحكمة والموعظة الحسنة ، ويقابلها اللين والادب الجم والتواضع واللطف في القول .
فالاهواء البشرية غريزة عند الانسان ، وكلنا أخطاء ،ويجب ان نعترف بحقيقة اننا البشر لسنا معصومين عن الخطأ ، لنصحح موقفنا………….ونصل الى المقصود من اسداء النصيحة … من ارشاد الضال وهداية الشارد وتذكير الغافل.
فمحبة الخير للمسلمين ، تكون في دفع الأذى والمكروه عنهم، وإيثار فقيرهم ، وتعليم جاهلهم ، ورد من زاغ منهم عن الحق في قول أو عمل ، والتلطف في ردهم إلى الحق، والرفق بهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر…………. ومحبة إزالة فسادهم.
وأكثر ما يظهر مفهوم النصيحة هو مظهر من مظاهر التعامل والاحتكاك بالاخرين وهو البيع و الشراء ، فحتى وان عاد ذلك عليك بخسارة دنيوية في البيع ، ولكن يجب ان تلتزم بحسن النصح للناس ، فسوف تجد ان الله تعالى يغنيك عن الناس ويحفظك فلا تعرض نفسك للهلاك،لان المال الذي تأخذه من غير وجه ، هو مال حرام .
إن من الحكمة والبصيرة في النصيحة، معرفة مشكلات الناس ومشاعرهم ، والترفق في النصح واستخدام الاسلوب المتزن البعيد عن الانفعالات ، وذلك باستخدام الكلم الطيب والوجه البشوش والصدر الرحب ، فهو أوقع في النفس وأدعى للقبول وأعظم للأجر عند الله .
كما قالوا ……
تعمدني النصيحة في انفراديوجنبني النصيحة في الجماعه*فان النصح بين الناس نوع*من التوبيخ لا ارض استماعه*فان خالفتني وعصيت امريفلا تجزع اذا لم تعط طاعه*
ومن رأيي لا فرق ان تكون النصيحة على انفراد او امام الجماعة فالاهم هو الاسلوب
ومن الضروري ان يتحلى الناصح بالحلم بعد النصح لانه قد يتعرض لمن يرد نصيحته
والحلم هو الصبر على الاذى مع الاحتفاظ بالحياء وعدم البذاءة ، وتحمل اذى المنصوح ولومه
اما اذا لم يأخذ المنصوح بنصيحتنا… فلا يجب ان نكرهه ونزدريه وننبذه وكأنه مصاب بمرض معد….. وإنما يجب ان لا ننيأس… وأن نتابع النصح..
فكثرة الطرق تلين الحديد!…….. وحتى نلين الحديد يجب ان نستعمل الاسلوب الصحيح في الطرق ، حتى لا نحطم انسانية الشخص ومشاعره!
فإذا فكرت ان تتطوع بالنصح…..
فكن متواضعا……
وانزل من برجك العاجي……!
واقترب من أخيك وافهم مشاعره……
وربت على كتفه وابتسم في وجهه……..
فالطبيب المعالج ….
يشفق على مريضه……
ويتحمل شراسته وعنفه……
ويتلطف في ايصال الدواء اليه……
لو سمحتوا بغيت حل درس
يوميات الحج ( 1)
صفحه 95 و96 و97
ضرورررررررررررررري
* هو التشدد و العنف في أخذ الأمور وعدم قبول الرأي المخالف حتى و إن كان صائبا
* التعصب للقوم أو الجماعة – مذهب او فكر
* عدم النظر إلى الأمور بحيادية و موضوعية و عدم قبول الرأي المخالف – نصرة الانسان لقومه
ص118 (ناقش أسباب التعصب السابقة مع مجموعتك ثم ضع حلولا مناسبة لعلاجها
* إن التعصب و العصبية من شيم الجاهلية فالله سبحانه و تعالى خلقنا و جعلنا مختلفين في الشكل و الرأي و التفكير و الاعتقاد و يجب معالجة التكبر و الغرور بأن نعلم أن الله المتكبر الجبار قبل ذلك الاختلاف من خلقه في الدنيا فيجب أن نتقبل هذا الاختلاف و نبتعد عن هوى النفس و نبتعد عن الانقياد لأفكار فئة أخرى من الناس و أن نتعلم العلم الشرعي و نعرف أحكامها و نتلقاها عن طريق علماء معتدلين ليسوا متعصبين
ص118+ص119 ( اقرأ و ألاحظ موقف الإسلام من التعصب )
1- يجعل المسلم يتعايش سلميا مع من يخالفه دينا أو فكر أو اعتقاد و يحترم حريتهم التي أعطاها لهم و حقهم في اختيار دينهم و معتقداتهم
2- تزداد الروابط بين أفراد المجتمع و يزداد التعاون بينهم فتتطور المجتمعات و يزداد الإعمار في الأرض
3- إن التعصب بجميع أنواعه يشجع أو يزيد من التعاون على الاثم و العدوان
4- سوف يزول الحقد و الكراهية و بالتالي تقل حدة العصبية بأنواعها في مجتمعاتنا و بالتالي تزيد الروابط بين الناس جميعا
5- إنكار حقوق الآخرين و بالتالي زيادة الحقد و الظلم بين الناس xو ابتعاد غير المسلمين نتيجة للإحساس بالظلم
ص119+ص120( اقرأ و استنتج )
# ما التعصب الي نهى عنه الرسول (صلى الله عليه وسلم )؟
* التعصب للقبيلة أو القوم أو العائلة
# ما المقصود بالغلو في الدين ؟
* هي تجاوز الحد بزيادة أو نقصان على ما حدده و قرره الدين
#ما خطورة اللغو على المسلم ؟
* انه من الممكن ان ينتهي بصاحبه إلى الضلال و التطرف و التحجر و الجمود
ص122 ( النشاط الأول )
*عصبية قبلية أو عائلية
* تعصب للرأي و عدم احترام الرأي الآخر
ص122 + ص 123 ( النشاط الثاني )
1- * أن يدرك هذا الانسان انه في حاجة للآخرين مهما علا شأنه و ان يعلم انه فوق كل ذي علم عليم
* ان نعود إلى كتاب الله و سنة رسوله و الذي لايميز بين الناس على اساس اللون أو العرق (كلكم لآدم و آدم من تراب )
* يجب تقبل الرأي المخالف و الايمان بأن الله خلق البشر مختلفين و تركهم احرار يختارون ما يعتقدون
2- * ان هذا ليس تطرف و لكنه التزام بتعاليم الإسلام لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
* إن الإسلام يدعونا بضرورة المحاورة مع الغير المخالف في الرأي أو العقيدة مع الحفاظ على أدب التعامل معه
* انه شاب تبقى الله و يعرف لنفسه قدرها و يخاف على نفسه و دينه لأنه ليس اهم من الإسلام في حياة المسلم
ص123+ص124 ( النشاط الثالث )
* مقياس التفاضل بين الناس لا يكون بقومهم و لكن باعمل الصالح و ان مثل ذلك الرجل يجعل من كل أجنبي بنفر أو يخاف من التقرب للمسلمين و بالتالي لن يعرف الإسلام
* الظلم ظلمات يوم القيامة و الإسلام يأمره بأن يأمر بالعدل بين الناس و إن مثل ذلك سيجعل الظلم و الحقد و الكره يسود و يزداد بين الناس
* إن التعصب للقبيلة أمر مذموم لأن الإسلام جاء لإزالة جميع أشكال التعصب و يجب ان يدافع عن دينه دون غلو أو عصبية زائدة
* إن هذا خطأ يقع فيه كثير من الآباء فقد قال رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) : "إذا جاءكم من ترضون دينه و خلقه فزوجوه " و ان لم يفعل ذلك فسوف يكون فتنة و ضلال كبير
* إن الله سبحانه و تعالى حفظ للإنسان كرامته و ترك له حرية الاعتقاد و لقد امرنا رسول الله (صلى الله عليه و سلم ) بالإحسان إلى الجار حتى إن كان على غير دين و ان مثل ذلك العمل ينفر الناس من الإسلام
ص124 (النشاط الرابع)
التسامح : 1- التعقل وعدم التسرع في إصدار الأحكام
2- التواصل مع الآخرين رغم مخالفتهم في العقيدة
3- الانفتاح و الوسطية في التعامل مع الآخر
4- المساواة
5- العدل
التعصب : 1- الانغلاق الفكري و ضيق الأفق
2- رفض الرأي الآخر و ان كان على حق
3- تقديس البشر
4- الانتصار للذات
5- استخدام القوة
بالتوفيق=)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
في المرفقات
م/ن
بالتوفيق ,
السلام عليكم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف المرسلين أما بعد فقد وجه إلي مركز البحوث والدراسات بوزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة قطر الدعوة للمشاركة بالرأي في عرض وحل إشكالية ملحة في عالمنا الآن , فلبيت الدعوة واخترت لهذه الورقة المحور الرابع :
( البعد الفقهي للعنف والفقه المطلوب )
ولما كان موضوع هذا المحور واسعا اخترت منه الكتابة في التعصب المذهبي والتحزب الطائفي والعنصري وأثر ذلك في إذكاء العنف واخترت حلولا عملية لإبعاد هذا التعصب والتخلص منه أو تخفيفه إلى حد كبير , ولا أخفي صعوبة الكتابة في هذا الموضوع فأطرافه متناثرة وفي الوقت نفسه متشابكة :
وقبل أن أبدأ الكتابة أنبه إلى أني لا أكتب لإرضاء أحد ولا لإغضابه , ولكن بتوجيه من إحساسي بمسئوليتي عن تبيين ما أراه في هذه المسألة , فأقول والله المستعان وعليه التكلان .
التعصب المذهبي والطائفي والعنصري
إن للتعصب بكل أنواعه دوراً كبيراً في إيجاد ظاهرة العنف والتطرف , قال صلى الله عليه وسلم : "حبك الشيء يعمي ويصم " رواه أبو داود , ولذلك عمل الإسلام على علاج هذه الظاهرة , وأمر المسلم بالوقوف مع الحق أينما كان حتى يسود المجتمع المسلم الوئام والعدل والإحسان .
قد تطلب المنهج أن تكون هذه الورقة في مقدمة وأربعة مباحث.
المقدمة وفيها تعريف للتعصب .
المبحث الأول في التعصب العنصري وآثاره وموقف الإسلام منه
المبحث الثاني في التعصب الطائفي وآثاره وموقف الإسلام منه
المبحث الثالث في التعصب المذهبي وآثاره وموقف الإسلام منه
المبحث الرابع في طرح أفكار لعلاج هذا التعصب .
المقدمة
التعصب لغة , قال ابن فارس : العين والصاء والباء أصل صحيح واحد يدل على ربط شيء بشيء مستطيلاً أو مستديراً [1].
وفي اللسان : انعصب : اشتد , وعصبه : طواه , والعصابة : العمامة , وكل ما يعصب به الرأس . والعصبة والعصابة : جماعة ما بين العشرين إلى الأربعين.
وقد تعصبوا عليهم إذا تجمعوا , فإذا تجمعوا على فريق آخر قيل : تعصبوا , والعصبي من يعين قومه على الظلم .
والعصبة : الأقارب من جهة الأب ؛ لأنهم يعصبونه أي يحيطون به , والتعصب: المحاماة والمدافعة , وتعصبنا له ومعه : نصرناه [2].
واصطلاحاً : لا يتعدى معناه اللغوي فهو يدور حول الشدة والمحاماة والنصرة , أو هو الانحياز إلى من يحبه أو يؤمن بمبادئه أو بني جنسه , كان على خطأ أو صواب , ونبذ المخالف بقوة وعنف , وتخطئته وعدم اتباعه , ولو كان على صواب واضح . فربما انحصر هذا الميل على المؤالف ونبذ المخالف بالأقوال , وربما امتد إلى أقصاه فتحول إلى طرد المخالف أو قتله آخر الأمر .
المبحث الأول
التعصب العنصري وآثاره وموقف الإسلام منه
ترتكز علاقات الناس بعضهم ببعض على وحدة الأرض التي يعيشون عليها أو وحدة لغة يتفاهمون بها , أو مصالح يجتمعون عليها , أو عنصر وجنس ينحدرون منه .وتشكل هذه الرابطة في الغالب مصدر اتفاق وتناصر بين هؤلاء , ولو أدى ذلك إلى ظلم الغير , فالظلم على رأي هؤلاء ليس الذي يقع ممن تشترك معه في إحدى المقومات السابقة , وإنما يسمى ظلما إذا وقع من غيرهم .
والذي يهمنا في هذا المبحث التعصب الذي ينشأ عن الرابطة الجنسية أو العنصرية , أو بتعبير آخر ( التعصب العنصري ) .
عرفت كثير من الشعوب قبل الإسلام وبعده هذا النوع من التعصب الذي ينحاز فيه الإنسان انحيازاً كاملاً إلى عنصره مظلوماً أو ظالما , وقد عرفه العرب في جاهليتهم , وهذا التعصب قد يتسع حتى يجعل الإنسان ينتصر لقبيلته جميعها من قبيلة أخرى , أو قل من عنصر آخر – ولو كان يجتمع معه نسبا على بعد – ويضيق أحيانا حتى لا يعرف الإنسان فيه إلا نفسه وأسرته .
ولعل أحسن قانون يمثل هذا النوع الأخير جواب أعرابي في الجاهلية عندما سئل : ما هو العدل في نظرك ؟ فأجاب : العدل أن أغير على جاري فأسلب منه ماله , فقيل له : وما الظلم في نظرك ؟ فقال : الظلم أن يغير عليَّ جاري فيسترد مني ماله [3].
هذا هو القانون وهذا هو المعيار الذي يوزن به العدل والظلم في جاهلية العرب, وهو نفسه الذي توزن به هاتان القيمان في جاهلية اليوم , ولا أحسبني بحاجة إلى التدليل على ذلك .
هذا التعصب العنصري كان سائداً عند العرب , حتى إنه يضطرهم إلى التحالف أفراداً وجماعات , وترتب عليه أن ساد الظلم في المجتمع حتى إن شاعرهم يسجل ذلك تعبيراً عن الروح السائدة في المجتمع الذي يعيش فيه إذ يقول :
جريء متى يظلم يعاقب بظلمه سريعا وإلا يبد بالظلم يظلم[4]
ولا نشك أن وحدة اللغة رباط مهم بين الشعوب وكذلك وحدة المولد والمنشأ والجنس , ووحدة المصالح المشتركة , ولعل أقواها عند التجربة العنصر والجنس, ومع ذلك نجد هذه العوامل زائفة[5] , لا تصمد عند الامتحان ؛ لأن المصالح تتغلب على البقية , والمصالح تتضارب وتتعارض , فعند نقطة ما تجد التفكير في المصلحة الشخصية أو الأسرية أو على الأكثر القبلية أو ما يشابهها عند الذين اندثرت أو كادت تندثر أنسابهم . لهذا نجد الشعوب التي بنت سلوكها وتعاملها مع الآخرين على هذا الأساس , أعني النظر إلى العنصر والجنس , تنظر إلى غيرها نظرة احتقار وامتهان ؛ لأنها تشاهدهم من علو ملاحظة الفرق بينها وبين الآخرين, فهم السادة والآخرون العبيد , وهم الأغنياء يتصرفون في كنوز الأرض, والآخرون فقراء وخدم , وهم – وحدهم – لهم الحق في حياة رغدة ناعمة , والآخرون لا يستحقون ذلك .
قلت هذا التعصب كان سائدا عند العرب كما كان سائدا عند أمم أخرى كانت موجودة في ذلك الوقت , وهو موجود في عالمنا اليوم , ولو أنه يغطى بأغطية – في أغلب الأحيان – لا تحجبه كثيراً .
ومن الأمثلة الواقعية اليوم على التعصب للدم والجنس والعنصر ما نراه عند اليهود الذي احتلوا فلسطين وطردوا أهلها , فهم يدعون أنهم شعب الله المختار , وأن غيرهم ( الجويم ) أي الأمميون الذين لا يجب أن تكون لهم كرامة , وإنما يعاملون معاملة البهائم .
أما أثر هذا الاعتقاد وهذه النظرة فواضح للعيان , فتقتيل الفلسطينيين وطردهم من أرضهم حق لليهود ؛ لأن الفلسطينيين يمثلون خطراً على اليهود , وبما أنهم من ( الجويم ) فهم لا حق لهم في أرض ولا في مال ولا استقلال , وتقتيل رجالهم ونسائهم وأطفالهم مباح لا حرج فيه .
أما قتل يهودي من قبل الفلسطيني – ولو دخل عليه الأول داره بالسلاح – فهو عين الظلم .
موقف الإسلام من التعصب العنصري :
لما بعث الله خاتم الأنبياء والمرسلين – صلى الله عليه وسلم – كان العرب – كما وصفنا سابقا يتصفون بالعنصرية , فكل قبيلة تعتقد أنها أفضل من غيرها , بل أحيانا كل بطن منها يعتقد أنه أعلى وأسمى من غيره من البطون ,وعلى ذلك ساروا في حياتهم , وفي حربهم وسلمهم وثاراتهم .
جاء الإسلام فألغى هذه النعرات , وأوقف هذه النظرات ( يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) الحجرات / 12 .
فلا يصح – حسب الإسلام –أن يكون ما يظهر من اختلاف الشعوب والقبائل والأجناس سببا للتباغض والتناحر , وإنما يجب أن يكون وسيلة للتعارف والتعاون.
أما الأرض فهي لله يعمرها الإنسان بالخير يورثها الله من يشاء , فلا يجوز أن تتخذ معبوداً , قال تعالى : ( ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض ) الحج / 65.
ولا يصح في الإسلام التفاخر بالنسب , قال تعالى ( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين ) التوبة / 24 .
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله لا أغني عنكم من الله شيئا , ويا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئا , يا عباس بن عبد المطلب ما أغني عنك من الله شيئا , يا فاطمة بنت محمد : سليني ما شئت من مالي , لا أغني عنك من الله شيئا ) متفق عليه .
وقال – عليه الصلاة والسلام – : ( ليس منا من دعا إلى عصبية ) رواه أبو داود , وقد وصف – صلى الله عليه وسلم – العصبية الجاهلية منفراً منها بقوله : ( دعوها فإنها منتنة ) رواه مسلم . وفي صحيح البخاري : ( دعوها فإنها خبيثة ) وذلك في الواقعة التي وقعت في غزوة المريسيع بين مهاجري وأنصاري , فأدت إلى أن نادى كل رجل قومه للنصرة .
وإذا أدخلنا في التعصب العنصري التمييز بين الألوان البشرية , وبين الذكور والإناث فإننا نجد هذا التمييز يتبع ما تحدثنا عنه آنفا من التمييز المبني على الجنس, وقد كان هذا النوع من التعصب موجودا في العرب قبل الإسلام , وعند غيرهم كذلك , , بل لا يزال موجودا إلى يومنا هذا في كثير من البلدان , فما زالت بعض المطاعم في بعض الدول حكراً على لون معين , ممنوع منها الألوان الأخرى .
أما في الإسلام فلا وجود لهذا التمييز والتعصب اللوني ؛ إذ لا قيمة لهذه الفروق في نظرة الإسلام , ولم يكن هذا الموقف الذي يسوى فيه جميع الألوان مجرد نظر , بل إن ذلك طبق عمليا في الحضارة الإسلامية , فموضع بلال بين الصحابة معروف في السيرة النبوية .
ففي المسجد يلتقي الأبيض والأسود وفي الحج تلتقي الألوان على صعيد واحد دون شعور بالاستعلاء أو الفروق , وهذا أسامة بن زيد بن حارثة يجعله الرسول – صلى الله عليه وسلم – قائداً للجيش – وهو أسود – غير أن الجيش لا يخرج , إذ قد حدثت وفاة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أثناء ذلك , فأنفذه أبو بكر .
وهذا وفد عمرو بن العاص إلى المقوقس ليفاوضه برئاسة عبادة بن الصامت – وكان أسود – فلما وصلوا إلى المقوقس تقدمهم عبادة , فهابه المقوقس لسواده , فقال لهم : نحوا عني هذا الأسود وقدموا غيره يكلمني , فقال جميع رجال الوفد : إن هذا الأسود أفضلنا رأياً وعلماً , وهو خيرنا والمقدم علينا , وإنما نرجع جميعا إلى رأيه , وقد أمَّره الأمير دوننا , ولما أنكر المقوقس ذلك , شرحوا له أن السواد غير منكر فيهم[6] .
وما نراه اليوم من استعمال للمرأة في شتى المجالات المهينة تحت شعار الحرية ما هو إلا ضرب من ضروب هذا التعصب وإن زينوه لها بمصطلحات فارغة مدروسة عميت على كثير من النساء , وفطن لها بعضهن . كل ذلك تناوله الإسلام كتابا وسنة , فلم يجعل للون ولا للجنس فضلاً , بل الفضل كله يرجع للتقوى واتباع أوامر الخالق الذي لم يلد ولم يولد ولم تكن له صاحبة ولا قريب .
ولا بد أن نبين ما قد يخطر بالبال من الفروق بين الذكور والإناث في بعض المجالات في الإسلام فنقول : إن هذه الفروق تتبع الفروق في الخلقة الجسمية فليس هذا من قبل التمييز التعصبي , فلا يمكن أن يكلف الرجل بالإنجاب والإرضاع مثلا , ولا أن تكلف المرأة بالوظائف التي خلق لها الرجل .
إثارة هذا التعصب لدى المسلمين :
يعمل أعداء الإسلام على إثارة النعرات العنصرية من قومية ووطنية وغيرها في المسلمين حتى يبعدوهم عن دينهم , وقد وضعوا لذلك استرتيجيات مدروسة كانت نتيجتها تشتت المسلمين في دويلات يتحكم فيها أعداء الإسلام , وأشربوهم هذا التعصب حتى أصبح المسلم الذي يذبح أخوه على مقربة منه لا تتحرك له شعرة , بعد أن كان متصفا بما وصفه به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ) رواه مسلم .
( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه … ) متفق عليه .
________
* نشره مركز البحوث والدراسات التابع لوزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة قطر تحت عنوان ظاهرة التطرف والعنف من مواجهة الآثار إلى دراسة الأسباب ، الطبعة الأولى المحرم 1443 هـ كانون الثاني ( يناير ) 2022 م
[1] – ابن فارس : معجم مقاييس اللغة 4 / 336 ( عصب ) .
[2] – ابن منظور : لسان العرب 4 / 2964 – 2966 مادة ( عصب ) .
[3] – نصر فريد واصل : التفجيرات والتهديدات التي تواجه الآمنين بحث قدم للدورة 17 للمجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي المنعقد في مكة المكرمة 1443 هـ 2022 م ص 20 .
[4] – القائل زهير ابن أبي سلمى في معلقته .تنظر جمهرة أشعار العرب لأبي زيد القرشي ص 109 .
[5] – عبد الكريم عثمان : معالم الثقافة الإسلامية ص 137 .
[6] – مصطفى السباعي : من روائع حضارتنا ص 64 – 65 .
بالتوفيق
=)