أحد كبار الجغرافيين في التاريخ ومؤسسين علم الجغرافيا، كما أنه كتب في التاريخ ، والأدب ، والشعر ، والنبات ودرس الفلسفة ، والطب ، والنجوم ،في قرطبة.
ولد في مدينة سبتة في المغرب عام 493 هـ (1100 ميلادية) و مات عام 560 هـ (1166م) . تعلم في البيلق و طاف البلاد فزار الحجاز و مصر . وصل سواحل فرنسا و إنكلترا . سافر إلى القسطنطينية وسواحل آسيا الصغرى . عاش فترة في صقلية ونزل فيها ضيفا على ملكها روجر الثاني ، تركها في أواخر أيامه ، ليعود إلى بلدته سبتة حيث توفي .
استخدمت مصوراته و خرائطه في سائر كشوف عصر النهضة الأوربية . حيث لجأ إلى تحديد اتجاهات الأنهار والمرتفعات والبحيرات ، وضمنها أيضًا معلومات عن المدن الرئيسية بالإضافة إلى حدود الدول.
اختار الإدريسي الانتقال إلى صقلية بعد سقوط الحكومة الإسلامية ، لأن الملك النورماني في ذلك الوقت "روجر الثاني" كان محباً للمعرفة . شرح الإدريسي لروجر موقع الأرض في الفضاء مستخدمًا في ذلك البيضة لتمثيل الأرض ، شبه الإدريسي الأرض بصفار البيضة المحاط ببياضها تماما كما تهيم الأرض في السماء محاطة بالمجرَّات .
أمر الملك الصقلي روجر الثاني له بالمال لينقش عمله خارطة العالم والمعروف باسم " لوح الترسيم " على دائرة من الفضة. في إحدى المرات قدم وصفًا عن وضع السودان ، وعن حالة مدن مثل " المواقع بدقة متناهية تماماً ، كما هي على أرض الواقع ، مع أنها كانت فقط من خلال الاستماع إلى بعض القصص والكلمات . استخدم الإدريسي خطوط العرض أو الخطوط الأفقية على الخريطة والكرة الأرضية التي صنعها ، استخدمت خطوط الطول من قبله إلا أن الإدريسي أعاد تدقيقها لشرح اختلاف الفصول بين الدول . دُمِّرت تلك الكرة خلال اضطرابات مدنية في صقلية بعد وفاة الملك " روجر الثاني " .
حدد الادريسي مصدر نهر النيل ، ففي موقع معين وضع نقطة تقاطع نهر النيل تحت خط الاستواء ، وهذا هو موقعه الصحيح . قبل دخول مصر تلتقي روافد نهر النيل في الخرطوم عاصمة السودان ، يتشكَّل نهر النيل من نهرين هما النيل الأبيض والنيل الأزرق ، يجري هذان النهران عبر أراضي السودان ويلتقيان في الخرطوم التي تقع تحت خط الاستواء . إن تحديد موقع نهر النيل يُلغي نظرية بطليموس أن مصدر نهر النيل هو تلة في القمر.
مؤلفاته
ألف الإدريسي كتابه المشهور (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) والمسمى أيضاً (كتاب رجار) أو (الكتاب الرجاري) وذلك لأن الملك رجار ملك صقلية هو الذي طلب منه تأليفه كما طلب منه صنع كرة من الفضة منقوش عليها صورة الأقاليم السبعة، ويقال أن الدائرة الفضية تحطمت في ثورة كانت في صقلية، بعد الفراغ منها بمدة قصيرة، وأما الكتاب فقد غدا من أشهر الآثار الجغرافية العربية، أفاد منه الأوروبيون معلومات جمة عن بلاد المشرق، كما أفاد منه الشرقيون، فأخذ عنه الفريقان ونقلوا خرائطه، وترجموا بعض أقسامه إلى مختلف لغاتهم.
في السنة التي وضع فيها الإدريسي كتابه المعروف، توفي الملك رجار فخلفه غليام أو غليوم الأول، وظل الإدريسي على مركزه في البلاط، فألف للملك كتاباً آخر في الجغرافيا سمّاه (روض الأنس ونزهة النفس) أو (كتاب الممالك والمسالك)، لم يعرف منه إلا مختصر مخطوط موجود في مكتبة حكيم أوغلو علي باشا باسطنبول. وذكر للإدريسي كذلك كتاب في المفردات سماه (الجامع لصفات أشتات النبات)، كما ذكر له كتاب آخر بعنوان (انس المهج وروض الفرج).