دولة الإمارات العربية المتحدة
وزارة التربية و التعليم
منطقة ___________________
مدرسة ______________
تقرير بعنوان :
عمل الطالبة : _________________
سابع ___
2022 – 2022
مقدم للمعلمة : ___________
الوفود الأولى
كان من أوائل التي قدمت إلى الرسول ‘ وفد بني أسد وقالوا: أتيناك قبل أن ترسل إلينا، وحينها نزلت الآية الكريمة: {يَمُنّونَ عَليكَ أنْ أسْلَموا} وبعدها قدم في شهر ربيع الأول وفد ذي مرة وخولان، فسألهم رسول الله عن صنم لخوان فقالوا: أبشر، بدلنا الله بما جئت به. وأيضاً قدم الزاريون وهم عشرة أشخاص. وفد بني تميم كان من أوائل وأهم القبائل التي جاءت إلى الرسول ‘ وفد بني تميم، فقدم عطارد بن حاجب بن زرارة التميمي وهو من أشراف بني تميم، وقدم أيضاً الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن، فلما دخلوا نادوا رسول الله ‘ من وراء الحجرات، فآذى ذلك الرسول ‘ فخرج إليهم فقالوا: يا محمد جئناك نفاخرك فأذن لشاعرنا الزبرقان بن بدر وخطيبنا عطارد بن حاجب، فأذن لهم فقال عطارد: الحمد لله الذي له علينا الفضل الذي جعلنا ملوكاً ووهب لنا أموالاً عظاماً نفعل فيها المعروف وجعلنا أعز أهل المشرق وأكثرهم عدداً، فمن يفاخرنا فليعدد مثل عددنا، فقال الرسول ‘ لثابت بن قيس: أجب الرجل فقال: الحمد لله الذي له السماوات والأرض خَلْقُهُ، قضى فيهن أمره ووسع كرسيه علمه، ولم يكن شيءٌ قطٌّ إلا من فضله ثم كان من قدرته أن جعلنا ملوكاً، واصطفى من خير خلقه رسولاً أكرمهم نسباً وأصدقهم حديثاً وأفضلهم حسباً، فأنزل عليه كتابه وائتمنه على خلقه فكان خيرة الله تعالى من العاملين، فآمن به المهاجرون من قومه وذوي الرحمة، أكرم الناس نسباً وأحسن الناس وجوهاً وخير الناس فعالاً، ثم كان أول خلق الله استجابة لله حين دعاه، نحن فنحن أنصار الله ووزراء رسوله نقاتل الناس حتى يؤمنوا، فمن آمن بالله ورسوله منع ماله ودمه ومن كفر جاهدناه في الله أبداً، وكان قتله علينا يسيراً، والسلام عليكم. فقالوا: يا رسول الله، ائذن لشاعرنا، فأذن له، فقام الزبرقان بن بدر فقال: نحن الكرام فلا حي يعادلنا منا الملوك وفينا تنصب البيع وكم قسرنا من الأحياء كلهم عند النهاب وفضل العرب يتبع ونحن يطعم عند القحط مطعمنا من الشواء إذا لم يؤنس الفزع بما ترى الناس تأتينا سراتهم من كل أرضٍ هوياً ثم نصطنع فننحر الكوم عبطاً في أرومتنا للنازلين إذا ما أنزلوا شبعوا فلا ترانا إلى حيٍّ نفاخرهم إلا استقادوا وكاد الرأس يقتطع إنا أبينا ولن يأبى لنا أحد إنا كذلك عند الفخر نرتفع فمن يفاخرنا في ذاك يعرفنا فيرجع القول والأخبار تستمع وكان حسان بن ثابت غائباً، فدعاه الرسول ‘ ليجيب الزبرقان فأتى حسان بن ثابت فلما سمع ما قاله الزبرقان قال: إن الذوائب من فهرٍ وإخوتهم قد بينوا سنة للناس تتبع قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا يرضى بهم كل من كانت سريرته تقوى الإله وكل البر يصطنع سجية تلك منهم غير محدثة إن الخلائق فاعلم شرّها البدع إن كان في الناس سباقون بعدهم فكل سبقٍ لأدنى سبقهم تبع لا يرقع الناس ما أوهت أكفهم عند الدفاع ولا يوهون ما رقعوا إن سابقوا الناس يوماً فاز سبقهم أو وازنوا أهل مجدٍ بالندى متعوا أعفةً ذُكرت في الوحي عفتهم لا يطبعون ولا يزري بهم طمع لا يبخلون على جارٍ بفضلهم ولا يمسهم من مطمع طبع إذا نصبنا لحيٍّ لم ندبّ لهم كما يدبّ إلى الوحشية الذرع كأنهم في الوغى والموت مكتنع أسدٌ بحلية في أرساغها فدع أكرم بقومٍ رسولُ الله شيعتهم إذا تفاوتت الأهواء والشيع فإنهم أفضل الأحياء كلهم إن جد بالناس جد القول أو شمعوا فلما انتهى حسان قال الأقرع بن حابس: إن هذا الرجل لَمُؤتَّى له، خطيبهم أخطب من خطيبنا وشاعرهم أشعر من شاعرنا، ثم أسلموا. وفي هذه الحادثة نزلت الآية الكريمة: {إنّ الذينَ يُنادونَكَ من وراء الحُجُراتِ أكثرُهُم لا يعقلون}. مجيء وفد بني عامر ومعهم عامر بن الطفيل استقبل النبي ‘ وفد بني عامر وأحسن ضيافتهم، فأعجبوا بأخلاقه عليه الصلاة والسلام فأسلموا جميعاً، وأعلنوا تأييده، وبالغوا في مدحه، فعن أبي مطرف رضي الله عنه قال: انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله ‘ فقلنا: أنت سيّدنا، فقال: >السيد الله تبارك وتعالى<، قلنا: وأفضلنا فضلاً، وأعظمنا طولا، فقال لنا: >قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان<. قصة عامر بن الطفيل: كان مع ذلك الوفد عامر بن الطُّفَيل وأَرْبَد بن قيس وجبّار بن سلمى، وعندما قدم عامر بن الطفيل إلى الرسول ‘ كان يريد الغدر به فقال له قومه: يا عامر إن الناس أسلموا فأسلم، فقال عامر: والله لقد كنت آليت أن لا أنتهي حتى تتبع العرب عقبي، أفأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش، ثم قال لأربد: إذا قدمنا على الرجل فإني سأشغل عنك وجهه، فإذا فعلتُ ذلك فاعْلُهُ بالسيف! فلما قدموا إلى رسول الله ‘ قال عامر: يا محمد خالِنِي، فقال الرسول: لا والله حتى تؤمن بالله وحده. فقال عامر: يا محمد خالني، وأخذ يكلم الرسول وينتظر من أربد ما أمره به، فلم يفعل أربد شيئاً، فلما رأى عامر ذلك قال: يا محمد خالني، فقال الرسول: لا، حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له، فلما لم يقبل الرسول بأن يخاليه قال: أما والله لأملأنها عليك خيلاً ورجالاً. فلما ذهب قال الرسول ‘: اللهم اكفني عامر بن الطفيل. وعندما خرج عامر مع أربد من عند الرسول قال لأربد: ويلك يا أربد أين ما كنت ما أمرتك به؟ والله ما كان على ظهر الأرض رجلٌ هو أخوف عندي على نفسي منك، وايمُ الله لا أخافك بعد اليوم أبداً. فقال أربد: لا أبا لك لا تَعْجَل علي، والله ما هممت بالذي أمرتني به من أمره إلا أن دَخَلتَ بيني وبين الرجل حتى ما أرى غيرك، أفأضربك بالسيف؟ وبعد أن خرجوا من عند الرسول ‘ عائدين إلى قومهم بعث الله الطاعون إلى عامر بن الطفيل، فمات، فعاد أربد مع بقية الوفد إلى قومهم وقد كانوا مرتبكين فقال قومهم لأربد: ما وراءك يا أربد؟ فقال: لا شيء، والله لقد دعانا إلى عبادة شيء لوددت أنه عندي الآن فأرميه بالنبل حتى أقتله، وخرج بعد ذلك بيومٍ أو يومين ومعه جمل، فأرسل الله تعالى عليهم صاعقةً أحرقت أربد وقتلته.
إسلام بني سعد بن بكر
أرسلت بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة –رضي الله عنه– وفداً إلى النبي ‘ وروى الإمام البخاري قدومه فقال: بينما نحن جالسون مع النبي في المسجد دخل رجل على جملٍ فأناخه في المسجد، ثم عقله، ثم قال: أيكم محمد؟ والنبي ‘ متكئ بين ظهرانيهم، فقلنا: هذا الرجل الأبيض المتكئ. فسأل ابن ثعلبة النبي: الرجل ابن عبد المطلب؟ فقال له: قد أجبتك. فقال ابن ثعلبة: إني سائلك فمشدد عليك في المسألة فلا تجد علي في نفسك، فقال النبي: اسأل عما بدا لك. فقال ابن ثعلبة: أسألك بربك وبرب من قبلك، الله أرسلك إلى الناس كلهم؟ فقال النبي: اللهم نعم. فقال: أنشدك بالله، الله أمرك أن نصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة؟ فقال النبي: اللهم نعم. فقال: أنشدك بالله، الله أمرك أن نصوم هذا الشهر من السنة؟ فقال النبي: اللهم نعم. فقال: أنشدك بالله، الله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا؟ فقال النبي: اللهم نعم. فقال: آمنت بما جئت به وأنا رسول من ورائي من قومي، وأنا ضمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر. ولما رجع إلى قومه اجتمعوا إليه، فكان أول ما تكلم به أن قال: بئست اللات والعزى. قالوا: اسكت يا ضمام، اتق البرص والجذام اتق الجنون، قال: ويلكم إنهما والله لا يضران ولا ينفعان، إن الله عز وجل قد بعث رسولاً وأنزل عليه كتاباً استنقذكم به مما كنتم فيه، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله. إني قد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه. ولم يمض ذلك اليوم حتى أسلمت ديار بن بكر كلها. قال ابن عباس رضي الله عنهما: فما سمعنا بوافد قومٍ كان أفضل من ضمام بن ثعلبة.
إسلام بني عبد قيس
كان رجلٌ من بني عبد قيس يقال عنه منقذ بن حيّان، كان يأتي للمدينة المنورة للتجارة، فرأى النبي ‘ وسمع كلامه فأعجب به، فأسلم وتفقه في الدين، ثم بعثه النبي ‘ بكتاب إلى قومه يدعوهم فيه إلى الإسلام، فتوافد عليه بنو عبد قيس في ذلك العام. وسأله عن الإيمان والدين، وقد كان كبيرهم هو >الأشج< الذي قال عنه النبي ‘: >إن فيك خصلتين يحبهما الله، الحِلْم والأناة<.
وفد بني حنيفة
جاء وفد بني حنيفة إلى رسول الله ‘ وكانوا سبعة عشر رجلاً فيهم مسيلمة الكذّاب، فأسلموا ونزلوا في دار بنت الحارث التي كانت مخصّصة للوفود، أما مسيلمة فكان يطمع في الملك والرياسة واستنكف عن الإسلام، ولذلك كان يقول لمن حوله: "إن جعل لي محمد الأمر من بعده تبعته"، فلما سمع رسول الله ‘ مقالته أقبل إليه ومعه ثابت بن قيس رضي الله عنه، وفي يده عليه الصلاة والسلام قطعةٌ من جريد النخل، فقال ‘: >لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتك إياها، ولن تعدو أمر الله فيك، ولئن أدبرت ليعقرنك الله، وهذا ثابت يجيبك عني<، ثم انصرف عنه، وكان رسول الله ‘ قد رأى في منامه كأنّ في يديه سوارين من ذهب، فأصابه الهمّ لذلك، حتى سمع في المنام من يأمره أن ينفخ فيهما، فلما فعل ذلك استحالا تراباً، فأوّلهما النبي ‘ بخروج من يدّعي النبوة كذباً وبهتاناً، فكان أحدهما العنسيّ في اليمن، والآخر مسيلمة في بني حنيفة.
وفد بني طيء ووفاة زيد الخيل
قدم وفدٌ من أعيان بني طيء للقاء الرسول ‘ وبصحبتهم سيدهم زيد الخيل -رضي الله عنه– فعرض عليهم النبي ‘ الإسلام فأسلموا، وقد قال رسول الله ‘ عن زيد الخيل: ما ذكر لي رجل من العرب بفضل ثم جاءني إلا رأيته دون ما يقال فيه إلا زيد الخيل، ثم سماه الرسول ‘ >زيد الخير<. ثم خرج زيد من عند رسول الله ‘ وعاد إلى قومه، ثم أصابته الحمى بعد ذلك ولم يلبث أن مات.
عدي بن حاتم
لما سمع عدي بن حاتم عن الرسول ‘ ذهب إلى غلامه الذي يرعى إبله وقال له: لا أبا لك، أعدَّ لي من إبلي أجمالاً ذللاً سماناً، فاحتبسها قريباً مني، فإذا سمعت بجيش لمحمد قد وطأ هذه البلاد فآذنّي. ففعل الغلام ذلك، ثم أتى الغلام بعد فترة إلى عدي وقال له: يا عدي، ما كنت صانعاً إذا غَشِيَتك خيل محمد فاصنعه الآن، فإني قد رأيت راياتٍ فسألت عنها فقالوا: هذه جيوش محمد. فقال عدي: فقرّب إليّ أجمالي. فقربها، ثم هرب عدي بن حاتم إلى الشام. ثم أُسرت ابنة حاتم ووُضعت بمكان بجوار المسجد توضع به السبايا، فمر بجانبها رسول الله ‘، فقامت وقالت: يا رسول الله، قد هلك الوالد، وغاب الوافد، فمُنّ عليّ مَنَّ الله عليك. فقال: ومن وافدكِ، فقالت: عدي بن حاتم. فقال: الفار من الله ورسوله؟ ثم ذهب الرسول ‘، ثم ذهب إليها في اليوم التالي ودار الحوار ذاته بينهما، ثم أتى في اليوم الذي يليه، وعندها أشار رجل من خلف الرسول ‘، فقامت ابنة حاتم لكي تكلمه، فأعادت ما قالته سابقاً، فقال لها: قد فعلت، فلا تعجلي بخروج حتى تجدي من قومك من يكون لك ثقة حتى يبلغك بلادك، ثم آذنيني. وبعد مدة جاءت إلى رسول الله ‘ فقالت له: قد قدم رهط من قومي لي فيهم ثقة وبلاغة، ثم ذهبت معهم إلى الشام. وحينما وصلت ابنة حاتم إلى الشام قالت لعدي: القاطع الظالم، احتملت بأهلك وولدك وتركت بقية والدك عورتك، فقال عدي: أي أخيّة، لا تقولي إلا خيراً، فوالله مالي من عذر وقد صنعت ما ذكرت. ثم قال لها: ماذا ترين في أمر هذا الرجل؟ فقالت: أرى والله أن تلحق به سريعاً، فإن يكن الرجل نبياً فللسابق إليه فضله، وإن كان ملكاً فلن تذل في عز الإيمان وأنت أنت، فقال: والله هذا الرأي، وبعد ذلك ذهب عدي إلى الرسول ‘ وأسلم.
وفد بني ثقيف
عندما قدم وفد ثقيف على رسول الله ‘ أنزلهم في المسجد ليكون أرق لقلوبهم إذا سمعوا القرآن ورأوا الناس تصلي، فمكثوا يتردّدون على النبي ‘ وهو يدعوهم إلى الإسلام، فعرضوا عليه أن يعقد معهم صُلحاً يأذن لهم فيه بموجبه بالزنا وشرب الخمر وأكل الربا، ويترك لهم اللات، ويعفيهم من الصلاة، فأبى النبي ‘، فتشاوروا فلم يجدوا محيصاً من الإسلام، واشترطوا أن يتولّى رسول الله ‘ هدم اللات، وأن ثقيفاً لا يهدمونها بأيديهم قبل ذلك، وأمّر النبي عليه الصلاة والسلام عليهم عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه لأنه كان أحرصهم على التفقّه في الدين وتعلّم القرآن.
قدوم وفد جرير بن عبد الله البجلي
قدم جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه من أرض اليمن مع وفد من قومه إلى المدينة ليعلنوا إسلامهم، ويحكي جرير رضي الله عنه لحظات وصوله فيقول: "لما دنوت من المدينة أنخت راحلتي، ثم لبست حُلّتي، ثم دخلت المسجد، فإذا النبي ‘ يخطب، فرماني الناس بالحدق (أي وجهوا أنظارهم إليه)، فقلت لجليسي: يا عبد الله، هل ذكر رسول الله ‘ من أمري شيئا؟ قال: نعم، ذكرك بأحسن الذكر، بينما هو يخطب إذ عرض لك في خطبته فقال: >إنه سيدخل عليكم من هذا الفج خير ذي يمن، ألا وإن على وجهه مسحة ملك<. يقول جرير رضي الله عنه: فحمدت الله عز وجل.
وفد نجران
كان النبي ‘ قد أرسل إلى نصارى نجران يدعوهم إلى الإسلام، فبعثوا إليه بوفد من أشرافهم ليقابلوه، ودار النقاش طويلاً بين أولئك النصارى وبين رسول الله ‘ ونزلت الكثير من الآيات التي تجيب عن تساؤلاتهم. وبعد أن رأى رسول الله ‘ تعنّتهم وإصرارهم على تزوير الحقائق دعاهم إلى المباهلة (أي الملاعنة) كما أمره الله تعالى في قوله: {فمَنْ حاجّكَ فيه مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ العِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أبْنَاءَنا وأبنَاءَكُمْ ونساءَنا ونساءَكم وأنفُسَنَا وأنفُسَكم ثمّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لعنَةَ الله على الكاذبين}، فامتنعوا عن المباهلة خشية أن يكون ذلك سبباً في هلاكهم ونزول العذاب عليهم، ثم تصالحوا مع النبي ‘ على دفع الخراج، واشترطوا أن يبعث معهم رجلاً أميناً لقبض المال منهم، فأرسل معهم أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه أمين هذه الأمة، رواه البخاري، ثم ما لبث الإسلام أن انتشر بينهم، حتى بعث النبي ‘ من يأخذ منهم صدقاتهم.
إسلام عمرو بن معد
قدم بني زبيد إلى الرسول ‘ وكان معهم عمرو بن معد فأسلم، وكان قد قال عمرو لقيس بن مكشوح المرادي: يا قيس إنك سيد قومك وقد ذكر لنا أن رجلاً من قريش يقال له محمد قد خرج بالحجاز يقول إنه نبي، فانطلق بنا إليه حتى نعلم علمه، فإن كان نبياً كما يقول فإنه لن يخفى عليك، وإذا لقيناه اتبعناه، وإن كان غير ذلك علمنا علمه. فلم يقبل قيس بذلك، فذهب عمرو بن معد بنفسه إلى رسول الله ‘، فأسلم وصدقه وآمن به، فلما علم قيسٌ بذلك غضب كثيراً وقال: خالفني وترك رأيي، فقال عمرو شعراً في ذلك.
وفد بني كندة وقدوم فروة بن مسيك المرادي
قدم الأشعث بن قيس ومعه ثمانون رجلاً في وفد كندة، فدخلوا مسجد الرسول ‘ وهم يلفون حريراً على أعناقهم فقال: ألم تسلموا؟ فقالوا: بلى، فقال: فما بال هذا الحرير على أعناقكم؟ فشقوه منها، فألقوه. ثم قال الأشعث بن قيس: يا رسول الله نحن بنو آكل المرار وأنت ابن آكل المرار، فتبسم رسول الله ‘ وقال: ناسبوا بهذا النسب العباس بن عبد المطلب وربيعة بن الحارث. وقد كان العباس وربيعة رجلين تاجرين وكانا إذا شاعا بين العرب فسئلا ما هي نسبهما فقالا: نحن بنو آكل المرار، ويتعززان بذلك، وذلك لأن كندة كانوا ملوكاً، ثم قال النبي: لا، بل نحن بنو النضر ابن كنانة، لا نقفو أمنا ولا ننتفي من أبينا، فقال الأشعث بن قيس: هل فرغتم يا معشر كندة؟ والله لا أسمع رجلاً يقولها إلا ضربته ثمانين. فروة بن مسيك المرادي: قبيل الإسلام اشتبكت همدان مع مراد في معركة سميت يوم الردم وفازت بها همدان، فلما أتى فروة بن مسيك إلى الرسول ‘ تاركاً بني كندة قال: لما رأيت ملوك كندة أعرضت كالرجل خان الرجل عرق نسائها فقال الرسول: يا فروة هل ساءك ما أصاب قومك يوم الردم؟ فقال: يا رسول الله، من ذا يصيب قومه مثل ما أصاب قومي يوم الردم لا يسوؤه ذلك؟ فقال الرسول: أما إن ذلك لم يزد قومك في الإسلام إلا خيراً. واستعمله النبي ‘ على مراد وزبيد ومذحج كلها، وبعث معه خالد بن سعيد بن العاص على الصدقة، فكان معه في بلاده حتى توفي رسول الله ‘.
صرد بن عبد الله وإسلام الأزديي
ن قدم صرد بن عبد الله الأزدي إلى رسول الله ‘ وكان معه وفد من الأزديين فأسلم، فوكله الرسول بمن أسلم من قومه، وأمره الرسول أيضاً بأن يجاهد مع من أسلم من قومه. فذهب صرد بن عبد الله مع من أسلم من قومه إلى جرش لكي يجاهد بها وكان بها قبائل من اليمن، فلما عرف أهل جرش بقدوم المسلمين تحصنوا في خشعم، فحاصرهم صرد شهراً تقريباً ثم تركهم وذهب إلى جبل يسمى "شَكر"، فظنوه فر منهزماً فذهبوا إليه فهزمهم. وقد كان أهل جرش بعثوا رجلين إلى المدينة المنورة لكي يستطلعا الأوضاع هناك، ثم ذهب الرجلان إلى الرسول ‘ فقال لهما: في أي بلاد الله يقع شَكْر؟ فقالا: في بلادنا جبل يقال له كَشْر. فقال الرسول: إنه ليس بكَشْر ولكن شَكْر، فقالا: فما شأنه يا رسول الله؟ فقال الرسول: إن بدن الله لتُنحر عنده الآن. فذهب الرجلان إلى أبي بكر أو عثمان فقال لهما: ويحكما، إن رسول الله ‘ ليعني لكما قومكما، فاذهبا إلى الرسول ‘ فاسألاه أن يدعو الله أن يرفع عن قومكما، فقالا ذلك للرسول فقال: اللهم ارفع عنهم، فتركا المدينة وعادا إلى قومهما فوجدا أن ما أصاب قومهم صرد بن عبد الله في الساعة التي ذكر فيها الرسول ما ذكر، ثم خرج وفدٌ من جرش إلى الرسول ‘ فأسلموا.
إسلام ملوك اليمن الحِمْيَريين
قدم الملوك الحِمْيَريون إلى الرسول ‘ بعد بني تميم مباشرةً مع رسولهم الحارث بن عبد كلال والنعمان وهمدان، وقد أرسل إليهم رسول الله ‘ كتاباً قال فيه: بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد رسول الله النبي إلى الحارث بن عبد كلال وإلى نعيم بن عبد كلال وإلى النعمان ومعافر وهمدان، أما بعد ذلكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد فإنه قد وقع رسولكم منقلبَنا من أرض الروم، فلقينا في المدينة فبلغ ما أرسلتم به وخبر ما قبلكم، وأنبأنا بإسلامكم وقتلكم المشركين وأن الله قد هداكم بهداه، وإن أصلحتم وأطعتم الله ورسوله وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأعطيتم من المغانم الخمس لله، وسهم الرسول وصفيه وما كتب على المؤمنين من الصدقة… فمن زاد خيراً فهو خير له، ومن أدى ذلك وأشهد على إسلامه وظاهر المؤمنين على المشركين فإنه من المؤمنين، له ما لهم وعليه ما عليهم، وله ذمة الله وذمة رسوله، وإنه من أسلم يهودي أو نصراني فإنه من المؤمنين له ما لهم وعليه ما عليهم، ومن كان على يهوديته أو نصرانيته فإنه لا يُرَدّ عنها وعليه الجزية على كل حال ذكر أو أنثى، حرّ أو عبد، فمن أدى ذلك إلى رسول الله ‘ فإن له ذمة الله وذمة رسوله، ومن منعه فإنه عدوٌّ لله ورسوله، وأما بعد فإن رسول الله محمد النبي أرسل إلى زرعة ذي يزن أن إذا أتاكم رسلي فأنا أوصيكم بهم خيراً: معاذ بن جبل، وعبد الله بن زيد، ومالك بن عبادة، وعقبة ابن نمر ومالك بن مرة وأصحابهم. وأن اجمعوا ما عندكم من الصدقة والجزية من مخاليفكم وأبلغوها رسلي، وأن أميرهم معاذ بن جبل، فلا ينقلبن إلا راضياً. أما بعد فإن محمداً يشهد أن لا إله إلا الله وأنه عبده ورسوله. ثم إن مالك بن مرة الرهاوي قد حدثني أنك أسلمت من أول حمير، وقتلت المشركين فأبشر بخير وآمرك بحمير خيراً، ولا تخونوا ولا تخاذلوا فإن رسول الله هو ولي غنيكم وفقيركم، وأن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لأهل بيته إنما هي زكاة يزكى بها على فقراء المسلمين وابن السبيل، وأن مالكاً قد بلغ الخبر وحفظ الغيب وآمركم به خيراً، وإني قد أرسلت إليكم من صالحي أهلي وأولي دينهم وأولي عملهم، فإنهم منظورٌ إليهم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قدوم وفد همدان
قدم وفد همدان إلى رسول الله ‘ وكان منهم مالك بن نمط، وأبو ثور، ومالك بن أيفع، وضمام بن مالك السلماني، وعميرة بن مالك الخارفي، وقدموا إلى الرسول وهو عائد من غزوة تبوك وكان مالك بن نمط ورجل آخر يرتجزان القوم فقال واحد منهما: همدان خير سوقة وأقيال ليس لها في العالمين أمثال محلها الهضب ومنها الأبطال لها إطابات بها وآكال فقال الآخر: إليك جاوزن سواد الريف في هبوات الصيف والخريف محطمات بحبال الليف فقام مالك بن نمط بين يديه فقال: يا رسول الله، نَصيّة من همدان، من كل حاضرٍ وبادٍ أتوك على قُلُص نَواج، متصلة بحبائل الإسلام، لا تأخذهم في الله لومة لائم من خارف ويام وشاكر (وهي أسماء قبائل من اليمن) أهل السود والقود، أجابوا دعوة الرسول وفارقوا الأنصاب، عهدهم لا يُنقَض… كتاب رسول الله ‘ إليهم بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتابٌ من رسول الله محمد، لمخلاف خارف وأهل جناب الهضب وحقاف الرمل، مع وافدها ذي المشعار مالك بن نمط، من أسلم من قومه على أن لهم فراعها ووهاظها، ما أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة يأكلون علافها ويرعون عافيها، لهم بذلك عهد الله وذمام رسوله، وشاهدهم المهاجرون والأنصار فقال في ذلك بن نمط: ذكرت رسول الله في فحمة الدجى ونحن بأعلى رحرحان وصلدد وهن بنى خوص طلائح تغتلى بركبانها في لاحبٍ ممتدٍّ على كل فتلاء الذراعين جسرةٌ تمر بنا مر الهجف الحفيدد حلفت برب الراقصات إلى مني صوادر بالركبان من هضب قردد بأن رسول الله فينا مصدق رسول أتى من عند ذي العرش مهتدى فما حملت من ناقة فوق رحلها أشد على أعدائه من محمد وأعطى إذا ما طالب العرف جاءه وأمضى بحد الممشرف المهند
إسلام بعض النصارى
قدم الجارود مع وفد عبد قيس إلى رسول الله ‘ فعرض عليه الرسول الإسلام ودعاه إليه فقال: يا محمد إني كنت على دين، وإني تارك ديني لدينك، أفتضمن لي ديني؟ فقال الرسول: نعم، أنا ضامن أن قد هداك الله إلى ما هو خير منه، ثم أسلم هو ووفده، ثم سأل الرسول الحملان فقال: والله ما عندي ما أحملكم عليه فقال: فإن بيننا وبين بلادنا ضوال من ضوال الناس، أفنتبلغ عليها إلى بلادنا؟ فقال الرسول: لا، إياك وإياها، فإنما تلك حرق النار. ثم أسلم بعد ذلك وعاد إلى قومه وحارب الردة فيهم بعد ذلك. وأيضاً وفد على النبي ‘ تميم الداري، وكان رجلاً نصرانياً، فبايعه على الإسلام، فسُرّ به النبي ‘ لأنه كان شاهداً على صدقه ‘ فيما أخبر به من أمر الدجال.
الخلاصة
بإمكاننا أن نستقي من الأخبار السابقة المنهج النبوي العظيم في كيفيّة التعامل مع المدعوّين ومراعاة مشاعرهم واختلاف مستوى مداركهم، كما تعكس تلك الأخبار دقّة النبي ‘ وتنظيمه من خلال تهيأته الأماكن لاستقبال تلك الوفود وإعداد دور الضيافة لهم، وتظهر أيضاً حرص القادمين على معرفة أحكام الدين وشرائعه، فكانت هدايتهم هدايةً لمن ورائهم من العرب.
حجة الوداع
تجهز الرسول ‘ للحج وتركه المدينة بدأ الرسول ‘ بالتجهز للحج في ذي القعدة، ثم خرج إلى الحج وقد بقي ثلاث ليالٍ من ذي القعدة، فوضع على المدينة أبا دجانة الساعدي (ويقال أيضاً أنه وضع عليها سباع بن عرطفة). خطبة الرسول ‘ في حجة الوداع بعد أن حمد الله وأثنى عليه قال: أيها الناس اسمعوا قولي، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف ابداً، أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا، وكحرمة شهركم هذا، وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، وقد بلّغت، فمن كانت عنده أمانة ليؤدها إلى من ائتمنه عليها، وإن كل ربا موضوع، ولكن لكم رؤوس أموالكم، لا تَظلمون ولا تُظلمون، قضى الله أنه لا ربا، وإن ربا العباس بن عبد المطلب موضوع كله، وإن كل دم كان في الجاهلية موضوع، وإن أول دمائكم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب (وكان مسترضعاً في بني ليث، فقتلته هذيل) فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية. أما بعد، أيها الناس، فإن الشيطان قد يئس من أن يُعبَد بأرضكم هذه أبداً، ولكنه إن يُطع فيما سوى ذلك فقد رضي به مما تحقرون من أعمالكم، فاحذروه على دينكم. أيها الناس: إن النَّسيء زيادة في الكفر، يضل به الذين كفروا يحلّونه عاماً ويحرّمونه عاماً ليواطئوا عدة ما حرّم الله، فيحلُّوا ما حرّم الله ويحرِّموا ما أحل الله، وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً، منها اربعةٌ حرم، ثلاثة متوالية، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان. أما بعد أيها الناس، فإن لكم على نسائكم حقاً ولهن عليكم حقاً، لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، وعليهن أن لا يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضرباً غير مبرّح، فإن انتهين فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف. إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمات الله، فاعقلوا أيها الناس قولى، فإني قد بلّغت، وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً، أمراً بيّناً، كتاب الله وسنة نبيه. أيها الناس، اسمعوا قولي واعقلوه، إن كل مسلم أخ للمسلم، وإن المسلمين إخوة، فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه من طيب نفسه منه، فلا تظلمن أنفسكم، اللهم هل بلّغت؟ فقال الناس: اللهم نعم. فقال الرسول: اللهم اشهد. وبعدها ألقى الرسول ‘ بعض الوصايا في عرفة وأكمل الحج. ثم توفي بعد بعد ذلك بقليل في 12 ربيع الأول من السنة الحادية عشرة للهجرة ودُفن في المدينة، صلى الله عليه وسلم.