أبو هريرة
أبو هريرة أكثر الناس رواية و من أشهر صحابة رسول الله محمد (صلى الله عليه و سلم). اسمه في الجاهلية عبد شمس بن صخر ولما أسلم سماه رسول الله (صلى الله عليه و سلم) عبد الرحمن دوس نسبة لزهران أحد قبائل اليمن العريقة في عروبتها. أما سر كنيته أنه كان يرعى الغنم و معه هرة صغيرة يعطف عليها ويضعها في الليل في الشجر ويصحبها في النهار فكناه قومه أبا هريرة.
إسلامه
أسلم في السنة السابعة من الهجرة عام خيبر و كان عمره حينذاك نحوا من الثلاثين سنة و قدم المدينة المنورة عل النبي (صلى الله عليه و سلم) وأصبح عريف أهل الصفة، أهل العلم و العبادة، أضياف الإسلام و عباد الله المتمتعون برضوانه تعالى.
حياته
كان أبو هريرة من أشد الناس فقرا حيث كان ينتمي إلى أهل الصفة, يقول أبو هريرة :
ان كنت لأعتمد على الأرض من الجوع وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع. فمرّ بي أبو بكر فسألته عن آية في كتاب الله ما أسأله إلا ليستتبعني فمرّ ولم يفعل, فمرّ عمر فكذلك حتى مرّ رسول الله (صلى الله عليه و سلم) فعرف في وجهي الجوع . فقال الرسول أقبل أبا هريرة, فقال أبو هريرة: لبيك يا رسول الله, فدخلت معه البيت فوجد زيتا في قدح فقال, من أين لكم هذا؟ قيل أرسل به إلينا فلان. فقال يا أبا هريرة: فانطلق إلى أهل الصفة فادعهم, وكان أهل الصفة أضياف الإسلام لا أهل ولا مال, إذا أتت رسول الله (صلى الله عيه و سلم) صدقة أرسل بها إليهم ولم يصب منها شيئا, وإذا جاءته هدية أصاب منها وأشركهم فيها, فأقبلوا مجتمعين فلما جلسوا قال: خذ يا أبا هريرة فأعطهم فجعلت أعطي الرجل يشرب حتى يروى حتى إذا أتيت على جميعهم ناولته رسول الله (صلى الله عليه و سلم) فرفع رأسه لي مبتسما وقال: اشرب فشربت, فقال اشرب فشربت فما زال يقول اشرب فأشرب حتى قلت: والذي بعثك بالحق ما أجد مساغا فأخذ فشرب من الفضلة".
و قد كان أبو هريرة عالما متصوفا مجاهدا وعابدا, فقد أخرج أحمد عن أبي عثمان النهدي قال: تضيفت أبا هريرة فكان هو وامرأته وخادمه يقسمون الليل أثلاثا, يصلي هذا ثم يوقظ هذا.
أبو هريرة والحديث الشريف
يعتبر أبو هريرة من الشخصيات التي يختلف حولها بخصوص رواية الحديث، فبينما يرى البعض ان أبو هريرة قد عاشر رسول الإسلام محمد بن عبد الله عاما وتسعة أشهر أو ثلاثة أعوام حسب بعض الروايات ،وروى عنه 5374 حديث، أخرج منها البخاري 446 حديث . ويرى البعض الآخر بأن الله حبب لأبي هريرة صحبة رسول الله (صلى الله عليه و سلم) و حفظ أحاديثه فكان أكثر رواة أحاديث رسول الله (صلى الله عليه و سلم) , و حفظ للمسلمين ثروة طائلة من السنة النبوية, و قد اختاره الله لهذه المهمة الجليلة فوهبه ذاكرة قوية محققا دعوة خير البرية.
وروى الشيخان : أن أبا هريرة قال:إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث عن النبي (صلى الله عليه و سلم) , إني كنت امرءا مسكينا صحبت النبي (صلى الله عليه و سلم) على بطني, وكان المهاجرون تشغلهم التجارة في الأسواق, و كانت الأنصار يشغلهم القيام على جمع أموالهم. فحضرت من النبي (صلى الله عليه و سلم) مجلسا فقال: من بسط رداءه حتى أقضي مقالتي ثم يقبضه إليه فلن ينسى شيئا سمعه مني, فبسطت ردائي على حتى قضي حديثه ثم قبضتها إلي , فوالذي نفسي بيده لم أنسى شيئا سمعته منه (صلى الله عليه و سلم). و لذا كان مرجع الصحابة رسول الله (صلى الله عليه و سلم).
روى النسائي : في باب العلم من سننه أن رجلا أتى إلى زيد بن ثابت فسأله عن شيء فقال: عليك بأبي هريرة, فإني بينما أنا جالس و أبو هريرة و فلان في المسجد ذات يوم ندعو الله و نذكره إذ خرج علينا النبي (صلى الله عليه و سلم) حتى حضر إلينا مسكنا فقال: عودوا للذي كنتم فيه. فقال زيد : فدعوت أنا و صاحبي قبل أبي هريرة , و جعل رسول الله (صلى الله عليه و سلم) يؤمن على دعائنا , ثم دعا أبو هريرة, فقال اللهم إني أسألك ما سألك صاحبي و أسألك علما لا ينسى , فقال رسول الله(صلى الله عليه و سلم) آمن , فقلنا: يا رسول الله نحن نسأل الله علما لا ينسى فقال بها الغلام الدوسي. وهذا يدل على مدى شغل أبي هريرة و تلهفه على تحصيل العلم النبوي فكان شغله الشاغل .
عن أبي هريرة أنه قال : يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة , قال رسول الله (صلى الله عليه و سلم) لقد ظننت يا أبا هريرة أنه لا يسألني عن هذا الحديث أحد أولى منك لما رأيت من حرصك على الحديث, أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا قلبه .