هناك علاقة وثيقة تناسبية بين الأرض وجسم الإنسان من حيث التوزيع:
ـ فسطح الأرض يتكون من حوالي 80% سوائل أي بحار ومحيطات وأنهار، وحوالي 20% مواد صلبة أي يابسة.
ـ كذلك جسم الإنسان يتكون من حوالي 80% سوائل، وحوالي 20% مواد صلبة، (وهذا ما أثبته العلم).
وهناك أيضاً علاقة وثيقة تناسبية، بين الأرض وجسم الإنسان من حيث التكوين:
فالأرض تتكون من عناصر مختلفة من: كالسيوم، مغنيسيوم، صوديوم، بوتاسيوم، كبريتات، كلورايد، سلفات، حديد، نترات، بيكروبونات، أملاح… الخ.
كذلك جسم الإنسان يتكون من العناصر نفسها.
ـ فلو أخذنا زجاجة مياه صحية وقمنا بتحليلها كيميائياً أو قرأنا محتوياتها لوجدنا أنها تتكون من العناصر نفسها.
وبما أن هذا الماء نابع من الأرض سواء عن طريق الآبار أو الأنهار أو عن طريق تكريره من البحار والمحيطات، وبما أننا نشرب هذا الماء، فإن أجسامنا تتكون من هذه العناصر نفسها الموجودة فيه.
ـ كذلك لو أخذنا مجموعة من الفاكهة والخضروات والأطعمة المختلفة وقمنا بتحليلها، لوجدنا أنها تتكون من العناصر ذاتها لأنها ناتجة من الأرض، وبما أننا نتناولها فإن أجسامنا تتكون من عناصر الأرض ذاتها سواء كانت سائلة أو صلبة. أي أن هناك (علاقة ثنائية وثيقة ومحكمة بين الأرض وجسم الإنسان).
(وهذا ما أثبته العلم أيضاً). كما أثبت القرآن الكريم هذه العلاقة الثنائية والمحكمة بين الأرض وجسم الإنسان.
فالإنسان خُلق من طين، قال تعالى: (وبدأ خلق الإنسان من طين) السجدة: والطين من الأرض، وبالتالي فالإنسان يتكون من عناصر الأرض ذاتها، قال تعالى: (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) سورة طه.
وهناك علاقة وثيقة ومحكمة أيضاً بين: (القمر والأرض من ناحية) و(القمر وجسم الإنسان من ناحية أخرى):
ـ فالقمر كما أن له قوة جاذبية على الأرض تسبب لها المد والجزر (كما هو معروف أيضاً).
ـ كذلك له قوة جاذبية على جسم الإنسان تسبب له المد والجزر (أيضاً) وهذا ما سوف يتم إثباته علمياً فيما يلي:
(لأن جسم الإنسان كما ذكرنا سابقا له عناصر الأرض ذاتها).
وهذا المد والجزر يصل أقصاه على الأرض وجسم الإنسان في الأيام البيض، وهي: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر قمري، وسميت الأيام البيض لأن القمر يكون فيها بدراً، أي مكتملاً، فيكون الضوء شديداً، وبالتالي تكون هذه الليالي بيضاء ومنيرة من شدة نور القمر.
وهذا ما يلاحظ في هذه الليالي ـ ولا سيما ـ في الصحراء وانسحب الاسم إلى اليوم لأن اليوم يشمل بياض النهار وسواد الليل فسميت الأيام البيض، فيزداد المد والجزر على الأرض وعلى الإنسان، فيظهر على الأرض في صورة وصول المد والجزر أقصاه في البحار، ويظهر على الإنسان عن طريق ازدياد الانفعال والتهيج: عصبية، وتوتر، اضطراب، قلق… الخ مما يؤدي إلى: (ازدياد نسبة الجرائم).
وأكبر دليل على ذلك:
ـ بالنسبة للأرض: لو أننا ذهبنا إلى شاطئ البحر، لرأينا المد والجزر يصل أقصاه في هذه الأيام. (أيام البيض).
ـ بالنسبة للإنسان: لو أننا ذهبنا إلى المخافر أو المحاكم أو قرأنا في الصحف لوجدنا أن أكبر نسبة جرائم وانتحار وسرقات وحوادث سير وطلاق تحدث في هذه الأيام (أيضاً).
وجاء العلم الحديث ليكشف السر:
ونقل الدكتور محمد علي البار عن الدكتور «ليبر» المتخصص بعلم النفس من مدينة ميامي في الولايات المتحدة: «أن هناك ارتباطاً قوياً بين اكتمال دورة القمر وأعمال العنف لدى البشر، وخاصة بينه وبين مدمني الكحول، والميالين إلى العنف، وذوي النزعات الإجرامية، وأولئك الذين يعانون من عدم الاستقرار العقلي والعاطفي.
واتضح له من التحليلات والإحصائيات البيانية التي قام بجمعها، والتي حصل عليها من سجلات الحوادث في المستشفيات، ومراكز الشرطة، وبعد ربط تواريخها بالأيام القمرية أن معدلات الجرائم وحوادث السير المهلكة مرتبطة باكتمال دورة القمر، كما أن الأفراد الذين يعانون من الاضطرابات النفسية، ومرضى ازدواج الشخصية، والمسنين أكثر عرضة للتأثر بدورة القمر.
كما أشارت الدراسات التي حصل عليها إلى أن أكبر نسبة للطلاق والمخاصمات العنيفة تكون في منتصف الشهر عند اكتمال القمر. ويشرح «ليبر» نظريته قائلاً: «إن جسم الإنسان مثل سطح الأرض يتكون من 80% من الماء والباقي مواد صلبة»، ومن ثم فهو يعتقد بأن قوة جاذبية القمر التي تسبب المد والجزر في البحار والمحيطات، تسبب أيضاً هذا المد والجزر في أجسامنا عندما يبلغ القمر: أوج اكتماله في الأيام البيض».
ويقول الدكتور ليبر في كتابه «التأثير القمري» إنه نبه شرطة ميامي، كما طلب وضع اختصاصي التحليل النفسي في مستشفى جاكسون التذكاري في حالة طوارئ تحسباً للأحداث التي ستقع نتيجة الاضطرابات في السلوك الإنساني، والمتأثرة بزيادة جاذبية القمر..
ويقول الدكتور ليبر:«إن ما حدث كان جحيما انفتح، فقد تضاعفت الجريمة في الأسابيع الثلاثة الأولى من يناير 1973، كما وردت أنباء عن جرائم أخرى غريبة وجرائم ليس لها أي دافع» .. وأصبح من المعروف أن للقمر في دورته تأثيراً على السلوك الإنساني وعلى الحالة المزاجية،
وهناك حالات تسمى (الجنون القمري) حيث يبلغ الاضطراب في السلوك الإنساني أقصى مداه في الأيام التي يكون القمر فيها بدرا (في الأيام البيض). فما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحكمه وأعلمه بأسرار النفس وأسرار تكوينها وأخلاطها وهرموناتها، فصلى الله عليه وسلم أفضل وأكمل ما صلى على أحد من العالمين ..
العلاج النبوي
ومن هنا نلتمس (العلاج النبوي) لحل مثل هذه الظاهرة المتمثل في صيام الأيام البيض. فالصيام بما فيه من امتناع عن تناول السوائل، يعمل على خفض نسبة الماء في الجسم خلال هذه الفترة التي يبلغ تأثير القمر فيها على الإنسان أقصاه، فيسيطر على قوى جسده ونزعاته، فيكتسب من وراء ذلك: الصفاء النفسي، والاستقرار، ويتفادى تأثير الجاذبية، ويحصل على الراحة والصحة والطمأنينة يا سبحان الله!.
* ومن هنا كان (الإعجاز النبوي) بالوصية، وأوصانا بصيام الأيام البيض، وذلك لتفادي تلك الحالات المرضية الخطيرة، والجرائم المريعة، والحوادث الفظيعة. فالصيام بالإضافة إلى أنه: عبادة وأجر وطاعة وثواب عظيم للمسلم، فإنه أيضاً وقاية وسعادة وصحة ورحمة بالإنسان.
الله أكبر!! حقاً إنه: صلى الله عليه وسلم الرحمة المهداة من رب العزة الذي قال فيه: (وما أرسلنك إلا رحمة للعالمين) سورة الأنبياء.
* ولعل هذه الحقيقة العلمية تكشف عن: معجزة باهرة من معجزات النبي (الأمي) صلى الله عليه وآله وسلم، الدالة على نبوته عليه الصلاة والسلام، والتي تؤكد أن الإسلام هو: الدين الحق المنزل من عند خالق السماوات والأرض. الذي وضع القوانين العلمية في الطبيعة ..
فمن كان يعلم هذه الحقيقة العلمية قبل قرابة أربعة عشر قرناً أو يزيد؟! حقاً إنه كما قال الله تعالى فيه: (وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى) سورة النجم.
* ولعل الهدف من هذا (الإعجاز النبوي): تنبيه الإنسان للعودة إلى ربه سبحانه وتعالى مهما أخذه غرور العلم، وعنجهية التقدم. قال تعالى: (سيذكر من يخشى، ويتجنبها الأشقى) سورة الأعلى.
فإنه بالإضافة إلى ذلك يدعو إلى جميع أنواع العلوم والآداب من :كيمياء وفيزياء وفلك وطبيعة وجغرافيا واقتصاد وسياسة ونحو وبلاغة .. الخ، وصدق الله العظيم إذ يقول: ( … ما فرطنا في الكتاب من شيء …) سورة الأنعام. وختاما ( .. وكل شيء فصلناه تفصيلا) سورة الإسراء.