السلام عليكم
<<بالمرفقات
باسبورد فك الضغط
uae.ii5ii.com
- الغزو المغولي.zip (576.0 كيلوبايت, 3445 مشاهدات)
باسبورد فك الضغط
uae.ii5ii.com
لقد عزمنا على الاستيلاء على الولايات المتحدة وحكمها، لكننا لا نستطيع صنع ذلك دون العمل سراً وبكل حكمة… وبسرية وصبر علينا أن نحشد أتباعنا من الروم الكاثوليك في المدن الكبرى بالولايات المتحدة… ولندعُ فقراءنا المؤمنين من الكاثوليك الإيرلنديين من كل أنحاء العالم
الدوافع الدينية
كانت دعوة البابا للحروب الصليبية التي بدأها البابا أوربان الثاني في نوفمبر 1095 بعقده مجمعا لرجال الدين في مدينة كليرمونت فران الفرنسية، وكان الكثير من الحملات قد بررت بتطبيق "ارادة الرب" عن طريق الحج إلى الأرض المقدسة للتكفير عن الخطايا، وكانت الدعوات تروي عن اضطهاد الحكم الإسلامي للمسيحيين في الأرض المقدسة وتدعو إلى تحريرهم، خصوصا بعد تدمير كنيسة القيامه في 18 أكتوبر عام 1009 بأمر الحاكم بأمر الله الفاطمي. وتراجعت هذه الدوافع الدينية مع مرور الوقت لتصل إلى حد تدمير مدينة القسطنطينية المسيحية الشرقية في الحملة الصليبية الأولى والرابعة على أيدي الصليبيين أنفسهم
الدوافع الاجتماعية
كان قانون الارث المطبق في أوروبا ينص على أن يرث الابن الأكبر عقارات والده وعبيده بعد موته، وتوزع المنقولات بين أبنائه، وبسبب هذا القانون نشأت طبقة من النبلاء أو الاسياد الذين لم يكونوا يملكون اقطاعيات، فشاعت بينهم القاب مثل "بلا ارض" و"المعدم" دلالة على عدم ملكيتهم لقطعة أرض، ورأى الكثير من هؤلاء فرصتهم في الحملات الصليبية للحصول على أراض في الشرق، ورأى آخرون فيها فرصة لتوسيع املاكهم بضم املاك جديدة، كما كان الفقراء يجدون فيها فرصة لحياة جديدة أفضل ووسيلة تخرجهم من حياة العبودية التي كانوا يعيشونها في ظل نظام الاقطاع السائد في ذلك الوقت. ولا ننسى أيضا رغبة المدن الساحلية الأوروبية تحقيق مكاسب تجارية نظيرا لنقل المحاربين على سفنها ورغبة بعض فرسان أوروبا في التخلص من النظام الاقطاعي الفاسد عن طريق العيش في الشرق وهذا ما يعيد نفسه اليوم
العلاقة مع الإسلام
كانت العلاقات الخارجية لاوروبا مع المد الإسلامي لا تبعث على الطمأنينة.فالمسلمون الذين كانوا قد قاتلوا البيزنطيين منذ القرن السابع الميلادي قد وصلوا إلى جبال البيرينية في شمال إسبانيا وجنوب فرنسا بعد أن سيطروا على شمال أفريقيا، فكانت المناطق الأوروبية المتاخمة لحدود دولة الأندلس الإسلامية بشبه جزيرة إيبيريا وجزيرة صقلية تشعر بتهديد السيطرة الإسلامية عليها مما ساهم في تجنيد الأوروبيين بدافع الحماية والدفاع عن مناطقهم.
تأثيرات الحملات الصليبية
كان للحملات الصليبية تأثير كبير على أوروبا في العصور الوسطى، في وقت كان السواد الاعظم من القارة موحدا تحت راية البابوية القوية، ولكن بحلول القرن الرابع عشر الميلادي، تفتت المبدأ القديم للمسيحية، وبدأ تطور البيروقراطيات المركزية التي شكلت فيما بعد شكل الدولة القومية الحديثة في إنجلترا وفرنسا والمانيا وغيرها.
كان تأثر الأوروبيين بالحضارة العربية والإسلامية كبيرا في فترة الحروب الصليبية، ولكن يرى العديد من المؤرخين ان التأثير الاعظم وانتقال المعارف الطبية والمعمارية والعلمية الأخرى كان قد حدث في مناطق التبادل الثقافي والتجاري التي كانت في حالة سلام مع الولايات الإسلامية، مثل الدولة النورمانية في جنوب إيطاليا ومناطق التداخل العربي- الإسلامي مع أوروبا في الاندلس ومدن الازدهار التجاري في حوض المتوسط كالبندقية وجنوه والإسكندرية، ولكن ما من شك بتأثر الاوروبين بالعرب خلال الحملات الصليبية أيضا، فكان تطور بناء القلاع الاوربية لتصبح ابنية حجرية ضخمة كما هي القلاع في الشرق بدلا من الابنية الخشبية البسيطة التي كانت في السابق، كما ساهمت الحملات الصليبية في إنشاء المدن- الدول في إيطاليا التي استفادت منذ البدء من العلاقات التجارية والمبادلات الثقافية مع الممالك الصليبية والمدن الإسلامية.
وكان للحملات الصليبية أثارا دموية، فبالإضافة إلى سفك الدماء في الحروب في الشرق، كانت الاقليات من غير المؤمنين تعاني الامرين، فكان الهراطقة الالبيجيين في جنوب فرنسا واليهود في ألمانيا وهنغاريا قد تعرضوا لمذابح بوصفهم "كفرة" أو "قتلة المسيح"، وادى ذلك إلى تنمية التمييز العرقي بين شعوب أوروبا الذي كان تكتل اليهود في أوروبا وعزلهم من نتائجه، الأمر الذي الهم فيما بعد الفكر النازي والفاشي في فترة مراهقة الدول القومية في أوروبا.
الحروب الصليبية في الذاكرة الإنسانية
يرى المسلمون الحروب الصليبية على أنها كانت حروب بربرية ومارس فيها الصليبيون المسيحيون ابشع المجازر الدموية باسم المسيحية فقتلوا الاطفال والنساء والشيوخ وشقوا بطون الحوامل واهلكوا الحرث والنسل فأذاقهم الله على يد عباده من المسلمين الهزيمة والهوان، ويرى المسلمون في شخصيات صلاح الدين والظاهر بيبرس ابطالا محررين، وكذلك يرى الأوروبيون الشخصيات المشاركة في الحروب الصليبية ابطالا مغامرين محاطين بهالة من القداسة، فيعتبر لويس التاسع قديسا ويمثل صورة المؤمن الخالص في فرنسا، ويعتبر ريتشارد قلب الاسد ملك صليبي نموذجي، وكذلك فريدريك بربروسا في الثقافة الألمانية.
كما ينظر إلى مسمى حملة صليبية في عديد من الثقافات الغربية نظرة إيجابية على أنه حملة لأجل الخير أو لهدف سامي ويعمم المصطلح أحيانا ليتخطى الإطار الديني، فقد ترد عبارات كـ"بدأ فلان حملة صليبية لإطعام الجياع"، كما استخدم المصطلح من قبل الرئيس الأمريكي جورج بوش لوصف ما أسماه الحرب على الإرهاب في 16 سبتمبر 2022 في عبارة مثيرة للجدل "This crusade, this war on terrorism is going to take a while." أي "هذه الحملة الصليبية، هذه الحرب على الإرهاب سيستلزمها وقت
الحملة الثامنة
انطلق في هذه الحملة لويس التاسع ملك فرنسا في عام 1270 بعد حوالي 3 سنوات من التأخير، وقد قام بها عدد قليل من البارونات والفرسان الفرنسيون، إذ ان فشل الحملات الجلي وانحطاط سمعتها صدهم عنها، حتى ان مؤرخ سيرة حياة لويس التاسع الذي رافقه في حملته السابقة رفض الانضمام إليه هذه المرة، ويروي هذا المؤرخ ان نبأ الحملة الجديدة كان مفاجئا للغاية بالنسبة له شخصيا وبالنسبة للاشخاص الآخرين المقربين من الملك، وانه اذهل البارونات، وكانت المعارضة مجمع عليها تقريبا واضطر الملك إلى شراء حماسة الاسياد بالمال، ونذر مع الملك النذر الصليبي أبناءه الثلاثة وبعض تابعي الملك الآخرين، واتفق على أن توجه الحملة نحو تونس.
بدأت المفاوضات مع المستنصر أمير تونس ولما نزل الصليبيون في تونس وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود، وعندها انضم شارل الأول كونت انجو، الأخ الاصغر للويس وملك مملكة نابولي. واستولوا على قلعة قرطاجا القديمة، ولكن وباء دب في صفوف الفرسان، وتوفي على اثره الملك وافراد العائلة المالكة المرافقة باستثناء فيليب الابن البكر للملك الذي شفي، وفي نفس يوم وفاة الملك وهو 25 اغسطس 1270 وصل اخاه شارل الأول، وخاضت قواته برفقة قوات لويس بقيادة خلفه فيليب بضع معارك ناجحة ضد قوات أمير تونس، وفي أول نوفمبر 1270 وقعت معاهدة صلح مع المستنصر الزمتة بدفع جزية مضاعفة إلى ملك الصقليتيين، كما شملت حقوقا تجارية متبادلة، وبعد 17 يوما من التوقيع، ركب الصليبييون السفن وغادرو تونس.
الحملة السابعة
كان الهزيمة التي لحقت بقصائل الصليبيين عام 1244 وخسارتهم التامة للقدس أدت إلى ترتيب الحملة الصليبية السابعة، فقادها الملك الفرنسي لويس التاسع وتوجه بها إلى مصر واستمرت الحملة بين عامي 1248 و1254، فسيطروا في البدء على دمياط ثم المنصورة، ولكن المسلمين بقيادة الملك المعظم توران شاه نجحوا في تدمير قواتهم وفي حصر بقاياها في المنصورة حتى استسلموا، ووقع لويس في الأسر حتى تم فديه عام 1250 فعاد إلى عكا وبقي فيها 4 سنوات قبل العودة إلى فرنسا بخفي حنين
معركة حطين
في 4 يوليو 1187 وقعت معركة حطين التاريخية والمحورية. حيث انتصر فيها السلطان صلاح الدين الأيوبي سلطان مصر والشام. فحرر القدس في 2 أكتوبر 1187، الأمر الذي دفع بالبابا غريغوريوس الثامن إلى الدعوة إلى حملة صليبية جديدة.
الحملة الثانية
بدأت الحملة الثانية عام 1147 وانتهت عام 1192. وكانت قد أعقبت فترة من الهدوء، دعا إليها برنارد دي كليرفو، وكان قادتها لويس السابع ملك فرنسا وكونراد الثالث هوهنشتاوفن إمبراطور الجرمان(ألمانيا)، وهي أول حملة يشترك فيها الملوك، تعرضت فيها الجحافل الألمانية لضربة قوية تمثلت في الجوع والمرض بعد هزيمة لحقت بها امام فصائل الخيالة التابعة لسلطان قونية السلجوقي جوار ضورليوم، كما منيت القوات الفرنسية بهزيمة خطرة بجوار خونة. انهك السلاجقة الصليبيين بغاراتهم المتواصلة. وفي 24 يونيو 1147 تلاقى لويس السابع وكونراد الثالث ووصية العرش ميليساندا مع اعيان القدس. ومضوا لحصار دمشق الحصينة، لان فتحها كان يبشر بغنائم وفيرة.دام الحصار خمسة أيام (من 23 إلى 27 يوليو). لكنه فشل. وتخلي ملك القدس بودوان وبارون طبرية عن مطلبهما بعد تدهور موقعهم العسكري بسبب مناورة عسكرية أو لعله برشوة قدمها لهما الوزير الدمشقي معين الدين أنر. وفي عام 491هـ/ 1097م؛ تجمعت قوات الصليبيين في القسطنطينية، وبعد أن تم إعدادها عبرت البسفور إلى الشام، ودارت بينهم وبين السلاجقة معركة عام 1097م، عند "ضورليوم"، ولكن هزم فيها السلاجقة، ثم استولى الصليبيون على أنطاكية في شمالي الشام، وأسسوا بها أول إمارة لهم، ثم استولوا على الرها في إقليم الجزيرة الشمالي، وأسسوا إمارتهم الثانية واتجهوا إلى مدينة القدس وبها بيت المقدس. وأمام أربعين ألف مقاتل، لم يستطع جيش الفاطميين فك حصارهم للمدينة الذي استمر شهرًا كاملا، ودخلوها في النهاية في 15 يوليو سنة 1099م، وأقاموا فيها مذبحة قضوا على سكانها جميعًا رجالا ونساءً وأطفالا وكهولا، واستباحوا مدينة القدس أسبوعًا يقتلون ويدمرون حتى قتلوا في ساحة الأقصى فقط سبعين ألفًا من المسلمين. ويذكر أن ريموند القائد الصليبي احتل "مَعَرَّة النعمان"، وقتل بها مائة ألف،ٍ وأشعل النار فيها، ثم أقاموا دولتهم الكبرى المعروفة باسم مملكة القدس. وفي هذه الحملة، ظلت بعض مدن الشام الهامة مثل حلب ودمشق في أيدي المسلمين. لقد تم الاستيلاء على القدس، وشعر الصليبيون أنهم حققوا واجبهم الديني باستعادة المدينة المقدسة. وقد قسم الصليبيون هذا الإقليم إلى أربع إمارات: إمارة الرُّها 492هـ/ 1098م، وتشمل أعالي نهري دجلة والفرات، وتقرب حدودها الجنوبية الغربية من حلب، وكانت عاصمتها الرها التي توجد في بعض الخرائط باسم إدريسّا. أما الثانية فهي إمارة أنطاكية، وتقع في الإقليم الشمالي جنوب غرب إمارة الرها. ثم تليها جنوبًا إمارة طرابلس وهي تقع في شريط ضيق على الساحل وهي أصغر هذه الإمارات. أما الرابعة فهي مملكة القدس، وتمتد حدودها الشرقية من قرب بيروت الحالية، ثم تتبع نهر الأردن حيث تتسع قليلا، وتتجه جنوبًا إلى خليج العقبة، وكانت عاصمتها القدس نفسها. وكان لكل إمارة من هذه الإمارات أمير أو حاكم يحكمها، لقد استولوا على القدس، وها هو ذا نصرهم قد تم، وها هي ذي أوروبا كلها في فرح متزايد، ولكن الخلافات بينهم قد عادت كأشد ما تكون بعد أن تم لهم النصر.
هــــــلا فيكـــــــــم …
شحالكـــــــــــــــم…
بغيت ورقة عمل لمادة التاريخ في درس
الغزو المغولي ودور القوى الإسلامية في مواجهته
ابغيها اليوم بليزززززززز (ضــــروري)
ومشكوريـــــــن ماتقصـــــــــــرون…
انشاء الله يعجبكم الموضوع
أوضاع المشرق الإسلامي إبان الغزو المغولي
إن الأمة المسلمة هي صاحبة الدور المؤثر والفعال في تاريخ البشرية ، لكونها خيرا أمة أخرجت للناس، غير أن هذه الخيرية مشروطة بإقامتها لشرع الله ، لكن إن قصرت الأمة في ذلك وركنت إلى الحياة الدنيا فإن الله يسلط عليها أمم الكفر حتى تثوب إلى الله سبحانه وتعالى وتعود لقيادة البشرية إلى صراط العزيز الحميد.
أحبتي في الله ، إن استفادة الأمة المسلمة من دروس الماضي سبب عظيم من أسباب فلاحها ونجاحها بإذن الله ؛ ولعل من أعظم دروس الماضي المتجددة هي تلك الدروس والعبر المستنبطة من أحداث الغزو المغولي للمشرق الإسلامي ، وسأحاول الكتابة في الحلقات القادمة عن هذا الغزو وماهي الدروس المستفادة منه.
في البداية نستطيع القول : إن المجتمع المغولي يتكون من مجموعة من القبائل التركية والمغولية والتترية ، والتي كانت تعيش في المناطق الممتدة من نهر سيحون غرباً وحتى الحدود الشرقية للصين.
وهي قبائل بدوية تتخذ من الرعي والصيد مهنة لها.
وعن ديانة المغول يقول ابن الأثير رحمه الله : (إنهم يسجدون للشمس عند طلوعها ، ولا يحرمون شيئاً ، فإنهم يأكلون جميع الدواب ، ولا يعرفون نكاحاً بل المرأة يأتيها غير واحد من الرجال). انتهى كلامه، كذلك كانت بعض قبائل ذلك المجتمع تدين بالنصرانية.
أما العلاقة بين تلك القبائل فقد كانت علاقة دموية حيث ساد بينها التنازع والتناحر والسلب والنهب. وفي أواخر القرن السادس الهجري تمكن الأمير المغولي (تيموجين) من توحيد قبائل ذلك المجتمع بعد أن قضى على كل منافسيه ، وفي عام 600هـ أقامت تلك القبائل حفلاً عظيماً تم فيه تنصيب الأمير (تيموجين) إمبراطوراً عليهم وأسموه (جنكيز خان).
وبقدر من الله سبحانه وتعالى توجهت أنظار المغول إلى المشرق الإسلامي ، فانطلقوا كالإعصار المدمر في سنة (616هـ) بزعامة (جنكيز خان) قاصدين الدولة الخوارزمية ليقضي الله أمراً كان مفعولاً.
أوضاع المشرق الإسلامي إبان الغزو المغولي:
أولاً: الأوضاع السياسية :
لقد أدى ضياع هيبة الخلافة العباسية إلى تمزق الوحدة السياسية للعالم الإسلامي، غير أن الحديث سيقتصر على الدول التي واجهت الغزو المغولي حتى لا تتشعب الدراسة ويطول الحديث. وتلك الدول هي:
1- الدولة الخوارزمية :
وتمتد حدودها من إيران وحتى نهر سيحون. وقد كان يحكمها السلطان علاء الدين محمد خوارزم شاه من الفترة (596هـ – 617هــ ) ثم خلفه ابنه جلال الدين منكبرتي من الفترة (617هـ – 628هـ).
وتعد الدولة الخوارزمية أقوى الدول الإسلامية التي واجهت الغزو المغولي ، لكن سلسلة الحروب الجاهلية التي خاضتها مع جيرانها المسلمين ، العباسيين ، والسلاجقة ، والأيوبيين ، وما كان عليه حكامها من ظلم وفساد ، جعلها تسقط على أيدي المغول في سنة ( ثمان وعشرين وستمائة).
2- الخلافة العباسية في بغداد :
وقد تدهورت أوضاعها كثيراً ، فبعد أن كانت الخلافة العباسية ملء سمع الدنيا في عهد هارون الرشيد رحمه الله ، أصبح سلطانها في القرن السابع الهجري لا يجاوز ضواحي بغداد ، إلى أن سقطت على أي أيدي المغول في سنة ( ست وخمسين وست مائة هـ) في زمن المستعصم بالله آخر خليفة عباسي في بغداد والذي بدأت خلافته في سنة (أربعين وست مائة).
3- الأيوبيون في مصر والشام والجزيرة الفراتية:
لم يكن خلفاء صلاح الدين الأيوبي رحمه الله يحملون الروح الجهادية نفسها التي كان يحملها صلاح الدين رحمه الله ، بل انصرفوا بعد وفاته إلى التقاتل فيما بينهم للسيطرة على البلاد التي كان يحكمها صلاح الدين ، وبروح جاهلية مقيتة جعلت بعضهم يستعين بالصليبيين للاستيلاء على بلاد البعض الآخر ، وقد بلغت ببعض سلاطينهم شهوة الحكم وعبادة الدنيا حداً بعيداً ، بلغ بأحدهم أن أعطى بيت المقدس للصليبين حتى يعاونوه في حروبه للسيطرة على باقي البلاد التي كان يحكمها صلاح الدين ، وذلك كله من أجل دنياً فانية ، تعقبها حسرة وندامة ، نسأل الله السلامة والعافية.
4- دولة سلاجقة الروم :
وتقع دولتهم في آسيا الصغرى المعروفة بتركيا حالياً. وقد سموا بالروم لمجاورتهم لبلاد الروم ، وذلك تمييزاً لهم عن سلاجقة إيران الذين قامت على أنقاضهم الدولة الخوارزمية ، ولم يكن حالهم بأفضل من غيرهم بل دخلوا مع جيرانهم المسلمين في حروب جاهلية مقيتة.
5- فرقة الإسماعيلية :
وهي فرقة باطنية ظاهرها التشيع لآل البيت ، وحقيقتها الإلحاد والشيوعية والإباحية وهدم الأخلاق. مؤسس هذه الفرقة هو (الحسن بن الصباح) الذي كان يدعو إلى إمامة نزار بن الحاكم العبيدي (الفاطمي) المستنصر بالله.
وانطلاقاً من استراتيجية الفرق الباطنية التي ظهرت خلال التاريخ الإسلامي نجد أنها تختار القلاع والحصون المنيعة التي يصعب مهاجمتها ، وهذا بالفعل ما فعلته هذه الفرقة حيث تحصن أصحابها في القلاع المنتشرة في بلاد الشام وفارس وجنوب بحر قزوين ، وذلك ابتداءً من سنة (417هـ) (سبع عشرة وأربعمائة). وبمرور الوقت أصبحت تلك القلاع أوكاراً تدار فيها المؤامرات على البلاد الإسلامية ، حيث تحالف الباطنيون مع الصليبين ضد الأمة الإسلامية ، واغتالوا عدداً من القادة والوزراء والعلماء المسلمين.
وخلاصة القول في مبحث الأوضاع السياسية في المشرق الإسلامي أن حكام البلاد الإسلامية سيطرت عليهم الروح الجاهلية وأصبح كل واحد منهم يتربص بالآخر. وقد لخص ابن الأثير رحمه الله حال أولئك الحكام بقوله : ( فما نرى في ملوك الإسلام من له رغبة في الجهاد ، ولا في نصرة الدين ، بل منهم مقبل على لهوه ، ولعبه ، وظلم رعيته ، وهذا أخوف عندي من العدو ، قال تعالى : (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة).
ثانياً : الأوضاع الدينية في المشرق الإسلامي :
لقد كان الانحراف العقدي ولا يزال من أكبر أسباب تسلط الأمم الكافرة على الأمة المسلمة ، حيث رأينا فيما سبق أن ضعف عقيدة الولاء والبراء لدى حكام المشرق الإسلامي جعلت سيوفهم تتجه إلى أهل القبلة بدلاً من أن تتوحد ضد عبدة الأوثان والصلبان.
وقد مر بنا أن بعضهم تعاون مع الصليبين ضد المسلمين ، وسوف يأتي معنا لاحقاً أن بعضهم تعاون مع المغول ضد أمته ، مختارين بذلك صحبة عبد الله بن سلول ، بدل صحبة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وإلى جانب هذا الانحراف العقدي وجدت هناك انحرافات أخرى مثل ظهور الفرق الباطنية كالإسماعيلية والنصيرية ، والدرزية ، والتي عدها ابن تيمية رحمه الله من أسباب تسلط الكفرة على بلاد المسلمين.
وأما مذهب المعتزلة فإن سوقه كانت رائجة عند أهل خوارزم وما وراء النهر ، فانشغل المسلمون في تلك البلاد بالمناظرات الجدلية العقيمة التي صرفت الناس عن تعلم أمور دينهم ، وعن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.
وإلى جانب ما تقدم فإننا نجد أن التفسخ والمجون بدأ ينتشر في المجتمعات المسلمة بسبب انغماس الخلفاء والسلاطين والوزراء والأغنياء في الترف الذي أصاب الحياة فأفسدها ، وقد صاحب ذلك الترف ظهور فتنة الجواري المغنيات اللواتي ملأن القصور وشغلن الحاكم والمحكوم . هذه الظروف كلها مهدت لظهور التصوف في المجتمعات الإسلامية كردة فعل لانتشار الترف والمجون ، ومع أن المتصوفة في بدايتهم كانوا أقرب ما يكون إلى الزهد ، لكن درجة انحرافهم اتسعت مع الوقت وظهر منهم الغلاة الذين أفسدوا عقائد الناس ، وفيهم يقول ابن تيمية رحمه الله : ( وكثيراً ما كنت أظن أن ظهور مثل هؤلاء أكبر أسباب ظهور التتار ، واندراس شريعة الإسلام).
وهنا ينبغي التنبيه إلى الفرق بين الزهد والتصوف ، فالزهد في متاع الحياة الدنيا هو ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ، لكن ذلك لم يمنعه من إقامة شرع الله ، والدعوة إلى الله ، والجهاد في سبيله ، أما التصوف فهو نزعة منحرفة عن عقيدة أهل السنة والجماعة ، لأنه أصاب عقائد الناس في مقتل ، ومن أمثلة ذلك ما يلي :
1- تعطيل فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وترك الساحة للباطل يفعل فيه ما يشاء ، لأن التصوف هو عملية هروب من مواجهة الواقع ومجالدته.
2- ظهور التواكل الذي هو عكس التوكل ، فالتوكل هو الاعتماد على الله سبحانه وتعالى مع الأخذ بالأسباب ، أما التواكل عند الصوفية فهو تعطيل الأخذ بالأسباب ، والنظر إليها على أنها من مقامات العامة السذج ، الذين لم يعرفوا الله سبحانه وتعالى حق المعرفة ، ومع تعطيل الأخذ بالأسباب تشيع البطالة ، والاتكالية ، والسلبية بين الناس ، مما يصيب الأمة بالشلل ويعجل في زوالها ، وهذا ما يريده أعداء الأمة ، الذي يحرصون على إشاعة مثل هذا الفكر بين المسلمين في كل زمان ومكان.
3- الفهم الخاطئ لعقيدة القضاء والقدر ، والنظر إلى تسلط الكفرة على المسلمين بعين الرضا والتسليم ، لأن ذلك بزعمهم من أصول الإيمان بالقضاء والقدر ، وفي ذلك يذكر أحد شيوخ الصوفية ما دار في نفسه من إنكار لما جرى من المغول في حق المسلمين ، فيقول : ( فأنكرت ذلك بقلبي وقلت : يا رب كيف هذا وفيهم الأطفال ، ومن لا ذنب له ؟ فرأيت تلك الليلة في المنام رجل في يده كتاب فأخذته منه فإذا فيه :
دع الاعتراض فما الأمر لك ** ولا الحكم في حركات الفلك
ولا تسـأل الله عن فعلـــه ** فمن خـاض لجة بحــر هلك
قال : فاستغفرت الله وأمسكت). انتهى
أحبتي ، لقد أمسك ذلك الرجل حتى عن الإنكار بالقلب ، وذلك أضعف الإيمان ، نعوذ بالله من الخذلان ، وتلبيس الشيطان.
4- قتل روح العزة والكرامة في نفوس الناس ، لأن الصوفية تربية إذلال وعبودية للشيخ ، فالمريد بين يدي شيخه كالميت بين يدي غاسله ، يقلبه كيف يشاء.
وإلى جانب ما تقدم أيضاً من المخالفات الشرعية فإننا نجد أن بعض الحكام كان يتعاطى التنجيم ويرعى المنجمين ، والبعض الآخر نجد أن همته قد انصرفت إلى تزيين المقابر والأضرحة ، وبناء القباب عليها ، ووقف الحمام عليها.
هذا وقد كان للشعراء (وهم وسيلة إعلام ذلك العصر) دور خطير في إفساد عقائد الناس ، وإعاشة الحاكم والمحكوم في عالم من الوهم لم يستفيقوا منه إلا تحت ضربات سيوف المغول.
وكذلك كان لهم دور كبير في صرف الحاكم والمحكوم عن تدبر الآيات والنذر الربانية التي يذكر الله سبحانه وتعالى بها عباده حتى يستفيقوا من غفلتهم، ومن ذلك قول أحدهم عندما زلزلت الأرض بجانبي بغداد ثلاث مرات في سنة إحدى وأربعين وست مائة :
هذاالإمام أدام الله دولته** له من الجود مايغني بأيسـره
عم الأنام ندى في العيد نائله** وارتجت الأرض خوفاًمن عساكره …
الرجاء التقييم