إليكمــــــــــــ احبتي تقرير عن المحاسبه الذاتيه لنفس
موفقيـــن ان شاء الله
م
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل وسلم وبارك على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
المحاسبة الذاتية
تعريف محاسبة النفس :
قال الماوردي في معنى المحاسبة:
(أن يتصفّح الإنسان في ليله ما صدر من أفعال نهاره، فإن كان محموداً أمضاه وأتبعه بما شاكله وضاهاه، وإن كان مذموماً استدركه إن أمكن وانتهى عن مثله في المستقبل).
وأما الحارث المحاسبي فقد عرّفها بقوله:
(هي التثبّت في جميع الأحوال قبل الفعل والترك من العقد بالضمير، أو الفعل بالجارحة؛ حتى يتبيّن له ما يفعل وما يترك، فإن تبيّن له ما كره الله ـ عز وجل ـ جانبه بعقد ضمير قلبه، وكفّ جوارحه عمّا كرهه الله ـ عز وجل ـ ومَنَع نفسه من الإمساك عن ترك الفرض، وسارع إلى أدائه).
وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ:
(هي التمييز بين ما له وما عليه (يقصد العبد) فيستصحب ما له ويؤدي ما عليه؛ لأنه مسافرٌ سَفَرَ من لا يعود). وقال (فمحاسبة النفس هو نظر العبد في حق الله عليه أولا ثم نظره هل قام به كما ينبغي ثانياً) .
أهمية المحاسبة ( فوائدها ) :
1- طريق لاستقامة القلوب وتزكية النفوس ؛ فإن زكاتها وطهارتها موقوف على محاسبتها ، فلا تزكو ولا تطهر ولا تصلح البتة إلا بمحاسبتها .
2- أنها دليل على صلاح الإنسان وعلى خوفه من الله ؛ فغير الخائف من الله ليس عنده من الدواعي ما يجعله يقف مع نفسه فيحاسبها و يعاتبها على تقصيرها .
3- أنها طريق للتوبة ؛ وذلك لأنه إذا حاسب نفسه أدرك تقصيره في جنب الله ، فقاده هذا إلى التوبة .
4- الإطلاعُ على عيوبِ النفس ، ومن لم يطلع على عيبِ نفسِه لم يمكنهُ معالجتُه وإزالته .
5- معرفةُ حقُ اللهِ تعالى ، فإن أصلَ محاسبةُ النفس هو محاسبتُـها على تفريطها في حقِ الله تعالى .
6- انكسارُ العبد وتذلُلَه بين يدي ربه تبارك وتعالى .
7- معرفةُ كرَمِ الله سبحانه ومدى عفوهِ ورحمتهِ بعبادهِ في أنه لم يعجل لهم عقوبتَهم معَ ما هم عليه من المعاصي والمخالفات .
8- الزهد ، ومقتُ النفس ، والتخلصُ من التكبرِ والعُجْب .
9- ردُ الحقوقِ إلى أهلِـها ، ومحاولةُ تصحيحِ ما فات .
مشروعية المحاسبة :
يدل على محاسبة النفس ما يلي :
1- قول الله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ)) (الحشر:18) .
ففي هذه الآية أمر الله ـ سبحانه وتعالى ـ العبدَ أن ينظر ما قدم ليوم القيامة ، وهل يصلح ما قدمه أن يلقى الله به أو لا يصلح ، ولا شك أن المقصود والهدف من هذا النظر : أن يقوده ذلك إلى كمال الاستعداد ليوم المعاد ، وتقديم ما ينجيه من عذاب الله ، ويبيض وجهه عند الله ؛ وهذه في حقيقتها هي محاسبة النفس .
2- روى أحمد وغيره من حديث شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها
وتمنى على الله )) ومعنى دان نفسه : أي حاسبها .
3- ذكر الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال ( حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا ؛ فإنه أهون عليكم في الحساب غدا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم ، وتزينوا للعرض الأكبر يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ) .
أسباب فقدها :
1- المعاصي : سواء كان ذلك بفعل الكبائر أو بالإصرار على الصغائر ؛ حيث إن هذه المعاصي تسبب الران على القلب ، فإذا لم يحاسب العبد نفسه ويتوب تراكم هذه الران على قلبه ، وبقدر تراكم هذا الران تقل محاسبته لنفسه حتى يصبح قلبه لا ينكر منكراً ولا يعرف معروفاً .
2- التوسع في المباحات : لأن هذا التوسع يرغبه في الدنيا ويقلل تفكيره في الآخرة ، وإذا لم ينظر إلى آخرته ، أو قل نظره إليها قلت محاسبته لنفسه .
3- عدم استشعار عظمة الله وما يجب له من العبودية والخضوع والذل ؛ فلو استشعرنا ذلك وعرفنا لله حقه لأكثرنا من محاسبتنا لأنفسنا ، ولقارنا بين نعم الله علينا وبين معاصينا ، ولقارنا بين حقه علينا وبين ما قدمناه لآخرتنا .
4- تزكية النفس وحسن الظن بها: لأن حسن الظن بالنفس يمنع من التعرف على عيوبها وإذا لم تكتشف الداء كيف ستعالجه .
5- عدم تذكر الآخرة : والانشغال بالدنيا ولو وضعنا الآخرة نصب أعيننا لما أهملنا محاسبة أنفسنا .
آثار فقد المحاسبة :
1- عدم محاسبة النفس تسهل على العبد الوقوع في المعاصي ؛ حيث إن محاسبة النفس تجعله يندم على فعله المعصية ، وإذا ندم أوشك أن لا يعملها مرة أخرى ، أما إذا لم يأبه للمعصية ولم يحاسب نفسه عليها فإنه من السهل أن يقع فيها أو في معصية غيرها مرة أخرى .
2- يعسر عليه ترك المعاصي والبعد عنها ؛لأنه يكون حينئذ ألفها واعتاد عليها ، وتشربها قلبه فيصعب عليه تركها .
3- استثقال الطاعات؛ لأن الطاعة تحتاج إلى جهد وعزيمة ، وهذه العزيمة لا تأتي إلا بالوقوف مع النفس وقفة محاسبة ، وأخذها بالحزم والجد .
الأسباب المعينة على المحاسبة :
1-أن يدرك أنه إذا اجتهد في محاسبة نفسه في الدنيا استراح من محاسبة الله له في يوم القيامة ، وإذا أهمل محاسبة نفسه في الدنيا اشتد عليه الحساب يوم القيامة .
2- أن يدرك أن ثمرة محاسبته لنفسه سكنى الفردوس ، والنظر إلى وجه الرب سبحانه ، وعدم محاسبته لنفسه يؤدي به إلى دخول النار ، والحجاب عن الرب تعالى ، فإذا تيقن هذا هان عليه محاسبة نفسه في الدنيا .
3- الاطلاع على أخبار السلف في محاسبتهم لأنفسهم ، فعليك إن كنت من المحاسبين لنفسك أن تطالع أحوال الرجال والنساء من المجتهدين ؛ لينبعث نشاطك ويزيد حرصك ، وإياك أن تنظر إلى أهل عصرك ؛ فإنك إن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ، وسيأتي طرفاً من أخبارهم في ذلك .
4- صحبة أهل الهمة العالية المحاسبين لأنفسهم ؛ لأنك ستقتدي بهم في ذلك .
5- معرفة طبيعة النفس ؛ وأنها داعية إلى العصيان والجهل ؛ فلابد من محاسبتها وإلا قادتك إلى مهاوي الردى .
6- العلم الذي يميز به العبد بين الحق والباطل ، والهدى والضلال ، والضار والنافع ، والكامل والناقص ، والخير والشر ، ويبصر به مراتب الأعمال : راجحها ومرجوحها ، ومقبولها ومردودها ؛ وبقدر هذا العلم يكون التفاوت بين العباد من ناحية المحاسبة ، فمن كان حظه من هذا العلم أقوى كان حظه من المحاسبة أكمل وأتم .
7- سوء الظن بالنفس ؛ لأن حسن الظن بالنفس يمنع الإنسان من أن يبحث عن عيوبه ، بل وربما لبَّس عليه فيرى المساوىء محاسن والعيوب كمالاً . وعين الرضى عن كل عيب كليلة كما أن عين السخط تبدي المساويا ومن عرف نفسه حق المعرفة أساء الظن بها ، ومن أحسن ظنه بنفسه فهو من أجهل الناس بنفسه .
8- أن تقارن بين نعمة الله عليك وبين أفعالك ، فالله سبحانه أنعم عليك نعماً كثيرة وأنت لم تقم بحقها ، وحينها تعلم أنه ليس إلا أن يعفو عنك ويرحمك أو تهلك.
9- أن تقارن بين حسناتك وسيئاتك أيهما أكثر وأرجح قدراً وصفة ؛ فهذا سيعينك على محاسبة نفسك ؛ لأنك لا بد أنك ستجد معاصي عملتها ؛ إذ لا يوجد معصوم بيننا .
الآثار المترتبة على المحاسبة :
1- تحقيق سعادة الدارين ونيل رضا الله تعالى ومحبته ؛ لأنه إذا حاسب نفسه علم تقصيرها ، وأنه مهما عمل لم يقم بما طلب منه القيام به ، وأنه لو قام بما طلب منه احتاج إلى شكر الله الذي منّ عليه بأن وفقه للقيام بما أمر به ، وإذا أدرك تقصيره في جنب الله قاده ذلك إلى أن يبذل المزيد من الجهد ، وأن يتدارك النقص ، ويستعد أكمل الاستعداد ليوم المعاد ؛ ومَن هذه حاله ينال رضا الله ومحبته سبحانه.
2- يطلع على عيوب نفسه : لأنه بالمحاسبة لابد أن يجد في نفسه عيباً ، فإذا اطلع على عيبها مقتها في ذات الله تعالى ، وأما من لم يحاسب نفسه لم يطلع على عيوبها ، ومن لم يطلع على عيب نفسه لم يمكنه إزالته .
3- إخلاص النية لله : لأن المحاسبة وقفة خفية بينك وبين نفسك لا يعلمها إلا الله ، وأنت أدرى بنفسك وبحقيقة أعمالك ؛ تعرف هل عملت هذا العمل رياء أو سمعة أو عملته لله ، وهذا يقودك بإذن الله إلى أن تجعل أعمالك كلها خالصة لله.
4- استشعار المسلم للهدف الذي خلق من أجله : إذا حاسبت نفسك علمت أنك لم تخلق عبثاً ولن تترك سدى ، لم تخلق للأكل والشرب والنكاح وجمع الأموال ، خلقت لأمر عظيم وهيئت لأمر جسيم ، فحينها تستشعر الهدف الذي خلقت من أجله .
5- الاجتهاد في الطاعة : فإن الصائمين في حر النهار ما صاموا إلا بعد محاسبتهم لأنفسهم ، والقائمين الليل لماذا كانوا يقومون الليل ، والتالين للقرآن ، والباذلين أموالهم في سبيل الله ، وغيرهم ما فعلوا ما فعلوا إلا بعد محاسبتهم لأنفسهم .
6- البعد عن المعاصي صغيرها وكبيرها ؛ لأنه إذا حاسب نفسه على المعصية دعاه ذلك إلى أن لا يعملها مرة أخرى ، وبذلك يبتعد قدر الإمكان عن المعاصي .
7- الزهد في الدنيا : لأنه سيعرف حقيقة الدنيا وحقية نفسه وما تريد ، وسيدرك أن الدنيا دار ممر وفناء ، يزرع بها العبد ما يحب أن يراه غداً ، مما يجعله ينظر إلى الدنيا على أنها مزرعة للآخرة ؛ فلا ينافس أهلها عليها .
8- مراقبة الله ؛ لأنه كلما هم بمعصية حاسب نفسه ، وكلما هم بتقصير في واجب حاسب نفسه ، وهذه هي المراقبة لله حتى يصل إلى مرتبة الإحسان .
9- مقت الإنسان نفسه وإزراؤه عليها.
أنواعها وكيفية كل نوع :
أ ) محاسبة مطلقة
ب ) محاسبة مقيدة
أولاً : المحاسبة المطلقة :
والمقصود أنها غير مقيدة بوقت أو بحالة ، بل تحدث يومياً ، وذلك أنه ينبغي أن يكون له وقفة مع نفسه : في أول النهار يوصيها بالأعمال الصالحة وينهاها عن الأعمال السيئة ، ويطالبها ببعض الأعمال في هذا اليوم ، فكأنه يضع لها جدول أعمال ينبغي تحقيقه ، ويمثل لنفسه أنه مات ثم يطلب أن يعاد إلى الدنيا ولو يوماً واحداً ، فكأنه أعيد ، وهذا اليوم هو الذي سيعيشه فقط
ثانياً : المحاسبة المقيدة :بمعنى أنها تكون في وقت معين أو عند حالة معينة ، وهي هنا يمكن تقسيمها إلى أربعة أقسام :
القسم الأول : محاسبة قبل العمل :
وذلك أنه إذا أراد أن يقدم على عمل ما يقف مع نفسه وقفة محاسبة : هل يقدم على هذا العمل أو لا ؟ : فينظر هل يستطيع أن يقوم بهذا العمل أو لا ؟ ، وهل الأفضل أن يعمله أو يتركه ؟ ، وهل الدافع لعمله ابتغاء مرضات الله أو له أهداف دنيوية ؟ ، قال الحسن رحمه الله : (رحم الله عبدا وقف عند همه فإن كان لله مضى وإن كان لغيره تأخر) ، فإذا نظر في هذه الأشياء أقدم على العمل أو أحجم عنه .
القسم الثاني : محاسبة بعد العمل :
وهي على أنواع أربعة:
النوع الأول : محاسبتُها على التقصير في الطاعات في حق الله ـ تعالى ـ وذلك يكون بأن يسأل نفسه: هل أديتُ هذه الفريضة على الوجه الأكمل مخلصاً فيها لله ووفق ما جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ ثم يجبر نقصها بأداء النوافل .
النوع الثاني : محاسبتهاعلى معصية ارتكبتها: لماذا ارتكبتها ؟ ، وما الذي أغراني بها فيدفعه ذلك إلى أن يبتعد عن كل ما يمكن أن يعيده إليها بعد أن يتوب منها توبة نصوحاً ويستغفر ويعمل الحسنات الماحيةِ والمذهبة للسيئات ، كما قال الله ـ سبحانه ـ: (( ..إنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ)) (هود:114)
النوع الثالث : محاسبتها على أمرٍ كان تركه خيراً من فعله، فيسأل نفسه : لِمَ فعلتُ هذا الأمر؟ أليس الخير في تركه؟ وما الفائدة التي جنيتها منه؟ هل هذا العمل يزيد من حسناتي؟ ونحو ذلك من الأسئلة.
النوع الرابع : محاسبتها على أمر مباح أو معتاد لم فعله ؟ وهل أردت به وجه الله والدار الآخرة فيكون ذلك ربحاً لي ؟ أو فعلتُه عادةً وتقليداً بلا نيّةٍ صالحة ولا قصدٍ في المثوبة؛ فيكون فعلي له مضيعة للوقت على حساب ما هو أنفع وأنجح ؟ ثم ينظر لنفسه بعد عمله لذلك المباح، فيلاحظ أثره على الطاعات الأخرى من هل قللها أو أضعف روحها، أو كان له أثرٌ في قسوة القلب وزيادة الغفلة .
القسم الثالث : محاسبة النفس عند نهاية الأسبوع أو الشهر أو السنة ؛ فتقف مع نفسك وقفة محاسبة تكون بمثابة جرد لأعمالك ، ما ذا قدمت ؟ ، وبما ذا قصرت ؟ ، هل ازددت من الله قرباً أو ازددت منه بعدا ؟ ، هل أنت خاسر أو رابح أو حافظت على رأس المال على الأقل ؟ .
القسم الرابع : محاسبة النفس عند الأوقات الفاضلة ، والأمكنة الفاضلة : في مواسم الخير كرمضان ، وعشر ذي الحجة ، ويوم الجمعة ، وآخر الليل ، هل اغتنمها بما يقربه إلى الله أو مرت عليك دون فائدة ؟، وكذلك إذا كنت في مكان فاضل كالحرم هل اغتنمت وجودك فيه بما يقربك إلى الله أو لم تلق لذلك بالاً ؟.
علاقة المحاسبة بالتوبة:
المحاسبة لها صلة وثيقة بالتوبة ؛ وذلك لأنه إذا حاسب نفسه تبين له تقصيره في حق الله فقاده ذلك إلى التوبة ، وعلى هذا تكون المحاسبة سابقة للتوبة فالتوبة تكون بعد المحاسبة ؛ كما أنه من وجه آخر المحاسبة لا تكون إلا بعد تصحيح التوبة ، وعليه فالمحاسبة تكون بعد التوبة ؛ وليس في هذا تناقض لأن التوبة بين محاسبتين : محاسبة قبلها تقتضي وجوبها ، ومحاسبة بعدها تقتضي حفظها ؛ فالتوبة محفوفة بمحاسبتين