السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرة كنت و أخي هيكل ، نرعى بقراتنا، بين الصخور تعلقت على شفا واد بعيد الغور ،و إذا بطائر يحوم فوقنا ، ثم لا يلبث أن يزم جناحيه ، و يدخل فجوة في وسط صخرة عالية على بعد خطوات منا ، و ما هي إلا دقيقة حتى يخرج منها و يحلق بعيدًا .
”هنالك وكر“ قال أخي صائحًا ، و بلمحة الطرف ، وثب إلى حيث الصخرة ، طفق يتسلقها بيديه و رجليه ، بعد أن تسلقها بعينيه ، و أنا أرقب حركاته مشدوهًا ، أخذتني الرجفة ، و طفر الدمع من عينيَّ ، إنها مغامرة ستنتهي حقًّا بكارثة .
هذا أخي يتسلق أعلى فأعلى غير آبهٍ بتوسلاتي ، حقًّا إنه لبطل ، إنه يصنع العجائب ، يدخل الفجوة ليطل منها بعد لحظات و في يديه فرخان كبيران يرميهما لأتلقاهما ، ما أجملهما !
إنهما من الكواسر ، شرسا النظرات ، و على الرغم من ضعفهما ، كانا يحاولان أن يدافعا عن نفسيهما ، بمنقاريهما الواسعين ، و بمخالبهما ، إلا أن منظرهما لم يصرفني عن خوفي على مصير أخي ، لقد صعد بأعجوبة ، فكيف ينزل؟ لكن …ما هذا ؟ أمر لم أحسب له أي حساب … إنها الأم تعود ، و تبدأ المعركة بينها و بين أخي ، تهجم عليه ، تضربه بجناحيها ، تبتعد و تقترب و قد جُنَّ جنونُها ، فما بقيت تبالي بحياتها .
و يدوم الصراع ، و تتم العجيبة بعد لحظات حسبتها دهورًا ، فأخي على الأرض لم يصب بأي أذى ، و تخسر الوالدة المعركة ، فتطير بعيدًا تاركة بين أيدينا العابثة فلذتين من كبدها ، لقد ظنت وكرها أمنع من أن يقتحمه عدو جاهل و مغرور ، يا ويلها ! فهي لم تحسب حسابًا لولدين ، جازف أحدهما و حرمها طفليها طمعًا في اكتشاف المجهول ، و ها هو الثاني يروي للناس مأساتها ، و مأساة الطفلين اللذين قضيا جوعًا أمام عينيه بعد أن أعجزه الإتيان بالطعام المناسب لهما .
والبوربوينت في المرفقات..
منقول..