السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
علم الوراثة البشرية والهندسة الوراثية لهما أهمية عظيمة في جوانب كثيرة من حياتنا
وهنا نستعرض ونناقش أهم أساسيات هذا العلم
الخلية والكروموسومات (الصبغيات):
يتكون الإنسان من بلايين الخلايا ، أي إن الخلية هي الوحدة التكوينية الأساسية لجسم الإنسان. كل خلية تحتوي على 46 كروموسوم مرتبة في شكل أزواج (23زوج من الكروموسومات) بحيث إن كل كروموسومين متشابهين (من ال 46 كروموسوم) يكونان زوجاً، وهكذا مع بقية الكرموسومات. ونجد في الزوج الواحد (من ال 23 زوجاً من الكروموسومات) يكون أحد الكروموسومين آت من الأب والآخر من الأم، وهكذا في بقية الأزواج. أي أن الكروموسومات أيضاً تتزاوج حيث لا يمكن أن يتلاصق كروموسومين (في الحالة الطبيعية) إلا أن يكون أحدهما من الأب والآخر من الأم.
مكونات الكروموسومات:
ماذا في داخل هذه الكروموسومات وكيف تحفظ المعلومات في داخلها؟
يحتوي الكروموسوم على الحمض النووي دي أن ايه ( dna ). تخيل الدي إن أي مثل عقد من اللؤلؤ طوله بآلاف الأمتار ولكنك لا تراه بالعين المجردة، وهو أرق من خيط الملابس بملايين المرات. هذا العقد الطويل (dna) يجدل ويطوى طياً محكما ويرص ويصف بشكل بديع ليصبح كروموسوماً. فالكروموسوم في الواقع عبارة عن خيط طويل ملتف من الحمض النووي ( dan ) . وكما أن عقد اللؤلؤ الطبيعي يحتوي على حبات لؤلؤ مرصوصة على طوله، فأيضاً الحمض النووي (dan ) يحتوي على حبات مصفوفة على طوله تسمى مورثات أو جينات. يوجد (100000) جين موزع على ال 46 كروموسوم ( 100000 حبه لؤلؤ في كل العقود ). تحتوي هذه الجينات على وصفات ( كمقادير إعداد الطعام ) لتحضير جميع البروتينات بأنواعها. (فالبروتينات هي المواد الأساسية لبناء الخلية ولاستمرارها في العمل). وفي عقد اللؤلؤ نجد أن حبات اللؤلؤ مرصوصة على طول العقد، كذلك الجينات (المورثات في الكروموسوم) كل واحدة منها لها مكانها الخاص والمحدد على طول الكروموسوم.
تخصص الخلية:
كل خلية بها نفس عدد الكروموسومات الموجودة في بقية الخلايا (وهي 46 كروموسوم)، لذلك فإن كل خلية تحتوي نفس الوصفات الوراثية (المعلومات) لتحضير جميع البروتينات. أي أن كل خلية لديها القدرة لإنتاج جميع البروتينات من غير استثناء، ولكن في الحقيقة لا تقوم كل خلية بإنتاج جميع البروتينات، ليس لأنها لا تستطيع ولكن لأنها لا تحتاج جميع البروتينات، فلذلك على حسب تخصص الخلية ومكانها في الجسم تنتج المواد التي تحتاجها، أما بقية المواد الأخرى فلا تقوم بتصنيعها. فمثلاً خلايا الكبد تنتج فقط المواد التي تحتاجها، وكذلك خلايا المخ تقوم بإنتاج المواد التي تحتاجها خلايا المخ فقط، حتى وإن كان لديها القدرة على إنتاج جميع المواد. فلكل عضو وظيفة خاصة به، فالكبد لها وظيفة معينة والعين لها وظيفة معينه، وكذلك لبقية الأعضاء.
وهذا من بديع صنع الله سبحانه وتعالى وقدرته.
إذا فهمنا هذا الأمر فإنه يسهل علينا معرفة سبب إصابة عضو واحد أو عدة أعضاء محدودة في الجسم عندما يصاب أحد الجينات بعطب، مع أننا نعلم أن هذا العطب موجود في جميع الخلايا.
مثال:إذا أصيب جين بعطب، وكان هذا الجين مهماً لقيام المخ بوظائفه الطبيعية، فإن هذا العطب يكون موجوداً أيضاً في خلايا جميع الأعضاء لكنه لا يؤثر إلا على من يحتاجه وهو المخ، فلن يصاب القلب مثلاً بمرض لأن خلاياه لا تستخدم هذا الجين المعطوب. وقد يصاب أكثر من عضو في آن واحد إذا كان الجين المعطوب مهماً للأعضاء التي ظهر فيها المرض.
تكوين الجنين:
يبدأ خلق الإنسان من خليه واحدة. تحتوى هذه الخلية على 46 كروموسوم آخذة شكل 23 زوجاً. كل زوج عبارة عن كروموسومين متشابهين إلى حد كبير. وأحد هذه الكروموسومات أتى من الأب والآخر من الأم.
ولكن كيف يأخذ الجنين الكروموسوم من أبويه؟
يجب أن نعرف أولاً أن الحيوانات المنوية والبويضات تسمى خلايا جنسية، أما بقية الخلايا فهي تسمى خلايا جسدية أو خلايا غير جنسية.
تنتقل الكروموسومات من الأبوين عن طريق البويضة (من الأم) والحيوان المنوي (من الأب). فوظيفة البويضة والحيوان المنوي حقيقة هي نقل الكروموسومات من الأم والأب لتكوين الجنين، والفرق بين الخلايا الجنسية (البويضة والحيوان المنوي) والخلايا الجسدية (الخلايا الأخرى في باقي الجسم) هو أن عدد الكروموسومات في الخلايا الجنسية هو 23 كروموسوم فقط، بينما عدد الكروموسومات في الخلايا الجسدية هو 46 كروموسوم. فعندما يلقح الحيوان المنوي البويضة (أي تندمج مع بعضها 23 كروموسوم من الحيوان المنوي + 23 كروموسوم من البويضة) فإن العدد الكامل للكروموسومات يكتمل فيصبح دخل الخلية الجديدة هذه 46 كروموسوم. ومن هنا يبدأ خلق الإنسان.
وعبر سلسلة طويلة ومحكمة من انقسام لهذه الخلية والخلايا الأخرى الناتجة منها ليصبح إنساناً كاملاً. لذلك نقول أن كل إنسان يبدأ حياته بخلية واحدة فيها 46 كروموسوم إلى أن يكتمل البناء.
فسبحان الخلاق العظيم.
تحديد جنس الجنين:
جميع البويضات الموجودة في مبيض المرأة متشابهة حيث تحتوي كل واحدة منها على كروموسومات من نوع (x) ، بينما يختلف الأمر عند الرجل، فيوجد نوعان من الحيوانات المنوية في الخصية، فبعض الحيوانات المنوية تحتوي على كروموسوم من نوع (x) والبعض الآخر يحتوي على كروموسوم من نوع (y).
لذلك إذا لقح حيوان منوي يحمل على كروموسوم (x) بويضة فإن الزوجان يرزقان بابنه بإذن الله [(x) من الأب + (x) من الأم = (x x )أنثى] أما إذا كان الحيوان المنوي يحمل كروموسوم (y) فإن المولود يكون ولد بإذن الله [(y) من الأب + (x) من الأم = (xy )ذكر].
وبأسلوب آخر: إن الخلية الناتجة من تلقيح واجتماع الحيوان المنوي مع البويضة تكون إما ذكراً أو أنثى، فإذا كان الحيوان المنوي الذي استطاع تلقيح البويضة من نوع (y) فإن الخلية الناتجة ستتطور فيما بعد إلى جنين ذكر، [(y) من الأب + (x) من الأم = (xy )ذكر]. أما لو كان الحيوان المنوي من نوع (x) فإن الخليةالناتجة ستتطور وتكون أنثى بإذن الله تعالى وقدرته. [(x) من الأب + (x) من الأم = (x x )أنثى].
م/ن