التصنيفات
الصف السابع

حل درس الدولة العباسية / ف3 / تاريخ / الصف السابع -التعليم الاماراتي

حل درسس : عصر آلدولة آلعبآسية \ آلفصل آلدرآسي آلثآلث!

نشآط صـ151
– في آي ……
132 هجري
– كم سنه …..
524 سنة
– مآ آلآحدآث ……
سقوط الدولة الاموية وقيام الدولة العباسية
– ما الحدث ……..
سقوط بغداد على يد المغول
– كم سنة …..
424 سنة

مراجعه صـ152
– مآ آلمقصود ……
مراكز دفاعية مجهزة بالرجال والأسلحة لحماية حدود الدولة الإسلامية

نشآط صـ153
تعآون مع زملائك لتصنف ….
– آلآقتصآد : آهتم بآلزرآعة
– آلعلم : حول بغداد إلى قبلة لطلاب العلم ، طور "بيت الحكمة"
– القوة العسكرية : أعاد الاسطول الإسلامي نشاطه وحيويته ، نظم التغور المطلة على بلاد الروم

تعاون مع زملائك في ……..
– قيادة الجيوش بنفسه

مراجعه صـ155
– حلل آوضآع …….
وجود دويلات مفككة آدىّ إلى سقوط الدولة العباسية .

نشآط صـ156
– صف آلمشهد ……..
مشهد يدل على وحشية هولاكو
– ما الاعمال ……….
1- قتل الناس 2- تخريب المساجد 3- إشعال النيران
– مآ رآيك …………
هم أعداء الحضارة الإنسانية

نشآط صـ157
– آلسبب :
ظهور الدويلات المستقلة
– لماذا :
أدىّ ذلك إلى تفكك بغداد وسيطرة هذه الدويلات على بغداد

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف السابع

حل درس خدمات الدولة للصف السابع

-اذكر بعض الخدمات ………………..
الخدمات الامنيه / الخدمات التعليميه / الخدمات الصحيه / الخدمات الاعلاميه.
-بين المزايا الرئيسيه …………
1- بنا المدارس ورياض الاطفال في مختلف مناطق الدوله .
2- مجانيه التعليم .
3- تطور المناهج المدرسيه .
-بين الفوائد التي تعود على الوطن ………….؟
* النهوض بالوطن في شتى المجالات .
* التقدم العلمي والتكنولوجي في الدولة.
– علل اهتمام الدولة وبخاصه المتقدمة منها بتوفير نضم …………؟
* من اجل اعداد جيل واعي ومثقف قادر على النهوض بالدولة .
* من اجل تقدم ونهضه الدوله في كافه الميادين .
– ما مقترحاتك لدفع الطلاب …………….؟
توفير فرص العمل / تقديم الحوافز الماليه / نشر التوعيه التعليم الفني .
– اذا اردت الانخراط في سلك الجنديه فما الكليه العسكريه التي ترغب في الالتحاق بها ولماذ؟
* الكليه الجويه لاني احب الدفاع عن وطني واحب الطيران .
– ما الدور الدي يمكن ان تلعبه لخدمة وطنك …………؟
*معالجه المصابين / التدرب على الاسلحة الحديثه .
– اذكر امثله لمساهمه القوات المسلحه في الاعمال غير الحربية خارج الدولة؟
* مساعدة جنوب لبنان -تقدم خدمات صحيه في العراق -مساعدة المنكوبين .
اما عن ص70 وص 72طلعو الاجوبه من النت وشكرا

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الثامن

ملخص : الدولة الحمدانية وغيرها من الدول للفصل الثاني -مناهج الامارات

الدولة الحمــدانية (929 ـ 1015م)

ونسبها يعود الى حمدان بن حمدون من قبيلة تغلب العربية ، وهي شيعية المذهب تأسست أولا بشمالي العراق ، واتخذت الموصل عاصمة لها ، وذلك في عهد أميرها ناصر الدولة ابو محمد الحسن 929ـ 968م .

وفي عهد أميرها ( سيف الدولة ابو الحسن علي) استولوا على حلب وحمص ، فكونوا دولتهم بالشام على حساب الإخشيديين ، وفي بلاطهم بحلب ازدهرت الحركة الفكرية ، فكان الفارابي واحدا من الإعلام الذين احتضنهم بلاط الحمدانيين ، كذلك كان ( المتنبي ) الشاعر العربي خالد الصيت الذي خلد بأشعاره قتال الحمدانيين ضد البيزنطيين .

وعندما ناءت هذه الأمارة بعبء الصراع ضد البيزنطيين من ناحية والفاطميين من ناحية أخرى ، ضمها آخر أمرائها ( مرتضى الدولة ابو نصر منصور ابن لؤلؤ ) الى الفاطميين سنة 1015 م .

دولة بني طــاهر (820 ـ 872م)

وهي ثالث حالة انفصال عن الدولة العباسية بعد الأدارسة في المغرب و الأغالبة في تونس .

أسسها طاهر ابن الحسين الخراساني ( الأعور) ، كان المأمون قد كافأه على القتال معه ضد أخيه الأمين ! ، وبعد الانتصار ، جعل خراسان له ولمن يرثه ولاية خالصة .

ووسع بنو طاهر نطاق ولايتهم حتى حدود الهند ، ونقلوا قاعدتهم من الري الى نيسابور ، حيث ظلت لهم السلطة حتى أزاحهم الصفاريون سنة 872 م

دولة بني صـــفار (867 ـ 908م)

يرجع تأسيس الدولة الصفارية الى يعقوب بن ليث الصفار . وكان هذا كما يستدل من اسمه يشتغل في النحاس ظاهرا ، ويشتغل بأعمال اللصوصية سرا .

وكان لمهارته وفروسيته وشدة شوكته ، قد استرعى انتباه عامل الخليفة على سجستان ، ونال إعجابه ، فعهد اليه بقيادة الجيش ، والظاهر انه خلف الوالي نفسه .

أخذ يعقوب يتوسع بولايته حتى شملت فارس والهند ، وأخذ يتهدد بغداد العاصمة وخليفتها ( المعتمد ) ، ولم يطل أمد الدولة الصفارية إذ انتهت الى دولة جديدة هي السامانية بعد 41 سنة من حياتها .

دولة بني سامان ( 874 ـ 999 م)

حكم بنو سامان فارس وما وراء النهر مدة 125 عاما ، ويرجع نسبهم الى سامان أحد نبلاء ( بلخ ) من أتباع زرادشت ( . وكان مؤسس دولتهم ( نصر بن أحمد ) 874 ـ 892 م ، الا ان موطد أركان الحكم ، هو اسماعيل أخوه ، فهو الذي انتزع خراسان من قبضة بني صفار عام 903 م .

نشأ بنو سامان عمالا مسلمين لبني طاهر ، ثم ما لبثوا ان وسعوا حكمهم حتى شمل سجستان و كرمان و جرجان و خراسان ، وتمتعوا بسلطة مستقلة ، وان كانوا يدينون في الظاهر للخليفة في بغداد ، وكانوا في نظره أمراء أي حكاما لهذه المقاطعات بل عمالا على الخراج لا أكثر ، برغم استقلالهم في الشؤون الداخلية .

وعلى يد السامانيين تم للاسلام تدويخ ما وراء النهر نهائيا ، وكادت بخارى عاصمتهم و سمرقند سيدة مدنهم ان تسبقا بغداد بالعلم والفن . وقد قدم الرازي الشهير كتابه الطبي المعروف ب ( المنصوري ) نسبة لأميرهم المنصور .

كما ان الأمير الساماني ( نوح الثاني ) 976 م استدعى )( ابن سينا ) وكان يافعا تحت العشرين من عمره الى بخارى وهيئ له خزانة كتبها الملكية ، وظهر فيها الشاعر ( الفردوسي ) والمؤرخ ( البلعمي) وهم اول من عاد ليكتب بالفارسية ويترجم من العربية للفارسية .

الغزنـــويون (962 ـ 1186م )

كان من بين الموالي الأتراك لبني سامان رجل اسمه ( ألب تكين ) أسندت اليه المناصب العالية ، وكان آخر الأمر رئيسا للحرس ثم والي خراسان عام 961 ، ثم خلعه الأمير الساماني ، فهرب الى الشرق وانتزع ( غزنة ) في أعالي الجبال في أفغانستان وأنشأ بها دولة مستقلة نمت وكبرت ، بفضل صهره ( سُبكتكين ) ( 976 ـ 997م).

وكان أمراء غزنة الستة عشر من سلالة هذا الصهر . وكان أعظم من ظهر في هذه الدولة محمود الغزنوي ( 999 ـ 1030م ) ابن ( سُبكتكين ) وقد قام هذا بسبعة عشر حملة على الهند والبنجاب و قصبتها ( لاهور ) أدت الى الاستيلاء عليها ، وبعض أنحاء السند ثم اتجه غربا حتى احتل إيران كاملة ، وهو أكبر توسع يمهد للانقضاض على قلب الدولة العباسية في بغداد .

دولة بني بويـــه ( 932 ـ 1xxxم )

ينحدر أمراء هذه الدولة من أصول عرقية غير عربية ، فهم من قبيلة جبلية سكنت الديلم على الساحل الجنوبي من بحر قزوين ، ولقد بدأت حياتهم الإدارية والسياسية في خدمة آل سامان ثم بدأت عملية تكوين إمارتهم في عهد أميرهم ( عماد الدولة ـ أبو الحسن علي ) 932 ـ 949م ، بعد احتلالهم أصبهان ثم شيراز 16
عاصمة لدولتهم .

وفي عهد ثالث أمرائهم ( معز الدولة أبو الحسين أحمد بن بويه ) ، امتد نفوذهم الى بغداد ، فسيطروا على خليفتها الذي أصبح لعبة في أيديهم ، تولية وعزلا ، بل وقتلا .. ولقب أمرائهم منذ ذلك الحين بلقب : أمير الأمراء ، وأضيفت أسماؤهم الى أسماء الخلفاء في خطبة الجمعة ، وعلى النقود المسكوكة .

وفي عهد خامس أمرائهم ( عضد الدولة أبو شجاع فناخسرو ) 979 ـ 983 م ، اتسعت دولتهم حتى قاربت خلافة هرون الرشيد ، كما نافست في الفكر والإنشاءات دولة العباسيين .

فاتصل ببلاط عضد الدولة الذي تلقب بلقب ( شاهنشاه ) وجهاز دولته، أعلام في الفكر والطب والتاريخ من أمثال ( مسكويه ) 1030م و الرازي الطبيب والفيلسوف 923م والمتنبي 965م وأبو علي الفارسي 987م .

كما ازدهر في ظل هذه الدولة ذات المذهب الشيعي ، نشـاط جماعة ( أخوان الصفا ) ، وعرف فكر المعتزلة صحوته من خلال تسامح الدولة معه ، وكان إمام المعتزلة ( عبد الجبار احمد ) 1024م قاضي القضاة للدولة . كما تولى وزارة الدولة ( الصاحب بن عباد ) 995م الذي كان على مذهب أهل العدل والتوحيد .

وقد انهارت دولة بني بويه ، بدخول القائد السلجوقي ( طغرل بك ) الى بغداد عام 1xxxم ، في عهد الأمير البويهي الثالث عشر ( الملك الرحيم ابو نصر خسروفيروز )

الدولة السلجوقية ( 1037ـ 1186م )

يرجع نسب هذه الدولة الى قبيلة ( الغز ) التركمانية ، وهي من القبائل الرحَل ، تبعت زعيمها ( سلجوق ) ، فانحدروا من سهول قرغيز ببلاد التركستان الى ناحية ( بخارى ) حيث اعتنقوا الاسلام ، وتمذهبوا بالمذهب السني ، وبالغارات والحروب وصلوا خراسان ثم استولوا على (مرو ) و نيسابور و بلخ و جرجان و طبارستان و خوارزم و همذان والري و أصبهان ، فاقتطعوا بذلك أجزاء من الدولة الغزنوية والدولة البويهية ، ولقد اتخذوا من ( أصبهان ) عاصمة لهم و تلقب أميرهم بلقب ( السلطان ).

وفي عهد ( ركن الدولة طغرل بك ابو طالب محمد بن ميكائيل بن سلجوق ) 1037 ـ 1063م ، أزاحوا عن بغداد وخليفتها ـ الذي كان آنذاك (القائم) الخليفة العباسي السادس والعشرون ، نفوذ بني بويه ومارسوا هم السيطرة فيها ، ثم امتدت دولتهم فشملت الشام بعد ان اقتطعتها من الدولة الفاطمية ، وحاربت جيوشهم ، الروم البيزنطيين ، فانتزعت منهم آسيا الصغرى ، حيث نشروا فيها الاسلام و أقاموا بها إحدى إماراتهم التي تصدت مع إمارتهم في الشام لغزوات الصليبيين .

وقد عرفت هذه الدولة غير العربية ، عهدا من الازدهار التعليمي والفكري ، على عهد وزيرها الفذ ( نظام الملك ( ابو محمد الحسن الدهستاني (1018ـ 1092م ) الذي أسس المدرسة ( النظامية) في بغداد . وفي العهد هذا عاش وكتب وانتج أعلام منهم ابو حامد الغزالي 1059ـ1111 وعمر الخيام 1121م.

وقد صدت هذه الدولة غير ذي مرة ، وشوك سقوط بغداد والخلافة فيها لصالح الفاطميين أصحاب المذهب الشيعي .

الدولة الزيــادية (في اليمن 817 ـ 1160م )

أسسها محمد بن ابراهيم الزيادي ، بناء على نصيحة من الوزير الحسن بن سهل للمأمون ، لإيقاف المفسدين في تهامة والانفصاليين . فجعل المأمون ولاية اليمن لهذا الرجل ، وجعل ولاية العهد فيها من ذريته .

فاختط الزيادي هذا والذي ينتسب الى زياد بن أبي سفيان ، مدينة (زبيــد) سنة 818م ، لتكون حاضرة تهامة ومركزا لها ، وهي أول دولة مستقلة في اليمن بعد الاسلام .

الدولة اليعفرية (اليمن 861 ـ 997م )

نسبها يعود الى ( يعفر بن السكسك بن وائل بن حمير) ، أحد ملوك حمير قبل الاسلام . ومؤسسها هو ( يعفر بن عبد الرحيم بن ابراهيم الحوالي ) ، الذي كان أبوه عبد الرحيم نائبا عن والي الخليفة المعتصم في نجد يمن وصنعاء .

ولما توفي عبد الرحيم أصبح ( يعفر ) واليا ، والذي يعتبر مؤسس للدولة اليعفرية المستقلة في صنعاء . ورغم استقلالها فقد كان يدفع خراجها لآل زياد ويحمل لهم ل ( زبيد ) ، وكأنه عاملا لهم او نائبا عنهم على تلك المنطقة .

الدولة الأرتقية 1101 ـ 1408م

تنسب الدولة الأرتقية هذه الى ( أرتق بن أكسب التركماني ) وهو مملوك من مماليك السلطان ملكشاه السلجوقي ، وقائد من قواده .

ورغم أنها مملكة صغيرة تقع شمال العراق ، فقد انقسمت منذ بدايتها الى قسمين : مملكة ( الحصن ) وملوكها ثمانية انتهت على يد الأيوبيين عام1223 م . ومملكة ( ماردين ) وملوكها (16) التي انتهت على يد العثمانيين سنة 1408 م .

دول الأتـــابكة

وهي حوالي 12 أتابكية صغيرة ، كل حكامها ذو أصول تركية . منها أتابكية دمشق و أتابكية سوريا و أتابكية سنجار و أتابكية الجزيرة و أتابكية أربيل و أتابكية أذربيجان و أتابكية فارس و أتابكية لورستان و أتابكية خوارزم و أتابكية أرمينية و أتابكية الموصل و التي خرجت منها الدولة الزنكية .

الدولة الزنكية ( 1127 ـ 1250 م)

انطلقت تلك الدولة من أتابكية الموصل .. وأسسها عماد الدين الزنكي وهو ابن رقيق تركي . وقامت كمؤسسة فروسية عسكرية ، تمثل الاستجابة للتحديات التي فرضتها الحملات الصليبية ، وكانت الخطوة الحاسمة عندما تقدمت جيوشها نحو الغرب فوحدت دمشق مع الموصل، وانتقلت عاصمتها الى حلب ، كي تقود منها عن قرب ، الصراع المظفر الذي قامت به ضد الصليبيين ، وكان ذلك في عهد سلطانها الملك العادل ( نور الدين الزنكي ) الذي حرر الرها و أقساما من انطاكية من الصليبيين .

وفي مرحلة من مراحل صراع نور الدين زنكي ضد الصليبيين ، ركزوا على مصر مستغلين الخلافات الداخلية ، بين وزيري ( العاضد) الخليفة الفاطمي آنذاك ، ( شاور ) الذي استعان بالصليبيين وحالفهم و (ضرغام ) الذي كان يريد محاربة الصليبيين ونفوذهم في مصر .

فاستعانت الخلافة الفاطمية ، بجيش ( نور الدين ) السني ، وتوحدت جهودهما أمام الخطر المشترك فانحسرت موجة التهديد والغزو الصليبي عن مصر . وتحول قائد جيش نور الدين بمصر ( صلاح الدين الأيوبي) من منصب الوزارة الى منصب السلطان ، بعد وفاة الخليفة العاضد في عام 1171 م .

الدولة الأيوبية 1171ـ 1250 م

أسسها صلاح الدين الأيوبي ، واسمه يوسف بن أيوب بن شاذي ولد في تكريت على نهر دجلة من أبوين كرديين عام 1138 م . وتعرف عليه نور الدين زنكي من خلال عمه ( شيركوه ) ، وهو أحد أعوان نور الدين القديرين ، وبعد موته ، عين صلاح الدين خلفا له ، وفي سنة 1169 م أسندت اليه الوزارة في مصر ، فأمر الناس أن يدعوا للخليفة العباسي وكذلك الخطباء في المساجد وقد تم له ذلك دون عناء.

والدولة الأيوبية مؤسسة ذات طابع حربي ، تأسست كرد فعل ضد الكيانات الاستيطانية الصليبية . فكانت الفروسية في معسكراتها ، هي مصدر جيشها الكبير المكون من عناصر الرقيق التي تجلب في سن مبكر لتنشأ نشأة إسلامية عسكرية .

وكانت تقطع لتلك المعسكرات الأراضي الزراعية ، ليكون منتوجها مصدر رزق وتمويل لها لقاء الذود عن أراضي العباد .

ولقد قامت كدولة سنية محافظة بتصفية مراكز الفكر الشيعي من مصر . فأغلقت الجامع الأزهر خمس سنوات حتى حولت مناهجه من الشيعة الى السنة . وبددت مكتبات القاهرة التي لم يكن لها في عصرها نظير . وطاردت دعاة الفاطميين ، وقضت على بقايا عسكرهم وحرسهم الخاص . و أقامت المدارس السنية والتكايا ، وشجعت حركات التصوف كي تملأ الفراغ الذي ظهر بغياب الفكر الشيعي .

وعلى الجبهة العسكرية ، قاد صلاح الدين سلسلة من المعارك ضد الغزاة الصليبيين وكياناتهم في فلسطين ، حتى استقر و لا يزال في ضمير الأمتين العربية والإسلامية ، كواحد من ابرز قادتها العظام ، وفي هذه المعارك حرر كثيرا من المدن والحصون التي كانت في حوزة الصليبيين ومن بينها القدس .

وبعد صلاح الدين وفي عهد خلفاءه ، كانت إدارة الدولة مزيجا من المركزية و اللامركزية . ولقد تعاقب على الملك في عهد الأيوبيين ثمانية سلاطين هم : صلاح الدين ( 1169 ـ 1193م) والملك العزيز (عماد الدين ) ابو الفتح عثمان ( 1193 ـ 1198م) والملك الكامل (أبو المعالي) محمد ، ومن ثم الملك العادل سيف الدين ابو بكر احمد ومن بعدهم الملك العادل الثاني والملك الصالح ( نجم الدين ) أيوب زوج شجرة الدر ( 1240 ـ 1249م) ، وآخر ملوكهم الملك المعظم توران شاه 1250 وبمقتل الأخير تولت شجرة الدر أرملة الملك الصالح نجم الدين أيوب ، الحكم الذي انتقل من خلالها الى المماليك .

خاتمة:

وهكذا نكون بمحاولتنا المتواضعة ، قد غطينا معظم الدول والإمارات التي تداخلت مع حكم العباسيين ، عدا الحكم في الأندلس الذي كان يتمتع باستقلالية مطلقة .

ولاحظنا كيف ان الفتور القومي من خلال الاختلاط بالزواج والاعتماد على غير العرب قد أضعف الدولة ومركزيتها ، وكذلك الترف والبذخ والضرائب الثقيلة كيف ساهمت هي الأخرى في الاستجابة لأي تغيير ، كما ان طريقة الحكم وولاية العهد البعيدة كل البعد عن الشورى والديمقراطية قد جعلت الاخوة وأبناء العمومة يتربصوا ببعض من أجل الحكم .

كما ان اختلاط الأصول المعرفية والديانات قد هيأ الجو لاضعاف الدولة العباسية ، وسقوط بغداد عاصمتها على يد ( هولاكو ) عام 1256 م ، وانتقلت الخلافة العباسية اسميا الى القاهرة في عهد المماليك لكن دون أي أثر فعلي لها .
انتهى

تحيـآآآتي

مشرفة القسم

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الثامن

تقرير عن الدولة الاموية.. للصف الثامن

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,..

الدولة الأموية

بعد أن قتل الخوارج الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في مسجد الكوفة سنة 40 هـ بايع أهل الكوفة إبنه الإمام الحسن بن علي … ولكن معاوية كان مازال يطالب بالخلافة لنفسه، فرأى الحسن النزول له عنها حقناً لدماء المسلمين .. فبويع معاوية في الشام، وانتقلت العاصمة من الكوفة إلى دمشق، وكان ذلك آخر العهد بدولة الخلفاء الراشدين وبداية للدولة الأموية الإسلامية ..
معاوية بن أبي سفيان :
ينتسب معاوية بن أبي سفيان، مؤسس الدولة الأموية التي دان لها المسلمون قرابة تسعين سنة ، إلى أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ، وأمه هي هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف .. وكان أمية من سادة قريش في الجاهلية، وكذلك كان هاشم بن عبد مناف ، لهذا لا نعجب إذا تنافس هذان البطنان على رياسة قريش، وكان أمية كثير المال والعيال ، فكان له عشرة أولاد امتازوا بالشرف والسيادة ومنهم حرب وسفيان وأبو سفيان .. وكان حرب بن أمية قائد قريش يوم الفجار ، كما قاد أبو سفيان قريشاً في حروبها ضد النبي عليه السلام ، وهو صاحب العير القادمة من الشام إلى مكة ، والتي وقعت من أجلها غزوة بدر الكبرى .. وكان قائد الجيش النافر وقتئذ لحماية قريش ، عتبة بن عبد شمس جد معاوية لأمه .. فكان أبوه صاحب العير، وجده صاحب النفير، وبهما يضرب المثل فيقال للخامل : ( لا في العير ولا في النفير) .. وقد ولد معاوية بن أبي سفيان بمكة قبل البعثة بخمس سنين ..

إسلامه :

أسلم معاوية يوم فتح مكة، هو وأبوه وأخوه يزيد وأمه هند .. وصل معاوية إلى ثلاث وعشرون سنة، فاتخذه الرسول صلى الله عليه وسلم كاتباً للوحي .. ولما فتحت مكة في السنة الثامنة للهجرة أراد أبو سفيان أن يمنع الأذى والمذلة عن قومه ، وأنهى العباس ذلك إلى الرسول، فأمر منادياً ينادي بمكة : ( من أغمد سيفه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ) .. وبذلك سوى الرسول بين بيت أبي سفيان وبيت الله ، وهو شرف عظيم لم ينله أحد مثله، فلا نعجب بعد ذلك إذا أسلم كثير منهم وأخذوا يعملون على نشر الإسلام ومد فتوحاته ..

معاوية في عهد الخلفاء الراشدين :

أبلى بنو أمية بلاءاً حسناً في حروب الردة، وسار بعضهم إلى الشام، فاشتهر أمرهم وعظم ذكرهم، ومنهم يزيد بن أبي سفيان الذي ولاه أبو بكر قيادة الجيوش الأربعة التي أنفذها لفتح الشام .. وقد ولاه عمر دمشق ، كما ولي أخاه معاوية بعض ولايات بلاد الشام .. فلما مات يزيد أضاف عمر إلى معاوية ما كان لأخيه .. ولما تسلم عثمان بن عفان الخلافة ولي معاوية الشام كلها ، ثم استقل بهذه البلاد بعد مقتل عثمان .. وعندما بويع علي بن أبي طالب في المدينة امتنع معاوية عن المبايعة له ، متهماً إياه بالهوادة في أمر عثمان وإيوائه قتلته وعدم القصاص منهم .. وبايعه أهل الشام على المطالبة بدم عثمان ومحاربة علي ، مما أوقع الخلاف والشقاق بين أهل العراق وأهل الشام .. وقصارى القول فإن بيت عبد شمس انتقل من السيادة في الجاهلية إلى السيادة في الإسلام.

صفات معاوية :

كان معاوية داهية من دهاة العرب، ومن أوفرهم حظاً في السياسة .. وكان حسن التدبير لأمور الملك ، يحلم في مواضع الحلم ويشتد في مواضع الشدة .. وكان سخياً مضيافاً لأشراف رعيته .. وقد استطاع أن يجذب إليه الرجال ذوي الآراء المعتدلة في الأحزاب المعارضة ، فاستطاع أن يكبح جماح المسلمين عامة والخوارج خاصة .. وخضع له من أبناء المهاجرين والأنصار من يعتقد أنه أولى بالخلافة.

وصية لإبنه قبيل وفاته :

لما مرض معاوية مرض الموت أوصى ابنه يزيد وصية تدل على سداد رأيه وخبرته بالأمور ومعرفته بالرجال فقال له : أنظر إلى أهل الحجاز، منهم أصلك وعزك، فمن أتاك منهم فأكرمه ومن قصر عنك فتعاهده .. وانظر أهل العراق فإن سألوك عزل عامل في كل يوم فاعزله، فإن عزل عامل واحد أهون من سل مائة سيف، لا تدري على من تكون الدوائر .. ثم أنظر أهل الشام فاجعلهم الشعار دون الدثار، فإن رابك عدوك ريب فارمه بهم .. لست أخاف عليك إلا ثلاثة: الحسين بن علي، وعبدالله بن الزبير وعبدالله بن عمر، فأما الحسين بن علي فأرجو أن يكفيكه الله ، وأما ابن الزبير فإنه خب (داهية) ضب ، فإن ظفرت به فقطعه إرباً إرباً .. وأما ابن عمر فإنه رجل قد وقذه الورع (تركه عليلاً)، فخل بينه وبين آخرته يخل بينك وبين دنياك .. وقد مات معاوية في رجب سنة 60 هـ.
خلفاء بني أمية :
جعل معاوية الخلافة وراثية في بيته بعد أن كانت شورى في عهد الخلفاء الراشدين .. فخلفه ابنه يزيد الذي ولاه العهد في حياته، ولم يحكم إلا سنوات قليلة ارتكب في اثنائها أموراً جساماً أهمها وأقساها مقتل الإمام الحسين بن علي، رضوان الله عليه .. ولما مات يزيد اختلف الناس على البيعة، وكان له ولد هو معاوية الثاني كان يرى أن الخلافة ليست حقاً لهم، فمات بعد قليل .. ثم بايع بنو أمية شيخاً من غير بيت معاوية هو مروان بن الحكم وذلك سنة 56 هـ ، وبعد موته انحصرت الخلافة في نسله من بعده.

عبد الملك بن مروان :

تولى عبد الملك الخلافة بعد أبيه، وإليه يرجع فضل تعريب الدواوين بعد أن كانت تكتب بلغات أهلها فالديوان المصري كان يكتب باللغة القبطية ويتولى أعماله جماعة من الأقباط ، والشامي كان يكتب باللغة البيزنطية وأموره بأيدي أناس من نصارى الشام، والعراقي يكتب باللغة الفارسية .. ولا يخفى ما كان لتعريب الدواوين وتسليم مقاليدها إلى المسلمين من أثر عظيم في تثبيت قواعد الدولة الإسلامية ، لأنه جعل اللسان العربي لساناً عاماً في أنحاء الدولة كلها ، وساعد على ذلك أن اللغة العربية لغة القرآن .. ومن أعمال عبد الملك المهمة ضرب النقود الذهبية باللغة العربية ، كما أمر بأن تكون الكتابة على الطراز باللغة العربية ..

الوليد بن عبد الملك :

لما مات عبد الملك بن مروان سنة 68 هـ خلفه ابنه الذي ظل في الخلافة عشر سنين ، وكان عهده عهد فتح وغنى واتسعت في أيامه رقعة الدولة الإسلامية شرقاً وغرباً .. كما خفف أعباء الحياة على جمهور المسلمين بعطفه على الفقراء والمعوزين، واهتمامه بأحوال رعيته، من سنتين، وفي أيامه قام المسلمون بحملة على القسطنطينية.

عمر بن عبد العزيز :

كان عمر بن عبد العزيز من أشهر خلفاء بني أمية وأفضلهم .. تولى الخلافة سنة 99 هـ فكان أقربهم إلى سيرة الخلفاء الراشدين .. ولعله كان كذلك لقرابته من عمر بن الخطاب لأنه ابن حفيدته ، فلما تولى الخلافة جعل جده عمر قدوته في الزهد والعدل .. وكان بنو أمية منذ أن جاهروا بطلب الخلافة فرضوا لعن علي على المنابر ، فرأى عمر أن ذلك لا يوافق روح الإسلام ، فأمر بإبطاله ، فلم تقع أعماله هذا موقعاً حسناً لدى بني أمية ، خاصة أنه قد منعهم من اقتناء الأملاك ، وكان عمر بن الخطاب قد نهاهم عن ذلك فلم يسمعوا ، فلما أعاد عمر بن عبد العزيز هذا الطلب مرة أخرى ، خافوا إذا طال حكمه أن تخرج الخلافة منهم، فعملوا على يزيد بن عبدالملك ..

يزيد بن عبدالملك :

تولى الخلافة بعد عمر ابن عمه سنة 101 هـ ، وكان من أهل اللهو والخمر والغناء ، فشغل عن مصالح المسلمين بجاريتين هما (سلامة) و (حبابة) .. وتسلطت الأخيرة على عقله وقلبه، فأصبحت المملكة طوع إرادتها، تولي من تشاء وتعزل من تشاء .. فلامه أخوة مسلمة وقال له: ( توليت هذا الأمر – الخلافة – بعد عمر بن عبد العزيز وعدله ، فتشاغلت بهذه الجارية عن النظر في الأمور، والوفود ببابك، وأصحاب الظلامات يصيحون، وأنت غافل عنهم ) .. فتركها مدة ثم عاد إليها ، وقيل أن حبابة شرقت بحبة عنب فماتت، ولم يعش بعدها الخليفة إلا خمسة عشر يوماً، ومات فدفن إلى جانبها سنة 105 هـ.

هشام بن عبد الملك :

تولى هشام الخلافة بعد موت أخيه يزيد، وكان غزير العقل ، عفيفاً ، اشتهر بالتدبير وحسن السيادة .. وقد قام بكثير من الإصلاحات ، منها اهتمامه بتعمير الأراضي وتقوية الثغور ، وحفر الترع وإصلاح الجسور ، وتمهيد الطريق إلى مكة .. كما ازدهرت في أيامه الصناعات والحرف ، خاصة صناعة الخز والنسيج .. وكان هشام كلفاً بالخيل فأقام لها الحلبات ، كما عني بعدد الحرب وآلاتها .. ومما يؤخذ على هشام امعانه في الإنتقام من العلويين والتنكيل بهم كلما أمكنته الفرصة .. هذا إلى ما عرف عنه من الغلظة وخشونة الطبع وشدة البخل ..

مروان بن محمد :

بعد موت هشام بن عبد الملك سنة 521 هـ تولى الخلافة بعده الوليد بن يزيد بن عبد الملك، ولم يبق في الخلافة غير سنة وشهرين وأيام، فقد قتل بقرية من قرى الشام سنة 621 هـ .. واشتهر الوليد باللهو والخلاعة والمجون، كما كان شاعراً مجيداً ترك قصائد في الغزل والخمرة .. وقد تولى الخلافة بعده يزيد بن الوليد بن عبدالملك ، ثم أخوه ابراهيم ، فحكما بضعة أشهر .. وفي صفر من سنة 721 هـ بويع مروان بن محمد بالخلافة ، وكان يلقب بالحمار لصبره وعدم راحته في محاربته الخارجين عليه .. وقد اشتهر بالشجاعة والدهاء والمكر، وشغل طول مدة حكمه بإخماد الفتن والثورات دون أن يلتفت إلى خراسان وما كان يجري فيها من بث الدعوة العباسية التي اشتد أمرها وعظم خطرها .. ولم يلبث أن باغتته الرايات السود (شعار العباسيين) من خراسان، ودارت معركة الزاب التي انتهت بالقضاء على الجيش الأموي .. ففر مروان إلى مصر، وهناك أدركه عبدالله بن علي العباسي ثم أخوه صالح بن علي الذي قتله وبذلك انتهت الدولة الأموية بعد مقتل آخر خليفة لها ..
أسباب السقوط :
كانت الدولة الأموية اعرابية، وقد تعصب الأمويون للعرب والعربية ، ونظروا إلى الموالي نظرة احتقار وازدراء .. وهذا ما أيقظ الفتنة بين المسلمين وبعث روح الشعوبية في الاسلام .. وراح الموالي الأعاجم يتحينون الفرص للإيقاع بهم ، فانضموا إلى كل الفتن والثورات .. ولما نشط دعاة العباسيين انضموا إليهم لينالوا حقوقهم المهضومة ، كما وجد فيهم العباسيين خير سند لتحقيق هدفهم .. ومن أسباب سقوط الدولة الأموية وقوع الشقاق بين أبناء البيت المالك .. وقد سئل أحد الأمويين : ما سبب انهيار ملككم؟ فقال: اختلاف فيما بيننا واتفاق المختلفين علينا .. كما أن انصراف الحكام إلى حياة اللهو وابتعادهم عن هموم الملك وانتشار الرشوة، كل ذلك كان من الأسباب العامة التي كانت في أساس نهاية الأمويين في الشرق الإسلامي.
فتوحات الأمويين :
وصلت فتوحات المسلمين إلى الصين شرقاً وإلى ما وراء جبال البيرينية غرباً، فبلغ أقصى مداه في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بن مروان الذي حكم أوسع رقعة، ومعه ارتسمت حدود الامبراطورية العربية.

الدولة الرومانية الشرقية :

اتجهت أنظار المسلمين نحو الشمال والغرب حيث الدولة الرومانية الشرقية التي كانت تغير على المناطق الخاضعة لسلطان المسلمين .. فرتب معاوية الغزو إليها براً وبحراً ، وجهز أسطولاً بلغ عدده 1700 سفينة وفتح عدة جهات كجزيرة رودس وبعض الجزر اليونانية الأخرى، كما أكثر براً من الصوائف والشواتي – حملات الصيف والشتاء – وفي سنة 84 هـ حاصر القسطنطينية براً وبحراً، ولكنه لم يستطع فتحها لمتانة أسوارها ومنعة موقعها، ولفتك النار الإغريقية بسفن المسلمين.

الحصار الثاني للقسطنطينية :

في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك حاول المسلمون فتح القسطنطينية مرة ثانية ، وشرع في تجهيز الحملة للإستيلاء عليها، ولكنه توفي قبل تحقيق هدفه .. فلما تولى سليمان الخلافة أنفذ الجيوش البرية والأساطيل البحرية لفتح المدينة .. وقد دافع أنستسياس الثاني امبراطور الروم عن عاصمته بكل ما أوتي من قوة ، وأرسل إلى الثغور حملة لتحول دون وصول المؤن والامدادات إلى جند المسلمين .. ثم انضم إلى جيش المسلمين في آسيا الصغرى ليو الأزوري البيزنطي ، وكان يطمع في الملك .. فأخذ المسلمون يستولون على بلاد آسيا الصغرى مدينة تلو أخرى ، حتى عبروا البحر ووصلوا إلى أسوار العاصمة .. وتبعهم أسطول المسلمين من الثغور الشامية والمصرية واشترك في حصار المدينة .. وقد اضطر أهل القسطنطينية، إزاء هذا الخطر الداهم، إلى خلع الأمبراطور أنستسياس وتولية (ليو) الذي استطاع بفضل معاونة الشعب له، من استدراج سفن المسلمين، ففتكت بها النار الاغريقية، ونفذت أقواتهم .. وقد تحمل المسلمون آلام الجوع والمرض حتى فني جلهم، بعد أن دمرت أكثر سفنهم .. وهكذا أخفقت الحملة الثانية كما أخفقت الحملة الأولى.

فتح شمالي أفريقيا :

في سنة 50 هـ أرسل معاوية إلى عقبة بن نافع، وكان يقيم ببرقة، عشرة آلاف جندي، فدخل أفريقيا وتمكن من فتحها، وأسلم على يديه كثير من البربر، وقد عمل العرب على إدخالهم في جيوشهم، إذا تسنى لهم بذلك أن يجتذبوهم إلى الإسلام الذي امتد ووصل إلى بلاد السودان .. وقد كون البربر نواة الجيوش التي أتمت فتح بلاد المغرب تحت أمرة قواد من العرب والبربر .. وقد أصبح عقبة بن نافع والياً على أفريقيا بعد أن كانت تابعة لوالي مصر .. وقد رأى عقبة على أثر انتصاره على البربر، أن يتخذ مدينة يقيم بها عسكر المسلمين وأهلهم وأموالهم ليأمن ثورة أهل البلاد، فقصد موضع القيروان، وأمر ببناء هذه المدينة، كما بنى فيها المسجد الجامع.

فتح بلاد ما وراء النهر :

انتشر الإسلام في خلافة الوليد بن عبد الملك، مما أمكنه من إعادة عهد الفتوح التي تمت في عهد خلفاءه السابقين ، فاتسعت رقعة أملاكه في المشرق والمغرب .. أما فتوحاته في المشرق فكان الفضل فيها لقائده قتيبة بن مسلم الباهلي الذي ولاه الحجاج بن يوسف الثقفي منطقة خراسان سنة 68 هـ. فخرج منها إلى بلخ، فقابله أهلها وعظماؤها وتبعوهم، ثم عبر نهر جيحون وقابل ملك الصغاينان وأهدى إليه كثيراً من الهدايا، وقد سلم إليه الملك بلاده .. وفي سنة 78 هـ غزا قتيبة بيكند، وهي بلدة تقع بين بخارى وجيحون، وأغار على الصغد وقاتل أهلها وهزمهم، ثم عقد معهم صلحاً وولى عليهم والياً من قبله ما لبثوا أن غدروا به وقتلوه .. فرجع إليهم قتيبة وفتح المدينة عنوة، وواصل فتوحاته إلى أن دخل بخارى وألزم أهلها أن يمدوه بقوة إضافية من الجيوش المحلية تتراوح عددها بين عشرة آلاف وعشرين ألف رجل، ساعدته على إكمال فتوحاته.

وفي سنة 93 هـ فتح قتيبة مدن خوارزم صلحاً ، ثم فتح سمرقند بعد قتال شديد .. وبفتح سمرقند وطد قتيبة مركزه في بلاد ما وراء النهر .. ولم يكتف قتيبة بما أحرزه من نصر، بل نراه يقرر مد حدود الدولة العربية إلى أواسط آسيا، فعبر نهر جيحون متوجهاً شطر بخارى وانتصر على الجيوش التي قابلته، ثم قصد فرغانه، وهي إقليم متاخم لبلاد تركستان ومن مدنها جخنده، فلقي هناك مقاومة تذكر، غير أنه أحرز نصراً مبيناً ثم فتح كاشان عاصمة فرغانة .. وفي أثناء إقامته بها جاءه كتاب الوليد بن عبد الملك ويقول فيه : ( قد عرف أمير المؤمنين بلاءك وجدك واجتهادك في جهاد أعداء المسلمين، وأمير المؤمنين رافعك وصانع بك الذي يجب لك ، فأتم مغازيك وانتظر ثواب ربك ) .. عند دخوله سمرقند وجد قتيبة كثيراً من الأصنام، وكان عبادها يعتقدون أن كل من اعتدى عليها مات لساعته، فقام قتيبة بإحراقها ومحا هذه الخرافة من معتقدات القوم بعد أن سيطرت عليهم أحقاباً من السنين.

محاولة فتح بلاد الصين :

لم تكن الصين مجهولة لدى العرب، فالصلات التجارية كانت قائمة بين العرب والصين قديماً ، فكانت حاصلات الشرق التي تتلقاها بلاد الشام وموانئ المتوسط تمر بنسبة كبيرة عن طريق بلاد العرب .. وعندما توفي يزدجرد آخر ملوك آل ساسان في فارس استنجد ابنه فيروز بالصين لتنصره على العرب وتعاونه في استعادة ملكه غير أن امبراطور الصين اكتفى بإرسال مبعوث من قبله ليدافع عن ضية الأمير الهارب.

في سنة 96هـ سار القائد العربي المشهور قتيبة بن مسلم على رأس جيش كثيف إلى حدود الصين .. وبينما هو في طريقه إليها جاءه نبأ وفاة الوليد بن عبد الملك ، فلم يثنه ذلك عن مواصلة الغزو، بل تابع سيره حتى اقترب من الصين .. فأرسل إلى ملكها وفداً برئاسة هبيرة بن المشمرج الكلابي، ودارت بينه وبينهم عدة مراسلات انتهت بأن قدم امبراطور الصين الجزية للعرب .. كما قدم للمبعوث صحافاً من ذهب بها تراب من الصين ليطأها قتيبة ، حتى يبر بحلفه الذي قطعه ، وهو أن لا ينصرف عن الصين حتى يطأ ترابها .. على أن العلاقات بين العرب والصين اكتسبت أهمية عظيمة أبان حكم هشام بن عبد الملك الذي أرسل سفيراً له يدعى سليمان إلى الأمبراطور (هزوان تسنغ).

فتح بلاد السند :

ترجع حملات المسلمين على بلاد الهند إلى عهد بعيد، فقد أرسلوا أولى حملاتهم إليها بعد أن انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه بخمس عشرة سنة، ومن ثم أخذ سيل العرب يتدفق على هذه البلاد من ناحية الشمال الغربي، واستقر بعض العرب في البلاد التي كانوا يفتحوها، وكونوا بها ممالك كان لها أثر كبير في تقدم الحضارة الإسلامية .. وفي عهد معاوية غزا المهلب بن أبي صفرة بلاد السند سنة 44 هـ، وامتدت فتوح المسلمين في هذه البلاد فشملت البوفان والقيقان والديبل .. ولما ولي الوليد بن عبد الملك الخلافة، عهد الحجاج بن يوسف الثقفي إلى محمد بن قاسم بغزو بلاد الهند، فسار إليها سنة 98 هـ وحاصر ثغر الديبل وفتحه عنوة وبنى به مسجداً، ثم سار إلى بيرون فاستقبله أهلها استقبالاً حسناً وأدخلوه مدينتهم وعقدوا معه صلحاً.

واصل محمد بن القاسم فتوحه في هذه البلاد، حتى بلغ نهر السند، والتقى داهر ملك السند، وكان هو وجنده يقاتلون على ظهور الفيلة، فاقتتلا قتالاً شديداً انتهى بقتل داهر وهزيمة أصحابه .. وبذلك استطاع محمد بن القاسم أن يمد فتوحه في أرجاء بلاد السند كلها. ثم تابع فتوحه حتى وصل الملتان ودخلها، والمولتان أو الملتان مركز مشهور للحجاج من الهنود في جنوب بلاد البنجاب .. وكان فيه صنم يعظمه الهنود، ويقدمون له أموالاً كثيرة كل عام، تنفق على بيت الصنم والمعنكفين عليه ولما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة كتب إلى ملوك الهند وأمرائها يدعوهم إلى الإسلام، ووعدهم بأن يقرهم على ما بأيديهم، فأسلم كثير منهم وتسموا بأسماء عربية .. وكانت سيرة الخليفة عمر بن عبد العزيز وورعه وتقواه من الدوافع التي حملت هؤلاء الملوك على اعتناق الدين الإسلامي، كما قام عمر بن مسلم الباهلي، عامل الخليفة بغزو بلاد الهند، غير أن المسلمين خرجوا من الهند في عهد هشام بن عبد الملك ولجأوا إلى مدينة بناها ابن عوانة الكلبي وسماها (المحفوظه)، وتقع وراء البحيرة مما يلي الهند.

فتح شمالي أفريقيا :

تقلد موسى بن نصير ولاية أفريقيا من قبل الوليد بن عبد الملك سنة 88 هـ فخرج من مصر على رأس جيش قاصداً أفريقيا (تونس) فلما بلغها ضم إليه جيشاً آخر جعل مقدمته مولاه طارق بن زياد ثم أخذ موسى يقاتل البربر ويبسط نفوذ الأمويين وينشر الإسلام في أرجاء بلاد المغرب، حتى بلغ طنجة فحاصرها حتى سلمت وأسلم أهلها، وقلد طارقاً ولايتها وكان الشقاق بين جوليان حاكم سبتة ولذريق ملك أسبانيا قائماً .. وقد ساعد هذا الخلاف العرب وفتح لهم الباب واسعاً وذلك لهم سبيل غزو الأندلس .. وقد زار جوليان موسى بن نصير وحثه على غزو الأندلس، رغبة منه في التخلص من لذريق، ووصف لموسى بن نصير جمال الأندلس وما جمعت من شتى المنافع، وطيب المزارع، وكثرة الثمار، وغزارة المياه وعذوبتها، مما حمل موسى على التفكير جدياً بغزو الأندلس.

فتح بلاد الأندلس :

استأذن موسى بن نصير الخليفة الوليد بن عبدالملك في فتح بلاد الأندلس، فأذن له على أن يختبر البلاد أولاً بجيش قليل العدد .. فأرسل موسى طريف بن مالك، وكان بربرياً ، في سنة 91 هـ على رأس خمسمائة مقاتل .. فعبر بهم البحر في سفن جوليان، وغزا بعض الثغور الأندلسية الجنوبية بمساعدة جوليان، وعاد محملاً بالغنائم، كما تحقق من ضعف وسائل الدفاع عن الأسبان .. ثم أرسل موسى طارق بن زياد، قائد جيشه، في شهر شعبان سنة 92 هـ (711م) فعبر طارق المضيق مع سبعة آلاف من المسلمين جلهم من البربر وألقت السفن مرساها قبالة الجزيرة الخضراء، عند صخرة الأسد التى حملت اسم طارق إلى اليوم.

لما علم الملك لذريق بنزول العرب أرض أسبانيا، جمع جيشاً جراراً لمواجهة المسلمين بينما أخذ طارق بفتح القلاع والمدن، بانتظار أن يصله المدد الذي طلبه من موسى بن نصير، وقد أمده موسى بن نصير بعدة آلاف مقاتل، فبلغ عدد جيشه اثنى عشر ألفاً، وثارت مخاوف المسلمين عندما علموا بدنو جيش لذريق، ولكن طارقاً لم يزدد إلا حماسة واستبسالاً .. ويزعم المؤرخون أنه ألقى فيهم الخطبة المنسوبة إلى طارق، قال: (أيها الناس ، أين المفر، البحر من ورائكم والعدو أمامكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر، اعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام، وقد استقبلكم عدوكم بجيشه وأسلحته، وأقواته موفورة، وأنتم لا وزر لكم إلا سيوفكم، ولا أقوات لكم إلا ما تستخلصونه من أيدي عدوكم، وإن امتدت بكم الأيام على افتقاركم ولم تنجزوا لكم أمراً، ذهب ريحكم، وتعودت القلوب من رعبها الجرأة عليكم، فادفعوا عن أنفسكم خذلان هذه العاقبة بمناجزة هذه الطاغية…).
ثم التقى طارق بجيش لذريق على مقربة من نهر وادي (لكة)، أو وادي (بكة), ودارت معركة حاسمة فاصلة تم فيها النصر لجيش المسلمين أما لذريق فقيل أنه فر من المعركة واختفى أثره، وقد وجدت عربته وثيابه الحربية بعد أيام على ضفة نهر الوادي الكبير .. ويقول المؤرخون أن انتصار المسلمين ألقى بإسبانيا كلها في أيدي المسلمين ولم يكن طارق بحاجة إلى الجهد الكبير ليقضي على المقاومة في بعض المدن، فكانت المدن تستسلم والمعاقل تفتح دون مقاومة تذكر .. وكتب طارق إلى موسى بن نصير يخبره بما أحرزه من نصر، وما استولى عليه من غنائم، فأمره موسى بأن لا يتجاوز مكانه حتى يلحق به واستخلف موسى ابنه عبدالله على القيروان، وخرج في سنة 93 هـ في عسكر ضخم إلى الأندلس.
استشار طارق رؤساء جيشه فأشاروا عليه بأن وقف القتال يعرض المسلمين للخطر، ويتيح للعدو فرصة لجمع شمله وتوحيد كلمته فأخذ يزحف على المدن الإسلامية، وقسم جنده ثلاث فرق، فأرسل مغيث بن الحارث على رأس سبعمائة فارس إلى قرطبة، فعبر المسلمون النهر وباغتوا الحرس، واستطاعوا العثور على احدى الثغرات، فتسلقوا الأسوار واستولوا على المدينة . ثم فتح العرب كورة ريه ومدينتها مالقة، ثم كورة ألبيره حيث غرناطة وفي النهاية فتحت مدينة طليطلة .. أما موسى بن نصير فقد دخل الأندلس وفتح مدينة قرمونة الحصينة، ثم مضى إلى اشبيلية وفتحها وامتدت فتوحات موسى إلى برشلونة شرقاً وأربونة في الداخل، وقادش في الجنوب الغربي.
وقصد موسى مدينة طليطلة فاستقبله طارق بحفاوة، ولكن موسى كان غاضباً فانتزع منه المغانم وسجنه، ثم صفح عنه وتابعا الفتح معاً وسبب غضب موسى كون طارق لم يتوقف عن الفتح كما أمره سيده وسار موسى وطارق لفتح شمالي البلاد، وتابعا السير حتى بلغا جبال البرانس (البيرينه)، وتم بذلك فتح أسبانيا، وقد بقيت بعض الأقاليم الجبيلية خارج سلطان العرب، ومنها الأقاليم الشمالية الغربية التي لجأ إليها أشراف القوط وزعماؤهم.
القصور :
إذا كان للعرب تراث في فن البناء والهندسه المعمارية فذلك لم يعرف لهم إلا في اليمن ، ولم تبلغ بعد مساعي المنقبين والباحثين درجة كافية لإعطائنا من المعلومات ما نستطيع أن نبني عليه حكما عادلا ونحن نعلم أن فن البناء في جنوب الجزيره لم يرثه أبناء الشمال الذين كان مساكنهم في الغالب بيوت الشعر وهياكلهم الهواء الطلق ومدافنهم رمال البادية أما مع الإسلام فإن الفن العربي تجلى أحسن ما يكون في العمارة الدينية وقد أنشأ المهندسون طريقة البناء فيها بساطة وجلال .. ويمكن القول أن تطور المسجد هو سجل تاريخي لتطور الحضارة الإسلامية وعلاقاتها مع الأمم المختلفة .. وإذا استثنينا المساجد وغيرها من الأبنية الدينية ، فإن الأمويين لم يتركوا في الفن البنائي سوى آثار قليلة منها القصور التي بناها على ضفاف البادية أمراء البيت المالك ، شأنهم في ذلك شأن أمراء غسان من قبلهم فالظاهر أنه لم يسكن دمشق منهم سوى معاوية وعبدالملك ، أما "الخضراء" دار الخلافة للجامع الكبير في دمشق فلا أثر لها اليوم ، كذلك تلاشت أطلال "القبه الخضراء" التي بناها الحجاج في واسط دارا له.
إلا أن تخوم بادية الشام حافلة ببقايا قصور كانت في الأصل حصونا رومانية على الحدود فعمد اليها المهندسون الذين استخدمهم الأمويون فأعادوا عمرانها وابتنوها من جديد على الطراز البيزنطي أو الفارسي ، وبالقرب من عين التمر آثار قصر يعرف باسم "الأخيضر" وهو في الطرف الشرقي من بادية الشام وليس محققاً أن تكون هذه الآثار عائدة إلى آخر العصر الأموي أم أول العهد العباسي.
وهناك آثار أوفر عدداً على ضفاف بادية الشام الجنوبية الغربية فقد بنى هناك يزيد بن عبد الملك أو رمم قصراً يسمى (الموقر) ما تزال منه بعض بقايا إلى اليوم أما ابنه الوليد الثاني الذي كان منصرفاً إلى الصيد وغيره من الملاهي، فقد أقام في قصرين متجاورين هما (قسطل) و (الأزرق) .. وكانا من حصون الرومان في شرق الأردن .. وإلى الوليد بن يزيد يعزي ابتناء قصر آخر في هذه البقعة يعرف باسم (المشتى)، وهو أول قصر في هذه الربوع زاره الأثريون .. ولم يكن بناؤه قد أكمل عند وفاة الخليفة، وقد نقلت واجهة هذا الصرح الفخم إلى متحف القيصر فريجريك في برلين.

قصر عمرة :

من المباني الأموية المشهورة قصر (عمرة) في الجانب الشرقي من نهر الأردن وهو على خط مستقيم من ضفة البحر الميت الشمالية وقد بناه الوليد بن عبد الملك، على الأرجح وما يمتاز به هذا القصر التصاوير الطينية الرائعة، فعلى جدرانه صور ليست شخصيات تاريخية، منها صورة للملك لذريق أو رودريك آخر ملوك أسبانيا من القوط الغربيين، وهو الذي قضى عليه القائد طارق بن زياد في معركة (وادي بكة) بالأندلس وهناك نقش للقيصر البيزنطي وآخر للنجاشي، ونقش لكسرى كما تحوي الجدران أشكالاً رمزية تمثل الفلسفة والتاريخ والشعر، وفي صورة لمشهد صيد نرى أسداً واثباً على حمار وحشي، ومن آثار الفن أيضاً صور تمثل الراقصات والموسيقيين وأهل الطرب أما الزينة فقوامها أوراق النبات متدلية من مزهريات وأشجار النخيل والعنب، وعليها عناقيد الثمر، والغار وطيور البادية، وأكثر الكتابات بالعربية وفيها بضعة أسماء يونانية، وليس في العالم الإسلامي صور محفوظة كهذه الصور.

قصر الحير وخربة المفجر :

كشف في الحقبة الأخيرة عن قصرين لهشام بن عبد الملك، أحدهما (قصر الحير) الغربي، على بعد نحو أربعين كيلومتراً إلى الشرق الشمالي من القريتين على الطريق بينهما وبين تدمر وقد كشف عنه الفرنسي دانيال شلومبرجه، ونقلت بعض بقاياه إلى دمشق حيث نصبت في مدخل المدينة الغربي .. والآخر يعرف بخربة المفجر قرب أريحا، وقد كشف عنه الأثريان هاملتون وبرامكي بين سنتي 5391 و 2491.. وفيه عدا البلاط الملكي جامع وحمام، ويمتاز الحمام عن غيره من الحمامات المعروفة في القصور الأخرى المتخلفة عن البلاط الملكي جامع العهد باتساعه وتمام تجهيزه ويمتاز فوق ذلك بالفسيفساء التي كشف عنها في بعض غرفه، فقد زينت أرض المربع في إحداها بصورة سجادة على غاية ما يكون من الدقة والروعة .. وفي جانب هذه الغرفة نفسها ديوان للجلوس بشكل نصف دائرة تقريباً رصعت مقاعده وأرضه بالفسيفساء .. أما الرسم الذي في الأرض فهو شجرة من الأترج أو البرتقال تحمل الثمر يحيطها ثلاثة غزلان قد سطا أحدها أسد يفترسه .. والظاهر أن فنانين من بيزنطية قد استجلبوا لصنع الرسوم بالفسيفساء، وهي تعتبر من أجمل ما تحدر إلينا من هذا الفن .. ويذهب الأثريون الذين كشفوا عن هذا القصر أن الزلزال الذي حدث سنة 647 هـ قد هدم هذا القصر قبل أن يتم بناء الطابق الأعلى فيه.

مجمل القول أن قصور بني أمية في المشرق لم يبق منها اليوم سوى الخرائب والأطلال فما شهده الشرق من أحداث دامية وغزوات متكررة كان من نتيجته القضاء على معالم ضارية مهمة ولو بقيت تلك القصور قائمة لأعطت صورة واضحة للعالم عن خصائص الفن المعماري في عصر بني أمية ومع ذلك فإن ما تبقى من تلك القصور يعكس ملامح عظمة دولة كان لها امبراطورية تمتد إلى الهند والصين شرقاً وإلى أواسط أوروبا غرباً.

الفن والعمارة :

ظلت الدولة الإسلامية، في أول أمرها، مشغولة بحروبها طيلة عهد عمر وعثمان رضي الله عنهما .. ثم شغلت بالخلاف بين علي و معاوية ولذلك لم يفكر أحد في اقامة عمائر تضارع بيوت العبادة في بلاد الشام أو فارس وظلت الحال على ذلك ، الى عهد الدولة الأموية ، حيث أقام عبد الملك بن مروان سنة 27هـ (169م ) قبة حول الصخرة ، ورصد لبنائها خراج مصر لسبع سنوات ، وقد بقي من المبالغ المخصصة لبنائها مائة ألف دينار ، فأمر بها عبد الملك جائزة للرجلين المشرفين على البناء، وهما " رجاء بن حيوة الكندي" أحد علماء الإسلام من بيسان، و " يزيد بن سلام" من القدس، ولكنهما رفضا، فأمر عبد الملك بن مروان بأن تسبك ذهباً وتفرغ على القبة والأبواب.

تصميم القبة :

تعد قبة الصخرة من أعظم العمائر الإسلامية في الجمال والفخامة وإبداع الزخرفة، كما تمتاز عنها بوساطة التصميم وتناسق الأجزاء .. وهي تتكون من مبنى حجري مثمن الشكل، قوامه تثمينة خارجية من الحجر، وفي الداخل تثمينة داخلية ثانية من الأعمدة والأكتاف ويتوسط التثمينتين دائرة من الأعمدة والأكتاف أيضاً، تعلوها قبة، وبين التثمينتين الخارجية والداخلية رواق وبين التثنية الداخلية والدائرة المقام عليها القبة رواق آخر .. وقد خصصت هذه الأروقة للصلاة ولمرور الناس حول الصخرة.
أما الصخرة نفسها فهي غير منظمة الشكل، يبلغ طولها من الشمال إلى الجنوب 7,71 م، وعرضها من الشرق إلى الغرب 5,31 م، وأقصى ارتفاع لها عن أرض البناء 5,1 م. وحجر الصخرة مكسو بالرخام الملون على ارتفاع ذراعين، ويحيطها سور خشبي بديع النقش والزخرفة.
وفي آخر الصخرة المرخمة، من الشمال الغربي، حجر صغير على ستة أعمدة صغيرة، قيل أنه أثر قدمي النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج وقبالة القدم المشار إليه مرآة من سبعة معادن يسمونها " درقة حمزة"، وهي محمولة على ثلاثة أعمدة جميلة، منها إثنان (زوجان في جسد)، والمحراب الذي يصلى به أمام الصخرة يقع على يمين الداخل من الباب القبلي داخل السور الخشبي السالف الذكر وتجاه المحراب باب مغارة الصخرة الشريفة هناك عقد من الرخام محمول على عمودين ينزل منه إلى باطن المغارة بأربع عشرة درجة.
والمعروف أن الأرض التي فوقها الصخرة وسائر أجزاء المغارة مفروشة بالرخام .. ومن آيات الإعجاز في تصميم بناء قبة الصخرة أنه روعي فيه أن يكون في دائرة دعامات القبة لفت بسيط، حتى لا تحجب الأعمدة الواقفة أمام الرائي الأعمدة الأخرى المقابلة لها في الطرف الآخر .. ولذلك يتسنى لمن يدخل من أي باب من أبوابها، أن يرى كل ما في من أعمدة وأكتاف سواء منها ما كان أمامه تماماً أو ما كان من في الجهة المقابلة وقد كان الجدار الخارجي من جدران البناء مغطى بالفسيفساء، ثم استبدلت بلوحات القيشاني، في عهد السلطان سليمان القانوني، وما تزال قبة الصخرة غنية بزخارف الفسيفساء في كثير من أجزائها الداخلية .. والروابط الخشبية الضخمة التي تربط تيجان الأعمدة بعضها ببعض حليت بصفائح معدنية فيها نقوش بارزة غاية في الدقة والإبداع .. وتحتوي قبة الصخرة على كتابة كوفية يبلغ طولها 42 متراً من الفيسفساء المذهبة، على أرضية زرقاء داكنة، وذلك بأعلى التثمينة الداخلية، وقوام هذه الكتابة آيات قرآنية، كما تضم أيضاً عبارة تشير إلى تاريخ إنشاء البناء، سنة 27 هـ في حكم عبد الملك بن مروان.

أما السبب الذي من أجله أقام عبد الملك بن مروان مسجد قبة الصخرة في الحرم الشريف ، فقد كثرت فيه الروايات، تقول إحدى هذه الروايات أنه عندما ثار عبد الله بن الزبير بالحجاز ضد الأمويين، وأخذ البيعة لنفسه، أذاع عبد الله بن الزبير في الناس أن عبد الملك قصد من بناء القبة والمسجد الأقصى إلى صرف الناس عن حج البيت الحرام إلى المسجد الأقصى والصخرة المقدسة متأسياً في ذلك بأبرهة حين بنى بيت صنعاء ليصرف الناس عن مكة على أنه من العسير القطع بصحة ما نسب إلى ابن الزبير، لأنه مات بعد ذلك بقليل .. وفي رواية أخرى ذكرها اليغقوبي أن عبد الملك منع أهل مصر والشام من الحج، لأن عبد الله بن الزبير كان يأخذهم إذا حجوا بالبيعة، ولما منع عبدالملك الناس من الخروج إلى مكة ضجوا وقالوا: ( تمنعنا من حج بيت الله الحرام، وهو فرض من الله علينا ) ، فقال : ( هذا ابن شهاب الزهري يحدثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى ) ، وهذه الصخرة التي يروى أن رسول الله وضع قدمه عليها لما صعد إلى السماء، تقوم لكم مقام الكعبة .. لذلك بنى عبد الملك على الصخرة قبة، وعلق عليها ستور الديباج، وأقام لها سدنة، وأخذ الناس يطوفون حولها كما يطوفون حول الكعبة .. ويبدو أن هذه الرواية من وضع خصوم بني أمية، لأن عبد الملك كان من التابعيين [ولد سنة 62 هـ]، ومن غير المعقول أن يقدم رجل مثله على محاولة تغيير أحد أركان الدين الخمسة، فضلاً عن أنه يعلم أن الحج هو الوقوف بعرفة، لا الطواف حول الكعبة .. والمرجح أن عبد الملك أراد ببناء قبة الصخرة أن يجد فيها المسلمون ممن يخشون على أنفسهم من ثورة الحجاز بعض العوض عن زيارة الكعبة .. ومهما يكن من أمر فإن القبة ظلت بعد ذلك أربعة قرون في يد المسلمين ، محاطة بالإجلال والتعظيم حتى أنه لم يكن يسمح لغير المسلم أن يطأ أرضها.

جدار البراق :

هو حائط كبير مبني من حجارة ضخمة، يبلغ طوله نحو 651 قدماً، وارتفاعه 56 قدماً والمسلمون يقدسونه نظراً لعلاقته الوثيقة بقصة إسراء الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى بيت المقدس وربما كان هذا الجدار, كما يعتقد بعض الناس، هو الحائط الخارجي للهيكل الذي رممه هيرودوس سنة 11 ق.م ودمره تيطس سنة 7 .م، وهو يؤلف جزءاً من الجدار الغربي للحرم القدسي.

الرسوم المائية :

في قصر عمره رسوم لمشاهد يد واستحمام، ورقص، ورسوم رمزية لآلهة الشعر والحكمة ، والنصر ومشاهد من التاريخ الإغريقي كما تحوي الرسوم بعض مراحل العمر: الفتوة والرجولة والكهولة، وفيها منظر لقبة السماء وبعض النجوم، فضلاً عن البروج المختلفة، ورسوم طيور وحيوانات، وزخارف نباتية متنوعة وأهم الرسوم في هذا القصر رسمان: الأول يمثل الخليفة على عرشه، وحول رأسه هالة، وفوقه مظلة يحملها عمودان حلزونيان، ويحف به شخصان .. وعلى عقد المظلة كتابة كوفية لحق التلف أكثر أجزائها، ويستنبط من الكلمات الباقية أنها كانت تشتمل على عبارات دعاء.
أما الرسم الثاني فهو صورة مشهورة باسم صورة أعداء الإسلام وقوام هذه الصورة ستة أشخاص ذوي ملابس فاخرة ومرسومين في صفين: ثلاثة في الصف الأول وثلاثة في الصف الثاني وفوق أربعة منهم كتابة بالعربية والإغريقية ما تزال باقية فالأول من اليسار وفي الصف الأمامي فوقه كلمة "قيصر" بالعربية واليونانية، والثاني في الصف الخلفي فوقه كلمة يظن أنها "لوذريق" وهو آخر ملوك القوط في أسبانيا، والثالث في الصف الأمامي فوقه كلمة "كسرى" وهو ملك الفرس، والرابع في الصف الخلفي فوقه كلمة "النجاشي" وهو ملك الحبشة.

المسجد الأقصى :

يقع المسجد الأقصى في الجهة الجنوبية من الحرم الشريف .. شرع في بنائه الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك سنة 507 م فجاءت عمارته على طراز المسجد الأموي بدمشق والذي يرجع تاريخ بناءه إلى عهد الخليفة نفسه .. ويقوم المسجد على ثلاثة وخمسين عموداً من الرخام وتسع وأربعين دعامة مربعة الشكل. وكانت أبوابه في العصر العباسي مغلفة بصفائح من الفضة والذهب، ولكن الخليفة أبا جعفر المنصور أمر بنزعها وسكها دنانير تصرف على المسجد، لأنه خشي على بيوت الله من البهرج الزائد .. وفي القرن الحادي عشر للميلاد عبثت أيدي الصليبيين بالحرم الشريف فجعلوا قسماً منه كنيسة، واتخذوا القسم الآخر مسكناً لفرسان الهيكل ومستودعاً لذخائرهم.

أمر صلاح الدين الأيوبي بترميم وتجديد المسجد ، فجدد المحراب وكسى قبته بالفسيفساء ، وأحضر له منبر الحسين ، رضوان الله عليه ، من عسقلان ويعتبر هذا المنبر تحفة فنية رائعة ، فهو مصنوع من خشب الساج الهندي ومطعم بخشب الأبنوس وبالصدف والعاج ، ومزخرف بطريقة الحشوات المجمعة وتوالت أيدي التجديد والترميم على المسجد الأقصى منذ ذلك التاريخ فرممت جوانبه وفرشت أرضه بالطنافس والبسط المصنوعة في أقاليم العالم الإسلامي ، والتي كان ما يزال المسجد يحتفظ بها إلى ما قبل الإعتداء الصهيوني في أغسطس سنة 1969م.
في سنة 1927 طرأ على المسجد خلل ، فهبت الشعوب الإسلامية وأسهمت في جمع مبلغ مائة ألف دينار جدد بها المسجد وفي سنة 1936 تصدعت أروقة المسجد على أثر زلزال ، فقامت وزارة الأوقاف المصرية بتعميره ، كما أعادت هذه الوزارة بناء الجانب الشرقي الذي أحرقه الصهاينة سنة 1969 .

قصر مشتى :

لعل من أهم وأقدم العمائر المدنية التي ترجع الى عهد الدولة الأموية في بلاد الشام قصر مشتى الذي على بعد عشرين ميلا جنوبي عمان بالأردن .. ويتكون القصر من مساحة كبيرة يحدها سور مربع الشكل ، طول كل ضلع من أضلاعه نحو 144 مترا .. وتتخلل السور أبراج نصف دائرية ، ومدخل القصر الرئيسي يقع في الضلع الجنوبي .. وتنقسم المساحة المحصورة بين جدران هذا السور إلى ثلاثة أقسام ، المتوسط منها أوسعها ، وهو الوحيد الذي تم بناء بعض أجزائه أما الجانبان الآخران فلم يشيد فيهما أي بناء .. ويؤدي مدخل القصر إلى قاعة تفضي بدورها الى بهو، وتحف بالقاعة وبالبهو غرف أخرى ، وخلف البهو فناء كبير .. وإلى الشمال من هذا الفناء يرتفع بناء كنيسة (بازيليك) يتقدمها مدخل ذو ثلاثة عقود ، وتنتهي "البازيليك" بثلاث حنيات ، وهو شكل شائع في تخطيط الكنائس وعلى جانبي البازيليك مجموعة من المباني قوامها فناء مستطيل في وضع عمودي باتجاه "البازيليك" ، وفي كل من جانبي هذا الفناء ساحة في وضع عمودي بالنسبة الى الفناء ، وحول كل ساحة غرفتان مقبيتان.
وجدران القصر الداخلية وأقبيته من الآجر ، وفيه أعمدة من الرخام ، وأما عقوده وأركانه فمن الحجر الجيري.
إن أعظم مافي القصر المشتى من الناحية الفنية هو الزخارف المحفورة في الحجر الجيري ، في الواجهة الجنوبية التي يقع بها المدخل ، وكان ارتفاع هذه الواجهه ستة أمتار .. وقد أهدى السلطان عبد الحميد سنة 1903 هذه الواجهة إلى القيصر غليوم ، وقد حفظت في متحف القيصر فريدريك في برلين وأصبحت نواة القسم الشرقي في المتحف المذكور.
وتنقسم الواجهة الى مثلثات ، بعضها قائم على قاعدته ، وبعضها الآخر قائم على احدى زواياه وفي وسط أحد المثلثات زخرفة كبيرة على شكل وردة ، وفي داخلها رسوم مراوح نخيلية وكيزان صنوبر، ونجوم صغيرة وأزهار لوتس ونلاحظ أن المثلثات القائمة على قاعدتها جاءت زخرفتها شبه كاملة أما المثلثات الأخرى فإن أشكالها وزخرفتها لم تأت كاملة .
دمشق عاصمة الأمويين :
كان لمدينة دمشق دور بارز في تاريخ الشرق القديم، قبل أن تصبح عاصمة العالم العربي في زمن الأمويين .. ويعود تاريخ إنشائها إلى الألف الثالث قبل الميلاد، فهي إذن من أقدم مدن العالم وكانت في البدء مدينة زراعية صغيرة يرويها نهر بردى، غير أن موقعها على ملتقى الطرق المؤدية إلى بلاد الرافدين وشبه الجزيرة العربية، ساعدها على أن تصبح مدينة تجارية مهمة.
وقد شهدت دمشق حضارات الشعوب القديمة من الفراعنة إلى الأشوريين والبابليين والفرس، إلى اليونانيين في عهد الاسكندر الذي استولى عليها في القرن الرابع قبل الميلاد .. وكان العرب في القرن الأول قبل الميلاد يعيشون على تخوم سوريا والعراق، ومنهم الأنباط والتدمريون، وكانوا يحلمون منذ ذلك الوقت بالاستيلاء على دمشق وجعلها عاصمة لهم وقد تحقق حلمهم في عهد الحارث الثالث ملك الأنباط الذي استولى عليها سنة 85 ق.م .. لكن دولة العرب لم تدم طويلاً، فقد جاء الرومان سنة 46 للميلاد وفرضوا سيادتهم على بلاد الشام ومصر، وظلت كذلك حتى فتحها العرب سنة 636م .. وأول دولة إسلامية اتخذت دمشق عاصمة لها كانت الدولة الأموية، وتدل الآثار الباقية في بلاد الشام على مبلغ ما وصلت إليه الحضارة الإسلامية في سوريا طول العصر الإسلامي .. وتجدر الاشارة إلى أن العرب، بعد فتحهم البلاد واستيلائهم عليها، كانوا يعمدون إلى بناء المساجد فيها .. ولذلك قرر الخليفة الوليد بن عبدالملك أن يبني مسجداً يليق بعظمة الإسلام، ويضارع العمائر البيزنطية .. ووقع اختيار الوليد على الجزء الشرقي من كنيسة القديس يوحنا الدمشقي، ومقابل ذلك بنى للمسيحيين أربع كنائس.

المسجد الأموي :

يتكون المسجد الأموي بدمشق من صحن كبير مستطيل الشكل، وإيوان رئيسي يبلغ طوله 136 متراً، وعمقه 37 متراً. ويحتوي إيوان القبلة على ثلاثة أروقة موازية لحائط القبلة، ومحمولة على أعمدة رخامية، وفوقها عقود أصغر منها، ويبلغ ارتفاع هذه الأروقة بعقودها الكبيرة والصغيرة 15 متراً .. والواجهة الشمالية تعلوها مئذنة تعرف باسم "مئذنة العروس"، وينتهي رأس هذه المئذنة بساعة تضبط على دقاتها أوقات مساجد دمشق كلها ومواعيد الآذان.

ضريح صلاح الدين الأيوبي :

من الأضرحة الإسلامية المهمة بدمشق ضريح صلاح الدين القائد البطل صلاح الدين الأيوبي الذي يقع داخل المدرسة العزيزية في حي الكلاسة شمالي الجامع الأموي .. وقد بنى المدرسة الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين الأيوبي، على أثر وفاة والده في قلعة دمشق في سنة 589 هـ .. وتعلو ضريح السلطان صلاح الدين قبة، وفوق الضريح تركيبة من خشب الجوز المزين بزخارف منحوتة نحتاً جميلاً، وفي أعلاه نقش آية الكرسي بالخط الكوفي .. ويقول ابن خلكان أنه قرأ على الضريح كتابة بخط القاضي الفاضل المعروف بابن زكي الدين الدمشقي ونصها: "اللهم فارض عن تلك الروح، وافتح لها أبواب الجنة، فهو آخر ما كان يرجوه من الفتوح".

بيت المال :

في وسط صحن المسجد بناء مثمن الشكل يعرف باسم "بيت المال"، ويقول المقدسي أن قبة بين المال كانت مغطاة بالفسيفساء، كما أن ابن جبير الأندلسي يتحدث عنها فيقول: إنها كانت مزخرفةبفصوص ملونة كأنها الروضة الحسناء"، ولم يبق من هذه الفسيفساء إلا آثار بسيطة .. وفي بيت المال كانت تحفظ أموال الدولة التي تجبى من الزكاة، كما يحتفظ فيه بأموال اليتامى .. وينسب بعض المؤرخين بناء بيت المال إلى الوليد بن عبدالملك، وبعضهم الآخر يرجعه إلى الفضل بن على والي دمشق من قبل الدولة العباسية سنة 172 هـ.

قصر الحير الغربي :

من القصور التي ما تزال آثارها حتى اليوم قصر الحير الغربي ويقع هذا القصر على طريق دمشق بين القريتين وتدمر، في واد يخصبه السيل .. وقد بناه الخليفة الأمي هشام بن عبدالملك، وجعله مركزاً زراعياً للمنطقة، وكان إلى جانبه حمام وخان.
والقصر عبارة عن مربع طوله 70 متراً وتحيط سوره من الخارج أبراج نصف دائرية، كما يحيط المدخل الرئيسي برجان .. أما داخل القصر فعبارة عن صحن مكشوف تحيطه ستة بيوت، وكل منها يتكون من قاعة كبيرة مستطيلة وحولها غرف مربعة الشكل .. ويلاحظ أن هذا النموذج من البناء قد استوحيت أصوله من عناصر الأبنية الساسانية والبيزنطية .. والقصر من الداخل ملئ بالزخارف الجصية حول الوافذ وفوق أبواب القاعات .. وتمثل هذه الزخارف أسلوبين متميزين، ففي النوافذ العليا يتمثل الأسلوب الساساني إلى حد كبير، فقوام الزخرفة فيها شجرة الحياة، وهي شجرة مقدسة عند الساسانيين .. أما النوافذ السفلى فزخرفتها عبارة عن رسوم هندسية قوامها دوائر ورسوم نجمية، وهي التي كانت مستعملة لدى البيزنطيين.

المدرسة العادلية :

في القرن السابع الهجري أنشأ الملك العادل، أخو صلاح الدين الأيوبي، مدرسة ولكنه توفي قبل إتمامها، فأكملها ابنه الملك المعظم، ونقل إليها رفات والده .. وتعتبر هذه المدرسة نموذجاً صادقاً للعمارة في العصر الأيوبي .. ففيها يتمثل الاتزان والتقشف في تخطيطها، وتناسب أبعادها، وبساطة زخارفها، وحسن تنسيقها .. والمدرسة مبنية من الحجر المنحوت، وفي داخلها التربة التي دفن فيها الملك العادل بين أربع زوايا بارزة مثلثة الشكل، ومزينة بمقرنصات من الداخل .. أما المدخل الرئيسي فيزينه عقدان متجاوران من المقرنصات، ويتوجه عقد واحد، وتحيط الباب زخارف هندسية سوداء وبيضاء، تمتد حتى نهاية الواجهة، فتمنحها جمالاً رائعاً ببساطته.

بيمارستان نور الدين زنكي :

من المنشآت المدنية التي نزخر بها دمشق "البيمارستان" (كلمة فارسية معناها مستشفى) الذي شيده السلطان نور الدين زنكي في القرن السادس الهجري .. وقد أطنب المرخون في ذكره، فأفردوا الفصول في وصف بنائه، وزخرفته ونفقاته .. والبيمارستان متعامد ويحتوي على أربعة أيوانات، خصص كل واحد منها لعلاج نوع من المرض .. وتزين سقوفه المقرنصات، كما تكثر فوق النوافذ والأبواب الزخارف الجصية المخرمة، والتي تشبه إلى حد بعيد زخارف نوافذ قصر الحير.

البيمارستان القمري :

ومن العمائر التاريخية التي ترجع إلى أواخر العصر الأيوبي في سوريا البيمارستان القمري الذي بناه الأمير سيف الدين أبي الفوارس القمري، وبذل فيه أموالاً طائلة، وأوقف عليه أملاكاً كثيرة من قرى وبساتين .. وقد نقشت صيغة الوقف على أسطر عريضة من الخط النسخي الجميل، على مدخل الباب الرئيسي له .. والايوان الجنوبي، وهو الرئيسي، فيه ثلاث نوافذ فوقها عقود على شكل صليبي، ويحيط الايوان شريط من الخط النسخي المذهب على أرضية زرقاء، أما الكتابة فآيات من القرآن الكريم.

قلعة دمشق :

يعود تاريخ بناء قلعة دمشق إلى العصر السلجوقي، ثم أعاد بناءها الملك العادل أخو صلاح الدين سنة 615 هـ. والقلعة عبارة عن مستطيل مساحته 220 × 150 متراً، ويرتفع فوق البناء اثنا عشر برجاً يبعد الواحد عن الآخر ثلاثين متراً، أما جدار السور فكثيف وعريض البنيان .. ومن المنشآت الحربية التي ترجع إلى العصر الأيوبي في مدينة دمشق سورها القديم الذي لم تبق منه إلا أجزاء بسيطة، أهمها الباب الذي يعرف باسم "باب السلامة". ويقول ابن عساكر مؤرخ دمشق : "إنه سمي كذلك تفاؤلاً، لأنه لا يتهيأ للقتال على البلد من ناحيته لما دونه من الأشجار والانهار" .. وقد بني هذاالباب في عهد السلطان نور الدين زنكي ثم جدد في عهد السلطان الملك الصالح نجم الدين سنة 641 هـ، وعلى عتبته كتابة تشير إلى ذلك .. والسور نموذج من المنشآت العسكرية الأيوبية التي تقدم فن البناء فيها تقدماً واضحاً واضحاً في أوائل القرن السابع للهجرة.

ضريح الظاهر بيبرس :

تضم مدينة دمشق عدداً من أضرحة سلاطين العصر المملوكي، لعل أهمها ضريح السلطان الظاهر بيبرس، ويقع أمام المدرسة العدلية التي كانت في أول المدرسة العدلية التي كانت في أول الأمر قصراً من قصور الأيوبيين .. وقد تغير شكل البناء بأن رفعت حوله الواجهتان الغربية والجونبية، وأقيمت فيه قاعة الضريح التي تعلوها القبة .. وللضريح واجهة من أجمل ما بني في العصر المملوكي بدمشق، وهي مشيدة من الحجر المنحوت .. أمام المدخل الرئيسي فقد بني بحجارة بيضاء وصفراء، ويعلو الباب ثلاثة أسطر عريضة من الكتابة بالخط الثلث المملوكي الجميل، وتعلوه قبة نصف دائرية بديعة.

التكية السليمانية :

ومن عمائر العصر العثماني التي تحفل بها مدينة دمشق التكية السليمانية، والتكية هي تشبه ما عرف باسم الخانقاوات في العصر المملوكي .. وقد شيد التكية السلطان سليمان القانوني، مكان قصر الظاهر بيبرس الذي هدمه تيمورلنك .. وكان يعرف باسم "القصر الابلق" .. والتكية من أكبر المنشآت المدنية في دمشق، ويتثمل فيها طراز العمارة العثمانية أفضل تمثيل، ويبدو ذلك واضحاً في القباب والأروقة التي انتشرت في الاستانة منذ القرن القيشاني، وهي عبارة عن رسوم نباتية وهندسية وكتابية. وتمتاز الزخارف النباتية في العصر العثماني باحتوائها على رسوم الأزهار القريبة من الطبيعة، ومن هذه الأزهار الزنبق والقرنفل .. أما الاشكال الهندسية فتتألف من خطوط مستقيمة بينها بعض الأزهار البسيطة.

قصر العظم :

في القرن الثامن عشر الميلادي أراد والي دمشق أسعد باشا العظم أن ينشئ قصراً تتحدث عنه الأجيال .. فلم يجد أفضل من البقعة التي شيد فيها معاوية بن أبي سفيان قصره، فبنى قصراً منيعاً، انفق في سبيله أموالاً طائلة وقد حشد له من الصناع وأباب الحفر عدداً كبيراً، وجمع كميات كبيرة من العمد، والرخام، وبلاط القيشاني، والأخشاب وغيرها .. ويتكون القصر من صن الحرملك، مع بركته المستطيلة والمصلعة، وإلى جانبه الأروقة الشمالية .. وحول الحرملك قاعات واسعة ذات جدران مرخمة، تعلوها بلاطات القيشاني المتعددة الألوان .. وتتوسط بعض تلك القاعات فسافي تقوم بمهمة تكييف الهواء .. وهذه الفسافي مزخرفة بالفسيفساء الرخامية والزجاجية والمذهبة. وتعلو القاعات سقوف خشبية مزخرفة بنقوش زيتية ومناظر تصويرية محفورة حفراً غائراً أو بارزاً .. ويشغل الحمام الزاوية الجنوبية الشرقية من الحرملك، ويقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول خاص بخلع الملابس، والثاني متوسط الحرارة، وفي الثالث حوض تصب فيه نوافير المياه الساخنة .. وفي الزاوية الشمالية الغربية من الحرملك يقع المطبخ، وهو عبارة عن قاعة مستديرة الشكل في وسطها بركة ماء، وبقربها قاعة أخرى تعلوها عقود من الحجارة المنحوتة، وفي جدران المطبخ عدد من المواقد.

م
ن
ق
و
ل

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف العاشر

خاتمة اتساع الدولة الإسلامية -التعليم الاماراتي

ساعدوني في كتابة خاتمة لتقرير
اتساع الدولة الإسلامية .

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الحادي عشر

بحث تقرير الدولة الغزنوية للصف الحادي عشر

حبايبي فديت روحكم
بغيت بحث عن الدولة الغزناوية

الشيمة انكم ماتردوني

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الثاني عشر

بحث الدولة العثمانية جاهز( بس حط اسمك ) للصف الثاني عشر

مجلس ابوظبي للتعليم
منطقة ابوظبي التعليمية
مدرسة للتعليم الثانوي

الفصل الدراسي الثاني 2022-2016
العنوان: الدولة العثمانية
عمل الطلاب:-
§
§
§
§
الصف: الثاني عشر- ادبي
بأشرا ف الاستاذ:
المادة: التاريخ

الفهرس

o المقدمة……………………………………. 1

o الموضوع……………………………………1

o أصل العثمانيين وموطنهم الأول………………… 2

o قيام الدولة العثمانية……………………………. 3- 6

o حقيقة النمو والازدهار……………………….. 7- 8

o حقبة الركود والانتعاشات………………… 9-11

o سقوط الدولة العثمانية………………………… 11

o المصادر والمراجع ………………………… 12

المقدمة
الدولة العثمانية ( بالتركية الحديثة: Yüce Osmanlı Devleti) هي إمبراطورية إسلامية أسسها عثمان الأول بن أرطغرل، واستمرت قائمة لما يقرب من 600 سنة، وبالتحديد منذ حوالي 27 يوليو سنة 1299م حتى 29 أكتوبر سنة 1923م
بلغت الدولة العثمانية ذروة مجدها وقوتها خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، فامتدت أراضيها لتشمل أنحاء واسعة من قارات العالم القديم الثلاثة: أوروبا وآسيا وأفريقيا، حيث خضعت لها كامل آسيا الصغرى وأجزاء كبيرة من جنوب شرق أوروبا، وغربي آسيا، وشمالي أفريقيا.وصل عدد الولايات العثمانية إلى 29 ولاية، وكان للدولة سيادة اسمية على عدد من الدول والإمارات المجاورة في أوروبا، التي أضحى بعضها يُشكل جزءًا فعليًا من الدولة مع مرور الزمن، بينما حصل بعضها الآخر على نوع من الاستقلال الذاتي.
كان للدولة العثمانية سيادة على بضعة دول بعيدة كذلك الأمر، إما بحكم كونها دولاً إسلامية تتبع شرعًا سلطان آل عثمان كونه يحمل لقب "أمير المؤمنين" و"خليفة المسلمين"، كما في حالة سلطنة آتشيه السومطرية التي أعلنت ولاءها للسلطان في سنة 1565م؛ أو عن طريق استحواذها عليها لفترة مؤقتة، كما في حالة جزيرة "أنزاروت" في المحيط الأطلسي، والتي فتحها العثمانيون سنة 1585م.
أضحت الدولة العثمانية في عهد السلطان سليمان الأول "القانوني" (حكم منذ عام 1520م حتى عام 1566م)، قوّة عظمى من الناحيتين السياسية والعسكرية، وأصبحت عاصمتها القسطنطينية تلعب دور صلة الوصل بين العالمين الأوروبي المسيحي والشرقي الإسلامي وبعد انتهاء عهد السلطان سالف الذكر، الذي يُعتبر عصر الدولة العثمانية الذهبي، أصيبت الدولة بالضعف والتفسخ وأخذت تفقد ممتلكاتها شيءًا فشيئًا، على الرغم من أنها عرفت فترات من الانتعاش والإصلاح إلا أنها لم تكن كافية لإعادتها إلى وضعها السابق.
انتهت الدولة العثمانية بصفتها السياسية بتاريخ 1 نوفمبر سنة 1922م، وأزيلت بوصفها دولة قائمة بحكم القانون في 24 يوليو سنة 1923م، بعد توقيعها على معاهدة لوزان، وزالت نهائيًا في 29 أكتوبر من نفس السنة عند قيام الجمهورية التركية، التي تعتبر حاليًا الوريث الشرعي للدولة العثمانية.
الموضوع
أصل العثمانيين وموطنهم الأول
العثمانيون قوم من الأتراك، فهم ينتسبون – من وجهة النظر الأثنيّة – إلى العرق الأصفر أو العرق المغولي، وهو العرق الذي ينتسب إليه المغول والصينيون وغيرهم من شعوب آسيا الشرقية.وكان موطن الأتراك الأوّل في آسيا الوسطى، في البوادي الواقعة بين جبال آلطاي شرقًا وبحر قزوين في الغرب، وقد انقسموا إلى عشائر وقبائل عديدة منها عشيرة "قايي"،. التي نزحت في عهد زعيمها "كندز ألب" إلى المراعي الواقعة شماليّ غربي أرمينيا قرب مدينة خلاط، عندما استولى المغول بقيادة جنكيز خان على خراسان. إن الحياة السياسية المبكرة لهذه العشيرة يكتنفها الغموض، وهي أقرب إلى الأساطير منها إلى الحقائق، وإنما كل ما يُعرف عنها هو استقرارها في تلك المنطقة لفترة من الزمن، ويُستدل على صحة هذا القول عن طريق عدد من الأحجار والقبور تعود لأجداد بني عثمان .ويُستفاد من المعلومات المتوافرة أن هذه العشيرة تركت منطقة خلاط حوالي سنة 1229م تحت ضغط الأحداث العسكرية التي شهدتها المنطقة، بفعل الحروب التي أثارها السلطان جلال الدين الخوارزمي وهبطت إلى حوض نهر دجلة.
قيام الدولة العثمانية (1299–1453)
توفي "كندز ألب" في العام التالي لنزوح عشيرته إلى حوض دجلة، فترأس العشيرة ابنه سليمان، ثم حفيده "أرطغرل" الذي ارتحل مع عشيرته إلى مدينة إرزينجان، وكانت مسرحًا للقتال بين السلاجقة والخوارزميين، فالتحق بخدمة السلطان علاء الدين سلطان قونية، إحدى الإمارات السلجوقية التي تأسست عقب انحلال دولة السلاجقة العظام وسانده في حروبه ضد الخوارزميين، فكافأه السلطان السلجوقي بأن أقطع عشيرته بعض الأراضي الخصبة قرب مدينة أنقرة.[14] وظل أرطغرل حليفًا للسلاجقة حتى أقطعه السلطان السلجوقي منطقة في أقصى الشمال الغربي من الأناضول على الحدود البيزنطية، في المنطقة المعروفة باسم "سوغوت" حول مدينة أسكي شهر، حيث بدأت العشيرة هناك حياة جديدة إلى جانب إمارات تركمانية سبقتها إلى المنطقة.[11] علا شأن أرطغرل لدى السلطان بعد أن أثبت إخلاصه للسلاجقة، وأظهرت عشيرته كفاءة قتالية عالية في كل معركة ووجدت دومًا في مقدمة الجيوش وتمّ النصر على يدي أبنائها،[13] فكافأه السلطان بأن خلع عليه لقب "أوج بكي"، أي محافظ الحدود، اعترافًا بعظم أمره.[14] غير أن أرطغرل كان ذا أطماع سياسية بعيدة، فلم يقنع بهذه المنطقة التي أقطعه إياها السلطان السلجوقي، ولا باللقب الذي ظفر به، ولا بمهمة حراسة الحدود والحفاظ عليها؛ بل شرع يهاجم باسم السلطان ممتلكات البيزنطيين في الأناضول،[15] فاستولى على مدينة أسكي شهر وضمها إلى أملاكه، واستطاع أن يوسع أراضيه خلال مدة نصف قرن قضاها كأمير على مقاطعة حدودية، وتوفي في سنة 1281م عن عمر يُناهز التسعين عامًا،[16] بعد أن خُلع عليه لقب كبير آخر هو "غازي"،[17] تقديرًا لفتوحاته وغزواته.
بعد أرطغرل تولّى زعامة الإمارة ابنه البكر عثمان، فأخلص الولاء للدولة السلجوقية على الرغم مما كانت تتخبط فيه من اضطراب وما كان يتهددها من أخطار.[18] أظهر عثمان في بداية عهده براعة سياسية في علاقاته مع جيرانه، فعقد تحالفات مع الإمارات التركمانية المجاورة، ووجه نشاطه العسكري نحو الأراضي البيزنطية لاستكمال رسالة دولة سلاجقة الروم بفتح الأراضي البيزنطية كافة، وإدخالها ضمن الأراضي الإسلامية، وشجعه على ذلك حالة الضعف التي دبت في جسم الإمبراطورية البيزنطية وأجهزتها، وانهماكها بالحروب في أوروبا،[16] فأتاح له ذلك سهولة التوسع باتجاه غربي الأناضول، وفي عبور الدردنيل إلى أوروبا الشرقية الجنوبية. ومن الناحية الإدارية، فقد أظهر عثمان مقدرة فائقة في وضع النظم الإدارية لإمارته، بحيث قطع العثمانيون في عهده شوطًا كبيرًا على طريق التحول من نظام القبيلة المتنقلة إلى نظام الإدارة المستقرة، ما ساعدها على توطيد مركزها وتطورها سريعًا إلى دولة كبرى.[16] وقد أبدى السلطان السلجوقي علاء الدين كيقباد الثالث تقديره العميق لخدمات عثمان، فمنحه لقب "عثمان غازي حارس الحدود العالي الجاه، عثمان باشا".
أقدم عثمان بعد أن ثبّت أقدامه في إمارته على توسيع حدودها على حساب البيزنطيين، ففي عام 1291م فتح مدينة "قره جه حصار" الواقعة إلى الجنوب من سوغوت، وجعلها قاعدة له، وأمر بإقامة الخطبة باسمه،[19] وهو أول مظهر من مظاهر السيادة والسلطة، ومنها قاد عشيرته إلى بحر مرمرة والبحر الأسود.[18] وحين تغلب المغول على دولة قونية السلجوقية، سارع عثمان إلى إعلان استقلاله عن السلاجقة ولقّب نفسه "پاديشاه آل عثمان" أي عاهل آل عثمان،[20] فكان بذلك المؤسس الحقيقي لهذه الدولة التركية الكبرى التي نُسبت إليه لاحقًا.[18] وظلّ عثمان يحكم الدولة الجديدة بصفته سلطانًا مستقلاً حتى تاريخ 6 أبريل سنة 1326م، الموافق فيه 2 جمادى الأولى سنة 726هـ، عندما احتل ابنه "أورخان" مدينة بورصة الواقعة على مقربة من بحر مرمرة،[18] وفي هذه السنة توفي عثمان عن عمر يناهز السبعين عامًا،[21] بعد أن وضع أسس الدولة ومهد لها درب النمو والازدهار، وخُلع عليه لقب آخر هو "قره عثمان"، وهو يعني "عثمان الأسود" باللغة التركية الحديثة، لكن يُقصد به "الشجاع" أو "الكبير" أو "العظيم" في التركية العثمانية.[22]
عُني أورخان بتنظيم مملكته تنظيمًا محكمًا، فقسمها إلى سناجق أو ولايات، وجعل من بورصة عاصمةً لها، وضرب النقود باسمه، ونظّم الجيش، فألّف فرقًا من الفرسان النظاميين، وأنشأ من الفتيان المسيحيين الروم والأوروبيين الذين جمعهم من مختلف الأنحاء جيشًا قويًا عُرف بجيش الإنكشارية.[23] وقد درّب أورخان هؤلاء الفتيان تدريبًا صارمًا وخصّهم بامتيارات كبيرة، فتعلقوا بشخصه وأظهروا له الولاء. وعمل أورخان على توسيع الدولة، فكان طبيعيًا أن ينشأ بينه وبين البيزنطيين صراعٌ عنيف كان من نتيجته استيلاؤه على مدينتيّ إزميد ونيقية. وفي عام 1337م شنّ هجومًا على القسطنطينية عاصمة البيزنطيين نفسها، ولكنه أخفق في احتلالها.[24] ومع ذلك فقد أوقعت هذه الغزوة الرعب في قلب إمبراطور الروم "أندرونيقوس الثالث"، فسعى إلى التحالف معه وزوجه ابنته. ولكن هذا الزواج لم يحل بين العثمانيين وبين الاندفاع إلى الأمام، وتثبيت أقدامهم سنة 1357م في شبه جزيرة غاليبولي، وهكذا اشتد الخطر العثماني على القسطنطينية من جديد. شهد المسلمون في عهد أورخان أوّل استقرار للعثمانيين في أوروبا، وأصبحت الدولة العثمانية تمتد من أسوار أنقرة في آسيا الصغرى إلى تراقيا في البلقان،[25] وشرع المبشرون يدعون السكان إلى اعتناق الإسلام. توفي أورخان الأول في سنة 1360م بعد أن أيّد الدولة الفتيّة بفتوحاته الجديدة وتنظيماته العديدة، وتولّى بعده ابنه "مراد الله"، الملقب بمراد الأول.[26]
كانت فاتحة أعمال مراد الأول احتلال مدينة أنقرة مقر إمارة القرمان، وذلك أن أميرها واسمه علاء الدين، أراد انتهاز فرصة انتقال المُلك من السلطان أورخان إلى ابنه مراد لإثارة حمية الأمراء المجاورين وتحريضهم على قتال العثمانيين ليقوضوا أركان ملكهم الآخذ في الامتداد يومًا فيومًا، فكانت عاقبة دسائسه أن فقد أهم مدنه.[26] وتحالف مراد مع بعض أمراء الأناضول مقابل بعض التنازلات لصالح العثمانيين، وأجبر آخرين على التنازل له عن ممتلكاتهم، وبذلك ضمّ جزء من الممتلكات التركمانية إلى الدولة العثمانية.[معلومة 3] ثم وجّه اهتمامه نحو شبه جزيرة البلقان التي كانت في ذلك الحين مسرحًا لتناحر دائم بين مجموعة من الأمراء الثانويين، ففتح مدينة أدرنة سنة 1362م ونقل مركز العاصمة إليها لتكون نقطة التحرك والجهاد في أوروبا،[27] وقد ظلت عاصمة للعثمانيين حتى فتحوا القسطنطينية في وقت لاحق، كما تم فتح عدّة مدن أخرى مثل صوفيا وسالونيك، وبذلك صارت القسطنطينية محاطة بالعثمانيين من كل جهة في أوروبا.[27] وفي 12 يونيو سنة 1385م، الموافق فيه 19 جمادى الآخرة سنة 791هـ، التقت الجيوش العثمانية بالقوى الصربية – تساندها قوىً من المجر والبلغار والألبانيين – في إقليم "قوصوة"، المعروف حاليًا باسم "كوسوڤو"، فدارت بين الطرفين معركة عنيفة انتصر فيها العثمانيون، إلا أن السلطان قتل في نهايتها على يد أحد الجنود الذي تظاهر بالموت.
تولّى عرش آل عثمان بعد مراد الأول ابنه بايزيد، وعند ذلك كانت الدولة قد اتسعت حدودها بشكل كبير، فانصرف إلى تدعيمها بكل ما يملك من وسائل، وانتزع من البيزنطينيين مدينة آلاشهر، وكانت آخر ممتلكاتهم في آسيا الصغرى،[28] وأخضع البلغار عام 1393م إخضاعًا تامًا.[28] فجزع "سيگسموند" ملك المجر من هذا التوسع العثماني، خصوصًا بعد أن تاخمت حدود بلاده مناطق السيطرة العثمانية، فاستنجد بأوروبا الغربية، فدعا البابا "بونيفاس التاسع" إلى حملة صليبية جديدة ضد العثمانيين لمنعهم من التوغل في قلب أوروبا، فلبّى الدعوة ملك المجر سالف الذكر، وعدد من أمراء فرنسا[29] وباڤاريا[29] والنمسا[29] وفرسان القديس يوحنا في رودس[29] وجمهورية البندقية،[29] وقدمت إنگلترا مساعدات عسكرية.[30] تقابل الجيشين العثماني والأوروبي في 25 سبتمبر سنة 1396م، الموافق فيه 21 ذي الحجة سنة 798هـ، ودارت بينهما رحى معركة ضارية هُزم فيها الأوروبيون وردوا على أعقابهم.[28] حاصر بايزيد القسطنطينية مرتين متواليتين، ولكن حصونها المنيعة صمدت في وجه هجماته العنيفة، فارتد عنها خائبًا.[28] ولم ينس بايزيد وهو يوجه ضرباته الجديدة نحو الغرب، أن المغول يستعدون للانقضاض عليه من جهة الشرق، وخاصةً بعد أن ظهر فيهم رجلٌ عسكري جبّار هو تيمورلنك الشهير المتحدّر من سلالة جنكيز خان.[31][32] لذلك عمل بايزيد على تعزيز مركزه في آسيا الصغرى استعدادًا للموقعة الفاصلة بينه وبين تيمورلنك. وهكذا خف الضغط العثماني على البيزنطيين، وتأخر سقوط القسطنطينية في أيدي العثمانيين خمسين سنة ونيفًا.[28] وفي ربيع سنة 1402م، تقدّم تيمورلنك نحو سهل أنقرة لقتال بايزيد، فالتقى الجمعان عند "جُبق آباد" ودارت معركة طاحنة انهزم فيها العثمانيون وأُسر السلطان بايزيد وحمله المغول معهم عائدين إلى سمرقند عاصمة الدولة التيمورية حيث عاش بقية أيامه ومات في سنة 1403م.
وبعد موت السلطان بايزيد تجزأت الدولة إلى عدّة إمارت صغيرة كما حصل بعد سقوط الدولة السلجوقية، لأن تيمورلنك أعاد إلى أمراء قسطموني وصاروخان وكرميان وآيدين ومنتشا وقرمان ما فقدوه من البلاد.[34] واستقل في هذه الفترة كل من البلغار والصرب والفلاخ، ولم يبق تابعًا للراية العثمانية إلا قليل من البلدان. ومما زاد الخطر على الدولة عدم اتفاق أولاد بايزيد على تنصيب أحدهم، بل كان كل منهم يدعي الأحقية لنفسه،[34] فنشبت بينهم حروب ضارية، ولكن النصر كان آخر الأمر من نصيب محمد بن بايزيد، المُلقب بمحمد الأول أو "محمد چلبي"، الذي استطاع أن يعيد للدولة بعض ما فقدته من أملاكها في الأناضول.[35] وبعد محمد الأول تولّى عرش السلطنة العثمانية مراد الثاني، فاستمر بإخضاع المدن والإمارات التي استقلت عن الدولة العثمانية، وحاصر القسطنطينية، ولكنه لم يُوفق إلى احتلالها.[36] ثم حاول أن يعيد إخضاع البلقان لسيطرته، ففتح عدّة مدائن وقلاع وحاول أن يضم إليها مدينة بلغراد لكنه فشل في اقتحامها،[37] فكان هذا الهجوم إنذارًا جديدًا لأوروبا بالخطر العثماني، فقامت قوات مجرية – وعلى رأسها يوحنا هونياد – بالالتحام مع العثمانيين وهزمتهم هزيمة قاسية كان من نتائجها بعث الروح الصليبية في أوروبا، وإعلان النضال الديني ضد العثمانيين.[36]
ولمّا توفي السلطان مراد الثاني ارتقى عرش العثمانيين ابنه محمد، فكان عليه بادئ الأمر أن يُخضع ثورة نشبت ضده في إمارة قرمان بآسيا الصغرى، فاستغل الإمبراطور البيزنطي قسطنطين الحادي عشر هذا الأمر، وطلب من السلطان مضاعفة الجزية التي كان والده يدفعها إلى البيزنطيين لقاء أسرهم الأمير أورخان حفيد سليمان بن بايزيد المطالب بالعرش العثماني.[36] فاستاء السلطان محمد من هذا الطلب لما كان ينطوي عليه من تهديد بتحريض أورخان هذا على العصيان، فأمر بإلغاء الراتب المخصص له، وراح يتجهّز لحصار القسطنطينية والقضاء على هذه المدينة في أقرب فرصة ممكنة. وكان أوّل ما قام به في هذا السبيل تشييده عند أضيق نقطة من مضيق البوسفور قلعة "روملي حصار" القائمة على بعد سبعة كيلومترات من أبواب القسطنطينية.[36] وعندئذ أرسل الإمبراطور قسطنطين بعثة من السفراء إلى السلطان محمد لتحتجّ لديه على ذلك، فلم يلقوا منه جوابًا شافيًا،[38] بل أصرّ على البناء لما في القلعة من أهمية استراتيجية. واستنجد الإمبراطور قسطنطين بالدول الأوروبية فلم تنجده إلا بعض المدن الإيطالية، أما البابا فقد أبدى استعداده لمساعدة الإمبراطور شرط أن تتحد الكنيستان الشرقية والغربية، ووافق قسطنطين على المشروع، ولكنّ تعصّب الشعب حال دون تحقيق ذلك.كان السلطان قد حشد لقتال البيزنطيين جيشًا عظيمًا مزودًا بالمدافع الكبيرة وأسطولاً ضخمًا، وبذلك حاصرهم من ناحيتيّ البر والبحر معًا. والواقع أن البيزنطيين استماتوا في الدفاع عن عاصمتهم، لكن ما أن مضى 53 يومًا على الحصار حتى كان العثمانيون قد دخلوا المدينة بعد أن هُدمت أجزاء كبيرة من أسوارها بفعل القصف المدفعي المتكرر،[39] واشتبكوا مع البيزنطيين في قتال عنيف جدًا دارت رحاه في الشوارع، وذهب ضحيته الإمبراطور نفسه وكثير من جنوده.[39] حتى إذا انتصف النهار دخل محمد المدينة وأصدر أمره إلى جنوده بالكف عن القتال، بعد أن قضى على المقاومة البيزنطية ونشر راية السلام.[36] اتخذ السلطان محمد لقب "الفاتح" بعد فتح المدينة، وأضاف إليه لقب "قيصر الروم"، على الرغم من عدم اعتراف بطريركية القسطنطينية ولا أوروبا الغربية بهذا الأمر، ونقل مركز العاصمة من أدرنة إلى القسطنطينية التي غيّر اسمها إلى "إسلامبول"، أي مدينة الإسلام أو تخت الإسلام،[40] وأعطى للمسيحين الآمان وحرية إقامة شعائرهم الدينية،[41] ودعا من هاجر منهم خوفًا إلى العودة إلى بيوتهم. سقطت الإمبراطورية البيزنطية عند فتح المدينة بعد أن استمرت أحد عشر قرنًا ونيفًا، وتابع السلطان محمد فتوحاته في أوروبا خلال السنوات اللاحقة التي أعقبت سقوط القسطنطينية، فأخضع بلاد الصرب وقضى على استقلالها، وفتح بلاد المورة في جنوب اليونان، وإقليم الأفلاق وبلاد البشناق وألبانيا، وهزم البندقية ووحد الأناضول عبر قضائه على إمبراطورية طرابزون الرومية وإمارة قرمان.[40] وقد حاول السلطان محمد أيضًا فتح إيطاليا لكن وافته المنية سنة 1481م، فانصرف العثمانيون عن هذه الجهة.
حقبة النمو والازدهار (1453–1566)
بعد موت السلطان محمد الفاتح تنازع ابناه "جم" و"بايزيد" على العرش. ولكن الغلبة كانت من نصيب بايزيد، ففر جم إلى مصر حيث احتمى بسلطان المماليك "قايتباي"،[42] ثم إلى رودس حيث حاول أن يتعاون مع فرسان القديس يوحنا والدول الغربية على أخيه، لكن بايزيد استطاع إقناع دولة الفرسان بإبقاء الأمير جم على الجزيرة مقابل مبلغ من المال،[43] وتعهد بأن لا يمس جزيرتهم طيلة فترة حكمه،[42] فوافقوا على ذلك، لكنهم عادوا وسلموا الأمير إلى البابا "إنوسنت الثامن" كحل وسط، وعند وفاة الأخير قام خليفته بدس السم للأمير بعد أن أجبره الفرنسيون على تسليمهم إياه، فتوفي في مدينة ناپولي، ونقل جثمانه فيما بعد إلى بورصة ودُفن فيها.[42] اتصف السلطان بايزيد بأنه سلطان مسالم لا يدخل الحروب إلا مدافعًا، فقاتل جمهورية البندقية بسبب الهجمات التي قام بها أسطولها على بلاد المورة، وحارب المماليك حين قرر السلطان قايتباي السيطرة على إمارة ذي القدر ومدينة ألبستان التابعتين للدولة العثمانية، وعدا ذلك فكان يفضل مجالسة العلماء والأدباء.[44] وفي عهده سقطت غرناطة آخر معاقل المسلمين في الأندلس؛ فبعث بعدّة سفن لتحمل الأندلسيين المسلمين واليهود إلى القسطنطينية وغيرها من مدن الدولة،[45] وفي عهده أيضًا ظهرت سلالة وطنية شيعية في بلاد فارس، هي السلالة الصفوية، التي استطاعت بزعامة الشاه إسماعيل بن حيدر، أن تهدد بالخطر إمبراطورية العثمانيين في الشرق.
وفي أواخر عهد بايزيد دبّ النزاع بين أولاده بسبب من ولاية العهد. ذلك أن بايزيد اختار ابنه أحمد لخلافته، فغضب ابنه الآخر سليم، وأعلن الثورة على والده، وكان لثورة سليم أسباب سياسية ومذهبية وتجارية وعرقية،[46] ذلك أن الصفويين كانوا يعملون على نشر المذهب الشيعي في الأناضول على حساب المذهب السني، وقطعوا طريق التجارة مع الهند والشرق الأقصى، ومنعوا نزوح المزيد من قبائل التركمان من آسيا الوسطى إلى الأناضول وأوروبا الشرقية، وكان الشاه إسماعيل يدعم الأمير أحمد للوصول إلى سدة الحكم ولم يحرك الأخير ساكنًا لمنع التدخل الصفوي في الشؤون العثمانية. نتيجة لكل ما سلف، ثار سليم على والده وشقيقه ثم استولى على أدرنة، فما كان من بايزيد إلا أن انبرى لقتال ابنه سليم، فهزمه وقرر نفيه، لكن الجنود الإنكشارية قاموا بالضغط على السلطان وأرغموه بالتنازل عن العرش لصالح ابنه سليم.[47] وقد مات بايزيد يوم 26 مايو سنة 1512م، الموافق فيه 10 ربيع الأول سنة 918هـ،[48] واختلف المؤرخون على سبب الوفاة. كان على سليم، بعد اعتلائه العرش، تثبيت أقدامه في الحكم والتفاهم مع الدول الأوروبية الفاعلة ليتفرغ لأخطر أزمة واجهتها الدولة منذ أعقاب معركة أنقرة، ألا وهي القضية الصفوية، فأقدم على قتل إخوته وأولادهم حتى لا يبقى له منازع في الحكم، ثم أبرم هدنة طويلة مع الدول الأوروبية المجاورة، وحوّل انتباهه إلى الجبهة الشرقية لمواجهة الصفويين والمماليك.[49] وكان السلطان سليم يهدف إلى السيطرة على طرق التجارة بين الشرق والغرب، والتوسع على حساب القوى في المشرق، والقضاء على المد الشيعي،[50] وتوحيد الأمصار الإسلامية الأخرى حتى تكون يدًا واحدة في مواجهة أوروبا، وخاصة بعد سقوط الأندلس وقيام البرتغاليين بالتحالف مع الصفويين وإنشائهم لمستعمرات في بعض المواقع في جنوب العالم الإسلامي.[47] وكان الشيعة المقيمون في آسيا الصغرى قد ثاروا على الدولة العثمانية اعتمادًا على تأييد الصفويين، فأخضع سليم هذه الثورة وعمد إلى اضطهاد الشيعة، فذهب ضحية هذه السياسة أربعون ألفًا منهم، ثم انبرى لقتال الشاه، فالتقى الفريقان في سهل چالديران والتحما في معركة كبيرة كان النصر فيها لصالح السلطان سليم،[51] وفرّ الشاه ناجيًا بحياته، أما سليم فتقدم إلى تبريز عاصمة خصمه الصفوي، فاستولى عليها ورجع عائدًا إلى بلاده.[52]
قدم العثمانيون، بعد انتصارهم على الصفويين، لإخضاع السلطنة المملوكية،[معلومة 7] فنشبت بينهم وبين المماليك معركة على الحدود الشاميّة التركية تُعرف بمعركة مرج دابق، انتصر فيها العثمانيون وقُتل سلطان المماليك "قنصوه الغوري"، ثم تابعوا زحفهم نحو مصر والتحموا بالمماليك من جديد في معركة الريدانية التي قررت مصير مصر كلها،[52] وانتصروا عليهم مجددًا ودخلوا القاهرة فاتحين. وفي أثناء ذلك قدّم شريف مكة مفاتيح الحرمين الشريفين إلى السلطان سليم اعترافًا بخضوع الأراضي المقدسة الإسلامية للعثمانيين،[52] وتنازل في الوقت ذاته آخر الخلفاء العباسيين، محمد الثالث المتوكل على الله، عن الخلافة لسلطان آل عثمان، فأصبح كل سلطان منذ ذلك التاريخ خليفة للمسلمين، ويحمل لقب "أمير المؤمنين" و"خليفة رسول رب العالمين". وعند نهاية حملته الشرقية، كان السلطان سليم قد جعل من الدولة العثمانية قوة إقليمية كبرى ومنافسًا كبيرًا للإمبراطورية البرتغالية على زعامة المنافذ المائية العربية.[53] توفي السلطان سليم في 22 سبتمبر سنة 1520م، الموافق فيه 9 شوّال سنة 926هـ، وهو على أهبة الاستعداد لقتال فرسان القديس يوحنا في رودس.[54] فارتقى العرش من بعده ابنه سليمان، الذي يُعرف في الشرق باسم "القانوني"، ويُعرف في الغرب باسم "العظيم". والواقع أن الفتوح في الشرق شغلت السلطان سليم طوال أيام حكمه، فكان طبيعيًا أن ينصرف السلطان سليمان إلى ناحية الغرب ليُتم الفتوح التي كان أسلافه قد بدأوها من قبله.[55] واحتل سليمان مدينة بلغراد في سهولة، عام 1521م، وعقد العزم على ما كان أبوه السلطان سليم قد شرع يستعد له قبل وفاته، أي الاستيلاء على جزيرة رودس، فتمكن من ذلك في سنة 1523م،[55] ثمّ ضمّ إلى الأملاك العثمانية القسم الجنوبي والأوسط من مملكة المجر، بعد أن استغل الأوضاع الداخلية المضطربة للمملكة،[معلومة 8] والأوضاع الخارجية الملائمة
شتبكت الجيوش العثمانية مع نظيرتها المجرية في وادي موهاج بالمجر بتاريخ 26 أغسطس سنة 1526م، في معركة دامت حوالي الساعتين، وانتصر فيها العثمانيون نصرًا كبيرًا وثبتوا أقدامهم في البلاد لفترة طويلة من الزمن، وعين السلطان "جان زابوليا" ملك ترانسلڤانيا حاكمًا عليها،[58] عندئذ أرسل فرديناند ملك النمسا، وفدًا إلى السلطان يلتمس منه الاعتراف به ملكًا على المجر، فسخر سليمان من الوفد وزجّ أعضاءه في السجن فترة من الزمن، ولمّا أفرج عنهم حمّلهم رسالة إلى الملك ليستعد لملاقاته. وقاتل سليمان فرديناد بجيش عظيم، فلم يصمد في وجهه، فراح سليمان يتعقبه حتى ڤيينا العاصمة، وهنا ضرب سليمان الحصار على هذه المدينة القائمة في قلب أوروبا، وأحدثت الجنود العثمانية ثغرًا في أسوارها إلا أن الذخيرة والمؤن نفدت منهم، وأقبل فصل الشتاء فقفل السلطان ورجع إلى بلاده.[59] وفي عام 1532م، عاود سليمان الكرّة، فحاصر ڤيينا من جديد، ولكن التوفيق خانه في حملته الثانية هذه أيضًا، فعقد مع فرديناند صلحًا احتفظ بموجبه بجميع ما استولى عليه من الأراضي المجرية. وكان مما رغّب سليمان في عقد الصلح اضطراره إلى الالتفات صوب الشرق بعد أن توترت العلاقات بينه وبين "طهماسب بن إسماعيل الصفوي" شاه فارس، وتفصيل ذلك أن عامل بغداد من قبل طهماسب خان مولاه الصفوي وانحاز إلى العثمانيين بناءً على إلحاح الشعب بسبب سياسة التطرف المذهبي التي انتهجها الصفويون،[60] فسار إليه طهماسب يريد تأديبه، فلم يكن من السلطان سليمان إلا أن اغتنم هذه الفرصة للانقضاض على بلاد فارس، وهكذا احتل تبريز عاصمة الفرس، ثم استولى على بغداد ودخلها في أبّهة بالغة.
حقق العثمانيون أيام السلطان سليمان عدّة فتوحات بحرية مهمة، وذلك بفضل البحّار يوناني الأصل، خير الدين بربروس، الذي كان سبق وضمّ الجزائر للدولة العثمانية أيام السلطان سليم. عيّن السلطان سليمان خير الدين هذا أميرًا للبحر عام 1533م، فنهض بالأسطول العثماني نهضة جبارة مكنته من انتزاع تونس من أيدي الإسبان وإخضاعها للسلطة العثمانية ولو لفترة قصيرة من الزمن. وفي سنة 1538م حقق خير الدين للدولة العثمانية نصرًا بحريًا كبيرًا، فقد وفّق إلى إنزال هزيمة قاسية بأندريا دوريا الذي كان يقود أساطيل كارلوس الخامس ملك إسبانيا والبابا بولس الثالث والبندقية مجتمع وذلك قرب بروزة، الواقعة على خليج آرتا في الشمال الغربي من اليونان. ومن الفتوح الهامة التي حققها الأسطول العثماني في عهد السلطان سليمان، فتح طرابلس الغرب وتحريرها من الإسبان وفرسان القديس يوحنا على يد القبطان "طورغول بك".[58] توفي السلطان سليمان في 5 سبتمبر سنة 1566م، الموافق فيه 20 صفر سنة 974هـ، وكانت الدولة العثمانية آنذاك قد بلغت أعلى درجات الكمال وأصبح وجودها ضروريًا لحفظ التوازن السياسي في الشرق الأوسط وأوروبا، ووصل عدد سكانها إلى 15,000,000 نسمة بحسب بعض المصادر.

حقبة الركود والانتعاشات (1566–1683)
يُعتبر عصر سليمان القانوني عصر الدولة العثمانية الذهبي، وما أن انقضى هذا العصر حتى أصاب الدولة الضعف والتفسخ. فقد كان سليم الثاني، خليفة سليمان، سلطانًا ضعيفًا لا يتصف بما يؤهله للقيام بحفظ فتوحات أبيه فضلاً عن إضافة شيء إليها، بالإضافة إلى أنه كان حاكمًا منحلاً خاملاً، وكان ماجنًا سكّيرًا.[65] وما يميّز عهد هذا السلطان هو أن وظيفة الصدر الأعظم أصبحت تجعل من يتقلدها الحاكم الفعلي وقائد الجيوش،[66] فلولا وجود الصدر الأعظم محمد باشا صقللي المخضرم في الأعمال السياسية والحربية للحق الدولة الفشل،[67] لكن حسن سياسة هذا الرجل وعظم اسم الدولة ومهابتها في قلوب أعدائها حفظها من السقوط مرة واحدة.[67] ومن أعمال محمد باشا صقللي أن أرسل جيشًا كبيرًا إلى اليمن سنة 1569م بقيادة عثمان باشا يسانده سنان باشا والي مصر، لقمع ثورة الأهالي، وتمكن الجيش من إخماد الثورة، ودخل مدينة صنعاء بعد أن فتح جميع القلاع.[67] ومن أعمال الصدر الأعظم أيضًا فتح جزيرة قبرص وانتزاعها من أيدي البنادقة.[67] شنّت الدولة العثمانية في عام 1569م أيضًا حملة على مدينة أسترخان، الواقعة على مصب نهر الڤولغا في بحر قزوين، بهدف استرداد الإمارة ووضع حد لامتداد روسيا من ناحية الجنوب، خشية أن يؤدي توسعها إلى استيلائها على الطرق التجارية والأسواق الكبرى وإلى هيمنتها على تجارة البلدان الإسلامية،[68] إلا أن هذه الحملة كان مصيرها الفشل، بسبب امتناع خاقان القرم، "دولت گراي الأول"، عن التعاون مع الجيش العثماني وسعيه شخصيًا لأن يقوم بالاستيلاء على أسترخان وقازان، كما تعذر ضرب الحصار على المدينة لأن الروس بنوا قلعة قوية إلى الجنوب منها، على الطريق المؤدية إليها حالت دون تقدم الجيش العثماني في عهد السلطان سليم الثاني جرت موقعة ليبانتو البحرية التي هزّت صورة البحرية العثمانية والجيش العثماني الذي اعتبره كثيرون لا يُقهر. وتفصيل ذلك أنه بعد ازدياد الخطر العثماني في البحر المتوسط على أوروبا، وخاصة بعد فتح جزيرة قبرص، وبعض المواقع على البحر الأدرياتيكي،[66] تحالف فيليب الثاني ملك إسبانيا مع البابا بيوس الخامس وجمهورية البندقية لوقف التقدم العثماني باتجاه إيطاليا من جهة، واسترداد جميع المواقع التي فتحوها على حساب أوروبا وبخاصة في شمال أفريقيا، من جهة أخرى. فجمعوا مائتين وثلاثين سفينة وثلاثين ألف جندي،[70] وسلموا لواء القيادة إلى الدون يوحنا النمساوي، الذي أبحر إلى خليج پاتراس، أحد فروع البحر الأيوني، وهناك اشتبك الأسطولان العثماني والأوروبي في معركة بحرية طاحنة هي إحدى أكبر المعارك في التاريخ الحديث، أسفرت عن انتصار الأوروبيين وانهزام العثمانيين هزيمة منكرة.[67] ولم تُقعد هذه الحادثة همّة الصدر الأعظم محمد باشا صقللي، بل انتهز فرصة الشتاء وعدم إمكانية استمرار الحرب لتجهيز أسطول جديد، وبذل النفس والنفيس في تجهيزه وتسليحه حتى إذا أقبل صيف سنة 1572م كان قد تمّ بناء 250 سفينة بما فيها 8 غلايين حديثة،[71] وأعلم الصدر الأعظم البنادقة باستعداده للجولة الثانية،[71] ففضلت البندقية أن تجنح للسلام ووقعت مع الدولة العثمانية معاهدة بذلك سنة 1573م،[72] فتفرغ العثمانيون لمحاربة إسبانيا التي عادت لاحتلال تونس، وكذلك هزموا أمير البغدان الذي تمرّد على الدولة طلبًا للاستقلال.
توفي السلطان سليم الثاني يوم 12 ديسمبر سنة 1574م، الموافق فيه 27 شعبان سنة 982هـ،[67] وتولّى بعده ابنه مراد الثالث. وفي عهد هذا السلطان تدخلت الدولة العثمانية في انتخاب حليفها "أتيين باتوري"، أمير ترانسلڤانيا، ملكًا على بولندا بعد شغور العرش، وبذا تحولت الحماية العثمانية على بولندا من حماية اسمية إلى حماية فعلية.[74] وساعد العثمانيون سلطان مراكش لإخماد ثورة اندلعت في بلاده، فاصطدموا مع الثوّار والبرتغاليين الذين ساندوهم في موقعة القصر الكبير وانتصروا عليهم وأعادوا السلطان إلى الحكم.[66] أما أهم ما حصل في عهد السلطان مراد الثالث هو التوسع العثماني في الشرق، على حساب الدولة الصفوية، فبعد وفاة الشاه طهماسب الأول من غير أن يسمي من سيخلفه، تنازع أبناؤه على السلطة، فأرسل الصدر الأعظم محمد باشا صقللي حملة عسكرية إلى بلاد فارس لفتح ما تيسر من مدنها، فضموا إليهم من أملاكها بلاد الكرج، ثم أذربيجان الشمالية، ثم بلاد داغستان.
تعرضت الدولة العثمانية بعد هذه الغزوات لخضّة سياسية عنيفة، عندما تقلّص نفوذ الصدر الأعظم محمد باشا صقللي، ومن ثم قُتل في سنة 1579م، فعمّت الفوضى بعد موته بفعل ضعف حلفائه وتمرّد الإنكشارية، وراح الولاة يتنافسون فيما بينهم على منصب الصدارة العظمى. وفي عام 1590م أبرم العثمانيون صلحًا مع الصفويين، أعترفوا فيه بما تم ضمه إلى الدولة العثمانية، إضافةً إلى جنوب أذربيجان بما فيها العاصمة تبريز.[66] وبعد إبرام الصلح استتب الأمن على حدود الدولة، إن في الشرق أو في الغرب، فثار الإنكشارية في القسطنطينية وفي الولايات نظرًا لهبوط قيمة أجورهم، الأمر الذي دفع الصدر الأعظم الجديد، سنان باشا، أن يشغلهم بالحروب مع النمسا في المجر،[76] ونظرًا لما وصل إليه الإنكشارية من فوضى توالت عليهم الهزائم، وفقدوا بعض القلاع، وعلى الرغم من أن سنان باشا استطاع أن يستردها لاحقًا،[76] إلا أن أمراء الأفلاق والبغدان وترانسلڤانيا استغلوا الموقف وانتصروا على الجيوش العثمانية في بضعة معارك واستردوا منهم بعض المدن.[76] وتوفي السلطان مراد الثالث مساء 19 يناير سنة 1595م، الموافق فيه 8 جمادى الأولى سنة 1003هـ، بعد أن أصيب بداء عياء.
تولّى عرش آل عثمان بعد مراد الثالث ابنه محمد، الذي خرج عن القاعدة التي استفحلت منذ أيام جده سليم الثاني، وهي تولي الصدر الأعظم قيادة الجيش، فقاد الجيوش بنفسه وخرج لقتال المجر والنمسا، وانتصر عليهم في موقعة كرزت سنة 1596م.[77] وفي بداية القرن السابع عشر حصلت في الأناضول ثورة داخلية كادت أن تكون عاقبتها وخيمة على الدولة، خصوصًا وأن نار الحروب كانت مشتعلة على حدود المجر والنمسا، وخلاصتها أن قائد إحدى فرق الإنكشارية التي نفيت إلى الأناضول عقابًا لها لعدم ثباتها في موقعة كرزت، إدعى أنه رأى النبي محمد في منامه يبشره بالنصر على العثمانيين،[78] فأعلن العصيان وثار على الدولة وقام بعدد من الفتن إلى جانب شقيقه، ثم مات بعد أن أصيب بجراح في إحدى المعارك،[78] لكن شقيقه استمر يعصي الدولة إلى أن أعطته ولاية البوسنة ليحارب الأوروبيين حتى هلكت جيوشه عن آخرها في المناوشات المستمرة بينها وبين النمسا والمجر.[79] وأعقبت هذه الثورة الكبيرة ثورة أخرى في القسطنطينية هي ثورة الخيالة، الذين طالبوا بتعويضهم عما لحق بهم من أضرار جرّاء الثورة السابقة، فاستعانت الدولة عليهم بجنود الإنكشارية وأدخلتهم في طاعتها مجددًا.
تميزت المدة الممتدة على مدار القرن السابع عشر بمظهر أقل روعة من مظهر مدة القرن السادس عشر بالنسبة للدولة العثمانية،[80] فبعد وفاة السلطان محمد الثالث ظهر سلاطين أكثر ضعفًا وانغماسًا في الملذات، على الرغم من بروز بعض الشخصيات القوية منهم، مثل السلطان عثمان الثاني ومراد الرابع، وبعض الوزراء الذين عملوا على صون هيبة وسلطان الدولة، ومن هؤلاء مراد باشا القبوجي، الذي كان عونًا وعضدًا للسلطان أحمد الأول الذي تولّى وهو لم يتجاوز الرابعة عشر إلا بقليل.[81] وفي تلك الفترة تنازلت الدولة العثمانية عن عراق العجم للدولة الصفوية، فكانت تلك أول معاهدة تركت فيها الدولة فتوحاتها، وكانت بمثابة فاتحة الانحطاط.[81] وبعد أحمد الأول تولّى أخيه مصطفى العرش لثلاثة أشهر فقط، قبل أن يُعيّن عثمان الثاني بدلاً منه، الذي حدثت في عهده سابقة كانت الأولى من نوعها، وتدل على مدى الانحطاط الذي وصلت إليه الدولة آنذاك، إذ تخاذل الإنكشارية في القتال، فأراد أن يؤدبهم ويستبدل بهم جنودًا جددًا مدربين، فثاروا عليه وقتلوه وأعادوا عمه مصطفى إلى الحكم،[82] وما إن انتشر خبر قتل الخليفة حتى عمت الفوضى والثورات أرجاء الدولة العثمانية، وقام الولاة يعلنون الاستقلال عن الدولة، فأشار الصدر الأعظم المعين بواسطة الإنكشارية بعزل مصطفى الأول وتعيين ابن أخيه مراد الرابع.[83] استطاع مراد الرابع أن يُطهّر الدولة من بعض الثورات مثل ثورة أباظة باشا والي أرضروم، وثورة قام بها الإنكشارية، وحركة أمير لبنان فخر الدين المعني الثاني الاستقلالية، كما استرجع بغداد وهمدان وتبريز ويريڤان وكامل أذربيجان من الصفويين.[84] وفي عهد خليفته إبراهيم الأول، انتعشت الدولة بعض الانتعاش، فدخل الأسطول العثماني جزيرة كريت من غير أن يلقى مقاومة تذكر،[65] وبعد هذا العهد عرف العثمانيون فترةً من الضعف والعجز لم ينتشلهم منها إلا المصلح الكبير "محمد كوبرولي" الذي تولّى منصب الصدارة العظمى عام 1656م في عهد السلطان محمد الرابع، فنهض بالدولة نهضة جديدة وطهرها من آفاتها الفتاكة، وهكذا اشتد ساعدها من جديد.[65] وبعد محمد كوبرولي تولّى ابنه "فاضل أحمد" ذات المنصب وسار على نهج أبيه،[85] فقامت القوات العثمانية سنة 1663م بهجوم على بلاد المجر وهددت ڤيينا نفسها بالسقوط.[65] وفي سنة 1672م استولى العثمانيون على أوكرانيا وكانت تابعة لملك بولندا.[86] وفي 17 يوليو سنة 1683م، حاصرت جيوش السلطان محمد الرابع ڤيينا للمرة الأخيرة، ولكنها صُدّت عنها.
دور الانحلال وخاتمة الدولة (1908–1922)
كانت الأفكار القومية قد تغلغلت بشكل كبير في جسم الدولة العثمانية أواخر عهد السلطان عبد الحميد الثاني، وأنشأ الداعون لهذه المفاهيم المؤسسات والجمعيات التي تحمل أفكارهم، وكان من أهم هذه الجمعيات جمعية تركيا الفتاة، التي تأسست في باريس وكان لها فروع أخرى في برلين، وفي أنحاء الدولة العثمانية في سالونيك والآستانة، واستطاعت أن تضع لها قدمًا في الجيش العثماني، وكان لها جناح عسكري عرف بتنظيم الاتحاد العثماني وكان لها جناح مدني هو الانتظام والترقي، واتفق الفريقان أن تكون جمعيتهم باسم "الاتحاد والترقي".[129] وامتد نفوذ الاتحاد والترقي في الدولة، فضم إليه الكثير من ضباط الفيلق الأول المسيطر على الآستانة، وكذلك الفيلقين الثاني والثالث المرابطين في الولايات العثمانية الباقية في أوروبا. وقد حاول السلطان عبد الحميد مقاومة هذه الجمعيات، فنادى وتمسّك بفكرة الجامعة الإسلامية، لكنه فشل أمامهم، خصوصًا بعد أن سيطروا على أكثر الجيش.[129] فرض الاتحاديون على السلطان إعلان دستور جديد للبلاد يخلف الدستور الأول أو "القانون الأساسي" الذي أعلنه سنة 1876م، فذعن لمطلبهم وأعلن الدستور، فسيطر الاتحاديون على معظم مقاعد المجالس النيابية، ووجدوا أن السلطان سيكون عائقًا في تحقيق أهدافهم، فعزلوه وولوا أخاه محمد الخامس مكانه.
تولّى محمد "رشاد" الخامس العرش والدولة في احتضار، ولكنها كانت ما تزال متماسكة، وأصبح الاتحاديون هم الحكام الفعليين للبلاد، أما السلطان فكان مجرّد ألعوبة في أيديهم، وفي ذلك الوقت كانت الدولة قد أضاعت كثيرًا من بلادها في أوروبا، والأفكار القومية تنتشر يومًا بعد يوم، والبلاد في حالة إفلاس بسبب الحروب المتواصلة، والأوروبيون قد تسلطوا على مالية الدولة لاستيفاء ما لهم عليها من ديون.[139] وفي نفس السنة لاعتلاء محمد رشاد العرش، سيطرت الإمبراطورية النمساوية المجرية على البوسنة والهرسك، وبعد ثلاث سنوات هاجمت إيطاليا ليبيا، آخر الممتلكات العثمانية الفعلية في شمال أفريقيا، فقاومها العثمانيون بكل طاقتهم، لكنهم لم يستطيعوا شيءًا، فسقطت البلاد بعد سنة من المعارك الشديدة.[139] ثم جاءت حرب البلقان الأولى التي تولّى كبرها كل من مملكة صربيا ومملكة الجبل الأسود ومملكة اليونان ومملكة بلغاريا، وفقدت فيها الدولة العثمانية ما تبقى لها من ممتلكات في البلقان عدا تراقيا الشرقية ومدينة أدرنة، وانسحب حوالي 400,000 مسلم من سكّان تلك البلاد إلى تركيا خوفًا من ما قد تُقدم عليه جنود العدو.[140] وفي تلك الفترة ظهرت النزعة التركية الطورانية بقوة وعنف، وسعى حزب الاتحاد والترقي إلى تتريك الشعوب غير التركية المشتركة مع الأتراك في العيش تحت ظل الدولة العثمانية، مثل العرب والشركس والأكراد والأرمن.[139] وفي سنة 1913م عقد الوطنيون العرب مؤتمرًا في باريس، واتخذوا مقررات أكدوا فيها على رغبة العرب في الاحتفاظ بوحدة الدولة العثمانية بشرط أن تعترف الحكومة بحقوقهم، كون العرب أكبر الشركاء في الدولة، وطالب هؤلاء أن تُحكم الأراضي العربية حكمًا ذاتيًا وفق نظام اللامركزية، وقد وعد الاتحاديون الزعماء العرب الأحرار بقبول مطالبهم، لكن ذلك لم يتحقق بفعل نشوب الحرب العالمية الأولى.

المصادروالمراجع

o تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1443 هـ – 2022 م

o عبد العزيز محمد الشناوي: الدولة العثمانية دولة إسلامية مفترى عليها – مكتبة الأنجلو المصرية – القاهرة – 1984م

o موقع وزارة السياحة والثقافة التركية.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده