كتاب نظام الحكم والإدارة في الإمارات العربية المتحدة، لمؤلفه الدكتور عبد الرحيم عبد اللطيف الشاهين المحاضر في كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة الإمارات هو أحد المؤلفات الرئيسة حول نظام الحكم والإدارة في دولة الإمارات.
وقد اتبع فيه الباحث المنهج التاريخي في جزء هام من الكتاب، حيث احتوى الفصل الأول على عرض تاريخي، تتبع فيه المؤلف التطور التاريخي والسياسي لدولة الإمارات منذ الاستعمار البريطاني للخليج العربي وحتى قيام الاتحاد السباعي لدولة الإمارات.
أما في فصول الكتاب الأخرى، فقد اتبع المؤلف منهجية تحليلية، من خلال عرض الأشكال والأنماط والأساليب والهياكل الإدارية، ونظم الحكم في الدولة والدستور والقوانين.
وفي الفصل الثاني من الكتاب، تحدث فيه المؤلف عن التنظيم الدستوري في الإمارات. فيقول المؤلف: خصائص الدستور الإماراتي أنه دستور مدون وذو طبيعة جامدة، ووضع بطريقة المنحة.
كما أن المجلس الأعلى للاتحاد هو من يملك فقط حق اقتراح التعديل، واشترط أغلبية لذلك. أما اقتراح تعديل القوانين الاتحادية فهو اختصاص مجلس الوزراء الاتحادي. ويلاحظ أن سلطة المجلس الوطني الاتحادي في إقرار التعديل الدستوري أو إصدار القوانين الاتحادية تقف عند حدود العمل الاستشاري غير الملزم.
وعن الشكل السياسي لدولة الإمارات، فيبدي الشاهين الملاحظات التالية:
1- دستور الإمارات لا يقسم السلطات إلى تنفيذية وتشريعية وقضائية، وإنما له تقسيم مختلف حيث أقر خمس هيئات تمارس السلطات السابقة.
2- لم ينص الدستور على نوع وشكل الاتحاد.
وتتحدد معالم النظام الاتحادي، في مظاهر الوحدة في المجال الدولي، إذ تتمتع الإمارات بالشخصية الدولية، وشعب الإمارات شعب واحد ولمواطني الاتحاد جنسية واحدة، وللاتحاد علمه وشعاره ونشيده الوطني.
ومع ذلك، فيستدل المؤلف على تغلب المظاهر الاستقلالية على المظاهر الوحدوية، من خلال ما يلي:
1- وزع الدستور الاختصاصات بين نطاق الاتحاد ونطاق الإمارة؛ وبهذا أصبح اختصاص الإمارات هو الأصل واختصاص الاتحاد هو الاستثناء.
2- المجلس الأعلى هو رأس السلطة التنفيذية الاتحادية، ولا تتولى هذه السلطة إلا تنفيذ القوانين الاتحادية.
3- يقوم تنظيم السلطة القضائية للاتحاد على أساس إنشاء محكمة اتحادية عليا، وجعل انضمام الهيئة القضائية لأية إمارة إلى السلطة القضائية الاتحادية أمرا جوازيا متروكا لحرية واختيار الإمارة.
ويؤكد فقهاء القانون، أن دولة الإمارات عبارة عن اتحاد مركزي أو دستوري، أي أن للكيانات المتحدة رئيس واحد، يتولى الاتحاد برعاية الشؤون الخارجية جميعها، والشؤون الداخلية ينظم الاتحاد بعضها. ويرى البعض أن النظام الاتحادي في الإمارات هو اتحاد فدرالي بدون نظام نيابي، أي أن أساسه التوفيق بين اختصاصات الأسر الحاكمة وبين اختصاصات دولة عصرية فدرالية.
وبالاستعراض التفصيلي لدستور الإمارات، يلاحظ أن:
– دستور الإمارات يمثل تعاهدا بين حكام الإمارات السبع.
– الوضع المتميز لإماراتي أبو ظبي ودبي يجعل باقي الإمارات ليست على مستوى التمثيل المتكافئ.
– يعتبر النظام القبلي قوة طاردة للسلطة السياسية في الدولة الحديثة ويدفع لعدم قبول أي سلطة تتجه نحو تقييد حريته.
وفي الفصل الثالث من الكتاب، الذي جاء بعنوان تنظيم السلطات الاتحادية العامة في الإمارات العربية المتحدة.
أولا: المجلس الأعلى للاتحاد.
ويعتبر أعلى سلطة في الإمارات، ويتألف من حكام الإمارات السبع الذين يحتفظون بكل السلطات المهمة. ومن الاختصاصات التشريعية للمجلس: حق الاعتراض أو الموافقة أو التصديق على القوانين الاتحادية. أما الاختصاصات التنفيذية للمجلس، هي: رسم السياسة العامة للاتحاد الموكولة له بموجب الدستور، انتخاب رئيس الاتحاد ونائبه.
ويجوز للإمارات الأعضاء في الاتحاد عقد اتفاقيات إدارية محدودة ذات طبيعة إدارية محلية مع الدول والأقطار المجاورة، بشرط إخطار المجلس الأعلى للاتحاد مسبقا، وإذا رفض المجلس على تلك الاتفاقيات فيرفع الأمر إلى المحكمة الاتحادية للبت في الأمر.
ومن اختصاصات المجلس الأعلى للاتحاد:
– إعلان الحرب الدفاعية بمرسوم يصدره رئيس الاتحاد.
– إعلان الأحكام العرفية بموجب مرسوم يصدر بمصادقة المجلس الأعلى للاتحاد وموافقة مجلس الوزراء الاتحادي، ويبلغ هذا المرسوم إلى المجلس الوطني الاتحادي في أول اجتماع له.
– تعيين رئيس مجلس الوزراء وقبول استقالته وإعفاؤه من منصبه بموافقة المجلس الأعلى.
– حل المجلس الوطني.
ثانيا: رئيس الاتحاد ونائبه.
مدة ولاية الرئيس ونائبه خمس سنوات ميلادية، ويجوز إعادة انتخاب كل منهما للمنصب ذاته، وقد أعطى الدستور والنظام الداخلي للمجلس الأعلى والعديد من القوانين الاتحادية رئيس الاتحاد ونائبه العديد من الصلاحيات والاختصاصات التشريعية والتنفيذية .
ثالثا: مجلس الوزراء الاتحادي.
يتكون مجلس الوزراء الاتحادي من رئيس مجلس الوزراء ونائبه وعدد من الوزراء، ولا يمانع الدستور أن يتولى أحد أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد رئاسة الوزارة الاتحادية. ولمجلس الوزراء اختصاصات تشريعية وسياسية وتنفيذية وإدارية. وقد نصت المادة (60) من الدستور على اعتبار مجلس الوزراء هيئة تنفيذية للاتحاد وتحت الرقابة العليا لرئيس الاتحاد والمجلس الأعلى، ويقول الشاهين:" اختصاصات مجلس الوزراء السياسية محدودة، ولا يزاولها منفردا، وإنما تحت إشراف ورقابة المجلس الأعلى للاتحاد، وبذلك، فإن دوره ضعيف جدا".
رابعا: المجلس الوطني للاتحاد.
شهدت الإمارات في ديسمبر من عام 2022 لأول مرة في تاريخها إجراء أول انتخابات برلمانية جزئية لاختيار نصف أعضاء المجلس الوطني الاتحادي البالغ عددهم 40 عضوا. ورغم أن الدستور لم يفرق بين المواطن الأصلي أو المواطن بالتجنس، إلا أن القانون الاتحادي رقم(17) لسنة 1972 قصر العضوية على المواطنين الأصليين وحرم المتجنسين من حق العضوية أو الترشيح أو الانتخاب أو التعيين في أي هيئة من الهيئات النيابية أو الشعبية، واستثنى من أصله عماني أو قطري أو بحريني.
وقد تحدث صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، عن تفعيل دور وتوسيع صلاحيات واختصاصات المجلس الوطني الاتحادي.
خامسا: القضاء الاتحادي.
خصص الفصل الخامس من الباب الرابع من الدستور للقضاء، وينص الدستور على استقلال القضاء.
المحاكم الابتدائية الاتحادية، وقد نظم هذه المحاكم القانون الاتحادي رقم(6) لسنة 1978، من حيث الترتيب والشكل والاختصاص والإجراءات المتبعة أمامها وغيرها من الشروط. وتختص هذه المحاكم بالمنازعات المدنية والتجارية والإدارية وقضايا الأحوال الشخصية.
المحاكم الإستئنافية الاتحادية، وتختص بالنظر في القرارات والأحكام الصادرة عن المحاكم الابتدائية. والأحكام الصادرة في المواد المستعجلة، والأحكام الجزائية الصادرة عن المحاكم المدنية.
أما المحكمة الاتحادية العليا، فتتشكل من رئيس وعدد من القضاة لا يتجاوزون خمسة، يعينون بمرسوم يصدره رئيس الاتحاد بعد مصادقة المجلس الأعلى عليه.
وتختص المحكمة الاتحادية العليا بالفصل في الأمور التالية:
– المنازعات المختلفة بين الإمارات الأعضاء في الاتحاد، أو بين إمارة أو أكثر وبين حكومة الاتحاد.
– بحث دستورية القوانين الاتحادية، وبحث دستورية التشريعات الصادرة عن إحدى الإمارات.
– تفسير أحكام الدستور، إذا طلب منها ذلك.
– مساءلة الوزراء وكبار موظفي الاتحاد المعينين بمرسوم.
– تفسير المعاهدات والاتفاقيات الاتحادية.
– أية اختصاصات أخرى منصوص عليها في الدستور، أو يمكن أن تحال إليه بموجب قانون اتحادي.
التقييييم