التصنيفات
القسم العام

الخوف من النقد -تعليم الامارات


السسلام عليكم ورحمه الله وبركاته

سألت نفسى يوماً: هل استطيع أن اقف ذات مرة أمام حشدٍ من الحشود لألقى فيهم خطبة أو احدثهم فى موضوع ما والكل ينظر الى وينتظر ماذا سأقول؟

والجواب بكل بساطة كان: لا
ولكن لماذا؟

لماذا يستطيع أولئك الناس الذين أراهم وهم يتكلمون أمام الحشود بكل بساطة وثقة ولا يتعثرون فى الكلام والابتسامة لا تفارق وجوههم؟
ما هو الفارق بينى وبينهم؟

لطالما حجبنى خوفى من الخطأ أن ابدى رأيى فى كثيرٍ من المواقف ولطالما حجبنى خجلى أن اظهر جدارتى فى كثير ٍ من الأعمال.

ولكنى قررت ألا أخفى رأيى ولا اضيع حقى بعد الان.
وحتى يحدث ذلك كان لابد من دراسة اسباب هذا الخوف

بالنظر فى الموضوع بإمعانٍ وجدت أن اسبابه هى:

الخجل

وجدت أن أول أسباب الخوف من المواجهه هو الخجل من الناس

وهذا شعور نفسى لا يخلو منه أحد ولكن تتفاوت درجاته بين الناس حتى يصل الى درجة تمنع صاحبها من المواجهه حتى ولو كلفه ذلك الكثير.
ولكن لماذا كل هذا؟ فهؤلاء الواقفون امامى هم بشر مثلى شكلهم كشكلى وكلامى مثل كلامهم ما يسعدهم يسعدنى وما يحزنهم يحزننى فهم ليسوا خلقاً من نوع اخر ولست أنا مخلوقاً غريباً عليهم.

الخوف من الخطأ

ثانى هذه الأسباب هو خوفى من أن اخطأ
فكيف اقف أمام كل هؤلاء الذين ينتظروننى ثم اخطأ؟
وفى الحقيقة ان الخطأ ليس عيباً انما هو ميزة

فلو ظللت خائفاً من المواجهه حتى لا اخطأ فمتى سأواجه؟ ان خطأى فى هذه المرة لن يتكرر فى المرات المقبله وبالتالى فإن خطأى يعلمنى ويزيدنى مهارةً وخبراتٍ وليس يقلل من قدرى.

نظرة خاطئه

انى انظر الى كل الواقفين أمامى على انهم يعلمون كل شىء وأنا اقلهم علماً وأنهم أفضل منى فى كل شىءٍ وأنا لا استحق أن اقف أنا موقف القائد عليهم.

وفى الحقيقة هذه نظرة مجحفة فهؤلاء الناس مثلى تماماً يعلمون اشياءً ويجهلون أخرى
ومن بينهم من هوأكثر منى علماً كما أن فيهم من هم أقل منى علماً.

وهؤلاء الذين هم أكثر منى علماً لن يجلدونى أو يقتلونى إن أخطأت فى شىءٍ كما أنى لم أدع ِ انى موسوعة لا اجهل شيئاً.

الخوف من النقد

دائماً قبل أن تدخل المواجهه تحمل هم نهايتها كيف ستكون؟ ماذا سيقول الناس عنى؟كيف سيكون انطباعهم عنى؟

وما الذى يُخيفك من كلام الناس؟ وهل يتفق كل الناس على رأىٍ واحد؟

إن أثنى الناس عليك فذلك خير ويدفعك الى مزيد من الثقة والتقدم

وإن ذموا فيك فذلك أيضاً خير يدفعك الى أن تعيد النظر فيما قدمت وتكتشف أخطائك ولا تكررها.
ولكن الواقع يقول انك ستجد من يوافقك ومن يخالفك ولن تجد انساناً يوافقه كل الناس أو يخالفونه كلهم.

وبدراسة هذه الاسباب قررت أن اعيد النظر فى أسلوب حياتى وأن أغير من نظرتى لكثير من الاشياء حتى لا يضيع حقى مرة ثانيه

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الثاني عشر

سيكولوجية الطفولة وثقافة الخوف -تعليم اماراتي

سيكولوجية الطفولة وثقافة الخوف
د . أحمد محمد عقلة الزبون
جامعة البلقاء التطبيقية
2017 /2017 م
الرابط
http://www.gulfkids.com/pdf/PsychTafel.pdf</I>

منــــ ق ـــــوول ^^

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الثاني عشر

تقرير عن كيف تطرد الخوف من الموت والمرض للصف الثاني عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

د محمد أبو رحيّم

المــقدمـــة : –

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهد الله فهو المهتد ، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
أما بعد ..
فإن الخوف غريزة كامنة في النفس الإنسانية ، تنمو لظروف ملائمة ، وتخبو بتلقي العلاج المناسب في الوقت المناسب .

والشك والخيال ظرفان ملائمان لنموه ، والمفاجأة من أخطر أسباب الإثارة له ، وإطفاء هذه المحرضات متعلق بمعرفة العلاج .

ذلك أن الخوف ليس أمرا معيبا أو غير طبيعي ، بل العيب في تبجح الإنسان بأنه لا يخاف أبداً . فليس الشجاع ذلك الجسور الذي يدعي عدم الخوف ، بل ذلك الذي يعمل كأنه غير خائف ، لأن كثيرين من أولئك الذين يعانون من مخاوف حقيقية متصورة أو خيالية غير متصورة تظهر عليهم أعراض هذه الخاوف لأسباب متعددة يتفاوت فيها الناس تبعا للعوامل البيئية والجسمية والنفسية ، لذلك كان حسن التوجيه جزءا مهما في التخفيف من وطأة هذه المخاوف .

تناولت في هذه الدراسة مخوفين محددين وحقيقيين ، الخوف من الموت ، والخوف من المرض ، اجتهدت في تشخيصهما ووضع العلاج المناسب لهما ، من خلال تصور الإسلام لهما وقد اعتمدت القرآن والسنة واستأنست بوصايا علماء النفس ممن أثبتت وسائلهم فاعليتها في التخفيف من أثر هذين المخوفين ، وعدم تعارضها مع الكتاب والسنة المطهرة .

وقد توصلت إلى نتيجة مهمة وهي عدم تعارض الإسلام مع اجتهادات كثير من علماء النفس في تشخيص المرض وعلاجه ، جاءت الدراسة في سبعة مباحث :

كان الأول : التعريف بالخوف لغة واصطلاحا .
والثاني : غريزة الخوف .
والثالث : أسباب الخوف .
والرابع : بيان لدرجات الخوف وأعراضه .
والخامس : موازنة بين الخوف من الله الخوف من المخاوف المخلوقة .
والسادس : الخوف من الموت ؛ أسبابه وطرق علاجه .
والسابع : الخوف من المرض ؛ أسبابه وطرق علاجه .

نأمل أن يكون هذا البحث سببا في إرساء الطمأنينة في النفس الإنسانية ، والله أسأل أن يجعل عملي خالصاً صواباً وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العلمين .

——————————————————————————–

التعريف بالخوف :

الخوف لغة :- الفزع خافه يخافه خوفا وخيفة ومخافة ، وخوَّف الرجل إذا جعل فيه الخوف وخوفته : إذا جعلته بحالة يخافه الناس . وقيل : خوَّف الرجل : جعل الناس يخافون منه ، وفي التنزيل (إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه) .
أي : يجعلكم تخافون أولياءه .

والخيفة : الخوف ، في التنزيل : ( واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ) .
والجمع : خيف ، ويطلق الخوف ويراد به القتل والقتال وبه فسّر اللحياني قوله تعالى : ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ) وقوله تعالى : ( وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ) أي القتل .

ويراد به أيضا العلم وبه فسّر اللحياني قوله تعالى : ( فمن خاف من موص جنفا أو إثماًَ ) .
والتخوف : التنقص . وفي التنزيل : ( أو يأخذهم على تخوف ) .

الخوف اصطلاحا
انقسم العلماء في تعريفهم للخوف اصطلاحا أقساما :
أ – فمنهم من عرَّفه بأنه : –
غريزة قائمة في النفس الأنسانية فقالوا : الخوف : غريزة ، بل قوة طبيعية فطرت عليها نفوس البشر والحيوانات على السواء . وعليه فإن الخوف واقع فطري موروث قائم في التكوين النفسي للكائنات الحية .

ب- ومنهم من عرفه من جهة أسبابه : قال ابن القيم : ( وقيل : الخوف قوة العلم بمجاري الأحكام وهذا سبب الخوف لا أنه نفسه ) .

ج – ومنهم من عرَّفه من جهة أسبابه وآثاره : –
قال الإمام الغزالي : – ( الخوف عبارة عن تألم القلب واحتراقه بسبب توقع المكروه في الإستقبال ) فالتألم أثر الخوف وتوقع المكروه سبب .

وقال ابن القيم : (وقيل : الخوف اضراب القلب وحركته من تذكر المخوف ) . فالإضطراب أثر ، وتذكر المخوف سبب .

وقيل : ( الخوف هرب القلب من حلول المكروه عند استعاره)
فالهرب أثر ، واستعار المكروه سبب .

وجاء في دائرة المعارف السيكلوجية : الخوف ( قلق مرتبط بشئ ، أو فكرة أو هو نتاج ذهني متأت من ظروف محددة في القسم الأول من الحياة ) .

فالقلق والنتاج الذهني أثران . والشيء والفكرة والظروف المحددة التي يمر بها الإنسان في القسم الأول من حياته أسباب تؤدي إلى الخوف .

د- ومنهم من عرَّفه من جهة آثاره : فصوره بعضهم على أنه مرتبط بالإدراك ( العقل) والجسد ، وصوَّره بعضهم على أنه مرتبط بالمحافظة على البقاء .

ولا اختلاف بينهما من حيث المضمون . لأن المحافظة على البقاء من الثوابت النفسية للكائن الحي ، وأي سبب يؤثر على هذه الثوابت يٌتصّور على هيئة انفعال من خلال مروره على جهاز الإدراك .

جاء في كتاب مخاوف الأطفال الخوف : ( انفعال أساسي مرتبط ارتباطا وثيقا بالمحافظة على البقاء ) .

وحاء في كتاب علم النفس العسكري : ( الخوف انفعال على صلة وثيقة بالعقل وبخاصة الإدراك … والجسد ) .

وجاء في كتاب مشكلات الطفل النفسية الخوف : ( انفعال شائع بين الأطفال ويأخذ أشكالا متعددة ) .

بينما نرى صاحب موسوعة علم النفس قد أخرج الخوف من دائرة الإرتباط بالعقل فقال : الخوف : ( هو قلق عصبي أو عصَّاب نفسي لا يخضع للعقل ، ويساور المرء بصورة جامحة كونه رهبة في النفس شاذة عن المألوف تصعب السيطرة عليها أو التحكم بها ) .

والحق أن الخوف الذي تكون نتائجه بالصورة الجامحة التي ذكرها صاحب الموسوعة هو بالفعل خوف مرتبط بالعقل والإدراك ، ولولا ذلك لما وصل الخائف إلى تلك الدرجة غير العادية في خوفه ، وهذا ما رجحه أهل العلم .

قال الإمام الغزالي : ( حال الخوف يٌنتظم أيضا من علم ، وحال ، وعمل . أما العلم فهو العلم بالسبب المفضي إلى المكروه ، وذلك كمن جنى على مَلِكٍ ثم وقع في يده فيخاف القتل مثلا ، ويجوز العفو والإفلات ، ولكن يكون تألم قلبه بالخوف بحسب قوة علمه بالأسباب المفضية إلى قتله ، وهو تفاحش جنايته ، كون الملك في نفسه حقوداَّ غضوباَّ منتقماَّ وكونه محفوفاً بمن يحثه على الإنتقام ، خالياً عمَّن يَتشفع إليه في حقه ، وكان هذا الخائف عاطلاً عن كل وسيلة وحسنة تمحو أثر جنايته عند الملك .
فالعلم بتظاهر هذه الأسباب سبب لقوة الخوف وشدة تألم القلب ، وبحسب ضعف هذه الأسباب يضعف الخوف .

وهل يكون العلم بالسبب المفضي إلى المكروه من غير ادراك العقل ؟!! .

التعريف المقترح :
لم يكن الهدف من سردنا لتلك التعريفات سوى الوقوف على حدود الخوف ، ولعل نظرة إلى مجملها ندرك أن لها مدلولات واضحة في بيان الخوف من حيث هو ومن حيث آثاره وأسبابه ، وخروجا من التعددية نقول :

الخوف : غريزة مرتبطة بالعقل تظهر في أعراض متعددة لأسباب متعددة .

——————————————————————————–

غريزة الخوف

الخوف أمر عارض مكتسب : –
يرى أحد الباحثين في دائرة المعارف السيكولوجية أن الخوف نتاج مُتئًأتِّ من ظروف محدودة في القسم الأول من الحياة، فإذا لم تتوفر هذه الظروف فإن الخوف لايحدث ، وسلك في دراسته مسلك البحث عن العوامل المهيئة للخوف وذلك بإعادة الخوف وتراكمه الذهني لحالات يتعرض لها الطفل إلى العنف أثناء الولادة وبعدها مباشرة .

ثم قام بتفسيرات لحالات الخوف من الأماكن المغلقة وكمَّامَات الغاز، وعزا ذلك إلى اختناق نصفي ناتج عن الغطاء بعد الولادة مباشرة ، أو ولادة هؤلاء الأطفال في حالة الأرزقاق على أثر الخناق الناتج عن حبل السرّة .

وخرج بنتيجة مفادها ، أنه في حالة عدم وجود هذه العوامل فإن الرضيع يبدأ حياته دون خوف .

هذه الدراسة التي قدمها الباحث من خلال تجاربه الشخصية تقضي بأن الخوف أمر عارض مكتسب .

الخوف أمر فطري : –
إن النتيجة التي وصل إليها ذلك الباحث بعيدة عن الصواب، بل إن الخوف أمر فطري ولو لم يكن كذلك لما تحركت في الطفل مشاعر الخوف أثناء طفولته، فالطفل الذي يصادف ضيقاً جسميا يسلك مسلكا يعبِّر فيه عن عدم الإرتياح كالصراخ وتحريك اليدين والرجلين ، وكذلك الحال لو تعرَّض إلى سماع شيء غير عادي فإنه ينتفض ويصرخ وكأنه يقول : إني خائف فاحمني مما أخاف.

ومع كون الخوف غريزة كامنة في الطينة الإنسانية فإن للخبرات التي يتعرض لها الإنسان منذ طفولته دوراً في كسب المعرفة بالأسباب التي تثير هذه الغريزة وتوقظها في أعماق التكوين النفسي للأنسان.

تنبه علماء الإسلام إلى ذلك فقرَّروا ميل الإنسان بالطبع إلى الخوف استنباطاً من قوله تعالى : (إن الإنسان خلق هلوعا).

ومن قوله عليه الصلاة والسلام: (شر ما أعطية ابن آدم شح هالع ، وجبن خالع ) .

قال أهل السُّنة : (الحالة النفسانية التي هي مصدر الأفعال الاختيارية كالجزع والمنع أيضاً من خلقه ولا اعتراض لأحد عليه ).

فالخوف فطرة في النفس ولا يخلو منه إنسان في أي وقت من الأوقات ، بل هو قوة طبيعية لازمة للمحافظة على بقاء النوع الإنساني .

فإذا كان الخوف من الطبائع التي فُطِرَ عليها الإنسان فهو موروث من جانب ، ولا أمل في اقتلاعه من جانب آخر، وإنما يراعي فيه حسن التوجيه ، ولهذا كان للبيت والمجتمع والخبرات الفردية المكتسبة أثرها في التخفيف من عبء هذه الفطرة أو زيادتها ، مما يجعلنا نجزم بأن الخوف ( عملية نسبية ) يتفاوت الناس فيها تبعا للعوامل البيئية والجسمية والنفسية التي يمر بها هذا الكائن الحي.

إن الخوف ليس عاطفة معيبة أو غير طبيعية ، بل العيب في تبجح الإنسان بأنه لا يخاف أبداً ، فليس الشجاع ذلك الجسور الذي لا يخاف ، بل الذي يعمل كأنه غير خائف .

فالأصل في الإنسان أنه خائف بالطبع ، والطمأنينة هي الحالة المستحدثة تخفيفاً من ضغوط الخوف عليه .

قال تعالى ممتناً على عباده : (الذي أطمعهم من جوع وآمنهم من خوف) .

وكان من دعائه – صلى الله عليه وسلم – : (اللهم إني أعوذ بك من الجبن) .

——————————————————————————–

أسباب الخوف :-

مع أن الخوف فطري موروث إلا أن أثر الإستثارة للخوف يختلف من بنية جسمية لأخرى .

فالأجسام غير السَّوية أكثر عُرضَةً لتنشيط المخاوف الموروثة والمكتسبة حيث تُولَد مرزودة بأجهزة عصبية مرهفة تجعلهم في حال من الخوف الدائم أو تجعلهم على استعداد لأن يضطربوا لأتفه الأسباب .

ولقد تحدث بعض الباحثين عن تجاربه لتحديد الظروف المهيئة للخوف عند الإنسان حيث عزا بعضها إلى حالات تنتاب الأم أثناء حملها ، وعزا بعضهم ذلك إلى الحالات التي يتعرض لها الطفل أثناء الحمل به وبعد الولادة مباشرة .

ومهما يكم من أمر فإنه من المتفق عليه أن اكتساب الإنسان للأسباب التي تثير الخوف أثر في تهيئة الطفل للخوف والتي تبدأ منذ طفولته ، كما أن لاستمرارية حدوث هذه الأسباب أثرٌ في ثبات الخوف في النفس الإنسانية .

فالخوف يستثار بسبب وجود خطر خارجي يدركه الفرد ، ذلك أن التوقع متعلق بالاستبقال وهو تعلق . بمجهول ؛ يوقع الإنسان فريسة للخيال والشك ، وهما ظرفان ملائمان لنمو الخوف ، لذلك كانت المفاجأة من أخطر الأسباب الإثارة للخوف الكامن . قال تعالى واصفاً حال موسى عليه السلام عندما قُلبت عصاه أفعى عظيمة ( فلمَّا رآها تهتزُّ كأنَّها جانٌ ولّى مُدبِراً ولم يُعَقِب ) .

وقال تعالى واصفاً الشيطان في معركة بدر عندما رأى الملائكة تَنزلُ لِنصرة المؤمنين : ( فلمَّا تراءَت الفِئتان نَكَصَ على عَقِبيه وقال إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب ) .

إ ن العمليات التي يمارسها الخيال سبب من أسباب الخيانة والفزع في المعارك الحربية لهذا كان الخيال هو الذي يخسر المعارك .

——————————————————————————–

درجات الخوف وأعراضه :-

درجات الخوف :-
ليس لدينا ميزان خاص لقياس درجة الخوف كقياس درجة الحرارة في الجسم ، بيد أن بعض علماء النفس قد جعلوا الخوف على درجتين : -درجة عادية ، ودرجة غير عادية وغير طبيعية ، وأدرجوا تحت كل درجة معايير خاصة تميزها عن غيرها .

وهو في حال كونه عادياً لا يخرج عن مساره الطبيعي ، ويتأَتَّى بسبب بعض المواقف والمثيرات التي تهدد حياة الإنسان وكيانه مما يدفعه إلى تجنب مصادر الخوف والضرر ، وهذا الخوف طبيعي وضروري لحماية الفرد ودفعه نحو العمل والسلوك النافع .

وفي حالة كونه غير عادي فهو مرض يدفع صاحبه نحو اليأس والقنوط ، ويحصل ذلك بسبب وقع المثير وبصورة شديدة ومتطرفة ، بحيث يصبح الخوف من الخوف عقدةً نفسيةً تحتاج إلى تقصي أسبابها وفحصها وعلاجها واتباع السُّبل المناسبة لوقاية الفرد منها.

فالخوف ليس أمراً معيباً لكونه غريزة فطرية ، وإذا استطاع الخائف كتم خوفه بين جنباته ، فإن أثر الخوف لابد من الظهور ، إما على صور مظاهر مرئية ترتسم على الجسد وإما بتجلجله في الصدر على صورة انفعالات غير مرئية .

وقد توصل علماء النفس والطب إلى أن انعكاسات الخوف تعتري الجهاز العصبي للمخ ، والمخ العضوي المُشَكَّل من مجموعة المراكز النفسية المحركة ، منابع التقليد والتخييل والانفعالات ، والمخ النفسي – جهاز التوازن ومركز الذكاء والإرادة – .

ويرى ( فرويد ) أن الخوف أو القلق أساس جميع الحالات العصبية .

ولهذا دخل الخوف في أغلب أنواع الاضطرابات الانفعالية والعصبية والانحرافات السلوكية والاجتماعية .

أعراض الخوف :-
يظهر الخوف على ملامح الوجه كاتساع حدقة العين أو التعرق أو وقوف الشعر أو العض على اللسان أو اصطكاك الأسنان…

كما يؤثر قي لون البشرة فيجعلها شاحبة مصفرة بعد الاحمرار وقد يتحول الاصفرار إلى ازرقاق .

ويظهر الخوف في صورة الإجهاد والضعف والارتجاف غير الإرادي أو التبول أحيانا…

وفي حالة النوم يتكور الجسم ، ويعجز الجسم عن السيطرة على أجهزة النطق فيخرس أحيانا…

ويشعر الخائف بالجفاف في حلقه فتتداخل الكلمات ، ويجيش أحيانا بالبكاء…

وأما عن التغيرات الجسمية الداخلية فتتمثل في تسارع دقات القلب، والارتفاع في ضغط الدم ، وسرعة في التنفس وصعوبته .

وعن الحالة العقلية والوجدانية والإرادية فيصاب الخائف بالضعف في الإدراك والتذكر والتفكير والتردد في اتخاذ القرارات ، فضلا عن عدم الشعور بمن حوله أحيانا ، بل يفقد الثقة بالآخرين ، ويستأسد على من هو أضعف منه…

ولا شك أن هناك وسائل تعبيرية شعورية إرادية يلجأ إليها الخائف كالتعبير باللسان أو القلم أو الهرب أو محاولة الخائف إقناع الطرف الآخر بالحل الوسط استعطافه أو اللجوء إلى التهديد باستخدام السلاح .

وهناك أيضا وسائل تعبيرية لا شعورية كاللجوء إلى الرسم والنحت والأدب والشعر والتمثيل أو الرغبة في الانتماء للجماعة.

أثر الخوف كما صوره القرآن الكريم :-
قال تعالى واصفا أثر الخوف على الشخصية الإنسانية:
{ إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا . وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا . وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا } .

وقال تعالى:
{ فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم } .

وقال تعالى:
{ كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون يجادلونك بالحق بعدما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون } .

وقال تعالى:
{ إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماءً ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام } .

فإذا أردت معرفة الخائف ؛ دقق النظر في ملامح الوجه ولون البشرة وحركات الجسم وأطرافه.تحسس نبرات الصوت ودقات القلب وحركة التنفس .

افحص الإدراك والتذكر والأفكار إن كانت رتيبة أم لا .

تحسس الوجدانيات ثم الإرادة فإن أمسكت بواحدة من تلك وقد خرجت عن المألوف فستجد أن الذي أمامك قد اعتراه الخوف بالفعل!!

——————————————————————————–

موازنة مهمة بين الخوف من الله والخوف من المخاوف المخلوقة : –

إذا كان الإنسان يخاف من المخاوف المخلوقة لاشتراكها دائما مع فكرة الموت ، ومن طبع الإنسان حب البقاء ، فإنه يجب تقديم مخافة الله – خالق المخلوقات – على غيره .

قال تعالى: { فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين } وذلك للأسباب التالية :-
أ- إن الخوف من المخلوق نهايته واحدة وهي الموت ، هو لا يعني الفناء ،بل هو انتقال من صورة حياتية مميزة إلى أخرى ذات خصائص ومقومات خاصة.

قال تعالى : { فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت } .

قال تعالى : { وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا . قل كونوا حجارة أو حديدا . أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة } .

ب- إن سيطرة المخاوف المخلوقة لا تعدوا المرحلة الأولى من الحياة وهي : الحياة الدنيا ،فإذا ما مات الإنسان انتهت عنه هذه المخاوف ولم يعد لها أي تأثير على الاحساسات المادية والمعنوية.

ج- إن المخاوف المخلوقة تدفع إلى الهرب منها ،أما الخوف من الله فإنه يدفع إلى الهرب إلى الرب ، قال تعالى : ( ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ) .

د- إن خوف الإنسان من الله يرجع إلى الخوف من عذابه ، قال تعالى : { ويرجون رحمته ويخافون عذابه } وعذابه مخوف لما يلي :
1- لأنه لا نظير له ولا مثيل ، فهو متفرد من جميع الوجود قال تعالى :{ فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد } .

2- يتصف بالديمومة وعدم الانقطاع قال تعالى : {والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ، ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور } .

وقال تعالى : {وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون } .

إن هذه الموازنة التي أجريناها بين الخوف من الله والمخاوف المخلوقة هي التِرياق الفعال للتخفيف من الخوف ، ومن مستلزمات بقاء الإنسان بعيدا عن المخاوف المخلوقة : دوام ذكر الله تعالى والتزام حدوده والقيام بفرائضه قال تعالى { ألا بذكر الله تطمئن القلوب } .

وقال تعالى : {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون } .

وقال تعالى : {إن الإنسان خلق هلوعا . إذا مسه الشر جزوعا . وإذا مسه الخير منوعا . إلا المصلين . الذين هم على صلاتهم دائمون . والذين في أموالهم حق معلوم . للسائل والمحروم . والذين يصدقون بيوم الدين . والذين هم من عذاب ربهم مشفقون . إن عذاب ربهم غير مأمون . والذين هم لفروجهم حافظون . إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين . فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون . والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون . والذين هم بشهاداتهم قائمون والذين هم على صلاتهم يحافظون . أولئك في جنات مكرمون } .

——————————————————————————–

الخـــوف مـــن المـــوت :-

الخوف من الموت : مرض يعتري الإنسان من الموت على سبيل العموم ، ومن الظواهر المتفرعة عنه : الخوف من الدفن حيا ، ومن رؤية الدم ، ومن حالات الإغماء ، ومن منظر الأموات والجثث 0

والمصاب بهذا المرض يتحاشى رؤية هذه المخاوف ، ويتجنب المشاركة في الدفن والذهاب مع الجنازات ، بل ويخشى من ذكر الموت لأنها تشترك مع حقيقة الموت ، وتوحي بشيء أليم في النفس الإنسانية 0

وقد فرق علماء النفس بين هذا الخوف وبين قلق الموت من جهة العموم والخصوص ، حيث خصصوا قلق الموت بخشية الإنسان من موته هو 0

وقد وصف الله سبحانه وتعالى أمثال هؤلاء فقال : " يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت " وقال تعالى : " ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت " 0

أسباب الخوف من الموت : –
إذا سألت أي إنسان عن سبب خوفه من الموت فلا يخرج جوابه عن الأمور التالية :
1- غموض حقيقة الموت 0
2- الشعور بالخطيئة من الذنوب والمعاصي 0
3- الافتراق عن الأحبة والملذات والآمال 0
4- انحلال الجسد وفقدان القيمة الاجتماعية والمعنوية واستحالته إلى شيء مخيف وكريه 0

طرق العلاج : –
تمهيد : ان التوصل إلى تخليص المريض من الخوف نهائيا أمر مستحيل لأن الخوف – كما سبق بيانه – فطري ، لهذا كان القصد من العلاج إنما التخفيف من الخوف بتجريد الموت من معظم ما فيه من الآلام النفسية 0

ولما كانت الأسباب المتقدمة هي أهم المنبهات كان من الضروري اللجوء إلى تحليل هذه الأسباب وتوضيحها وتعليلها لإسقاطها من ذهن المصاب والانتقال إلى مرحلة الإقناع بمجابهة حقيقة الموت بالرضى والقبول 0

اسأل نفسك :
هل الموت من لوازم الحياة الإنسانية ؟ أو هل يمكن التخلص منه ؟
والجواب بدهي بالطبع ، إذ ليس من عاقل يعترض على كون الموت أمرا حتميا ، وضريبة على كل كائن حي 0

قال تعالى : { كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون }
وقال تعالى: { قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل }.
وقال تعالى: { قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم } .

مادام الأمر كذلك فلماذا أخاف من الموت ؟

هل لأنه يعني الفناء؟

أو لأنه يعني الانتقال من حياة دنيا إلى حياة أخرى.

الدهريون والماديون يقولون بالفناء قال تعالى على لسانهم : { إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين } وهي رؤية قاصرة لاعتمادها الحواس في وضع المقاييس الوجودية ، وأشد ما فيها من الإحباط اعتبار الإنسان كباقي المخلوقات الحية،وأي فضل في هذا للإنسان؟

هل أنت من هؤلاء – إن كنت كذلك-فلك الحق بخوفك ، ولكن ليس من دليل عقلي أقوى على كون الموت بداية لحياة أخرى من تفرد الإنسان في تكوينه الجسدي والعقلي والروحي والنفسي عن باقي المخلوقات قال تعالى : {ولقد كرمنا بني آدم }.

وقال تعالى : { وقالوا إن هذا إلا سحر مبين أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون. أو آباؤنا الأولون .قل نعم وأنتم داخرون } .

وقال تعالى : { وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون } .

وقال تعالى : { ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون } .

فالموت في نظر العقلاء والمؤمنين انتقال من مرحلة مؤقتة إلى حياة أخروية دائمة.

وإذا كان كذلك فأي معنى بقي لفكرة انحلال الجسد واستحالته إلى تراب وعظام؟

إن كثيرا من الناس تشكل أجسادهم عبئا نفسيا عليهم ، فيلجأ بعضهم إلى أطباء التجميل رغم ما يعتوِر أفعالهم من آلام مبرحة تلحق الأجساد ، فكيف يكون شأن من أجريت له عملية تجميل دون أي شعور بألم ؟ ! .

وتسألني متى ذلك؟

نعم يكون ذلك يوم البعث ، يوم يبعث الناس جميعا ، ويخص الله المؤمنين بتحسين الوجه والهيئة ، تبارك الله أحسن الخالقين .

قال تعالى واصفا وجوه المؤمنين : " وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة " .

وقال تعالى : " فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا " .

وقال تعالى : " تعرف في وجوههم نضرة النعيم " .

والنضرة حسن يلحق بالوجه .

قد يقول قائل : إن الموت يحمل معه فكرة الفراق والحرمان من مشاهدة الأحبة والالتقاء بهم . وهذا يعني فقدان التوازن النفسي للإنسان .

أقول : نعم ، ولكنه بعد الموت.

ولو سألت ميتا منذ آلاف السنين بعد بعثه كم لبثت؟

ليقولن يوما أو بعض يوم .

فراق هذا شأنه لا ينبغي أن يترك خوفا في النفس من الموت ، بل غاية ما يتركه دمعة حزن تحمل الرحمة وطلب المغفرة.

فقد بكى النبي -صلى الله عليه وسلم-على سعد بن عبادة فقال : (( ألا تسمعون ؟ إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا – وأشار إلى لسانه – أو يرحـم )) .

وبكى النبي – صلى الله عليه وسلم – على ولده إبراهيم فقال له عبد الرحمن بن عوف –رضي الله عنه-:
وأنت يا رسول الله ؟ فقال ( يا ابن عوف إنها رحمة.إن العين تدمع ، والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا و إنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ) .

فالفراق يترك الحزن في النفس ولا ينبغي له أن يترك الخوف من الموت.

فراق مؤقت يتبعه لقاء يوم القيامة،لقاء يعقبه محبة ولقاء يعقبه لعنة وفراق أبدي.

أما لقاء المؤمنين فهو لقاء محبة وأنس ،وأما لقاء الكافرين والفاجرين والفسقة فهو لقاء بغضاء ولعنة وتبرؤ .

قال تعالى : { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } .

وقال تعالى : { إذ تبرأ الذين اُتُّبعوا من الذين اتَّبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب} .

وإذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار فلا لقاء بينهم البتة لاختلاف المصير ، أما المنافقون فيحال بينهم وبين المؤمنين بعد بعثهم فتجدهم يتوسلون إلى المؤمنين طمعا للاهتداء بنورهم ولا مجيب لهم .

قال الله تعالى : { يوم ترى المؤمنون والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم . يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم . قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب . ينادونهم ألم نكن معكم قالوا : بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغرّكم بالله الغرور } .

فاحرص على تأسيس بيتك على التقوى وعاشر الأتقياء وتلمس خطاهم حتى تحشر معهم.

تقول إنك تخاف من الموت لأنك تخاف على عيالك الضيعة .

فمن حقك أن تخاف ،فقد قال تعالى : { وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله }.

ولكن هل تركت عيالك لغير الله ؟ لو فعلت ذلك لكنت معك في هذا الخوف ؟ أما وأنك قد تركتهم على الله فإن الله لن يضيعهم ؟ فكم من يتيم أصبح من أغنى الناس ، ألم تسمع بقصة الغلامين اليتيمين في سورة الكهف.

وكيف أن الله حفظ مال والديهما بعد وفاتهما رحمة منه وفضلا.

وتذكر دائما أن الله هو الرازق ذو القوة المتين وأنه أخذ على نفسه رزق العباد فقال:{ فورب السماء والأرض إنه لحق مثلما أنكم تنطقون }.
ٍ
بقي لك أن تقول : أخاف الموت خوفا من المعاصي التي ارتكبتها ، أقول : إن خوفك هذا مِئَنّةُ على إيمانك.

والمؤمن الحق هو الذي يجمع بين الخوف والرجاء والمحبة، وما اجتمعت في قلب مؤمن قط إلا أعطاه الله ما يرجو و آمنه مما يخاف.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( وما حفظت حدود الله ومحارمه ووصل الواصلون إلى الله بمثل خوفه ورجائه ومحبته ،ومتى خلا القلب من هذه الثلاث فسد فسادا لا يرجى صلاحه أبدا ،ومتى ضعف فيه شيء من هذه ضعف إيمانه بحسبه).

وقال أبو حامد الغزلي: ( فالخوف والرجاء دواءان يداوى بهما القلوب) فإن كان الغالب على القلب داء الأمن من مكر الله تعالى والاغترار به ،أخذ الإنسان بالخوف. وإن كان الأغلب هو اليأس والقنوط من رحمة الله فالرجاء أفضل.وذلك لتحقيق التوازن بينهما ).

قال تعالى : { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أن أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا }.

أفعال مساعدة
لم يكن ما تقدم من أمور إلا مواد أولية عاجلة قدّمت للمؤمنين للتخفيف من وطأة الخوف والتهوين من المخاوف المترتبة عليه.

وهناك مندوبات ومستحبات تُسهم في تخفيف من عبء هذا المخوف على النفس الإنسانية.

1- ذكر الموت بزيارة القبور والمشاركة في الجنازات .

قال رسول الله – صلىّ الله عليه وسلّم- (أكثر ذكر هادم اللذات).

وعن بريدة بن الحصيب –رضي الله عنه-قال :قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ((إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم بالآخرة )).

وعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-((كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنه ترق القلب ، وتدمع العين وتذكر
الآخرة ولا تقولوا هجرا)).

2- تعريض المصاب لرؤية الجنائز والأموات والجثث والدماء ومناظر الإغماء يسهم في التغلب على هذه المخاوف الطبيعية ، وهي من الوسائل التربوية لكثير من أصحاب المذاهب الحديثة في التربية.

يقول أحد علماء النفس : ( افعل الشيء الذي تتهيبه فإذا موت الخوف محقق).

وإذا استعرضت حياة الصحابة في أثناء تأديتهم للمهام القتالية رأيت كيف يفر الموت منهم،فرار الخائف من أسد هصور.

وقد قيل : (اطلب الموت توهب لك الحياة ).

3- القيام برحلات طويلة منفردة للقضاء على الخوف من الفراق والذي يحمل معه دائما فكرة الموت وهذا جائز للضرورة .

وقد علق ابن الحجر رحمه الله-على قول النبي-صلى الله عليه وسلم-: ((لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحدة)).

فقال : (( وحالة المنع مقيدة بالخوف مقيدة بالخوف حيث لا ضرورة))

ولما كانت الضرورة تقضي بالسفر لا مانع من ذلك شريطة عدم وقوع ضرر أكثر من الخوف المطلوب علاجه.

4- المعالجة بطريقة العزل في بيوت الصحة منفردين عن عائلاتهم،وهي طريقة -واير ميتشل -.

ويماثل هذه الطريقة ما يقوم به الآباء من جعل غرف نوم خاصة لأطفالهم الصغار بعيدة عنهم حيث تعطي هذه الطريقة أُكلها باعتماد الطفل على نفسه وتخفف من وقع فراقه لأمه حتى يصبح الفراق أمرا طبيعيا.

5- لما كانت فكرة الموت غالبة في الحروب فقد أوصى علماء النفس العسكري المقاتلين بما يلي :
أ- أن يجهز المقاتل نفسه لقبول الأمر الأسوأ مع محاولة تفادي هذا الأمر.
قال تعالى: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة..}.
وقال أيضا : {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا}.

ب- تقبل الأمر المحتوم بالرضى والتسليم.
قال –صلى الله عليه وسلم-: (عجبا لأمر المؤمن ،إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له).

ج- استخدام قانون المعدلات، وتغليب الفأل على الشؤم .
يقول – فر يدريك ج.- مالستد صديق دايل كارنيغي مؤلف كتاب .(دع القلق وابدأ الحياة):في مطلع حزيران سنة 1944، ( وكنت مستلقيا في خندق مستطيل قلت في نفسي : هذا يشبه القبر.وعندما حاولت الاسترخاء والنوم فيه شعرت أنه قبر فلم أستطع سوى القول :ربما هذا قبري وعندما بدأت القنابل الألمانية تنهمر عند الساعة الحادية عشرة تجمدت خوفا ولم أستطع النوم خلال الليالي الأولى وفي الليلة الرابعة أو الخامسة انهارت أعصابي تقريبا .وعرفت أنني إذا لم أفعل شيئا،فإنني سأصاب بالجنون.فذكرت في نفسي أن خمس ليال قد مضت وما زلت حيا ، وكذلك قد مضت وما زلت حيا،وكذلك الأمر بالنسبة لكل رجل من مجموعتي ولم يجرح سوى اثنين ،وليس بسب قنابل الألمان ،بل بسب شظايا أسلحتنا المضادة للطائرات ،فقررت أن أقضي على القلق بعمل شيء بنَّاء ،فبنيت سقفا خشبيا فوق خندقي لأحمي نفسي من الشظايا وقلت في نفسي إن الطريقة الوحيدة في هذا الخندق العميق الضيق هي في الإصابة المباشرة ووجدت أن فرصة إصابتي المباشرة ليست إلا واحدة في العشرة آلاف فهدأت واستسلمت للنوم).

ولقد استخدمت البحرية الأمريكية قانون المعدلات لمعالجة معنويات رجالها.
فقد كان البحارة يعتقدون أن السفينة المليئة (بالغازولين الكثيف) تنفجر إذا ما لم لامست ( التوربيد )مما يتسبب في مقتل الجميع .فأصدرت البحرية الأمريكية أرقاما محدودة تظهر أن من بين مائة سفينة لا مست التوريبيد بقيت ستون منها سالمة ،وإن من بين الأربعين التي غرقت ،خمس منها غرقت في أقل من عشر دقائق.

مما يعني أن هناك فرصة لإنقاذ السفينة.مما جعل البحارة يشعرون بالاطمئنان بوجود فرصة النجاة من الموت طبقا لقانون المعدلات .

ولو استعرضنا تاريخ أبطالنا وكبار قادة المسلمين في الفتوحات الإسلامية والمعارك التاريخية الفاصلة ، لوجدنا أن معظمهم قد أدركه أجله على فراشه مع ما يمثله القادة عادة من قيمة معنوية عند الجنود في المعركة ،مما يجعلهم هدفا للأعداء قبل غيرهم.

ولعل أشهر مقولة عرفها التاريخ العسكري الإسلامي بهذا الصدد مقولة خالد بن الوليد –رضي الله عنه-وأرضاه، وهو على فراش الموت: ((شهدت مائة زحف أو زهاها ،وما بقي في جسدي موضع إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح ، وها أنا أموت على فراشي كما يموت البعير ،فلا نامت أعين الجبناء )).

فدع الخوف من الموت وابدأ الحياة……

——————————————————————————–

الخوف من المرض : –

التعريف : –
الخوف من المرض : – هو خوف مرضي يعتري الإنسان إزاء داء معين أو مرض محدد كالخوف من مرض القلب ، أو الخوف من السل الرئوي ، أو الخوف من الإصابة بعاهة دائمة أو الخوف من أمراض الشيخوخة .

أعراضه : –
أ – وساوس نفسية تبدو على الإنسان في هيئة تخيلات و توهمات نفس المرض المخوف .

ب- الامتناع عن مشاركة الغير بالعزلة الانفرادية ، لانتقال الأمراض المعدية عن طريق مشاركة الغير .

ج – تجنب كل ما من شأنه يوصل إلى المرض المتوهم كالمبالغة من الخوف من الجراثيم والتلوث ، والوسوسة الزائدة في غسل الجسم والملابس وأدوات المطبخ والمأكولات .

د – إعادة أي حالة غير طبيعية إلى المرض المتوهم حتى أن المرء يخاف من السل الرئوي مثلا يخشى من السعال لئلا يكون ذلك بمثابة الدليل على إصابته بهذا المرض ، والذي يخاف من مرض السرطان فإنه يخشى من كل تورم يظهر في جسمه لئلا يكون ذلك تورما سرطانيا …

أسباب الخوف من المرض
أ – الخوف من الموت : –

ب – الخوف من الآلام والأوجاع : – وقد يدفع هذا المخوف بعض الناس إلى الإمتناع عن إجراء عملية جراحية ضرورية خوفا مما تنطوي عليه من أوجاع يرهبه مجرد تصورها والتفكير بها .

ج – الخوف من الإصابة بعاهة دائمة – ظاهرة أو خفية – وخاصة تلك الأمراض التي تصيب السمع أو البصر أو اللسان أو الجلد كالبرص والجذام والجرب أو الشلل النصفي أو الكلى .

هـ – الخوف من نفور المجتمع منه .

الخوف من المرض ؛ مرض العصر : –
نشرت جريدة الخليج الإماراتية في عددها الصادر بتاريخ 18أكتوبر1991 ، تقريرا إخباريا عن الخوف من المرض والذي أصبح مرضا معترفا به في بريطانيا قالت فيه : –
( أعلن رسميا في لندن أن ظاهرة الخوف من المرض التي تصيب بأعراضها أعدادا كبيرة من البريطانيين قد أ صبحت مرضا يعترف به رسميا ).

وتفيد الإحصاءات المنشورة أخيرا في لندن أن نسبة تصل إلى 80% في حدها الأعلى لمترددين على عيادات و 30 % في حدها الأدنى لمترددين على عيادات أخرى بانتظام ليسوا مصابين بأية أمراض عضوية ، وبتم إنفاق أموال طائلة على فحوصاتهم بأشعة إكس وتحليل الدم والجراحات الاستكشافية ، علاوة على استهلاكهم ساعات طويلة من وقت الأطباء .

وعلى الرغم من اقتناع هؤلاء الناس بأنهم مرضى إلا أنهم من الناحية الطبية يعتبرون أصحاء وفي مستوى عال من اللياقة وقد أثبت الخبراء الطبيون البريطانيون الآن أن هؤلاء يعانون من حالة مرضية يمكن أن تكون أكثر ضررا وتأثيرا من الآلام التي تسببها الأمراض العضوية .

وقد أكد الدكتور ريتشارد ستيبرن الخبير النفسي في مستشفى سانت جورج أن خبراء في وزارة الصحة البريطانية بدأوا في إجراء عمليات علاج نفسي وعضوي لهذا النوع من المرضى بالوهم ، وقد ذكر الأطباء أن أحد هؤلاء المرضى كان مهووسا بقياس درجة حرارته ، ولكن يقيس درجة حرارته نحو عشر مرات في اليوم الواحد ، وكان يتخيل أن حرارته مرتفعة وأنه مصاب بحمى إذا ما وجد ارتفاعا ولو بشرطة واحدة من الدرجة في مقياس الحرارة .

وقد بلغ الهوس بالمريض بعد ذلك درجة أنه أخذ يقيس حرارته كل خمس دقائق وكان يحتفظ بجهاز ثرمومتر في كل غرفة في المنزل .

وقد أجرى الأطباء سلسلة من الفحوص الكثيفة على المريض الوهمي وتكشف عدم وجود أي مرض طبي واضح ، ومع ذلك فقد قرر الأطباء إجراء علاج نفسي مكثف لهذا الشخص على اعتبار أن هذه الحالة تعادل في خطورتها أي مرض عضوي حقيقي .

ويقول الخبراء أنه ثبت أن هناك مئات من الحالات التي أدت إلى انهيار المستقبل العملي لهؤلاء الأشخاص المرضى بالوهم بسبب سيطرة فكرة المرض عليهم والخوف من آثاره … ويصر بعض هؤلاء الأشخاص على إجراء فحص طبي دقيق لهم باستخدام الأشعة وأجهزة الكمبيوتر المتقدمة .

وقد شبه بعض الأطباء هذه الحالة بأنها تشبه حالة العجز الجسماني التي تؤدي إلى عاهات مستديمة لدى هذا النوع من المرض .

وقد بدأت بعض المستشفيات والعيادات الطبية برنامجا مكثفا لمدة تسعة أسابيع لمساعدة هذا النوع من المرضى وإقناعهم بأنهم ليسوا مرضى مطلقا . وفعلا تحسنت حالة عدد كبير منهم فأخذ يقلل من تردده على عيادات الأطباء إلى أن وصل مرحلة الإقلاع عن التفكير في مشاكله الصحية ثم عادت الصحة والعافية إلى نفوسهم وأجسامهم .

ولذلك فإن الخبراء يؤكدون أن اعتبار هذه الحالة نوعا من المرض وعدم الاستخفاف بتقييم أخطارها كان فكرة صائبة ينبغي تطويرها ، وتوفير العلاج النفسي والاستماع شخصيا إلى شكاوى هؤلاء الناس هو السبيل المثالي لمعالجة هذه المشكلة العويصة ) .

طرق العلاج

مدخل إلى العلاج :-
لجأ الناس قديما للتخفيف من الخوف من الأمراض إلى السحر والشعوذة ،ولا تزال أعراض هذه الوسائل منتشرة في أصقاع المسلمين وغيرهم وبخاصة عند العوام منهم وبعض أنصاف المتعلمين .

ومع ما تشكله هذه الوسائل من تأثير نفسي بالتخفيف من حمأة الخوف من المرض أحيانا إلا أنها من الوسائل المحرمة لما تحويه من ألفاظ ومعتقدات شركية تخرج الإنسان من دائرة التوحيد إلى الشرك.

علما بأن معالجة الخوف من الأمراض عن طريق الدين أمر فيه فائدة عظيمة على النفس الإنسانية ، ولكنه لا ينفصل عن الأخذ بالأسباب لإتمام عملية التوكل.
قال – صلى الله عليه وسلم – : (( اعقلها وتوكل )) .

فعندما ينتشر وباء ويخاف الإنسان على نفسه الإصابة به،عليه التوجه إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء بالحفظ و الرعاية ثم العمل بالأسباب الفاعلة.

فالطاعون مثلا بقية رجز أو عذاب أرسله الله على طائفة من بني إسرائيل فإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها ،وإذا وقع بأرض ولستم بها فلا تهبطوا عليها وهذا ما يسمى بالحجر الصحي وهو من الأسباب الظاهرة في عدم انتشار الوباء .

ولكن لا ينبغي أن يكون هذا الوباء سببا في دوام الوسوسة لمن كان داخل المنطقة المصابة ولا لمن يكون خارجها،لأن الوسوسة بحد ذاتها مرض ، فكيف يعالج خوفه من مرض بتلبس مرض آخر.

والأمراض الجنسية كالإيدز والزهري والسيلان مماثلا أيضا للطاعون ،ولتجنها لا بد من تجنب أسبابها ، وأهمها ؛ الاتصال مع أطراف أخرى مصابة بهذه الأمراض، وحتى لا يقع الإنسان فريسة الجهل لا بد من الامتناع عن السفاح والاكتفاء بالحلال الطيب ،ولا مانع يمنع من تأكد خلو الزوجين قبل زواجهما من أمثال هذه الأمراض.

وإذا كان الطاعون بقية رجز أرسله الله على عصاة بني إسرائيل ،فإن الأمراض التناسلية أيضا بقية رجز أرسلها الله على العصاة الذي يتعدون حدود الله جزاء وفاقا .

أما الأمراض غير المعدية كالخوف من الأمراض السرطانية أو أمراض القلب فعلاجها بتجنب كل ما من شأنه أن يؤدي إليها ،فمثلا أجمع الأطباء على أن الدخان من أسباب الورم الخبيث.

والسمنة من أسباب أمرا ض القلب ، فلماذا لا يعمل الإنسان بهذه النصائح حتى يتجنب الخوف من هذه الأمراض.

وصايا مهمة للعلاج
1 –التوجه إلى الله بالدعاء بالحماية والرعاية وهذه جملة من أدعية المصطفى –صلى الله عليه وسلم-للحفظ من الأمراض المخوفة كافة.

أ – عن أنس -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- :
((اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل … وأعوذ بك من الصمت والبكم والجنون والجذام والبرص وسيء الأسقام )) .

ب – وعن علي- رضي الله عنه-قال :قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:
((اللهم أمتعني بسمعي وبصري حتى تجعلها الوارث مني وعافني في ديني وفي جسدي)).

ج- وعن ابن العباس –رضي الله عنه- قال :قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:
(( اللهم إني أسألك العفة والعافية في دنياي وديني وأهلي ومالي ،اللهم استر عورتي و آمن روعتي واحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بك من أن أغتال من تحتي )).

د- وكان من دعائه-صلى الله عليه وسلم-لمعالجة الخوف من الشيخوخة ((اللهم اجعل أوسع رزقك عند كبر سني وانقطاع عمري)).

2- طلب الوقاية العلاجية بأخذ الطعم ضد الوباء.
وهذا ما يسمى بالطب الوقائي.

3-الاهتمام بالنظافة العامة والخاصة من غير إفراط ولا تفريط.

4-استخدام قانون المعدلات
قالت إحدى السيدات لدايل كارنغي مؤلف كتاب دع القلق وابدأ الحياة: (( منذ سنوات قليلة ،انشر مرض شلل الأطفال في كاليفورنيا ،في الماضي كدت أصاب بالجنون لذلك،لكن زوجي أقنعني بالتصرف بهدوء ، فاتخذنا الاحتياطات التي يمكننا اتخاذها،أبعدنا الأطفال عن التجمعات بعيدا عن المدرسة وعن دور السينما وعندما استشرنا دائرة الصحة وجدنا أن أسوأ حالات مرض شلل الأطفال المنتشرة في كاليفورنيا لم يصب سوى (1853)طفلا.فشعرنا طبقا لقانون المعدلات أن فرص الإصابة بهذا المرض هي بعيدة.

5- التعاون مع الأمر المحتوم
أ – الصبر . قال تعالى : ( إن مع العسر يسرا ) .
قال تعالى : ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله و إنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ) .

وقال – صلى الله عليه وسلم – : ( أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلي الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه ، وإن كان في دينه رقة ابتلى على قدر دينه ، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة )) .

وقال – صلى الله عليه وسلم – : ( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن . إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، و إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له )) .

ب – بالقرآن والرقى الثابتة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقد أخبر سبحانه وتعالى عن كتابه أن فيه شفاء للمؤمنين قال تعالى : ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ) .

قال ابن القيم : ( و ( من ) ها هنا لبيان الجنس لا للتبعيض ، فإن القرآن كله شفاء ، كما قال في الآية ( المتقدمة ) ، فهو شفاء للقلوب من داء الجهل والشك والريب فلم ينزل الله سبحانه وتعالى من السماء شفاء قط أعم ولا أنفع ولا أعظم ولا أنجع من إزالة الداء من القرآن .

وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد قال : ( انطلق نفر من أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم ، فأبوا أن يضيفوهم . فلدغ سيد ذلك الحي ، فسعا له بكل شيء لا ينفعه شيء ، فقال بعضهم : لو أتيت هؤلاء الرهط الذين نزلوا ، لعله أن يكون عند بعضهم شيء فأتوهم ، فقالوا : يا أيها الرهط . إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه شيء . فهل عند أحد منكم من شيء ؟ فقال بعضهم : والله إني لأرقي ، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لي جعلا فصالحوهم على قطيع من الغنم فانطلق يتفل عيه ويقرأ : ( الحمد لله رب العالمين ) فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي وما به قلبة .

فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه فقال بعضهم . اقتسموا ، فقال الذي رقى : لا نفعل حتى نأتي النبي – صلى الله عليه وسلم – فنذكر له الذي كان ، فننظر ما يأمرنا ، فقدموا على الرسول – صلى الله عليه وسلم – ، فذكروا له ذلك فقال : ( وما يدريك أنها رقية ) ؟ ثم قال : ( قد أصبتم ، اقتسموا واضربوا لي معكم سهما ) .

فقد أثر هذا الدواء في هذا الداء وأزاله حتى كأنه لم يكن ، وهو أسهل دواء وأيسره ولو أحسن العبد التداوي بالفاتحة لرأى لها تأثير عجيبا في الشفاء .

ومكثت بمكة مدة يعتريني أدواء ولا أجد طبيبا ولا دواء فكنت أعالج نفسي بالفاتحة . فأرى لها تأثيرا عجيبا فكنت أصف ذلك لمن يشتكي ألما فكان كثير منهم يبرأ سريعا .

( ولكن ها هنا ) أمر ينبغي التفطن له ، وهو أن الأذكار والآيات أو الأدعية التي ( يستشفى ) بها ويرقى بها ، هي في نفسها نافعة شافية ، ولكن تستدعي قبول المحل وقوة همة الفاعل وتأثره فمن تخلف الشفاء كان لضعف تأثير الفاعل أو لعدم قبول المنفعل أو لمانع قوي فيه يمنع أن ينجع فيه الدواء .

كما يكون ذلك في الأدوية والأدواء الحسية فأن عدم تأثيرها قد يكون لعدم قبول الطبيعة لذلك الدواء وقد يكون لمانع قوي يمنع من اقتضائه أثره ، فأن الطبيعة إذا أخذت الدواء بقول تام كان انتفاع البدن به بحسب ذلك القبول فكذلك القلب إذا أخذ الرقي والتعويذ بقبول تام وكان للراقي نفس فعالة وهمة مؤثرة أثر في إزالة الداء ) .

عن عبادة بن الصامت – رضي الله عنه – قال : ( أتى جبريل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال : بسم الله أرقيك من كل داء يؤذيك من حسد حاسد ومن كل عين واسم الله يشفيك ) .

وعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – أن جبريل عليه السلام أتى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال : اشتكيت يا محمد ؟ فقال : نعم . فقال : بسم الله أرقيك من كل ما يؤذيك ومن شر كل نفس وعين الله تشفيك بسم الله أرقيك .

وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( إذا فزع أحدكم في أزمة فليقل : بسم الله ، أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وشر عباده ، ومن شر الشياطين أن يحضرون ) .

ج – التداوي بالعمل بالأسباب المساعدة لرفع الداء
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( تداووا عباد الله ، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء . غير داء واحد . الهرم ) .

قال – صلى الله عليه وسلم – ( لكل داء دواء فإذا أصاب دواء الداء برئ بإذن الله تعالى ) .

يقول كارل كارنيغي : أخبرني الأستاذ هوكس في جامعة كولومبيا أنه اتخذ هذه الترنيمة واحدا من شعاراته : لكل علة تحت الشمس يوجد لها علاج ، أو لا يوجد أ بدا ، فإن كان يوجد علاج حاول أن تجده ، وإن لم يكن موجودا لا تهتم به .

أم الشيخوخة فليس لها دواء إلا قبول الأمر الواقع واغتنام مرحلة الشباب بالحكمة والنظرة الثاقبة والعقل الواعي وتربية الأولاد تربية صالحة حتى يقوموا على رعايته والإحسان إليه .

قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( تداووا عباد الله فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء له غير داء الهرم ) .

وعن ابن العباس – رضي الله عنه – قال : قال النبي – صلى الله عليه وسلم – : ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ ) .

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : أخذ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بمنكبي فقال : ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) .

وكان ابن عمر يقول : ( إذا أمسيت فلا تنتظر الصياح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك ) .

6- الموت بسبب الأمراض كفارة وشهادة
بينت الأحاديث الشريفة والآيات القرآنية الصريحة أن الأجر على قدر المشقة أن البلاء على قدر الإيمان وإنه مكفر للسيئات ، بل إن من يموت بأي مرض من الأمراض المخوفة فإن الله يبلغه مراتب الشهداء .

أ – الطاعون : قال – صلى الله عليه وسلم – ( الطاعون شهادة لكل مسلم ) .

ب – وعن عائشة – رضي الله عنها – قالت : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( إنه ( الطاعون ) كان عذابا يبعثه الله على من يشاء فجعله الله رحمة للمؤمنين فليس من عبد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابرا يعلم أن لن يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر شهيد ) .

ج – الذي يصاب بداء البطن
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
: ( ومن مات في البطن فهو شهيد ) .

وعنه أيضا : ( الشهداء خمسة : المطعون والمبطون والغرق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله ) .

وعن جابر بن عتيك مرفوعا قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( الشهداء سبعة سوى القتل في يسبل الله ( المطعون شهيد ، والغرق شهيد ، والحرق شهيد ، والذي يموت تحت الهدم شهيد ، والمرأة تموت بجمع شهيدة ) .

وعن عتبة بن السلمي قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( يأتي الشهداء والمتوفون بالطاعون ، فيقول أصحاب الطاعون : نحن شهداء ، فيقال انظروا فإن كانت جراحهم كجراح الشهداء تسيل دما ريح المسك فهم شهداء فيجدونهم كذلك ) .

د- السل
قال – رضي الله عنه – : ( القتل في سبيل الله شهادة ، والنفساء شهادة والحرق شهادة والغرق شهادة والسل شهادة والبطن شهادة ) .

هـ – الموت من ذات الجنب
فعن عقبة بن عامر مرفوعا قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( الميت من ذات الجنب شهادة ) .

أخي القارئ إذا كانت الإصابة بالأمراض كفارة ، والموت بسببها شهادة فعلام الخوف من المرض ؟

توِّق الأمراض بالأسباب ثم توكل على الحي الذي لا يموت قال الله تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام : ( والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحيين والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ) .

فدع الخوف وابدأ الحياة ….

وآخـر دعوانا أن الحمـد لله رب العـالمـين

م/ن

بالتوفيق

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده