- Presentation1.rar (1.44 ميجابايت, 214 مشاهدات)
مرة أخرى يثير الانفجار الذي وقع في مفاعل “فوكوشيما دياتشي” النووي الياباني إثر الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد مؤخراً سلسلة من الأسئلة حول الآثار التي تخلفها الإشعاعات النووية، والتي غالباً ما تحدث وفيات وسرطانات وأمراضاً في العيون لا سيما المياه الزرقاء، وذلك وفقاً لنسبة الإشعاعات النووية التي تصيب الضحية .
وتستند معظم المعلومات المستقاة عن تأثير الإشعاع النووي في الإنسان من دراسة الحالات التي يتعرض فيها بعض الأشخاص إلى جرعة إشعاعية عالية، ومن خلال دراسة نتائج التفجيرات النووية التي حدثت أثناء الحرب العالمية الثانية في مدينتي هيروشيما وناكازاكي، إضافة إلى التجارب التي تُجرى على الحيوانات .
فماذا يحدث عند تعرض مجموعة من الأشخاص إلى جرعة من الإشعاع النووي؟
إن تأثير ذلك يختلف حسب مقدار الجرعة الإشعاعية والفترة الزمنية للتعرض واختلاف الأشخاص، فإذا كانت الجرعة الإشعاعية قليلة فإن ذلك لا يسبب ظهور أي حالة مرضية واضحة، إلا أن زيادة الجرعة الإشعاعية إلى حد أعلى قليلاً من الحد المسموح به تجعل بعض الأشخاص يشعرون بالتقيؤ خلال الساعات الأولى من تعرضهم وكذلك يشعرون بالتعب وفقدان الشهية وارتفاع درجة الحرارة، إضافة إلى تغيير ملحوظ في دمائهم .
أما إذا كانت الجرعة عالية فإن جميع الأشخاص يشعرون بالتقيؤ مع تغيير عدد كريات الدم الحمراء وخلال فترة قصيرة يتوفى عدد كبير منهم وتكثر نسبة الوفيات في حال عدم توفر المعالجة الطبية .
خطر خفي
لا لون ولا طعم للإشعاعات النووية التي يمكن أن تترك آثاراً خطيرة جداً في صحة الإنسان، وهي تتراوح بين الموت خلال ساعات من تعرضه لهذه الإشعاعات إذا ما كانت مرتفعة النسبة إلى أمراض أخرى ترتبط بنسبة الإشعاع النووي والجزء الذي تعرض للإشعاع والمنطقة التي أصيبت بالإشعاعات . ولكن هناك عوامل أخرى تؤثر في مدى وخطورة الإصابة ومنها عمر الشخص المعرض للإشاعات .
وتدخل الأشعة النووية إلى الجسم عبر التنفس أو البشرة، وقد تصيب الإنسان بسرطان الغدة الدرقية والأورام وسرطان الدم وأمراض العيون والاضطرابات النفسية وغيرها من الأمراض الخطيرة . وإذا تعرض الجسم إلى كميات كبيرة من هذه الأشعة ونالته جرعة كبيرة جداً منها، فقد يموت خلال ساعات أو أيام قليلة.
وحدة القياس
تقاس نسبة الإشعاع النووي التي يمكن أن يكون الإنسان أو المياه أو المأكولات قد تعرض لها بما يعرف ب”وحدة سيفرت” Sievert، وهي وحدة قياس مدى الإصابة بالإشعاع النووي . فإذا تعرض الجسم إلى 250 ميليسيفرت أو 25 .0 سيفرت لفترة زمنية قصيرة، يمكن أن يصاب بأحد الأمراض التي تسببها الإشعاعات .
وتنقسم “وحدة سيفرت” إلى ألف ملل سيفرت . وهي تختلف عن وحدة “جراي” في كون الأخيرة تعطي كمية الإشعاع الممتصة من جسم ما مادة حية أو جماد، أما السيفرت فهو يعطي تأثير الأشعة في الكائنات الحية أو المادة الحية .
وحسب المكتب الاتحادي للحماية من الإشعاع في ألمانيا، فإننا نتعرض إلى 1 .2 ميليسيفرت من الطبيعة في السنة، أما تعريض الجسم إلى 400 ميليسيفرت فيؤدي إلى الموت المحتم .
وفي فرنسا مثلاً، فإن نسبة التعرض للإشعاعات المتوسطة في محيط مفاعلات أو مجالات عمل نووية هي 7 .3 ملل – سيفرت في العام، منها 4 .2 من إشعاعات طبيعية و3 .1 من إشعاعات طبية نتيجة استخدام الليزر والتصوير الإشعاعي والسكانر و03 .0 من العوامل الصناعية .
وفي حال حدوث خلل نووي فإن النسبة تصل إلى 6 سيفرت وهذا ما حصل لدى العاملين في مفاعل تشرنوبيل السوفييتي الذين ماتوا بعد أشهر من انفجار المفاعل، أما في مفاعلات فوكوشيما فإن نسبة الإشعاعات حتى الآن تراوحت بين 30 و400 ملل سيفرت في المناطق القريبة المحيطة بالمفاعلات .
أنواع المخاطر
يمكن تقسيم المخاطر الناتجة من تعرض الإنسان للإشعاع إلى ما يلي:
أولا: مخاطر جسدية:
1- السرطان: إن تعرض الإنسان للإشعاع النووي قد يسبب له الإصابة بمختلف أنواع الأمراض السرطانية ويعتمد ذلك على مقدار الجرعة الإشعاعية والمنطقة التي تتعرض للإشعاع .
وقد أشارت الدراسات التي أجريت في مدينتي هيروشيما وناكازاكي إلى أن نسبة الإصابة بمرض سرطان الدم المعروف باسم اللوكيميا أعلى منه في بقية المدن اليابانية الأخرى، وأن الأشخاص الذين كانوا أقرب إلى منطقة الانفجار كانت إصابتهم أعلى من نسبة إصابة الآخرين الذين كانوا على مسافة أبعد .
كما ثبت أن تعرض الإنسان إلى الإصابة بسرطان الغدة الدرقية الذي يصيب الأطفال والأشخاص غير البالغين بنسبة أعلى من البالغين عند تعرضهم إلى الجرعة الإشعاعية نفسها .
وفي أحد معامل الساعات لُوحظ ظهور مرض سرطان العظام بين العمال والعاملات الذين كانوا يستخدمون عنصر الراديوم لصبغ عقارب الساعات، إذ كانوا يستعملون لهذا الغرض فرشاة خاصة يضعونها بين الفينة والأخرى في أفواههم لتدبيبها .
هذا بالإضافة إلى ظهور أمراض خبيثة أخرى بين الأشخاص الذين تعرضوا إلى جرعات إشعاعية مثل سرطان البنكرياس والمعدة والرئة والقولون والبلعوم .
2- عتمة عدسة العين: تعتبر عدسة العين من المناطق الحساسة جداً للإشعاع النووي بشكل عام والنيوترونات بشكل خاص وأن جرعة إشعاعية من النيوترونات تتراوح بين 20 و50 راداً كافية لإصابة عدسة العين بالعتمة التي هي عبارة عن حدوث تلف دائم في عدسة العين قد يؤدي إلى فقدان القدرة على الإبصار .
أما في حال تعرض العين لأشعة جاما فإن الجرعة اللازمة لإصابة عدسة العين بالعتمة تكون أكبر مما هي عليه في حالة النيوترونات ولا تقل عن 200 راد .
3- العقم: هناك من الأدلة ما يشير إلى أن تعرض الأعضاء التناسلية إلى جرعات معينة من الإشعاع يؤدي إلى إصابة الإنسان بالعقم .
ويصاب بالعقم كل من الرجال والنساء على حد سواء عند تعرضهم إلى جرعات إشعاعية عالية .
وقد يكون العقم وقتياً أو يكون دائماً حسب مقدار الجرعة الإشعاعية .
4- الوفاة قبل الأوان: ان التعرض إلى جرعات إشعاعية منخفضة لا يشكل بمفرده تأثيراً كبيراً في صحة الإنسان، إلا أن التعرض إلى تلك الجرعات المنخفضة لفترة طويلة وعلى مدى سنوات يضعف مناعة الجسم ضد الأمراض الأخرى ويقود إلى الوفاة .
وقد أجريت إحصائية بين الأطباء العاملين في حقل الإشعاع حيث وجد أن معدل الوفيات لدى أطباء الأشعة ليس بسبب الإصابة بأي نوع من أنواع السرطان وإنما لأسباب أخرى منها أمراض الكلية والأوعية الدموية وضغط الدم وأمراض الكبد وغيرها .
ثانياً: الأضرار الوراثية
قد يحدث ضرر وراثي هائل في الجسم الذي يتعرض للأشعة النووية، كما حدث بعد إلقاء قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناكازاكي في سبتمبر/ أيلول 1945 مما أدى إلى وفاة الآلاف من السكان وإصابتهم بحروق وتشوهات وإصابة أحفادهم بالأمراض الخطيرة القاتلة، وكما حدث بعد كارثة تشيرنوبيل في إبريل/ نيسان ،1986 ورغم مرور 25 سنة على الحادث هناك ارتفاع ملحوظ في نسبة المصابين بالسرطان تصل إلى 40 في المئة .
وهناك تقديرات بأن 25 ألف شخص في روسيا لقوا حتفهم لأنهم شاركوا في أعمال تنظيف المفاعل بعد انفجاره .
ويجب مراعاة عدم تعرض المرأة الحامل للأشعة السينية كوسيلة للتشخيص حتى لا تصيب الطفل بالتخلف العقلي . والحد الأقصى المأمون للإشعاعات النووية الذي يجب ألا يتجاوزه الإنسان هو 5 ريمات في اليوم الواحد، والريم وحدة قياس الإشعاع الممتص، وهي تعادل رنتجناً واحداً من الأشعة السينية .
ولا ننسى في هذا الصدد تعرض الإنسان للأشعة الكونية الصادرة من الفضاء الخارجي، وتعرضه للإشعاعات الضارة خلال تعامله مع النظائر المشعة سواء في مجالات الطب والصناعة والزراعة، وتعرض العاملين في المفاعلات النووية والعاملين في المناجم التي يستخرج منها العناصر المشعة مثل الراديوم واليورانيوم .
وتعتبر الإشعاعات المؤينة أحد العوامل المهمة المساعدة لإحداث الطفرة الوراثية وهي من الظواهر الخطرة التي يجب تقليل احتمالية حدوثها إلى أدنى حد ممكن ذلك لأن الإشعاع يعمل على إحداث انحرافات في الكروموسومات تنتج عنها تشويهات ولادية وارتفاع نسبة الإجهاض عند الحوامل ونسبة وفيات المواليد، إضافة إلى ولادة أطفال مصابين بنقص عقلي .
وقد يتأخر ظهور الطفرة الوراثية إلى فترة طويلة لتظهر في أجيال لاحقة وهذا الأمر يجعل تقصي الطفرة الوراثية عند الإنسان الناتجة جراء تعرضه للإشعاع صعبة جداً، لأن الطفرة الوراثية قد تحدث بتأثير العقاقير أو بعض المواد الكيميائية مما يجعل عملية الربط بين تاثير الإشعاع والطفرة الوراثية متداخلة مع عوامل أخرى لا يمكن فرز تأثيرها .
ويعتقد أن احتمال حدوث الطفرة عند الرجال أعلى منها عند النساء في حالة التعرض إلى جرعات إشعاعية أقل، ويزداد احتمال حدوث الطفرة الوراثية بزيادة الجرعة الإشعاعية، كما يعتقد بوجود علاقة بين انخفاض المواليد الذكور والتعرض إلى الإشعاع .
وتبين الإحصاءات أن تعرض النساء إلى الإشعاع يؤدي إلى انخفاض نسبة المواليد الذكور وأن مقدار هذا الانخفاض يتناسب مع زيادة الجرعة الإشعاعية وكذلك الأمر في حالة تعرض الذكور إلى الإشعاع وإن كان غير واضح كما هي عليه الحال في النساء .
تلافي الإصابة
إن أحد الأمراض التي تظهر بكثرة بعد وقوع حادث نووي هو مرض سرطان الغدة الدرقية . والسبب في ذلك هو النظائر المشعة لليود 131 واليود ،133 وهاتان المادتان تكثران في الأيام الأولى بعد الحادث النووي وهما مسؤولتان عن إصابة الجسم بالإشعاع .
ولتلافي الإصابة بالإشعاعات النووية أو الحد منها فإن البقاء في المنزل والتخفيف من تنشق الهواء إلا عبر قناع قد يساعد، ولكن يمكن أيضا تجنب الإصابة بسرطان الغدة إذا ما تناول المعرضون للإشعاع النووي أقراص اليود المركز خلال نصف الساعة الأولى من تعرضهم للإشعاعات، فيحصل الجسم على حاجته وتصبح الغدة الدرقية مشبعة باليود ولا تعود قادرة على تخزين كميات أخرى منه، وبذلك يتخلص الجسم تلقائياً من نظائر اليود المشعة الخطيرة . لكن مفعول هذه الحبوب لا يدوم سوى لبضعة أيام فقط وهو يفيد الأشخاص الذين لم تتلوث أجسامهم باليود المشع بعد .
وقد لوحظ أن التأثيرات التي يسببها الإشعاع كثيرة ومتشعبة، ولهذا يجب تأكيد أهمية الوقاية والتعامل مع مصادر الإشعاع المختلفة بيقظة وحذر كبيرين ووفق شروط خاصة تضمن سلامة العاملين في مجال الإشعاع.
والمعروف أن جسيمات ألفا ذات مدى قصير ولا تستطيع اختراق حتى السطح الخارجي للجسم، ولذلك يبقى خطرها محدوداً ما لم تؤخذ عن طريق الفم أو التنفس أو عن طريق الدم، وهذه الحالة تشكل خطراً كبيراً على سلامة الفرد، ولهذا يجب التعامل مع مصادر جسيمات ألفا بمنتهى التأني والحذر .
وبالرغم من أن الضرر الحيوي الذي تسببه جسيمات بيتا أقل من جسيمات ألفا، إلا أن قابليتها على الاختراق والنفاذ من خلال المواد أكبر، ومع ذلك فإن طبقة قليلة من البلاستيك سمكها لا يتجاوز 5 ملم كافية لحجزها واتقاء خطر التعرض الخارجي لها .
وأكثر أنواع الإشعاعات المؤينة قابلية على الاختراق والنفاذ هي أشعة جاما التي تستطيع اختراق سمك من الرصاص والفولاذ لا بأس به، ولهذا يجب اختيار نوع المادة ومقدار السمك اللازم منها لاتقاء خطر التعرض لأشعة جاما عند خزن المصادر المشعة . وعلى أساس ما تقدم يجب اتخاذ التدابير والإجراءات الوقائية التالية عند التعامل مع مصادر الإشعاع:
*1- عند وجود أجهزة تطلق إشعاعات مؤينة مثل أجهزة الأشعة السينية والمعجلات المختلفة والمولدات فإن أبواب وجدران الغرف والقاعات التي تحتويها يجب أن تتوافر فيها الشروط والمواصفات الخاصة بالوقاية من الإشعاع، وفي حالة حصول خلل أو تلف في أحد الأجهزة يجب إخلاء المكان فوراً وان تتخذ الإجراءات الوقائية كافة للحد من انتشار التلوث الإشعاعي في حال حصوله، وإخضاع جميع العاملين للفحص الطبي، ثم إزالة التلوث الإشعاعي بشكل عام .
*2- التأني في العمل عند التعامل مع المواد السائلة والغازية وعدم استعمال ماصات الفم لسحب المواد السائلة والامتناع عن مسكها أو لمسها واستعمال الأقنعة (الماسكات) الخاصة بذلك، وارتداء الملابس الواقية والإقلاع عن التدخين، وتناول المأكولات والمشروبات في الأماكن التي تتواجد فيها مثل تلك المصادر المشعة، وفي حال تصاعد غازات وأبخرة يجب استعمال الكمامات وأجهزة التنفس الخاصة والاهتمام بنظافة ملابس العمل واستبدالها بشكل دوري .
*3- يجب تخزين المواد في حاويات خاصة بحيث لا يسمح سمكها والمادة المصنوعة منها للإشعاع باختراقها، كما يجب حفظ النفايات المشعة السائلة والصلبة في أماكن خاصة ودفنها في مقابر خاصة لهذا الغرض .
*4- عدم ترك مصادر الإشعاع مفتوحة بعد الانتهاء من العمل بها خاصة تلك المواد التي تطلق غازات مشعة وإنما يجب غلقها جيداً لتفادي استنشاق الغازات المنبعثة منها وأن يتم فتحها في أماكن جيدة التهوية .
*5- استعمال أجهزة تحديد وقياس مستوى الإشعاع عند الدخول إلى الأماكن التي توجد فيها المصادر المشعة كما يجب استخدام الإشارات التحذيرية لتحديد المناطق الملوثة ومستوى الإشعاع فيها لتجنيب الآخرين خطر التعرض لها .
السيزيوم والسترونتيوم
حين تستقر “النويدات” النظائر المشعة سترونتيوم 90 وسيزيوم 137 في أنسجة العظام، فإن خطر الإصابة بالسرطان يزداد . فالجسم يخلط بين هذه المواد الخطيرة وبين الكالسيوم ويُدخلها إلى نخاع العظام وأنسجة العضلات والعظام . لكن نخاع العظام مسؤول عن تشكيل خلايا الدم الجديدة، ويمكن أن تتعطل هذه العملية بسبب الإشعاعات المؤيّنة، وإذا حدث ذلك يصاب الإنسان بمرض سرطان الدم القاتل .
التجارب النووية والنفايات
من العوامل الرئيسة المسببة للتلوث النووي ما يحدث في دول النادي النووي من إجراء التجارب خاصة بعد الحرب العالمية الثانية بهدف تطوير الأسلحة الذرية لزيادة القوة التدميرية لها .
وقد أدت التجارب إلى انتشار كميات كبيرة من الغبار الذري المشع في مناطق إجراء التجارب، وتحمل الرياح إلى طبقات الجو العليا هذا الغبار المشع الذي يحتوي على بعض النظائر المشعة مثل السيزيوم 137 والاسترونشيوم 90 والكربون 14 واليود 131 وغيرها من النظائر، وقد يستمر النشاط الإشعاعي لهذه النظائر فترة طويلة من الزمن ليتساقط فوق كثير من المناطق البعيدة عن موقع التجارب، حيث تلوث الهواء والماء والغذاء، وتتخلل دورة السلسلة الغذائية حيث تنتقل إلى الحشرات والنباتات والطيور والحيوانات وأخيراً تصل إلى الإنسان .
وأغلب النظائر المشعة يستمر نشاطها الإشعاعي فترة طويلة من الزمن، الأمر الذي يضاعف أضرار التلوث على كافة عناصر البيئة .
وقد أدى انتشار المحطات النووية إلى ظهور المشكلات ذات التأثير الضار في كافة عناصر البيئة نتيجة النفايات النووية ويقاس النشاط الإشعاعي لهذه النفايات بما يعرف بالكوري، وهو النشاط الإشعاعي الذي ينتج من جرام واحد من عنصر الراديوم 226 ويتوقف الأثر الضار لما تسببه من أضرار جسيمة بعناصر البيئة .
ومن النفايات التي تنتج من محطات توليد الطاقة إشعاعات بيتا وجاما، وهذه الإشعاعات ليست لها خطورة كبيرة لصغر حجمها النسبي وأخرى قوية الإشعاع تشمل الكثير من النظائر المشعة والتي تشع جسيمات ألفا مثل النبتونيوم والبلوتونيوم، وهذه النظائر عالية النشاط الإشعاعي وذات فترة عمر النصف فائقة الطول حيث يستمر نشاطها الإشعاعي فترة طويلة جدأ من الزمن .
ويتم التخلص من النفايات النووية بعدة طرق تختلف وفقاً لقوة الإشعاعات الصادرة منها الضعيفة والمتوسطة توضع بعد تبريدها في باطن الأرض، حيث تحاط بطبقة من الأسمنت أو الصخور وأحياناً تقوم بعض الدول بإلقائها في مياه البحار والمحيطات .
أما النفايات ذات الإشعاعات القوية فتوضع في الماء لتبريدها ثم تدفن على أعماق كبيرة في باطن الأرض وفي أماكن بعيدة عن العمران .
وهناك طريقة حديثة للتخلص من النفايات النووية القوية، حيث تحفظ في مواد عازلة من الخزف أو الزجاج من نوع البوروسيلكات ويتم ذلك بخلط النفايات مع مادة مكلسة ثم تصهر عند درجة حرارة عالية ويصب الخليط في أوعية من الصلب غير قابل للصدأ وتدفن على أعماق كبيرة تحت سطح الأرض مع أخذ الحيطة حيث إنها تظل مصدر خطر لفترات طويلة .
وهناك نوع آخر من التلوث تحدثه المحطات النووية وهو التلوث الحراري وينتج عن استخدام مياه المحيطات أو البحار أو الأنهار بكميات كبيرة لتبريد المفاعل والتي تلقى في المصدر بعد ذلك فترتفع درجة حرارتها محدثة خللاً بالنظام البيئي Ecosystem والإضرار بكافة الأحياء المائية التي تعيش في المياه حيث يقلل من نسبة الأكسجين المذاب في الماء اللازم لحياة الكائنات البحرية .
وللتغلب على هذه المشكلة وضعت بعض الدول قوانين خاصة تلزم هذه المحطات بتبريد المياه الساخنة قبل إلقائها في البحار أو البحيرات كما أن بعض المحطات أنشأت لها بحيرات صناعية تستخدمها لأغراض التبريد . وبعد وقد استعرضنا أثر التلوث البيئي بأنواعه المختلفة على كافة عناصر الطبيعة من هواء وأرض ومياه وما يسببه من أضرار خطيرة وقاتلة على كافة المخلوقات من إنسان وحيوان ونبات وجماد .
العلاج
من شبه المستحيل تقديم مساعدة طبية لمن يتعرض للأشعة النووية . لكن الخبراء يفرّقون بين التلوث والاندماج . ففي حالة التلوث تتجمع المواد المشعة على سطح الجسم ويمكن غسلها بالماء ورغوة الصابون . أما في حالة الاندماج، فإن المواد المشعة تدخل إلى الجسم وتندمج فيه ولا يمكن أبداً التخلص منها .
وقد سجل أكبر نجاح للعلاج بواسطة النظائر المشعة في العام 1939 عندما استخدم الفوسفور-32 لعلاج مرض البوليثيما الذي يسبب خللاً في الدم بزيادة كبيرة في كريات الدم الحمراء . وتوالت النجاحات بعد ذلك ففي العام 1946 استخدم الأيودين-131 لمنع أنواع معينة من السرطان من النمو كما تم استخدام هذا العنصر في التصوير للأجزاء الداخلية لجسم الإنسان ليدخل بعده الطب مرحلة جديدة هي مرحلة الطب النووي .
وللعلم حصل العالم أرنيست على جائزة نوبل لاكتشافه السيكلترون في العام 1939 والتي استخدمت في تعجيل البروتونات للحصول على نظائر مشعة صناعية، كما حصل العالم جون على جائزة فيرمي عام 1983 على أعماله البارعة التي أهلته ليكون قائد الطب النووي.