التصنيفات
الصف العاشر

تقرير عن الوحده الاسلامية -تعليم اماراتي

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

تقريرعن الوحدة الإسلامية للصف العاشر
المقدمة:
.
{ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ } [ الآية 92 الأنبياء ]
{ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا } [ آل عمران 103]
{ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأويلا } [ النساء ] ، { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } [ الأنفال ]
{ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [ آل عمران ]
آيات جلية تبني أمة واحدة و مجتمع متآلف يتآخى في سراء كان أو ضراء أوشدة أو رخاء, هي ركائز اصيلة اصّلها القرآن في حياتنا و حركتنا لنصبو دوما نحو امة افضل و اكمل (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ… [ آل عمران الآية 110
.
ومع كل هذا وبالرغم مايحمله مفهوم الوحدة من بداهة عقلية و انسانية ومنفعة سامية تجد ان هناك العديد من الناس مازال يهمشها تارة واخرى يقصيها. و هؤلاء الناس عادة هم قشور ولا لب , و رواة ولا عقل ينسجون بيوتا لافكارهم ليتخندقوا فيها طوائفا وفرقا يكفرون متفكهين و يجادلون عمهين قد استحوذ عليهم افك ابتدعوه وشرك مضو فيه و نصبوه وكأنهم لم يسمعوا ما ورد عن ما روي عن المعصومين رضي الله عنه : " عن أبي العباس قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن أدنى مايكون به الانسان مشركا، قال: فقال: من ابتدع رأيا فأحب عليه أو أبغض عليه." وما علموا وانى لهم ان فعلهم هذا تقيدا للأمة واضعافا لها تماما كما انبأنا بذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم : يقول: توشك الأمم أن تتداعي عليكم تداعي الأكلة على قصعتها، قال قائل منهم أمن قلة يا رسول الله يومئذ؟ قال (ص): بل انتم كثير ولكنكم كغثاء السيل ولينزعن الله من عدوكم المهابة منكم، وليقذف في قلوبكم الوهن. قال قائل يا رسول الله: وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت .
فالوحدة الاسلامية هي تأصيل الفكر و الحركة ضمن إطار إسلامي موضوعي متجنبة حالة الغاء الآخر أو الزامه بمذهب جديد أو سلبه اياه.
و الوحدة ليست حلما أو بدعة ابتدعها مفكرون في هذه الامة بل هي نهج اسلامي اصيل نشأ منذ لحظات الاسلام الأولى حيث نجد ان الاسلام كان يعطي اي شخص ينطق بالشهادتين حصانة حقوقية لدمه وماله وعرضه
كما ان المسلم يملك حقا عالميا على اخيه المسلم :" عن أبي عبدالله عليه السلام قال: من لم يهتم بامور المسلمين فليس بمسلم."

العرض:
.
الوحدة الأولى في المجتمع المكي:
إن الأساس الأول الذي شاد عليه الإسلام بناءه الاجتماعي هو الأخوة بين أفراده جميعا.. فمن الطبيعي وهو مجتمع يقوم على عقيدة تجمع بين أبنائه أن يجعل منها رابطة قوية تشدّ كل المسلمين وتؤلف بين قلوبهم.|
إنه يجعل هذه الأخوّة علاقة حقيقية تزيد على علاقة الدم والنسب وتفضلها.. وقد كان الإسلام بذلك أول من أقام مجتمعا على أساس رابطة روحية يجعل لها الاعتبار الأول، ويعتمد عليها في تقرير الحقوق والواجبات..
ففي المجتمع المكي كان رباط الأخوة هو الأساس المتين الذي يتجمع حوله المسلمون دون اعتبار لما كان بين العرب قبل الإسلام من روابط تقوم على الأنساب والأجناس والتعصب لها.. ففي الإسلام لا تفاخر بالأنساب ولا اعتبار للجنس، فالإسلام يرفض أن يفترق الناس أجناساً مختلفة وأن تفصل بينهم فواصل من صنع أيديهم.
ولهذا فقد احتضن المجتمع الإسلامي الأول المسلمين من كل جنس ومن كل لون، ولم يجد الفارسي أو الرومي أو الحبشي حائلاً يمنعهم من الانتساب لهذا المجتمع بل والتصدر فيه..
وكانت هذه الأخوة نوعا جديداً من العلاقات لم يعهده المجتمع العربي قبل الإسلام، إذ كان ذلك المجتمع يقوم على رباط النسب والجنس فجاء الإسلام ليجعل الترابط في مجتمعه يقوم على أساس روحي وفكري من وحدة العقيدة ووحدة الغاية، متخطياً في ذلك الروابط التي تحمل في طياتها عوامل التفكك وبذور الانهيار.
وكان المسلمون في المجتمع المكي صفاً من العاملين، أخذوا هذه الدعوة أول أمرها ألماً وعناءً ولم يكن في طبيعة الدعوة الإسلامية ما يجذب غير العاملين المخلصين.. وكان الرسول (ص) رمزاً للإسلام وأفقاً واسعاً من الصبر والاحتمال، وظلّ يلاقي من العنت ما ذهب بماله ومال زوجه وأصحابه، وكان يمرّ على المستضعفين من أصحابه فيقول: صبراً لا املك لكم من الله شيئاً. وبذلك خلّى ما بينهم وبين ربهم وعرضهم عرضاً مباشراً للمحنة واحتمل معهم ما يحتملون..
والمؤمنون يرون هذا ويحمل كل فرد ما يطيق من البلاء.. لقد دخلوا الإسلام مغارم من أول يوم عرفوا فيه الإسلام وآمنوا بالرسول على أنّه مبلّغ لا على أنه قادر على حمايتهم أو الانتصار لهم. ورغم هذه الآلام جميعاً كانت لهم عبادتهم المحبّبة وأخوّتهم الخالصة ووقفاتهم الطويلة التي يفرضونها على أنفسهم.. وتكوّنت المجموعة الإسلامية الأولى، فكانت مجموعة عالمية تدعو لدين عالمي وأُخوة عالمية تفنى فيها فروق الجنس واللون والطبقات، فالناس كلهم إخوة ينتسبون إلى أب واحد، ويعبدون رباً واحداً..
وقام المجتمع الإسلامي على أساس من التكافل والتكامل والتفاهم.. وكان في تكامله وتفاهم أعضائه ما جعل كل عضو فيه يؤدي واجبه، ويقوم بالعمل الذي تؤهله له مواهبه، ويمنحه المجتمع من الطاقة ما يكفيه للسير في هذه المهمة.. فإذا اشتكى عضو ظهر التكافل واضحاً فيتداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى..
فالإسلام أقام عدالته الاجتماعية على هذا المعنى الدقيق من التكافل ووحدة الشعور.. بل وكان في هذا المجتمع الكريم ما هو أسمى من العدالة الاجتماعية.. كان فيه الكرم الاجتماعي والغذاء الإجتماعي.. وبه كان يدفع الفرد أكثر مما يُطلب منه، ويبذل أكثر مما طلب منه الشرع الإسلامي.. إذ لم يكن الأمر أمر مال فقط ولكنهم كانوا جسداً واحداً له شعور واحد وهدف واحد وكيان واحد ومصلحة واحدة.
ومن أهم المظاهر التي تدلّ على هذا:
1_ التكافل الاقتصادي: كان أغنياء المسلمين ينفقون الأموال لتحرير إخوانهم من الرّق، ومن الأمثلة على ذلك أبو بكر الصديق كان له مال كثير، أنفقه على عتق الرقيق المعذبين.. وهم قوم خالط الدين قلوبهم وخالفوا ساداتهم في الإيمان، وثبت هؤلاء الضعفاء على إيمانهم رغم ما أصابهم من أذى وإرهاق.. ويروي لنا التاريخ أن أبا فكيهة كان عبداً لصفوان بن أمية وأنه أسلم مع بلال فكان من السابقين الأول، وقد أخذه أمية بن خلف وربط في رجله حبلا، وأمر به فجرّ ثم ألقاه في الرمضاء، وخنقه خنفاً شديداً. وكان أخوه أبي بن خلف يقول زده عذاباً حتى يأتي محمد فيخلصه بسحره، ولم يزل على تلك الحال حتى ظنّوا أنه مات. ثم أفاق فمرّ به أبو بكر فاشتراه وأعتقه.
وتكرّرت هذه الحوادث مع عمار وبلال وغيرهم كثير، فما كان من أغنياء المسلمين إلا أن جعلوا مالهم فداء لإِخوانهم في العقيدة حتى يخففوا عنهم بعض ما يحملون من الألم.
واشتد العذاب بالمسلمين جميعاً حين قاطعتهم قريش اقتصادياً وألجأتهم إلى شعب أبي طالب، فوضع المسلمون مالهم بين يدي المحنة ترعاه حتى أتت عليه ومضت الأعوام الثلاثة وفنيت أموال المسلمين حتى أكلوا ورق الشجر من الفقر والجوع.
2_ رد الجوار: لقد دخل بعض الصحابة في جوار نفر من أقوياء الكفار، ولكن أمر الأذى اشتد بإخوانهم فلم تطب نفوسهم بأن يعيشوا في مكة آمنين وإخوانهم في العذاب. فما كان منهم إلا أن ردّوا الجوار إلى أصحابه واقتحموا لهيب العذاب سعداء بما يلقون في جنب الله.. ويروي ابن هشام في كتابه (السيرة النبوية) فيقول: لما رأى عثمان بن مظعون ما فيه أصحاب رسول الله (ص) من بلاء وهو يغدو ويروح في أمان من الوليد بن المغيرة قال: والله إن غدوّي ورواحي آمنا بجوار رجل من أهل الشرك، وأصحابي وأهل ديني يلقون من البلاء والأذى في الله ما لا يصيبني لنقص كبير في نفسي، فمشى إلى الوليد بن المغيرة فقال له: يا أبا عبد شمس وفت ذمتك وقد رددت إليك جوارك، قال له: يا ابن أخي لعله آذاك أحد من قومي: قال: لا ولكنني أرضى بجوار الله ولا أريد أن أستجير بغيره.
قال: فانطلق إلى المسجد فاردد علي جواري علانية كما أجرتك علانية.
قال: فانطلقنا فخرجا حتى أتيا المسجد فقال الوليد: هذا عثمان قد جاء يرد علي جواري: قال: صدق قد وجدته وفياً كريم الجوار. ولكني أحببت أن لا أستجير بغير الله فقد رددت عليه جواره ثم انصرف وعثمان ولبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب في مجلس من قريش ينشدهم فجلس معهم عثمان: فقال لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل، فقال عثمان صدقت قال: وكل نعيم لا محالة زائل، قال عثمان: كذبت، نعيم الجنة لا يزول. قال لبيد بن ربيعة: يا معشر قريش والله ما كان يؤذي جليسكم فمتى حدث هذا فيكم؟ فقال رجل من القوم: إن هذا سفيه في سفهاء معه، قد فارقوا ديننا فلا تجدن في نفسك من قوله. فرد عليه عثمان حتى سرى أمرهما فقام إليه ذلك الرجل فلطم عينه فخفرها والوليد بن المغيرة قريب يرى ما بلغ من عثمان. فقال: أما والله يا ابن أخي إن كانت عينك عما أصابها لغنية لقد كنت في ذمة منيعة. قال عثمان: بل والله إنّ عيني الصحيحة لفقيرة إلى مثل ما أصاب أختها في الله واني والله لفي جوار من هو أعز منك وأقدر يا أبا عبد شمس. فقال له الوليد: هلمّ يا ابن أخي إن شئت إلى جوارك فعد. فقال: لا.
كما ردّ أبو بكر جوار ابن الدغنة سيد الأحابيش حينما طلب إليه أن يكف عن تلأوة القرآن في المسجد قائلا: أرد عليك جوارك وأرضى بجوار الله.
3_ الفداء: ومن نتائج وحدة الشعور عند المسلمين تقديرهم العميق لرسول الله (ص) كرمز لهذه الدعوة، ومما يدل على هذا ما حدث وقت الهجرة حين نام علي ابن أبي طالب في فراش الرسول وتسجّى ببرده وخرج الرسول مهاجراً إلى ربّه.. وهكذا كانت أخوة الإسلام تملأ قلوب المسلمين وأرواحهم وتجعل منهم دروعاً تحمي رسول الله (ص) وتفديه.
لقد كانوا قوما أحبّوا هذا الدين من قلوبهم حباً صادقاً، ولم يأخذوا الإسلام (وظيفة) يؤدون منها عملاً، أو وراثة يحيون فيها، وإنما أخذوه روحاً وعقيدة توجه كل أوضاع حياتهم.
ولهذا لم ير العالم كأصحاب محمد (ص) قوماً من مختلف العناصر والبيئات والأجناس والطبقات اجتمعوا على التضحية هذا الاجتماع الرائع، وبذلوا لأخوّتهم هذا البذل السّخي.
في المجتمع المدني:
عندما وصل المهاجرون إلى المدينة تنافس فيهم الأنصار فحكّموا القرعة بينهم فما نزل مهاجر على أنصاري إلا بقرعة.. وكانوا يؤثرون إخوانهم المهاجرين على أنفسهم.. وسجل القرآن ذلك الموقف الفريد: (والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجةً مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون).
وحتى يُمكّن الرسول (ص) بينهم هذا الإخاء آخى بين المهاجرين والأنصار فكان كل أنصاري ونزيله أخوين في الله. ويستطيع
الإنسان أن يدرك بحسه الإسلامي أن هذه الأخوة كانت أرقى بكثير من الأخوة العصبية.. فهي قلوب ألّف الله بينها حتى صارت شيئاً واحداً في أجسام متفرقة.. حتى إنهم كانوا يتوارثون بعد الموت دون ذوي الأرحام، والرسول عليه السلام يقول لكل اثنين (تآخيا في الله أخوين أخوين).. ودام هذا الميراث إلى أن أنزل الله سبحانه قوله في سورة الأحزاب: (وأولو الأرحام بعضهم أولى بعض في كتاب الله).
ولتثبيت دعائم الأخوة في هذا المجتمع الكريم فإن الرسول (ص) ابتدأ عمله في المدينة بإيجاد الروابط التي تربط أفراد الجماعة الإسلامية، وكوّن وحدة تضم العناصر المختلفة الأنساب والأماكن، وجعل من ذلك المجتمع المختلف أنساباً وقبائل مجتمعاً مؤتلفا في شعوره، تُمحى فيه الفوارق.
لقد وجد النبي (ص) مهاجرين من بطون مختلفة، ووجد أنصاراً أووا ونصروا، ولكن الدماء لم تكن قد جفت بينهم فجاء إلى ذلك المجتمع الذي كان متنافراً، ليؤلف بين قلوبهم، والأمم إنما تتكون بتأليف القلوب المتنافرة، وجمعها على الحق، وأشد ما يجمع الناس على الحق _الإيمان بالله والخضوع لأحكامه..
قال السهيلي في كتابه الروض الأنف: (آخى رسول الله (ص) بين أصحابه حين نزلوا بالمدينة، ليذهب عنهم وحشة الغربة، ويؤنسهم من مفارقة الأهل والعشيرة ويشد أزرهم بعضهم ببعض)..
وهذا أحد أغراض المؤاخاة.. فالمؤاخاة أولا تتجه إلى تكوين وحدة الجماعة المؤمنة، ولذلك كانت المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار أولاً، وكانت بين المهاجرين بعضهم مع بعض ثانياً، وبين الأنصار بعضهم مع بعض ثالثاً، أوسهم مع خزرجهم، ليقضي الرسول على الثغرة السابقة بالألفة التي تجمع القلوب، وتزيل نفورها.
فالمؤاخاة كانت لتجعل رابطة الأخوّة هي العلاقة الوثيقة بين النسيب الشريف، والمولى الضعيف، ولذلك كانت المؤاخاة بين حمزة بن عبد المطلب وزيد بن حارثة مولى رسول الله (ص).
والمؤاخاة كانت لتضع مبدأ المسأواة عمليا بين أفراد الجماعة المسلمة.. قال ابن إسحاق: (وآخى رسول الله (ص) بين أصحابه من المهاجرين والأنصار، فقال _فيما بلغنا، ونعوذ بالله أن نقول عليه ما لم يُقل: تآخوا في الله أخَوين أخَوين، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب، فقال: هذا أخي. فكان رسول الله سيد المرسلين، وإمام المتقين، ورسول رب العالمين، الذي ليس له خطير ولا نظير من العباد، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، أخَوين، وكان حمزة بن عبد المطلب، أسد الله وأسد رسوله (ص)، وعم رسول الله (ص)، وزيد بن حارثة، مولى رسول الله (ص) أخَوين، وإليه أوصى حمزة يوم أحد حين حضره القتال إن حدث بن حادث الموت، وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين، الطيّار في الجنة، ومعاذ بن جبل، أخو بني سلمة، أخَوين.
وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ابن أبي قحافة، وخارجة بن زهير، أخو بلحارث بن الخزرج، أخوين. وعمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعتبان بن مالك، أخو بني سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج أخوين: وأبو عبيدة بن عبد الله بن الجرّاح، واسمه عامر بن عبد الله، وسعد بن معاذ بن النعمان، أخو بني عبد الأشهل، أخوين، وعبد الرحمن بن عَوف، وسعد بن الربيع، أخو بلحارث بن الخزرج، أخوين، والزبير بن العوّام، وسلامة بن سلامة بن وَقش، أخو بني عبد الأشهل، أخوين، ويقال: بل الزبير وعبد الله بن مسعود، حليف بني زهرة، أخوين. وعثمان بن عفّان، وأوس بن ثابت بن المنذر، أخو بني النجار، أخوين وطلحة بن عبيد الله، وكعب بن مالك، أخو بني سلمة، أخوين، وسعد بن زيد بن عمر بن نُفيل، وأبي بن كعب، أخو بني النجار، أخوين. ومصعب بن عمير بن هاشم، وأبو ايوب خالد بن زيد، أخو بني النجار، أخوين. وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وعبّاد بن بشر بن وقش، أخو بني عبد الأشهل، أخوين. وعمار بن ياسر، حليف بني مخزوم، وحُذيفة بن اليمان، أخو بني عبد عَبس، حليف بني عبد الأشهل أخوين. ويقال ثابت بن قيس بن الشماس، أخو بلحارث بن الخزرج، خطيب رسول الله (ص)، وعمار بن ياسر، أخوين. وأبو ذرّ، وهو بُرير بن جُنادة الغفاري، والمنذر بن عمرو، أخو بني ساعدة بن كعب بن الخزرج، أخوين.
وكان حاطب بن أبي بلتعة، حليفة بني أسد بن عبد العزىّ، وعُويم بن ساعدة، أخو بني عمرو بن عوف، أخوين وسلمان الفارسي، وأبو الدرداء، عُوَيمر بن ثعلبة، أخو بلحارث بن الخزرج، أخوين. وبلال، مولى أبي بكر رضي الله عنهما، مؤذن رسول الله (ص) وأبو رُويحة، عبد الله بن عبد الرحمن الخثعمي، أخوين. فهؤلاء من سُمي لنا، ممّن كان رسول الله (ص) آخى بينهم من أصحابه.
وقال ابن اسحاق: فلمّا دوّن عمر بن الخطاب الدوأوين بالشام، وكان بلال قد خرج إلى الشام، فأقام بها مُجاهداً، فقال عمر لبلال: إلى من تجعل ديوانك يا بلال؟ قال: مع أبي رُويحة، لا أفارقه أبدا، للأخوة التي كان رسول الله (ص) عقد بينه وبيني، فضمّ إليه، وضُمّ ديوان الحبشة الى خَثعم، لمكان بلال منهم، فهو في خثعم الى هذا اليوم بالشام).
يتبين لنا من هذا العرض الكبير لعقد الإخاء العام بين المسلمين بعضهم وبعض أن هذا الإخاء يرتبط بمعنى العقيدة التي يقررها القرآن الكريم بقوله تعالى: (إنما المؤمنون إخوة).. فالإسلام دين تجميع وأُلفة. ومن هنا يجيء الإخاء مظهراً من مظاهر الهدي الإسلامي الذي يستحق المؤمن عليه ثواب الله ورضوانه. يقول الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه (خاتم النبيين).
إن المقصود من هذه المؤاخاة:
أولاً: عقد الألفة بين الضعيف والقوي، وتمكين الصحبة بين المؤمنين، وألاّ يتعالى مؤمن على مؤمن.
ثانياً: أن المهاجرين كانوا من قبائل مختلفة، والقرشيون منهم كانوا من بيوت متنافسة، فكان لا بد من محو العصبية والدمج بينهم بحكم أخوة الإسلام.
ثالثاً: أن الأنصار لم يكونوا متآلفين فيما بينهم، فكانت على مقربة من هدايتهم العدأوة المستعرة الأوار بينهم، بين الأوس والخزرج، فكان لا بد من العمل على نسيانها، وذلك بالمؤاخاة الإسلامية.
رابعاً: أن النبي (ص) عندما عقد عقد المؤاخاة كان يشرع للأمة من بعده هذا النظام الذي يجمع المسلمين، ولم يكن حكما لحادثة واقعة، ولا علاجاً مقصوراً، على ما بين المهاجرين والأنصار بل هو تأليف للمؤمنين ونظام متبع، وربما تكون الحاجة إليه من بعد أشد وأكبر).
ولهذا فإن الأخوة الإسلامية تمتاز على كل أساس يهتدي إليه البشر، لأنها عقيدة قوية تحوي ركائز روحية وإنسانية، لا افتعال فيها ولا تزوير.. ولقد أصبحت هذه الأخوّة الصادقة في المجتمع الإسلامي مقياساً من مقاييس الإيمان يزكو بها العمل وتعلو بها الدرجة.. بل ترقى المحبة في الله والأخوة في الإيمان به حتى تصير أفضل الأعمال وأولاها بالقبول.. يقول الرسول (ص): (أفضل الأعمال الحب في الله).
إن هذا التصور لمنزلة الأخوة في الله يحيط العلاقة في المجتمع المسلم بهالة من نور العقيدة تحميها من الانفصام وتثبتها على الدوام، وتكفل للمجتمع الإسلامي أن يظل بمنأى عن الصراع والمنافسة..
يقول الدكتور مصطفى عبد الواحد في كتابه (المجتمع الإسلامي): (والإسلام يعلنها واضحة في مجتمعه على لسان رسوله: (لاتؤمنوا حتى تحابّوا).. والقرآن يعلن هذه الحقيقة وحين يبين أن الرابطة التي جمعت بين أبنائه لم تكن صنع قانون يفرض، ولم تُجتلب بغايات مادية ولم تدخل في نطاق المنفعة، بل صدرت عن العقيدة ونبعث من الأخوة، وتلك الآصرة لا تُشترى بشيء من الدنيا ولو كانت كل مافيها من أموال، ولكنها تنبع ببساطة من القلوب المؤمنة حتى تسيطر عليها العقيدة ويدفعها الإيمان.. يقول الله سبحانه: (وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألّفت بين قلوبهم، ولكن الله ألف بينهم).
وهذا ما حدث في المدينة فعلاً حين قام أول مجتمع إسلامي بعد هجرة المسلمين إليها، فكانت الأخوة بين المؤمنين الدعامة الأولى التي قام عليها المجتمع.. حيث أفلحت الأخوة في شدهم برباط متين من المحبة والإيثار.. فقد فتح أهل يثرب الذين اعتنقوا الإسلام قلوبهم لإخوانهم الذين وفدوا من مكة، على غير أرحام بينهم، بعيداً عن نطاق العصبية للقبيلة فقط، واتسعت ديارهم وأموالهم وأسواقهم لأولئك الذين هاجروا إليهم.
وهذا الذي قام به الأنصار نحو إخوانهم المهاجرين لم يصدر عن طبع أو كرم اعتاده العرب نحو من ينزل عليهم، ولكنه صدر عن إدراك لعلاقة جديدة أنشأها الإسلام بين أتباعه، هي أن المسلم أخو المسلم، وأن لتلك الأخوة حقوقاً تقتضيها، ليست عاطفة مجردة، بل هي تنظيم عملي للمجتمع الجديد يربط بين الأفراد برباط وثيق..
ولذا لم يتحرج المهاجرون من بقائهم في ديار الأنصار ومن اعتمادهم على عونهم فترة من الزمان، فقد قضت الأخوة على التقاليد الجاهلية التي لا تعرف ارتباطاً إلا بالقبيلة ولا تأوي إلا إلى العصبية والنسب.
قال أعداء الإسلام
التسلسل الكلمة الكاتب
18 "لكننا وجدنا أن الخطر الحقيقي علينا موجود في الإسلام وفي قدرته على التوسع والإخضاع وفي حيويته المدهشة" لورانس بروان
17 "من يدري؟ ربما يعود اليوم الذي تصبح فيه بلاد الغرب مهددة بالمسلمين يهبطون إليها من السماء لغزو العالم مرة ثانية، وفي الوقت المناسب" ألبر مشادور
16 "إذا اتحد المسلمون في إمبراطورية عربية، أمكن أن يصبحوا لعنة على العالم وخطراً أو أمكن أن يصبحوا أيضاً نعمة له، أما إذا بقوا متفرقين فإنهم يظلون حينئذ بلا وزن ولا تأثير" المنصر لورانس بروان
15 "إن الوحدة الإسلامية نائمة، لكن يجب أن نضع في حسابنا أن النائم قد يستيقظ" أرنولد توينبي
14 "إذا أعطي المسلمون الحرية في العالم الإسلامي وعاشوا في ظل أنظمة ديمقراطية فإن الإسلام ينتصر في هذه البلاد، وبالديكتاتوريات وحدها يمكن الحيلولة بين الشعوب الإسلامية ودينها" المستشرق الأمريكي "و ك سميث" (الخبير بشؤون الباكست
13 "و ماذا أصنع إذا كان القرآن أقوى من فرنسا" لاكوست (وزير المستعمرات الفرنسي عام 1962)
12 "لا يوجد مكان على سطح الأرض إلا واجتاز الإسلام حدوده وانتشر فيه؛ فهو الدين الوحيد الذي يميل الناس إلى اعتناقه بشدة تفوق أي دين آخر" هانوتو (وزير خارجية فرنسا سابقاً)
11 "إن الخطر الحقيقي على حضارتنا هو الذي يمكن أن يحدثه المسلمون حين يغيرون نظام العالم" سالازار
10 "إذا وجد القائد المناسب الذي يتكلم الكلام المناسب عن الإسلام، فإن من الممكن لهذا الدين أن يظهر كإحدى القوى السياسية العظمى في العالم مرة أخرى" المستشرق البريطاني مونتجومري وات
9 "إن أخشى ما نخشاه أن يظهر في العالم العربي محمد جديد" بن جوريون
8 "يجب أن نزيل القرآن العربي من وجودهم ونقتلع اللسان العربي من ألسنتهم، حتى ننتصر عليهم" الحاكم الفرنسي في الجزائر بعد مرور مائة عام على اح
7 "يجب أن ندرك أن الخلافات القائمة بيننا وبين الشعوب العربية ليست خلافات بين دول أو شعوب، بل هي خلافات بين الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية".. لقد كان الصراع محتدماً ما بين المسيحية والإسلام منذ القرون الوسطى، وهو مستمر حتى هذه اللحظة، بصور مختلفة. ومنذ قرن ونصف خضع الإسلام لسيطرة الغرب، وخضع التراث الإسلامي للتراث المسيحي.
إن الظروف التاريخية تؤكد أن أمريكا إنما هي جزء مكمل للعالم الغربي، فلسفته، وعقيدته، ونظامه، وذلك يجعلها تقف معادية للعالم الشرقي الإسلامي، بفلسفته وعقيدته المتمثلة بالدين الإسلامي، ولا تستطيع أمريكا إلا أن تقف هذا الموقف في الصف المعادي للإسلام وإلى جانب العالم الغربي والدولة الصهيونية، لأنها إن فعلت عكس ذلك فإنها تتنكر للغتها وفلسفتها وثقافتها ومؤسساتها. إن روستو يحدد أن هدف الاستعمار في الشرق الأوسط هو تدمير الحضارة الإسلامية، وأن قيام إسرائيل، هو جزء من هذا المخطط، وأن ذلك ليس إلا استمراراً للحروب الصليبية.
** أيوجين روستو رئيس قسم التخطيط في وزارة الخارجية الأمريكية ومساعد وزير الخارجية الأمريكية، ومستشار الرئيس جونسون لشؤون الشرق الأوسط حتى عام 1967م أيوجين روستو
6 لقد كان إخراج القدس من سيطرة الإسلام حلم المسيحيين واليهود على السواء، إن سرور المسيحيين لا يقل عن سرور اليهود ، إن القدس قد خرجت من أيدي المسلمين، وقد أصدر الكنيست اليهودي ثلاثة قرارات بضمها إلى القدس اليهودية ولن تعود إلى المسلمين في أية مفأوضات مقبلة ما بين المسلمين واليهود. راندولف تشرشل
5 كان قادتنا يخوفننا بشعوب مختلفة، لكننا بعد الاختبار لم نجد مبرراً لمثل تلك المخأوف.. كانوا يخوفنا بالخطر اليهودي، والخطر الياباني الأصفر، والخطر البلشفي.. لكنه تبين لنا أن اليهود هم أصدقاؤنا، والبلاشفة الشيوعيون حلفاؤنا، أما اليابانيون، فإن هناك دولاً ديمقراطية كبيرة تتكفل بمقأومتهم. لكننا وجدنا أن الخطر الحقيقي علينا موجود في الإسلام، وفي قدرته على التوسع والاخضاع، وفي حيويته المدهشة. لورانس برأون
4 في كتابه "العالم العربي المعاصر": إن الخوف من العرب، واهتمامنا بالأمة العربية، ليس ناتجاً عن وجود البترول بغزارة عند العرب، بل بسبب الإسلام. يجب محاربة الإسلام، للحيلولة دون وحدة العرب، التي تؤدي إلى قوة العرب، لأن قوة العرب تتصاحب دائماً مع قوة الإسلام وعزته وانتشاره. إن الإسلام يفزعنا عندما نراه ينتشر بيسر في القارة الأفريقية. مورو بيرجر
3 لما وقف كرزون وزير خارجية إنكلترا في مجلس العموم البريطاني يستعرض ما جرى مع تركيا، احتج بعض النواب الإنكليز بعنف على كرزون، واستغربوا كيف اعترفت إنكلترا باستقلال تركيا، التي يمكن أن تجمع حولها الدول الإسلامية مرة أخرى وتهجم على الغرب. فأجاب كرزون: (( لقد قضينا على تركيا، التي لن تقوم لها قائمة بعد اليوم .. لأننا قضينا على قوتها المتمثلة في أمرين: الإسلام والخلافة. فصفق النواب الإنكليز كلهم وسكتت المعارضة )) . كرزون وزير خارجية إنكلترا
2 إن الوحدة الإسلامية تجمع آمال الشعوب الإسلامية، وتساعد التملص من السيطرة الأوربية، والتبشير عامل مهم في كسر شوكة هذه الحركة، من أجل ذلك يجب أن نحوّل بالتبشير اتجاه المسلمين عن الوحدة الإسلامية. القس سيمون
1 إذا اتحد المسلمون في إمبراطورية عربية، أمكن أن يصبحوا لعنةً على العالم وخطراً، أو أمكن أن يصبحوا أيضاً نعمة له، أما إذا بقوا متفرقين، فإنهم يظلون حينئذ بلا وزن ولا تأثير… يجب أن يبقى العرب والمسلمون متفرقين، ليبقوا بلا قوة ولا تأثير.
أسباب التمزق و عقبات الوحدة :
إن من أهم مشاكل الوحدة الإسلامية حسب ما بينه القادة والمفكرون الإسلاميون أو ما هو واضح للمهتمين بها يتمثل في ثلاث عقبات رئيسية وأخرى فرعية. هي:
أولا النعرات القومية ثانياـ النعرات الطائفية ثالثاـ الحكومات المهزومة
أو تُوضّح على أساس الجوانب الحياتية كما في 1ـ الجانب العاطفي والنفسي 2ـ الجانب الفكري 3ـ الجانب السياسي.
أولاـ النعرات القومية ـ التعصب القومي والعنصري ظاهرة تسود كل المجتمعات الجاهلية فالمجتمع الجاهلي ينتقد القيم الإنسانية ويفتقد التربية الإنسانية ولذلك يعيش أفراده في مستوى منحط من التصورات والأفكار والقيم وتصبح مظاهر اللغة أو اللون أو النسب هي معايير التمييز والتفضيل بين أبناء البشر وتهبط قيمة كل المعايير الإنسانية الصحيحة فالرسالة الإسلامية (الإلهية) تستهدف فيما تستهدف طرح معايير وتصورات إنسانية في المجتمع كي يتجأوز الكائن البشري الأُطر الضيقة التي تؤطر فكر الإنسان الجاهلي مثل المرعى والقطيع. فالإسلام واجه في الجزيرة العربية كما ذكرنا مجتمعاً فرقته العصبيات القبلية واستفحلت فيه العداءات النسبية والعرقية من هنا كانت عملية القضاء على هذه النعرات والعصبيات من اصعب مهام القائد (الرسول الأكرم(ص) ) على طريق إنشاء المجتمع الموحد وعانى القائد ما عانى لاستتباب معيار التقوى في المجتمع الإسلامي بدل المعايير الجاهلية لكن الجاهلية الحديثة أعادت لنا تلك القبائل والعصابات بأسلوب جديد ومسميات جديدة معقدة محاطة بأطر ونظريات علماء الاجتماع الأوربيين واليهود والأمريكان ومحملة بكل الوسائل الرخيصة للقضاء على الإسلام فخلقت الفرقة وروح العداء بين أبناء الأمة الإسلامية .
ثانياـ النعرات الطائفية. الاتجاهات الفكرية والاجتهادية المختلفة ظاهرة شهدها العالم الإسلامي منذ فجر الإسلام بعضها طبيعي يعود إلى طبيعة المجتمع البشري وبعضها الآخر مفتعل استحدثه المغرضون لأهدافهم الخاصة وخلال عصور تاريخية مختلفة استغلت هذه الاختلافات لأغراض شخصية مِن قبل أفراد لا يؤمنون بالإسلام أصلا ولعبت السياسة على مرّ التاريخ الإسلامي دوراً كبيراً في بروز الاتجاهات الفكرية والفقهية أو ضمورها وهذه المسألة واضحة لكل باحث في التاريخ الإسلامي، والجانب الكبير من تفشي هذه النعرات يعود إلى جهل المسلمين فرعاع الناس كانوا دوماً وقود النزاعات الطائفية واداة بيد المغرضين يستغلون تعصبهم الأعمى إلى هذه الجهة أو تلك، فيثيرون المعارك والاشتباكات 0فلكي نخطو للأمام لابد أن تزول هذه النعرات الطائفية بين المسلمين وأن يحس المسلمون اجمع أن مشكلتهم واحدة هي طواغيت الأرض الذين انقضوا على امتنا الإسلامية وسلبوا ثرواتها.
ثالثاـ الحكومات المهزومة. بعد أن فشل الغزاة في فرض سيطرتهم المباشرة على العالم الإسلامي وضعوا خطة شاملة للسيطرة غير المباشرة على هذه الأمة شملت الجوانب السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية للمسلمين والذي ينهض بهذا الدور هو الحكّام الضعفاء في عالمنا الإسلامي فبعد أن تمزق العالم الإسلامي إلى دويلات متفرقة هنا وهناك اهتم الغزاة بتربية أفراد من هذه الأمة ليخلفوهم في تنفيذ مخطط التبعية ومارس هؤلاء دورهم بكل إخلاص فقمعوا كل حركة تحررية وقدموا ثروات الأمة المادية والمعنوية قرباناً بين يدي أسيادهم، إن هذه الحكومات رغم تصاغرها أمام الأسياد وخضوعها وتخاذلها أمام المستعمرين لكنها تقف من شعوبها موقف الطاغية الجبار المتفرعن وبذلك ينفصل الجهاز الحاكم عن شعبه ويحرم المجتمع من أحد أهم دعائم الوحدة وهي وحدة الحكّام والمحكومين.
كما ان هناك مشاكل وعقبات أمام الوحدة يمكن إيرادها على أساس أنها ثانوية وقد يعدّها البعض أو قد تصل في بعض الأحيان إلى أسباب أو مشاكل رئيسية هي:
1ـ وعاظ السلاطين، إن هذه الظاهرة في عالمنا الإسلامي ليست جديدة فقد برزت في تأريخنا الإسلامي مع بروز الانحراف عن الإسلام كما أنها لا تختص بالإسلام بل تظهر كلما عصفت الأهواء والأغراض بالرسالات الإلهية ومهمتهم هي إصدار الفتأوى التي تسند ذوي السلطة والنفوذ وتضفي عليهم الشرعية على انحرافهم وقد ظهرت ذروة المأساة حينما تولى زمام الأمور قيادات معادية للإسلام ومعادية لكل تحرك إسلامي بنّاء وهذه القيادات بدورها مارست كل ألوان الضغوط على علماء الدين كي يساعدوها على مسخ الإسلام والقضاء على الروح الإسلامية وحماية المشاريع الاستعمارية في بلاد المسلمين.
2ـ خلو ساحة الرسالة من القادة المبدئيين والأمة المؤمنة.
3ـ فشل الاطروحات الداعية للوحدة لأن اغلبها انطلقت من الأوساط المنحرفة عن الرسالة الإلهية.
4ـ عدم تشخيص السبب الرئيسي للصراع ومن ثم عدم الاستطاعة في تقديم العلاج الناجح.
5ـ استغل المستعمرون سلبيات الحكومات الضعيفة فطرحوا الأفكار البديلة للدولة الإسلامية مثل فكرة الدولة القومية خاصة أيام ضعف الحكم العثماني.
6ـ الهزيمة الداخلية بين قطّاع كبير من الأمة وذلك بعد الغزو الاستعماري من خلال الابتعاد عن القيم والتعاليم الإسلامية واللجوء إلى الثقافة الغربية الرامية إلى تفكيك الأمة والسيطرة عليها.

الخاتمة:
.
بعد تعريفنا للوحدة الإسلامية و الوقوف على نقاط مهمة منها الوحدة الإسلامية الأولى وما قاله الأعداء عنا و أسباب تمزقنا لا يسعنا بعد العمل على قيامها إلا أن نرفع أيدينا لخالقها و نتضرع إليه بأن يرحمنا برحمته و يرشدنا إلى الطريق السليم فليس ذنبنا أننا ولدنا في زمن ليس بزماننا و مكان غير مكاننا .

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف العاشر

قصة موسى عليه السلام مع العبد الصالح واجب الاسلامية الصف العاشر

بسم الله الرحمن الرحيم
الواجب الثاني :
نشاط رقم (7)
السؤال : ارجع الى قصة موسى عليه السلام مع العبد الصالح في سورة الكهف وبين منهج العبد الصالح في تعارض المصالح والمفاسد .
موسى (ع) والعبد الصالح

بسم الله الرحمن الرحيم
(ومن أظلم ممن ذكّر بأيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذاً أبداً)(1).
(وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين)(2)

الآيات القرآنية:
(وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقباً * فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا* فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا * قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن اذكره واتخذ سبيله في البحر عجباً * قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا * فوجدا عبداً من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما * قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا * قال إنك لن تستطيع معي صبرا * وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا * قال ستجدني إن شاء الله صابراً ولا أعصي لك أمرا * قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا * فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئاً إمرا * قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا * قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا * فانطلقا حتى إذا لقيا غلاماً فقتله قال أقتلت نفساً زكية بغير نفس لقد جئت شيئاً نكرا * قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا * قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا * فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا جداراً يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجراً * قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا)(3).

العناوين المشكلة:
44ـ موسى (ع) ينكث العهد.
45ـ موسى (ع) غير منضبط.
46ـ خطأ موسى (ع) في موقفه.
47ـ موسى (ع) لا يستفيد من التجربة الخاطئة الأولى.
48ـ موسى (ع) لم يفهم الحدث ولم يفكر.
49ـ علم الأنبياء والأئمة (ع) محدود بحدود مسؤولياتهم.
50ـ نسيان موسى (ع).
51ـ النسيان حالة اضطرارية.
52ـ موسى (ع) في دورة تدريبية.
53ـ عدم أهلية موسى (ع) لمرافقة الخضر"(4).

النصوص المشكلة:
".. وأحس موسى بالحرج الشديد لمخالفته للمرة الثانية ونكثه بالعهد، قال: إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني لأنني لن أكون أهلاً لمرافقتك فيما يمثله ذلك من عدم الإنضباط أمام الكلمة المسؤولة التي التزمت بها أمامك".
"وها هو يعود إلى الإخلال بكلمته من جديد".
".. (ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا) ولماذا لم تستفد من التجربة الأولى التي عرفت فيها خطأ موقفك في اهتزاز مشاعرك أمام الحدث الذي لم تفهمه، ولم تفكر بأن من الممكن أن يكون له وجه آخر".
"ففي قصة الخضر هو العبد الصالح، هي أن الله أراد أن يدخل موسى في دورة تدريبية.. حتى يفهم الجانب الثاني من الصورة".
"أما هذه الجوانب فلا دليل على ضرورة إحاطته بها، ولا يمنع العقل أن يكون لشخص حق الطاعة في بعض الأمور التي تحيط بها على الناس الذين يملكون إحاطة في أشياء أخرى لا يحيط بها، ولا تتعلق بحركة المسؤولية، وربما كانت هذه القصة دليلاً على صحة هذا الرأي الذي نميل إليه".
"قال لا تؤاخذني بما نسيت من عهدي لك، هذا موقف ثان للنسيان يعيشه موسى في ذاته، لأن النسيان حالة اضطرارية لا يملك الإنسان معها عنصر الاختيار"(5).
1-سورة الكهف / الآية 57.
2-سورة الشعراء / الآية 5.
3-سورة الكهف / الآية 60 و 82.
4-خلفيات ج 1 ص 98 و 99.
5-خلفيات ج 1 ص 91 و 100.
اسم المدونة : مدونة مكتبة العقائد الامامية

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف العاشر

تقرير عن الاقليات الاسلامية في البلدان الاجنبية للصف العاشر

هلا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ابى تقرير عن الاقليات الاسلامية في البلدان الاجنبية

هذة اول مرة اطلب فرجاء لاتخذلوني

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الحادي عشر

بور بوينت حكم استغلال الوظيفة الحكومية التربية الاسلامية _ الامارات للصف الحادي عشر

بور بوينت حكم استغلال الوظيفة الحكومية التربية الاسلامية _ الامارات
السلام عليكم
<<بالمرفقات

باسبورد فك الضغط
uae.ii5ii.com

الملفات المرفقة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الحادي عشر

بور بوينت الضرورات الخمس _ فصل دراسي الثاني التربية الاسلامية _ الامارات للصف الحادي عشر

السلام عليكم
اضغط على الصورة للتحميل

باسبورد فك الضغط : uae.ii5ii.com

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الحادي عشر

نموذج امتحان تجريبي , التربية الاسلامية , 2022 ,2022 , الحادي عشر , الفصل الثالث للصف الحادي عشر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

اقدم لكم نموذج امتحان تجريبي لمادة التربية الاسلامية ..

للصف الحادي عشر , الفصل الثالث..

منطقة الفجيرة التعليمية

هــنــا

حاولت ارفعه بالمرفقات طلع الحجم كبير..

نفع الله بها العباد..

موفقين ان شاء الله..

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الحادي عشر

تقرير / بحث : الحضارة العربية الاسلامية – تاريخ – حادي عشر ادبي للصف الحادي عشر

اتمنى ان تنال اعجاب الجميع ويووجد في المرفقات مع الصور

الحضارة العربية الإسلامية

المقدمة
لقد كان الإسلام منذ نشأته على صلة مباشرة بأربع مدنيات كبيرة هي البيزنطية، والساسانية الفارسية، والهندية، والصينية، كذلك فإن الشعب الذين فتحوا مساحات شاسعة شملت ما بين جبل طارق والصين كانوا يتسلحون بثلاث عوامل هامة هي: الذكاء، والنشاط، والروح العالية، وبالنسبة للعامل الأول وهو الذكاء الحاد الذي يهدف إلى الوسائل البناءة، والعامل الثاني وهو الدافع الروحي القوي الذي بعثه الحماس الديني، وكان العامل الثالث هو تلك الهبة غير العادية لفهم الجمال والخلق والقوة المعبرة والذي كان بلا شك منشأ تلك الدرجة العالية من تقدير الفكر والميزات الروحية.
وكنتيجة لكل ذلك أصبح للإسلام واحدة من أعظم وأهم المدنيات والحضارات، وبعد أن امتدت الدولة الإسلامية واستقرت أحوالها فإن الحماس الجماعي القوي للعرب قد دفعهم إلى القيام بتجميع الإنجازات الفنية والعلمية والصناعية و الاقتصادية والصحية والأدبية والفنون والفلسفة.

الموضوع
اعتمدت الدولة الإسلامية على شعوب البلاد المفتوحة. وكانت هذه الشعوب عريقة في حضارتها، فهناك الحضارة الساسانية التي سادت العراق وفارس، وكانت تحتفظ بتراث أسيوي خاص ساهمت في تكوينه الحضارتان الصينية والهندية بنصيب وافر. وهناك الحضارة البيزنطية التي سادت في الأقطار المطلة على حوض البحر المتوسط، وهي حضارة ذات أصول يونانية شرقية، لأن البيزنطيين والرومان من قبلهم، كانوا تلاميذ لليونان، وكانت الإسكندرية وحران والرها ونصيبين وإنطاكية من أهم مراكز الثقافة اليونانية الرومانية.
فالعرب، رغم تراثهم العريق القديم الذي تمثل، في حضارات معين وسبأ وحمير في بلاد اليمن، وحضارة الحجاز التي اشتهرت بنشاطها التجاري والديني، إلا أنهم وجدوا في البلاد التي فتحوها حضارات متطورة راقية، لها إدارات حكومية منظمة، ونظم اقتصادية متفوقة في الزراعة وأعمال الري والصناعة، وفي ميادين العلوم العقلية والتجريبية كالرياضيات والفلك والفيزياء، فاغترفوا منها بما يتفق مع تقاليدهم وعقيدتهم.
الدولة الإسلامية باعتمادها على هذه الشعوب، عملت على مزجها وصهرها في البوتقة الإسلامية. وهذا الاتحاد هو السر في تلك النهضة العلمية العجيبة التي امتدت من قيام الدولة العباسية إلى نهاية القرن الرابع الهجري. فان كان للدولة العربية الإسلامية في صدر الإسلام، فضل الفتوح والانتشار والاتصال بالحضارات القديمة مما أدى إلى ظهور المنابت الأولى للحضارة الإسلامية في أواخر عهدها، فإن للدولة العباسية فضل رعاية هذه المنابت الحضارية والعمل على تنميتها وازدهارها. فالمسلمون نقلوا وترجموا وعربوا هذا التراث القديم إلى لغتهم العربية حتى إذا ما استوعبوا ما نقلوه، أخذوا ينتجون ويبدعون ويضيفون، حتى قدموا للعالم ما عرف بالحضارة العربية الإسلامية، وهي الحضارة التي توفرت لها تلك المزايا الثلاث التي لا تتوفر إلا في الحضارات الكبرى وهي:
الامتياز، والأصالة، والإسهام في تطور البشرية.
لهذا أجمع العلماء على أن الحضارة الإسلامية تحتل مكانة رفيعة بين الحضارات الكبرى التي ظهرت في تاريخ البشرية، كما أنها من أطول الحضارات العالمية عمراً، وأعظمها أثراً في الحضارة العالمية.
وتبدأ هذه النهضة الحضارية في العراق بعد أن أسس الخليفة العباسي "أبو جعفر المنصور" مدينة بغداد (145- 149 هـ) وجعلها عاصمة لدولته، ومقراً للخلافة فصارت مدينة دولية واكتسبت صفة عالمية، وسكنتها عناصر من مختلف الأجناس، والملل والنحل، إسلامية وغير إسلامية، فهناك الفرس والهنود والسريان والروم والصينيون وغيرهم. وكل هذه العناصر لم تسكن بغداد بأشخاصها فقط، بل بثقافاتها وتجارتها وعلمها وفنها، فعربت ألفاظ يونانية وفارسية وهندية كثيرة. وترجمت عن اليونانية "حكم سقراط وأفلاطون وأرسطو"، وظهرت كتب الأدب العربي مثل عيون الأخبار لابن قتيبة، والبيان والتبيين للجاحظ.
وفي خلافة أبي جعفر المنصور (136- 158 هـ) ترجمت بعض أعمال العالم السكندري القديم بطليموس القلوذي (ت 17 م)، ومن أهمها كتابه المعروف، باسم "المجسطي ". أي الكتاب الأعظم في الحساب، والكتاب عبارة عن دائرة معارف في علم الفلك والرياضيات. وقد أفاد منه علماء المسلمين وصححوا بعض معلوماته وأضافوا إليه.
وعن الهندية، ترجمت أعمال كثيرة مثل الكتاب الهندي المشهور في علم الفلك والرياضيات، "براهمسبهطسدهانت " وتختصر بسد هانتا أي " المعرفة والعلم والمذهـب ". وقد ظهرت الترجمة العربية في عهد أبي جعفر المنصور بعنوان "السند هند" وهو تحريف للعنوان الأصلي. ومع كتاب "السند هند" دخل علم الحساب الهندي بأرقامه المعروفة في العربية بالأرقام الهندية فقد تطور على أثرها علم العدد عند العرب، وأضاف إليها المسلمون نظام الصفر، والذي لولاه لما فاقت الأرقام العربية غيرها من الأرقام،ولما كان لها أية ميزة، ولما استطعنا أيضاً أن نحل كثيراً من المعادلات الرياضية من مختلف الدرجات، فقد سهل استعماله لجميع أعمال الحساب، وخلص نظام الترقيم من التعقيد، ولقد أدى استعمال الصفر في العمليات الحسابية إلى اكتشاف الكسر العشري الذي ورد في كتاب مفتاح الحساب للعالم الرياضي المسلم جمشيد بن محمود غياث الدين الكاشي(ت 840 هـ1436 م)، وكان هذا الكشف المقدمة الحقيقية للدراسات والعمليات الحسابية المتناهية في الصغر، لقد كانت الأرقام العربية بصفرها وكسورها العشرية بحق هدية الإسلام إلى أوروبا. ومن هذا الكتاب أيضاً استخرج العالم "إبراهيم الفزاري "- الذي أشرف على ترجمته- جدولاً حسابياً فلكياً يبين مواقع النجوم ويحسب حركاتها وهو ما يعرف باسم "الزيج ". أما الآلة الفلكية التي تستخدم لرصد الكواكب، فكانت تسمى "بالاصطرلاب ". ويعتبر إبراهيم الفزاري أول من صنع الاصطرلاب من المسلمين.
وعن الفارسية، ترجم كتاب "كليلة ودمنة" الذي كان هندياً في الأصل ثم ترجم إلى الفارسية وعنها نقله "عبد الله بن المقفع " إلى العربية في خلافة المنصور أيضاً. هذا إلى جانب ترجمته لعدة كتب أخرى في تاريخ وأدب الفرس ونظمهم وتقاليدهم. ومن المعروف أن الخليفة العباسي المأمون قد أوكل إلى سهل بن هارون، ترجمة الكتب الفارسية. كذلك نذكر كتاب "هزار افسانه " ومعناه ألف خرافة، إذ أن الخرافة بالفارسية يقال لها افسانه، والناس يسمون هذا الكتاب ألف ليلة وليلة وهو خبر الملك والوزير وابنته وجاريتيها وهما شيرازاد ودينازاد، ويبدو أن هذه القصص وصلت إلى المسلمين عن طريق الفرس، ويظهر في بعضها أثر أفكار الهنود في الأرواح وتناسخها، وقد وضعت هذه القصص في قالب عربي إسلامي في العصر العباسي الأول ثم زيد فيها في العصر الفاطمي بحيث لم يتبق من التأثير الفارسي سوى بعض الأسماء الفارسية. والشاهنامة للفردوس التي ترجمها نثرا الفتح بن علي البنداري سنة 697 هـ/1297 م، وهناك أيضا لعبة الشطرنج الهندية الأصل والتي انتقلت عن طريق الفرس إلى المسلمين، وألفت فيها كتب بالعربية وصار لها انتشار كبير في عالم الإسلام.
وفي خلافة هارون الرشيد (170 هـ/ 786،ـ 193هـ / 808 م) أسس في بغداد في بيت الحكمة" لأعمال النقل والترجمة، الذي ازدهر في عهد ولده عبد الله المأمون (198هـ/813م- 218 هـ/833 م)، فترجمت فيه أمهات الكتب اليونانية القديمة، وأقيمت فيه المراصد، ورسمت فيه الرسوم (الخرائط) الجغرافية على أحدث ما توصل إليه العلم في الأرصاد وأعمال المساحة. كما تخرج منه مشاهير العلماء أمثال " محمد بن موسى الخوارزمي (ت 232 هـ – 846 م) " الذي عهد إليه المأمون بوضع كتاب في علم الجبر، فوضع كتابه " المختصر في حساب الجبر والمقابلة"، وهذا الكتاب هو الذي أدى إلى وضع لفظ الجبر وإعطائه مدلوله الحالي. فالجبر إذن، علم عربي سماه العرب بلفظ من لغتهم، والخوارزمي هو الذي خلع عليه هذا الاسم الذي انتقل إلى اللغات الأوروبية بلفظه العربي ولقد ترجم كتاب الخوارزمي إلى اللغة اللاتينية في سنة 1135 م بواسطة مستعرب إنجليزي اسمه " روبرت أوف تشستر درس وعاش في أسبانيا حيث كان أسقف بامبلونه ، ومن هناك انتقلت ترجمته إلى أوربا حيث ظلت تدرس في جامعاتها حتى القرن السادس عشر الميلادي. كما انتقلت الأرقام العربية إلى أوربا عن طريق مؤلفات "الخوارزمي ".
هذا وتظهر عبقرية "الخوارزمي " في " الزيج " أو الجدول الفلكي الذي صنعه وأطلق عليه اسم "السند هند الصغير،،وقد جامع فيه بين مذهب الهند، ومذهب الفرس، ومذهب بطليموس (اليونان)، فاستحسن أهل زمانه ذلك وانتفعوا به مدة طويلة فذاعت شهرته وصار لهذا الزيج أثر كبير في الشرق والغرب.
وللخوارزمي مأثرة أخرى، وهي أنه رسم للمأمون خريطة كبيرة للعالم المعمور على أيامه، كما وضع كتاباً جغرافياً بعنوان "صورة الأرض " اعتمد فيه على كتاب المجسطي لبطليموس مع إضافات وشروح وتعليقات. وقد نشر هذا الكتاب وترجم إلى الألمانية سنة 1926 م.
وفيما يتعلق بمجال الطب فقد احتل الإسلام مكان الصدارة بين الدول وأرسى قاعد قوية ووضع الأساسات لحضارتنا ومدنيتنا.
وقد كان في بغداد ستة آلاف دارس للطب وحوالي ألف ممارس طبي، ثم بعد مضى مائة عام أخرى وجد في دمشق مستشفى مركزي تتبعه كلية كبيرة للطب. وفي ذلك الوقت أيضاً أقيم أيضاً المستشفى الكبير في القاهرة والذي ضم عدة أبنية وأربعة حدائق واسعة وقد زود بالموسيقى لراحة المرضى، كما كان يدفع للمريض الذي يشفى خمس قطع ذهبية لتمكنه من مراعاة صحته خلال فترة النقاهة. ويتضح من هذا أن المستشفيات كانت ابتكاراً إسلامياً.
وقد توصل الأطباء المسلمون إلى آراء جديدة في الطب تخالف آراء القدماء في معالجة كثير من الأمراض، واستخدموا في مستشفياتهم الكاويات في الجراحة، ووصفوا صب الماء البارد لقطع النزف أو معالجة الحميات، وعالجوا الأورام الأنفية وخياطة الجروح، وقطع اللوزتين، وشق أوراق الحلق، وقطع الأثداء السرطانية، وإخراج الحصاة من المثانة، وجراحة الفتق وجراحة العيون، وإخراج الجنين بالآلة، وإخراج العظام المكسورة، واستخدام المرقد (البنج) (ويدخل في تركيبه الأفيون والحشيش وست الحسن) كما فرقوا بين الحصبة والجدري… الخ.
وكان العرب أول من اهتدى إلى القول بأن الأوبئة تنشأ عن تعفن ينتقل عن طريق الهواء والمخالطة وسمو الأمراض المعدية بالسارية ، ودليلها عندهم أن من خالط مريضًا بها أو لبس ثيابه انتقلت إليه عدواه.
وعالج العرب الجنون علاج الأمراض الطبيعية، وكان يسمى عند الإفرنج بالمرض الالهي أو الشيطاني لأنهم حسبوه من إصابات الأرواح أو الشياطين . ولقد أورد صاحب عيون الأنباء في طبقات الأطباء ، من أسماء الأطباء العرب ، مانيف عن الثلاثمائة ، هذا عدا كثير من الذين لم يتح لهم حظ الشهرة وذيوع الصيت ، ويعترف الفيلسوف الألماني "هومبولد" بأن العرب قد أبدعوا شيئًا كثيرًا في الطب ، وأوجدوا علم الصيدلة الكيماوية ، وعرفوا كثيرًا من النباتات الطبية ، والتي أضيفت إلى ما كان يعرفه الأغريقيون جاءت في كتب ابن سينا وابن داود وابن البيطار وغيرهم .
وحرص الخلفاء وأهل اليسار على إقامة المستشفيات والمعاهد لتعليم الطب ودور لعلاج المرضى ، وكان أول من أقامها في الإسلام هو الوليد بن عبد الملك (عام 88هـ / 706م) وقد قرر بها الأطباء وأجرى عليها الأرزاق . ثم عرفت حواضر الإسلام المستشفيات الثابتة والمتنقلة مه انتشار الأوبئة والأمراض ، أو تنقل الخلفاء والأمراء؛ وقد زودت بصنوف الأدوية وأنواع الطعام والشراب والملابس والصيادلة والأطباء – وكان في كل مستشفى جناح للذكور وآخر للإناث؛ وخُصِّصَ لكل نوع من الأمراض جناح خاص بمرضاه ، وألحقت بكل مستشفى صيدلية تضم أنواع الشراب والمعاجين والأدوية ، ويشرف عليها رئيس يتبعه معاونون ، ويقيم المريض بالمستشفى أو يأخذ معه الدواء إلى بيته إذا لم يقتض مرضه الإقامة. ويتفقد الأطباء مرضاهم في الأقسام التي يقيمون بها؛ وكانت تحبس الأوقاف على المستشفيات ، وترصد لها الأموال وينفق عليها في سخاء ؛ وإذا فرغ الأطباء من أعمالهم مضوا إلى خزائن الكتب في مشتشفياتهم أو دورهم وأكبوا على القراءة لتكون عونًا لهم في ممارسة مهنتهم ؛ وإذا دخل المريض المستشفى نزعت عنه ثيابه وحفظت مع نقوده عند أمين المستشفى ثم ألبس ثياب المستشفى وقدم له العلاج والغذاء والدواء بالمجان حتى يبرأ من مرضه . وعلامة ذلك أن يقوى على أكل فروج ورغيف ؛ وعندئذ يعطى له مال وثياب ويؤذن له في الخروج ، كما كان يحدث في مستشفى البيمارستان العتيق الذي أنشأه أحمد بن طولون عام 259هـ / 872م .
ومن أمثلة دور العلم الطبية (دار ابن سينا)، فكان يجتمع فيها طلبة العلم، منهم من يقرأ في كتاب القانون، وآخر يقرأ في طرق الشفاء، وكان التدريس يتم ليلاً لعدم وجود فراغ خلال النهار بسبب خدمة السلطان والأمراء، ومن أهم المدارس الطبية أيضًا المدرسة الدخوارية بالشام، التي أنشأها أبو محمد بن علي بن حامد المعروف بالدخوار، وكان كحالاً (أي طبيبًا للعيون)، وتتلمذ على يديه كثير من أطباء دمشق، وكان أستاذًا ببيمارستان النوري الكبير، ثم بعد وفاته أوقفت داره وجعلت مدرسة للطب، وكذلك المدرسة الدينسرية التي أنشأها عماد الدين الدينسري، ولكن دور العلم والمدارس الطبية لم تف بالغرض المطلوب؛ لأن الطب من العلوم التجريبية التي لا تصلح لها هذه المعاهد، فكان لابد من الدراسة العملية، ولذلك ظلت البيمارستانات هي كليات الطب المفضلة لتدريس المقررات للطالب، حيث إنها مكان تتوافر فيه الحالات المرضية وطرق العلاج.
والبيمارستان هي كلمة فارسية تتكون من شقين "بيمار" بمعنى المرض، و"ستان" بمعنى مكان، أي أن معناها مجتمعة "مكان المرض" ثم حورت في العصور الحديثة إلى كلمة مارستان، أصبحت لفترة طويلة تطلق على دور العلاج العقلي، حتى صارت التعبير العامي لهذا النوع من المستشفيات.

بذلك أنشئت المدارس الطبية العلمية، أو البيمارستانات التعليمية، وأهمها البيمارستان المقتدري في القرن الرابع الهجري في بغداد، وقد هدمه المغول، والبيمارستان النوري الكبير في دمشق (في القرن السادس الهجري) ، والبيمارستان العضدي في بغداد، والمنصوري بالقاهرة، الذي أنشأه المنصور سيف الدين قلاوون، (في القرن السابع الهجري)، وكان يشرف على البيمارستان ويدرس الطب فيه علماء شهد لهم التاريخ؛ ففي البيمارستان العضدي كان ابن بطلان، وابن التلميذ، وسنان بن قرة ، وفي المقتدري كان الواسطي. وفي النوري: ابن الدخوار، وابن النفيس، وابن أبي أصيبعة.
أما بيمارستان قلاوون في القاهرة فكان أعظم مستشفى، وكلية طبية في تاريخ مصر خلال العصور الوسطى، وكان يشرف على رئاسته كبير أطباء، وهو ما يقابل اليوم عندنا "عميد كلية الطب"، وكان يتم اختياره من كبار الأطباء، وأحسنهم سمعة وعلمًا، وكان الإشراف على البيمارستان يعتبر من وظائف الدولة المهمة ولرئيسه حق مقابلة السلطان في أي وقت، كما كان للبيمارستان قسمان: قسم للرجال، وآخر للنساء، وكل قسم من الأقسام الداخلية يشمل تخصصات عدة مثل: طب العيون – الجراحة – الإسهال والحمى – الأمراض العقلية والنفسية…إلخ.
كما كان قسم خارجي يتردد عليه حوالي 4000 مريض يوميًا يصرف لهم أصناف جيدة من العلاج، وكان كل قسم يشرف عليه رئيس، وكان لرئيس الأطباء ورؤساء الفروع فقط الإذن بمزاولة فنون الطب لمن يرونه صالحًا من الطلاب الدارسين بالبيمارستان، وكان يعاون المدرسين أو الأساتذة طوائف المعيدين، فنظام المعيدين هو أصلاً من ابتكار التعليم الإسلامي، وكان للمعيد واجبات منها ما ذكره القلقشندي (إذا ألقى المدرس الدرس وانصرف أعاد الطلبة ما ألقاه المدرس ليفهموه ويحسنوه).
كان الالتحاق بالمدرسة الطبية أو البيمارستان سهلاً، إذ يذهب الطالب إلى حيث يجلس الأستاذ، ويستمع إليه، والطالب حر في اختيار مقررات الدراسة، بل ودراسة ما يرغب فيه وحرية التنقل من أستاذ إلى آخر، حتى تكون الدراسة على هواه، ولا تفرض عليه في هيئة برامج أو مقررات إجبارية، ولم يكن الأمر فوضى كما قد يتبادر إلى الذهن، ولكن كانت هناك كتب أساسية يجب أن يدرسها الطالب، ولا يمكنه الحصول على إجازته إذا لم يتقن هذه الكتب.
ومن مشاهير الأطباء الذين برزوا في العصر العباسي الأول نذكر الطبيب "جورجيوس ابن بختيشوع " الذي استدعاه الخليفة المنصور من "جنديسابور" (شرقي البصرة) لعلاج معدته التي كان يشكو منها. وبعد معالجة قصيرة شفي على يديه، فجعله طبيبه الخاص فكان ذلك أول صلة بين بلاط بغداد وبين أسرة "بختيشوع " التي لعبت بعد ذلك دوراً هاماً في البلاط العباسي وفي الحضارة الإسلامية.
وفي أيام المعتصم وولديه الواثق والمتوكل، برز الطبيب "يحيى بن ماسويه(ت 243 هـ) " الذي تنسب إليه مؤلفات طبية عديدة من أهمها: "كتاب دغل العين" أي ما يضر العين ويؤذيها، وهو أول كتاب عربي في علم الرمد. كذلك يؤثر عن هذا الطبيب أنه كان يدرس التشريح عن طريق تقطيع أجسام القردة، وكان الخليفة المعتصم يعتمد على مشورته، ولهذا كان يحتفظ ببنية قوية. ويعرف " ابن ماسويه " في الغرب باسم "ماسو الكبير" .
كذلك نذكر الطبيب اللامع "حنين بن إسحاق (ت 260 هـ ) الذي عرف عند علماء الغرب باسم "يوهانيتس" درس "حنين " الطب على أستاذه "يحيى بن ماسويه" ثم واصل دراسته في بلاد الروم والإسكندرية وفارس، والف كتباً كثيرة أهمها كتاب في الرمد باسم "العشر مقالات في الـعين "، وكتاب " السموم والترياق "، وكتاب في أوجاع المعدة، وكتاب في الحميات، وكتاب في الفم والأسنان. وهذا الكتاب الأخير أعجب به الخليفة الواثق لأنه يصف الفم والأسنان وصفاً دقيقاً. وقد نقل المسعودى في كتابه "مروج الذهب (ج 4 ص 80- 81) " قسماً منه، ذكر فيه أن عدد الأسنان في الفم اثنتان وثلاثون سناً، منها في اللحى (الفك) الأعلى " ستة عشر سناً، وفي اللحى الأسفل كذلك.
يقول البيروني(ت 1050م) إن الصيدلي أو الصيدلاني يراد به : المحترف بجمع الأدوية على إحدى صورها ، واختيار الأجود من أنواعها مفردة أو مركبة ، على أفضل التراكيب التي خلدها أهل الطب ، فهو الذي يجمع الأعشاب التي تستخدم في العلاج ، والدواء وهو العقار في الصيدلية ، ويراد بالأقرباذين تركيب الأدوية المفردة وقوانينها.
وقد صح عند الباحثين من الغربيين أن العرب هم الذين ابتدعوا فن الصيدلة ، وأنهم أول من اشتغل بتحضير الأدوية الطبية ، وقد جدوا في البحث عن العقاقير في مظانها المختلفة ، وابتكروا الكثير جدًا من أنواعها ؛ وعنهم أخذت أوربا هذا الفن ، ولا يزال الكثير من العقاقير يحتفظ في اللغات الأوربية بأسمائه العربية ، وكان العرب أول من ألف الأقرباذين على النحو الذي يعرف به في أيامنا الحاضرة .
والعرب هم الذين ارتقوا بالصيدلة من مستوى مجرد تجارة العقاقير والتوابل إلى إنشاء مدارس للصيدلة وحوانيت للصيدلة (الأجزاخانات) وكان أول من وضع الأقرباذين سابور بن سهل المتوفي عام 255هـ ، وأمين الدولة ابن التلميذ المتوفى عام 560هـ . كما وضعوا الكتب الصيدلية الخاصة بالتراكيب أي الأقرباذين . وللدلالة على طول باعهم في هذا المجال هو تأليف دساتير الأدوية ، ونذكر نخبة من أشهرها : الحاوي للرازي ، قانون ابن سينا ، وتذكرة داود الانطاكي ، والجامع المفردات الأدوية والأغذية لابن البيطار ، وكتاب الصيدلة للبيروني ، وكتاب العقاقير للبيروني .
وكان العرب أول من أدخل التقييم المهنى للصيدلة فعينوا لكل مدينة عميدًا للصيادلة ، كما أدخلوا الوصفة الطبية وعلى الطبيب أن يحررها ويكتب الأدوية عليها ؛ كما أدخلوا نظام إجازة الممارسة أسوة بما هو معمول بالطب بحيث لا يسمح للصيدلي بممارسة المهنة إلا بعد اجتيازه الامتحان أمام المحتسب ، وتقييد اسمه في جدول الصيادلة الخاص لذلك .
وهم أول من منع تدخل الصيدلي بأمور الطبيب ومنعوا الطبيب من امتلاك صيدلية أو التعاطى بالأدوية. وهم أول من وضع نظاماً لمراقبة الأدوية وفرضوا تسعيرة الأدوية كما حذروا الصيادلة من بيع السموم الضارة ، وكان يقوم بالتفتيش على الصيدليات المحتسب بشكل دوري ، وربما أسبوعي وأحيانا برفقة الشرطة لمنع الغش والتدليس .
ومن الأعمال التي قام بها الصيادلة العرب تحسين ذوبان وطعم الأدوية ، وأدخلوا تحضيرات جديدة كالمربيات والأشربة الحلوة والمستحلبات . وهم أول من استعمل الوسائل المعطرة بماء الورد والبرتقال والياسمين والليمون واليانسون ؛ وقد حسن العرب المراهم والأدهان والمعاجين واللدائن في معالجة الأمراض الجلدية ، وكانوا أول من غلف الأقراص بالسكر والفضة، حتى يصير طعمها مقبولاً ، كما حضروا الأقماع والتحاميل .
اتجه جمهرة القدماء إلى البحث في خصائص الأشياء ، وتحويل المعادن الخسيسة – من رصاص وحديد وقصدير – إلى ذهب أو فضة . ولهذا اقترنت بحوثهم بالسرية والرمزية والغموض . وسرى هذا التيار عند بعض مفكري العرب في عصورهم الوسطى، ولكن الكثيرين منهم قد انصرفوا عن ذلك إلى الاتجاه ببحوثهم الكيميائية اتجاهًا تجريبيًا واضحًا .
ويكاد ينعقد الرأى اليوم عند الباحثين من الغربيين على أن العرب هم مؤسسو الكيمياء علمًا تجريبيًا شأن غيره من العلوم الطبيعية ؛ فهم الذين خلصوا دراساتهم من السرية والغموض والرمزية التي لازمتها عند أسلافهم – من علماء الإسكندرية بوجه أخص – واصطنعوا فيها منهجاً استقرائيًا يعتمد على الملاحظة الحسية والتجربة العلمية . وقد استخدموا الموازين والمكاييل وغيرها من الآلات تحقيقًا للدقة والضبط ؛ وكانت هذه وثبة جريئة واعية في التمكين لمنهج البحث العلمي الصحيح .

في دراسات العرب في علم الطبيعة تتمثل خصائص المنهج العلمي التجريبي السليم . ومن أعلام هذا الاتجاه الحسن بن الهيثم (ت 1029م) وأبو الريحان البيروني (ت 1048م) فأما أولهما فقد كان عالماً رياضيًا قدر له أن يكون منشىء علم الضوء غير منازع ، إذ ميزت دراساته دقة أوصافه للعين وإدراك الرؤية وتفسير الانكسار الجوي والرؤية المزدوجة .
وقد درس بمنهجه العلمي الدقيق انعكاس الضوء ووضع نظرية كانت إجابة على هذا السؤال: إذا كانت لدينا مرآة اسطوانية وشيء آخر يشبه النقطة ، فكيف نحدد الوضع الذي تتخذه العين لترى هذا الشيء في المرآة ؟ وكانت إجابة ابن الهيثم في صورة معادلة من الدرجة الرابعة حلها عن طريق خط تقاطع دائرة وقطاع زائد . وهكذا بدت نزعة العلمية الدقيقة في نظريته في انعكاس الضوء .
وكان من رأيه أن الضوء ينشأ من المرئيات ولا ينبعث من العين ليلمسها كما ظن – خطأ – أسلافه من القدماء. وأعظم كتبه في هذا المجال هو "المناظر"، وقد ترجم "فردريك رستر" هذا الكتاب إلى اللاتينية ونشر في مدينة بازل بسويسرا عام 1572م بعنوان "كنز البصريات "وأثر تأثيرًا بالغًا في وايتلو (1207م) وروجر بيكون ( 1292م) وليونارد دافنشي(1519م) وكلير(1630م) وغيرهم من علماء أوربا المعروفين.
أما البيروني فقد كان بدوره من أشهر علماء الطبيعة والرياضة . وقد توصل في ضوء منهجه العلمي إلى تقديرات للثقل النوعي وأبعاد الأرض ، وظواهر الشفق وكسوف الشمس ونحوها من ظواهر ، في دقة أثارت الباحثين من الغربيين ، حتى قال عنه المستشرق أدور سخاو: إنه أعظم عقلية عرفها التاريخ. واستخدم البيروني في تقديراته للثقل النوعي جهازه المخروطي الذي يعد أقدم مقياس للكثافة .
والخازن وهو أحد علماء النصف الأول من القرن الثاني عشر – وصف الموازين ، وله كتاب ميزان الحكمة وبه وصف دقيق للموازين التي كان يستعملها المسلمون في تجاربهم ، ومنها ميزان توزن فيه الأجسام في الهواء والماء . ويشتمل الكتاب كذلك على الكثير من الأوزان النوعية للمعادن والسوائل وسائر المواد الأخرى .
وللخازن أيضًا نظريات في الضوء . وقد لاحظ من ألف سنة انكسار الأجسام عند انغماسها في الماء ، وقد ترجمت كتب الخازن إلى اللاتينية ثم إلى الايطالية في وقت مبكر واستعان بها رجال العلم في أوربا . واستقى روبرت جروستست (1175-1253م) أسقف لنكولن الذي يعتبر أول مثل بارز لعلماء الطبيعة في غرب أوربا في أوائل القرن الثالث عشر معلوماته من ترجمة لاتينية لكتاب الخازن. كذلك أخذ روجر بيكون .
ولقد ساعدت أفكار البيروني وابن سينا في الجاذبية الأرضية نيوتن ، ومهدت له سبيل الكشف لقانون الجاذبية وتعليل الثقل على الأساس العلمي الحديث.
كما وجه العرب جانبًا كبيرًا من اهتمامهم بالعلوم إلى الرياضيات . فذاعت دراستها لديهم ونبغوا فيها، وتقدموا في أبحاثها تقدمًا سريعًا جوهريًا ، وأضافوا إلى ما نقلوه عن اليونان والهنود الكثير مما لم يكن معروفًا من قبل .
ترجم العرب رسائل هندية في الفلك وعنها عرف العرب الأرقام الهندية التي هذبوها وسلموها إلى أوربا فعرفت باسم الأرقام العربية . وقد استخدم محمد بن موسى الخوارزمي هذه الأرقام في جداوله الرياضية وقد أطلق اسمه على الطريقة الحسابية التي تقوم على النظام العشري، كما أنه أسهم في تقدم الحساب والجبر بكتابه المنظم المبتكر "حساب الجبر والمقابلة" وقد نقله إلى اللاتينية في النصف الأول من القرن الثاني عشر "ادلار أوف بات" الذي درس العربية في مدارس الأندلس ، ونشره تحت عنوان الفورتمي نسبة إلى اسم صاحبه العربي .
وفي عام 976م رأى محمد بن أحمد الخوارزمي (ت 387هـ/997م) في كتابه مفاتيح العلوم أن العمليات الحسابية إذا خلت من رقم في مكان العشرات ، تعين وضع دائرة صغيرة حتى تساوى الصفوف ، وأطلق على هذه الدائرة اسم الصفر، والصفر يعتبر من أخطر النظريات التي اهتدى إليها العقل البشري في الرياضيات ، وفضل العرب فيه عظيم.
وقد استعمل العرب (الصفر) للدلالة على (لاشيء) كما يبدو من بيت الشعر الذي جاء في قصيدة لحاتم :
ترى أن ما أهلكت لم يك ضرنى وأن يدى ما بخلت بــــه صفر
وكما ساعدهم نظام الأعداد العربية على إدراك الكمال في الطرق الأولية للحساب فإن معرفتهم خصائص الأعداد الفردية والزوجية ، وما بينهما من العلاقات ساعد على استخراج الجذور التربيعية والتكميلية.
وقد برع العرب في علم الفلك وتقدموا فيه تقدمًا كبيرًا ، وكان علم الفلك يدرس في حماس في مدارس بغداد ، ودمشق ، وسمرقند ، والقاهرة ، وفاس ، وطليطلة ، وقرطبة ، وغيرها وأقاموا له المراصد العديدة التي انتشرت في مختلف البلاد الإسلامية من أواسط أسيا إلى المحيط الأطلسي وكان من أهمها مرصد بغداد الذي دام ازدهاره سبعة قرون من سنة 750 إلى سنة 1450م . وقد توصلوا عن طريق هذه المدارس ، وتلك المراصد إلى معلومات واكتشافات هامة، منها :
إدخال خطوط التماس في الحساب الفلكي منذ القرن العاشر الميلادي ، ووضع جداول لحركة الكواكب ، وتحديد سمت الشمس تحديدًا دقيقاً ، وتدرجه في النقص ، وتقدير تقدم الاعتدالين تقديرًا صحيحًا ، ووضع أول تحديد صحيح لمدة السنة ، وإثبات مافي أكبر حظ عرض للقمر من ضروب عدم الانتظام ، واستكشاف عدم التساوى القمر الثالث المعبر عنه اليوم بالتغيير.
والتوصل إلى نظرية دوران الأرض ، والاسطرلاب ، وكان أنواعاً من التام والمسطح والهلالى والمطبح واختراع آلة الرصد التلسكوب والآلة المعروفة بالمثقال التي يعرف بها الأوقات على غير رسم ومثال ، وحددوا في جميع أنحاء الدولة اتجاه القبلة في المساجد تحديدًا دقيقاً ، إِلى كثير من المعلومات الفلكية الهامة .وبذلك أضافوا إلى الفكر الإنساني معلومات فلكية جديدة لم تكن معروفة من قبل ، وإلى جانب هذه الاكتشافات العظيمة العديدة صححوا كثيرًا من الأخطاء الجسيمة التي وقع فيها الإغريق وبهذا وذاك استفادت أوربا والحضارات الحديثة فوائد ذات بال في علم الفلك ، مما نشاهد آثارها اليوم ، وما زال علم الفلك إلى الآن ملئ بالاصطلاحات العربية . ومما يجب ملاحظته بهذا الصدد ما تميز به علماء الإسلام من الجمع بين العلوم الفقهية والعلوم الطبيعية، فالكندي مثلاً ت 260 هـ/873 م جمع بين الفلسفة والمنطق والحساب والفلك والهندسة والسياسة والطب والفقه وأصول العقيدة، وابن سينا (ت 428 هـ 1036 م ) جمع بين الطب والفلسفة والرياضيات والعلوم الطبيعية والموسيقى والفلك والحدود والشعر واثبات التنبؤات والقدر، ومثلهما الفارابي والرازي وعمر الخيام وابن النفيس وعبد اللطيف البغدادي وابن رشد وابن الطفيل والسمعاني وغيرهم.
لقد عرض هؤلاء العلماء لكبريات المشكلات المنطقية فعالجوها بأصالة المنهج في الملاحظة والتشخيص والكشف عن الأسباب والعلامات، فإن الشيء لا يعلم العلم اليقين إلا من جهة أسباب، ولذلك كان علم الأسباب واجباً، لم يقع العلماء المسلمون فريسة التفريق بين الإلهام الإلهي والنظر الاستنباطي، وإنما جعلوهما يلتقيان على نحو من التكامل.
إن أعظم نشاط فكري قام به العلماء المسلمون، يبدو جليا في حقل المعرفة التجريبية ضمن دائرة ملاحظاتهم واختباراتهم، فإنهم كانوا يبدون نشاطاً واجتهاداً عجيبين حين يلاحظون ويمحصون، وحين يجمعون ويرتبون ما تعلموه من التجربة أو أخذوه من الرواية والتقليد، لقد كانت الشمولية المدعمة بالبحث والتفحص أهم ظاهرة تميز بها العلماء المسلمون، حيث أن العالم هو العالم الشامل ولا خطر على العلم من الدين ولا خوف من تأثير العلوم الدنيوية على تعاليم الدين. فجاءت مصنفاتهم وثيقة العرى بالشريعة، موصولة بالعلوم الفقهية.
وإلى جانب هذا الازدهار العلمي التجريبي والعقلاني، اشتهرت بغداد أيضاً بالعلوم النقلية أو الشرعية التي تتصل بالقرآن الكريم والسنة النبوية مثل التفسير. والقراءات والحديث والفقه واللغة والأدب والتاريخ والجغرافيا… الخ. وقد حرص خلفاء بني العباس منذ بداية دولتهم على الاهتمام بهذه العلوم الإسلامية وتشجيع العلماء المشتغلين بها ولا سيما علماء أهل الحجاز الذين كانوا على دراية واختصاص بعلوم القرآن والحديث والسنة. فمثلاً: صنف ابن إسحاق كتابه "المغازي والسير وأخبار المبتدأ ". على أن هذا الكتاب للأسف لم يصل إلينا إلا في رواية مختصرة له كتبها"عبد الملك بن هشام (ت 218 هـ) " وتعرف عموما بسيرة ابن هشام. وعلى أية حال، فإن هذه النقلة التي أقدم عليها ابن إسحاق من رواية الحديث إلى الاشتغال برواية الأخبار، تعتبر بداية انفصال التاريخ عن الحديث، على اعتبار أن التاريخ كان نوعاً من أنواع الحديث.
وهكذا صار التاريخ علماً مستقلاً، وأخذ يتطور تدريجياً حتى أخذ مظهره الرائع كعلم من أجل علوم المسلمين، وأخذ المؤرخون مكانتهم بين علماء الدولة الإسلامية كرجال لهم خطرهم في الحياة العامة، سياسية كانت أو علمية، بينما تضاءل مدلول لفظ إخباري حتى صار يطلق فقط على من يروي الحكايات والقصص.
ولقد كانت بغداد مركزا لتطور الدراسات التاريخية والحضارية على مستوى عالمي، فلم يعد إنتاجها في هذا الصدد قاصراً على العراق فحسب، بل شمل العالم الإسلامي والحياة الإسلامية. ومثال ذلك تاريخ الرسل والأمم والملوك للطبري (ت 310 هـ)، وكتابا "مروج الذهب "- "والتنبيه والأشراف " للمسعودى (ت 346 هـ)، وكتب المسالك والممالك، وكتاب " الأغاني"لأبي الفرج الأصفهاني(ت 355هـ) "، وقصص "ألف ليلة وليلة" كلها صور عامة للحياة الإسلامية بمختلف مظاهرها التاريخية والحضارية.
وما يقال عن التاريخ يقال أيضاً عن علم الفقه الذي يقوم على البحث في الأحكام الشرعية، ومعرفة حكم الدين في القضايا التي تحدث للمسلمين سواء في قضايا دينهم (العبادات) أو في قضايا دنياهم (المعاملات). ومع قيام الدولة العباسية كان المسلمون قد بدأوا في تدوين فقههم واستنبطوا الأحكام والشرائع في القرون الأولى للهجرة، وهو ما لم يتفق لدولة من الدول السابقة، فالقانون الروماني مثلاً لم يستقر أمره إلا زمن الإمبراطور "جستنيان " أي بعد تأسيس الدولة الرومانية بأكثر من عشرة قرون.
وهكذا ظهرت المذاهب الفقهية في عصر الدولة العباسية، واحتلت بغداد مكان الصدارة لهذه الدراسات الفقهية، إذ ظهر فيها الإمام " أبو حنيفة النعمان (ت 150 هـ) " في "خلافة أبي جعفر المنصور، وكان مذهبه يعتمد على الرأي والقياس والاجتهاد، بسبب تعقد الحياة وتطور المدنية في البيئة العراقية لكونها مجمعاً لمختلف الأجناس والملل والنحل مما أدى إلى ظهور قضايا ومشاكل جديدة لا تنطبق عليها نصوص القرآن والسنة، وتحتاج إلى وضعها محل الاجتهاد، والحكم فيها عن طريق الاستنباط العقلي القائم على المنطق الدقيق وهو القياس أو الرأي.
وقد عاصر الإمام أبو حنيفة كلاً من الأئمة "مالك بن أنس في المدينة (ت 79 ا هـ) "، و "الليث بن سعد في الفسطاط (ت 175 هـ) "، وهم جميعاً من أهل الحديث، أي أنهم يتمسكون عند إصدار أحكامهم بنصوص القرآن والحديث، ولا يرضون عما استحدثه الأحناف من أقيسه ذات طابع فلسفي.
وفي السنة التي توفى فيها الإمام أبو حنيفة (150 هـ)، ولد الإمام "محمد بن إدريس الشافعي " في غزة، وعاش في الحجاز حيث حفظ موطأ الإمام مالك بن أنس " بالمدينة المنورة وقرأه عليه وهو صبي في العاشرة من عمره، ثم رحل إلى العراق حيث تعلم في بغداد فقه "أبي حنيفة" قبل رحيله واستقراره قي مصر. ومن ثم جاء مذهبه وسطاً بين مذهب " أبي حنيفة" المتوسع في الرأي، ومذهب "مالك بن أنس " المعتمد على الحديث. وتوفي "الشافعي " قي الفسطاط سنة (204 هـ) ومقامه معروف هناك، ومن أشهر مؤلفاته "كتاب الأم " في الفقه، و "رسالة في أصول الفقه "، تعتبر الأولى من نوعها، إذ وضع فيها لأول مرة قواعد الاستنباط في الأحكام الشرعية وهو ما يسمى بأصول الفقه.
وجاء بعده تلميذه الإمام "أحمد بن حنبل الشيباني "، الذي ولد وعاش ومات في بغداد (164- 241 هـ) وكان يرى أن يقوم الفقه على النص من الكتاب أو الحديث، وأنكر على أستاذه " الشافعي " أخذه بالرأي، واعتبر الحديث أفضل من الرأي، فعاد بذلك إلى رأي الإمام مالك. ومن أشهر كتبه "المسند" الذي يعتبر موسوعة لأحاديث الرسولr.
وأخيراً يعتبر الشيعة "الإمامة" ضرورية ومن أساس الدين، والإمام عندهم هو الذي يسير بالأمة إلى الهدف الأعلى ويدفعها إلى السير في الطريق المستقيم، والفقه من اختصاص الإمام وحده فهو المجتهد المطلق، ومن كتبهم كتاب الكافي للكليبي ت 328 هـ/939 م والنهاية في الفقه لمحمد بن الحسن الطوسي ت 460 هـ/1067 م.
أما دراسات العلوم اللغوية والنحوية، فقد شهدت العراق فيها ثورة واسعة ضخمة على أيدي علماء البصرة والكوفة الذين حققوا إنجازات وابتكارات علمية في هذا المجال للحفاظ على كلام العرب وتقويم اللسان العربي، بعد أن فشا اللحن في كلام المسلمين، نتيجة لاختلاطهم بالأعاجم في البلاد المفتوحة. لهذا قام هؤلاء العلماء بجمع وتدوين ألفاظ اللغة العربية وأشعارها من منابعها الصافية في نجد بقلب الجزيرة العربية. كذلك وضعوا قواعد نحوية للغة العربية، وابتكروا النقط والشكل على الحروف لمعرفة نطق الكلمات نطقاً سليماً، ولا سيما القرآن الكريم، حتى لا يتعرض للتحريف. هذا إلى جانب تصنيف المعاجم اللغوية، ووضع علم العروض لمعرفة أوزان الشعر وأحكامه وبحوره. ومن أشهر الرواد الذين حققوا هذه الابتكارات العلمية مع بداية العصر العباسي العالم البصري العربي، الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت 175 هـ/ا 79 م) "، وتلميذه وشيخ البصريين بعده العالم الفارسي "أبو بشر عمرو بن عثمان الملقب بسييويه (ت 177 هـ/793 م) ". ولم تلبث العاصمة بغداد أن شاركت في هذه النهضة العلمية، حيث انتقل إليها عدد من علماء الكوفة والبصرة أمثال " أبي حنيفة" و"، المفضل الضبي " و "الكسائي "الفراء "، و "ابن السكيت "، بحيث صارت بغداد مسرحاً لمناظرات علمية حامية الوطيس بين أشهر علماء العصر.
أما الأدب، فقد تطور هو الآخر في العصر العباسي تطوراً كبيراً، ونهج الشعراء فيـه مناهج جديدة في المعاني والموضوعات والأساليب والأخيلة، وغير ذلك من فنون الشعر المختلفة. ومن أشهر هؤلاء الشعراء،، أبو نواس " الذي ذاعت قصائده في الخمر والغزل والصيد.. الخ، و" أبو تمام الطائي " المشهور بنزعته العقلية والفلسفية في الشعر، وتلميذه "أبو عبادة البحتري " صاحب المدائح الخالدة، و "ابن الرومي " المعروف بطول نفسه وغزارة شعره، و" أبو العتاهية" الذي اشتهر بالحكمة والغزل الرقيق، والمتنبي، الذي اشتهر بالفخر ، وأبو العلاء المعري، شاعر الحكمة، وغيرهم كثيرون. هذا إلى جانب الشاعرات والأديبات من النساء اللائى لعبن دوراً هاماً في الحياة الأدبية وفي الأحداث المهمة في المجتمع الإسلامي مثل "رابعة بنت إسماعيل العدوية" التي سلكت طريق الزهد والتصوف والأميرة، "علية بنت المهدي " التي وصفها "الحصري " بأنها تعدل الكثير من أفاضل الرجال في فضل العقل وحسن المقال، ولها شعر رائق وغناء رائع. ومثل الأميرة "العباسة بنت المهدي " التي لعب الخيال دوراً كبيراً في القصص التي أحاطت بها، إذ تروى لها أشعار تدل على ذكاء وحسن تأت للموضوع الذي تقصد إليه.
وإذا انتقلنا إلى عالم الفنون والعمـارة، نجد أن العباسيين لم يكونوا أقل اهتماماً من الأمويين في مجال التشييد والتعمير، ففي العمارة بنى "أبو جعفر المنصور" على نهر دجلة عاصمته بغداد (145- 149 هـ) على شكل دائري، وهو اتجاه جديد في بناء المدن الإسلامية، لأن مـعظم المدن الإسلامية، كانت إما مستطيلة كالفسطاط، أو مربعة كالقاهرة، أو بيضاوية كصنعاء. هذا إلى جانب المدن الأخرى التي شيدها العباسيون مثل مدينة سامراء وما حوته من مساجد وقصور خلافية فخمة.
وإلى جانب العمارة وجدت الزخرفة التي وصفت بأنهما لغة الفن الإسلامي، وتقوم على زخرفة المساجد والقصور والقباب بأشكال هندسية أو نباتية جميلة تبعث في النفس الراحة والهدوء والانشراح. وسمي هذا الفن الزخرفي الإسلامي في أوروبا باسم أرابسك بالفرنسية وبالأسبانية التوريق. وقد عرف الفنان المسلم ما يسمى الآن بالفن التجريدي لأنه كثيراً ما كان يأخذ الوحدة الزخرفية النباتية كالورقة أو الزهرة، ويجردها من شكلها الطبيعي حتى لا تعطى إحساسا بالذبول والفناء، فيجردها ويحورها في أشكال هندسية حتى تعطي الشعور بالدوام والبقاء والخلود .
كذلك وجد الفنانون المسلمون فى الحروف العربية أساسا لزخارف جميلة، ومن ثم صار الخط العربي فناً رائعاً، على يد خطاطين مشهورين. فهناك الخط الكوفي الذي يستعمل في الشؤون الهامة مثل كتابة المصاحف والنقش على العملة، وعلى المساجد، وشواهد القبور. ومن أبرز من اشتهر بكتابة الـخط الكوفي، مبارك المكي " في القرن الثالث الهجري في خلافة "المتوكل على الله العباسي "، وهناك خط النسخ الذي استعمله الناس في التراسل والتدوين وفي نسخ الكتب، ولهذا عرف بهذا الاسم.

الخاتمة

ولعل أرقي القيم الأخلاقية التي حملها العرب المسلمون إلى أوربا القرون الوسطى هي التسامح الديني والمجتمعات المتعددة الديانات فقد تعرف الغرب لأول مرة على المجتمعات المختلطة بوساطة إسلام أسبانيا وصقلية والمشرق حيث أعطى المسلمون في تلك البلاد أمثولة للانفتاح والتعايش مع المخالفين لهم بالعقيدة وأقاموا دولا وممالك عاشت قرونا عديدة تعايشت فيها مجموعات متنافرة وطوائف مختلفة وتعاونت على خلق مجتمعات سادها العدل واحترام الحق مما لم يكن له وجود في البلدان المسيحية الغربية، فالإسلام كما يقول الباحث سيسيل موريسون يعترف بوجود مجتمعات وطوائف مخالفة له ضمن كيان دولته ويخص أهل الكتاب من المسيحيين واليهود بنوع من الضيافة والحماية شريطة اعترافهم بالسلطة )
كما يقول المؤرخ اليهودي كلودكاهين : كان العالم الإسلامي حتى نهاية القرن الحادي عشر صورة رائعة لمجتمع متعدد الديانات حيث يسيطر الإسلام سياسيا ويسود في نفس الوقت تعايش قل وجوده في مجتمعات أخرى (71) . إن هذه الأفعال والأقوال أوسمة على صدر الإسلام ولقد حاول ملك فرنسا هنري الرابع تقليد الأنموذج الإسلامي بعد انتهاء الحروب الدينية في القرن السادس عشر فمنح البروتستانت في مملكته بموجب مرسوم نانت بعض الحقوق ما لبث أن ألغاها لويس الرابع عشر بعد قرن من الزمن فعاد الاضطهاد الديني إلى ما كان عليه وبقي حتى قيام الثورة الفرنسية.
إن هذا النوع من التطور الاجتماعي الذي حمله المسلمون وطبقوه منذ إقامة ملكهم في أسبانيا وصقلية في القرنين الثامن والتاسع لم تطبقه أوربا إلا بعد قيام الثورة الفرنسية في نهاية القرن الثامن عشر أي بعد المسلمين بألف عام.

الملفات المرفقة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الثاني عشر

ملخص سهل التربية الاسلامية للصف الثاني عشر

السلام عليكم..
احضرت لكــم ملخص كامل ورائـــع وجميل وواضـــح..
وحبيت انقله لكــــمـــ..

وبالتــــوفيق لـــكـــمـ…
🙂

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الثاني عشر

النموذج التجريبي لمادة التربية الاسلامية 2022/2022 للصف الثاني عشر

هااااااااااد النموذج التجريبي لمادة التربية الاسلامية الصف الثاني عشر
الفصل الاول
بالتوفيق

الملفات المرفقة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الثاني عشر

ملخص التربية الاسلامية الفصل الثاني -تعليم الامارات

ملخص التربية الاسلامية الفصل الثاني

للتحميل كامل و مرتب في المرفقات

آداب طالب العلم في نفسو:
1. اإلخالص:
– قاؿ صلى اهلل عليو وسلم : " ال تعلّموا العلم لتباىوا بو العلماء ، أو لتماروا بو السفهاء ، أو لتصر فوا بو وجوه الناس إليكم
. فمن فعل ذلك فهو يف النار" من خالؿ النص السابق عدد اؼبظاىر اليت هنى عنها رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم طالب
العلم؟
هنى عن طلب العلم من أجل: 1- مباىاة العلماء 2- أو طلبا للمراء والرياء 3- أو لتعظيم الناس لو وتصديره يف
اجملالس
ً من الدنيا مل جيد عرؼ
ً فبا يبتغى بو وجو اهلل ال يتعلمو إال ليصيب بو عرضا
– قاؿ صلى اهلل عليو وسلم : " من تعلم علما
اعبنة " من خالؿ النص السابق عدد اؼبظاىر اليت هنى عنها رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم طالب العلم ؟
هنى عن طلب العلم من أجل غرضا دنيويا كتحصيل الرياسة أو اعباه أو اؼباؿ .
– ما ىي أىم أىداؼ طالب العلم اليت تتوافق مع اإلخالص هلل ورسولو وتعززه ؟ 1- معرفة أحكاـ الدين 2- وخدمة األمة
اإلسالمية والناس عموما 3- والقضاء على اعبهل
ً ما سرمت مسَتا وال قطعتم واديا إال كانوا معكم ، قالوا : يا رسوؿ اهلل وىم
– من خالؿ اغبديث التايل ) إف باؼبدينة أقوما
باؼبدينة ، قاؿ وىم باؼبدينة حبسهم العذر ( بُت أثر النية فيمن خيلص يف طلب العلم وحيرص على التفوؽ فيو إال أنو ال
يستطيع أف يلحق بركب اؼبتفوقُت لظرؼ أو مانع ؟ حيصل على نفس األجر الذي حيصل عليو اؼبتفوقُت
2. قصد العلوم النافعة :
– مب تعلل تعوذ الرسوؿ من العلم الذي ال ينفع ؟ ألف العلم الذي ال ينفع يكوف ضارا بصاحبو وسبب يف نشر الفساد
– اضرب أمثلة لعلوـ غَت نافعة : السحر – التنجيم – الغناء
3. استغالل الوقت في طلب العلم واغتنام الفرص :

الملفات المرفقة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده