مياه الأنهار
حينما تبخرت مياه البحار والمحيطات، وارتفعت في السماء مكونة السحب، وساقت الرياح هذه السحب إلى أماكن سقوط الأمطار، تكثفت قطرات البخار، وبدأت الأمطار في الهطول. جزء من هذه الأمطار ارتوت منه الأرض والنبات، وجزء سلك طريقه إلى باطن الأرض، إلى مخازن المياه الجوفية. أمّا الجزء الأخير فسقط على الجبال والمرتفعات، ثم سلك سبلاً في فجاج الأرض. وكونت هذه السّبل شعباً، ثم تجمعت في روافد، وبدأت الروافد في تكوين نهير، ثم تجمعت النهيرات لتكون أنهاراً تجري في الأرض، حيث تعد مياه الأنهار من أهم مصادر المياه العذبة في العالم.
ويكون مجرى النهر، غالباً، ما متعرجاً ليس مستقيماً، حيث تشق المياه، أثناء حركتها من منبع النهر إلى مصبه، طريقها متحاشية الأراضي المرتفعة، والعوائق الصلبة، مفضلة الأرض المنخفضة الممهدة، التي يسهل تكون السيل فيها.
وأثناء هذه الرحلة من المنبع إلى المصب، التي قد تبلغ آلاف الكيلومترات، تختلط مياه النهر بتربة الأرض، التي تجري عليها، فيذوب فيها عددٌّ تجري من عناصر التربة. وتحمل معها في سيرها، ما تحمله من رواسب وطمي، مغيرة من معالم وتضاريس الأرض، التي تجري فيها حاملة الخير لكل الكائنات، صغيرها وكبيرها. وتنتهي رحلة مياه الأنهار، غالباً، عند مصب الأنهار في البحار أو المحيطات، مستكملة دورة الماء في الحياة، حيث تصب مياهها، وما تبقى فيها من رواسب وصخور، جرفتها من منابعها وأثناء سيرها .
وغالباً ما تتجمع هذه الرواسب والصخور، بمرور مئات السنين، عند مصبات الأنهار لتكون يابسة تسمى دلتا الأنهار، كما هو الحال في دلتا النيل بمصر، والتي كانت يوماً ما جزءاً من البحر الأبيض المتوسط، وقد تكونت بفضل نهر النيل، أطول أنهار العالم، إذ يبلغ طوله حوالي 6600 كم، ويجري في شمال أفريقيا، من وسطها إلى شمالها، ويصب في البحر الأبيض ويليه في الطول نهر الأمازون، الذي يجري في أمريكا الجنوبية من الغرب إلى الشرق، ويصل طوله إلى حوالي 6240 كم.
ويحتوي ماء الأنهار على كميات مختلفة، من المواد الذائبة والصلبة الموجودة في التربة، نتيجة جريان الماء في تلك الأنهار. وتُقدر كمية الرواسب والصخور والطمي، التي تقذف بها الأنهار في البحار والمحيطات، عند مصبات هذه الأنهار، بحوالي 17 ألف مليون طن، منها أربعة آلاف مليون طن من العناصر الذائبة، وثلاثة عشر ألف مليون في حالة ترسيبات من مياه هذه الأنهار، في البحار والمحيطات. إلاّ أنه مع زيادة عدد السكان في العصر الحديث، وازدياد الطلب على الماء العذب، بدأ الإنسان في نصب السدود والحواجز والقناطر على الأنهار، لتخزين مياهها والتحكم في مستوى جريان النهر، وتغيير مجاري بعضها في بعض الحالات، لاستصلاح أراضٍ جديدة.
غير أن بناء السدود على مجاري الأنهار، تسبب في تقليل سرعة الماء وترسيب ما تحمله من طمي ورواسب وراء تلك السدود، وحرمان الأراضي والأماكن، التي كانت في حاجة إليها منها. وعلى الرغم من هذه المساوئ فإن هذه السدود حمت البلدان من الجفاف، وساعدت على استصلاح الأراضي لزراعتها. كما أمكن، في كثير من الأحيان، استخدام هذه السدود في توليد الطاقة، لاستخدامها في خير الإنسان ورفاهيته. والجدول التالي يوضح قائمة بأطول أنهار العالم، ومساحة أحواضها، وتصرف مياهها.
مياه البحيرات
لا تقتصر المسطحات المائية على سطح الكرة الأرضية، على البحار والمحيطات والأنهار فقط، فهناك البحيرات العذبة والمالحة، التي تمثل مصدراً ليس بالقليل من مصادر المياه، فوق الأرض. والبحيرات عبارة عن مسطحات مائية تحاط باليابس من جميع الجوانب. وقد نشأت هذه البحيرات، من تجمع المياه في الأراضي المنخفضة المحصورة بين أراضٍ مرتفعة.
ويختلف مصدر هذه المياه المتجمعة، فمنها ما هو نتيجة تجمع مياه السيول والأمطار، أو مصبات الأنهار، وفي هذه الحالة تعد البحيرة، مصدراً مهماً للمياه العذبة. ومثال لهذه البحيرات بحيرة فيكتوريا في المنطقة الاستوائية في أفريقيا بأوغندا، التي تُعد من منابع نهر النيل، وثالث أكبر بحيرة في العالم، وأكبر بحيرة مياه عذبة، حيث تبلغ مساحتها 69490 كيلومتر مربع.
وقد تكون البحيرة في مناطق جافة، ذات معدلات بخر عالية، مما يزيد نسبة الملوحة بها بعد فترة. أو تكون البحيرة متصلة بمياه البحر، عن طريق مضايق وبواغيز، لتصبح بحيرة مياه مالحة. ومن أمثلة البحيرات المالحة، بحيرات المنزلة والبردويل والبرلس في مصر، قرب ساحل البحر الأبيض المتوسط، حيث تستقبل ماءها من مياهه.
وقد تزداد البحيرات المالحة في المساحة، حتى يطلق عليها في بعض الأحيان اسم بحار، مثل بحر قزوين، الذي يقع في غربي آسيا، ويُعد من أكبر بحيرات العالم من حيث مساحته، التي تقدر بحوالي 373 ألف كيلومتر مربع، وكذلك البحر الميت.
وعلى الرغم من أن معظم البحيرات في العالم، تعد من البحيرات الطبيعية، التي تكونت بفعل تجمُّع المياه في الأراضي المنخفضة، دون تدخل من الإنسان، إلاّ أن هناك البحيرات الصناعية التي أنشأها الإنسان للعديد من الأغراض، وتتباين هذه البحيرات تبعاً للغرض من إنشائها. فبحيرة السد التي تعد مخزوناً للمياه العذبة خلف السد العالي في مصر، تمتد جنوباً بطول حوالي 550 كم، وبعرض متوسط 10 كم، ويقع حوالي 200 كم من البحيرة داخل الحدود السودانية، وحوالي 350 كم داخل الأراضي المصرية. كذلك، هناك العديد من البحيرات الصناعية الأخرى في العالم، التي أنشئت لأغراض مثل ممارسة الرياضات المائية، أو الترفيه، أو تربية الأسماك. وتختلف مساحات هذه البحيرات، تبعاً للغرض من إنشائها.