يقع في المدينة المنورة موقع القلب من الجسد، ويرتفع عن مستوى سطح البحر 597 م وعلى خط طول 39درجة و36دقيقة، وخط عرض 24 درجة و28دقيقة.
يحده من الشمال ميدان الباب المجيدي وشارع السحيمي، ومن الجنوب حارة دروان، وشارع درب الجنائز ومن الشرق حارة الأغوات، ومن الغرب ميدان باب السلام المؤدي إلى شارع الحسينية وشارع العيينة وشارع السوق.
التأسيـس:
هو ثاني مسجد بناه رسول الله(ص) في السنة الأولى من الهجرة ـ الأول هو مسجد قباء ـ وكانت أرض المسجد عند مقدم الرسول(ص) من قباء إلى المدينة مربداً (مكاناً لتجفيف التمر) لغلامين يتيمين اسمهما "سهيل وسهل" كانا في حجر أسعد بن زرارة، ولما نزل الواحة التي في المدينة، كان الصحابة كل يريد أن يأخذ بزمام ناقته (القصواء) ليكون ضيفه ونزيله، ولكن الرسول(ص) كان يقول: "خلوا سبيلها فإنها مأمورة"، ولما بركت عند موضع مسجده وهو يومئذٍ يصلي فيه رجال من المسلمين قال(ص): "هنا المنـزل إن شاء الله تعالى" ثم دعا بالغلامين وابتاع المربد منهما بعشرة دنانير وأبى أن يقبله هبة منهما، وهمّ ببنيانه ليكون مسجداً ومصلّى وكان(ص) يحمل بنفسه اللبن مع الصحابة، وقد استغرق بناء المسجد 7 أشهر، وقيل عاماً، وقيل شهراً واحداً.
التوسعـة والإعمـار:
خطط الرسول(ص) أرض المسجد فجعل طوله 50م وعرضه49م وجعل القبلة إلى بيت المقدس، وحفر أساسه وسقفه بالجريد وجعل عمده جذوع النخل وجعل له ثلاثة أبواب، باب في مؤخرة المسجد وكان يقال له باب عاتكة أو باب الرحمة وباب جبريل وهو الذي يدخل منه الرسول(ص)، وجعل في مؤخرة المسجد مكاناً
مظللاً يعرف "بالصفة"، وهو المكان الذي كان يأوي إليه الغرباء والمساكين، ولم يسقف الرسول(ص) كل المسجد، وكان إذا نزل المطر يسيل مختلطاً بطين السقف على المصلين.
ولما طلبوا من الرسول(ص) أن يزيد الطين على سقفه، رفض وقال: "لا، عريش كعريش موسى"، ولم يكن المسجد مفروشاً في بداية أمره ولكنه فرش بالحصى بعد ذلك.
سنة 3هـ وعندما حولت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، حدث تغيير في المسجد، إذ تحوّلت الصفّة من الجنوب إلى شمال المسجد، وأغلق الباب الذي في مؤخرته وفتح باب جديد في شماله، وقد جرت توسيعات كثيرة على المسجد كانت آخرها في سنة 1373هـ 1955م، بلغت معه مساحة المسجد إلى 160366م2.
المعـالـم:
حدود المسجد: يحد المسجد من جهة الجنوب الدرابزين المصنوع من النحاس الأصفر في نهاية الروضة الشريفة، ومن الشمال بداية الصحن الأول الذي يلي المسجد المسقف، ومن جهة الشرق جدار الحجرة الشريفة، ومن الجهة الغربية الأسطوانة الخامسة قبل الجدار الغربي للمسجد.
ويوجد داخل الحرم النبوي الشريف صحن يحتوي على حديقة صغيرة، ولهذه الحديقة سور من الحديد مدهون باللون الأحمر، وقد زين الحرم بأجمل التعاليق والثريات المصنوعة من البلور.
وقد فرشت أرضية المسجد بالرخام والحجر الأحمر، وكان سطح المسجد كله قد غطى بالقباب التي لُبست بألواح الرصاص وأعلى هذه القباب تلك الموجودة فوق القبر النبوي الشريف، ثم تليها قبة المحراب العثماني ثم قبة باب السلام، وباقي القباب على ارتفاع واحد، وفي داخل القباب نقشت نقوش بديعة وكتبت آيات قرآنية بخط الثلث الجميل، كذلك كتبت أبيات من بردة البوصيري.
كان للمسجد الشريف ثلاثة محاريب أحدها المحراب النبوي، والثاني المحراب العثماني، والثالث المحراب السليماني، وجميعها مموه بالذهب، وكان لكل محراب شمعدانات توضع فيها الشموع ليضاء به.
الأبـواب: لقد احتفظ الحرم بأبوابه الأربعة وهي باب السلام "أوسع الأبواب وأجملها" وباب الرحمة "وهذان البابان يقعان غربي المسجد"، وباب النساء وباب جبريل "وهما يقعان شرقي المسجد" ولهذه الأبواب مصاريع من خشب الجوز، ومنقوشة نقوشاً بديعة بالنحاس الأصغر، وزاد السلطان عبد الحميد في عمارته باباً خامساً في شمال المسجد هو الباب المعروف بـ"الباب المجيدي" أو"باب التوسل". وهنالك أبواب أحدثت في التوسعة السعودية هي باب عبد العزيز، وباب عثمان بن عفان، باب عمر بن الخطاب، وباب سعود.
المنبـر الشريف: وهو مصنوع من الرخام البديع، بيارقه الاثنان من المخمل الأخضر مموه بماء الذهب وأعلامه من الذهب والفضة وفرشه من الخوخ الأحمر، وكان في المسجد دكتان اتخذتا لإقامة الصلاة.
إحداهما في الروضة الشريفة، وهي قريبة من المحراب النبوي، والثانية في آخر المسجد المسقف.
المنائـر: كان للمسجد خمس منارات هي:
المنارة الرئيسية وتقع في الركن الجنوبي الشرقي من المسجد وهي الجهة المعروفة قديماً "بالملائكة".
المنارة الشمالية الشرقية وتعرف "بالسليمانية" ولها ثلاث شرفات..
المنارة الشمالية الغربية وتعرف "بالمجيدية".
منارة باب الرحمة وهي أقصر المنائر ولها شرفتان وتقع جهة باب الرحمة.
المنارة الجنوبية الغربية وتعرف "بمنارة باب السلام" وقد وضع فوق كل منارة ما عدا المنارة الرئيسية علم مموه بالذهب، أما المنارة الرئيسية فقد بني فوقها مجمرة من جنس بناء المنارة ووضع فوق المجمرة العلم، ولا يدخل الحجرة غير الأغوات" الذين يقومون بخدمة المسجد والاشراف عليه"، وكان المسجد في فصل الصيف يفرش بالحصير الذي كان يجلب من مصر، وعددها فيه 400 حصيرة، وأما في الشتاء فكان يفرش بالسجاد الكبير الثمين.
الروضة الشريفة: فحدودها من الشرق دار عائشة ومن الغرب المنبر الشريف، ومن الجنوب جدار المسجد الذي به محراب النبي(ص)، ومن الشمال الخط المار من نهاية بيت عائشة شرقاً إلى المنبر غرباً وفي الروضة المطهرة وأمام المحراب النبوي مجموعة من الثريات البلورية التي يوقد فيها الشمع.
الأساطين: والأساطين المشهورة الموجودة في الروضة الشريفة هي:
ـ الأسطوانة المخلقة "المطيبة أو المعطرة"، وهي التي صلى إليها(ص) بعد تحول القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة.
ـ أسطوانة القرعة، "أسطوانة عائشة أو أسطوانة المهاجرين".
ـ أسطوانة التوبة "أسطوانة أبي لبابة".
ـ أسطوانة السرير وتلتصق بالشباك المطل على الروضة الشريفة، وهي محل اعتكاف النبي(ص).
ـ أسطوانة الحرس "أسطوانة أمير المؤمنين(ع)" وهي مقابل الخوخة التي كان رسول الله(ص) يخرج منها، وكان يصلي عندها الإمام علي(ع)، وسميت بذلك، لأن الإمام علياً(ع) كان يجلس إليها ليقابل وفود العرب القادمين إليه.
ـ أسطوانة مربعة القبر، وتعرف أيضاً بأسطوانة جبريل(ع) وبها باب بيت السيدة فاطمة الزهراء(ع)، والذي كان يدخل منه الإمام علي(ع)، وتقع داخل الجدار المحيط بالقبر الشريف.
ـ أسطوانة التهجد، وتقع وراء بيت السيدة فاطمة الزهراء(ع) من جهة الشمال وعندها محراب صغير، وكانت تتهجد الزهراء(ع) فيه، وقيل إنها كانت مصلى رسول الله(ص) في الليل، وأعمدة الروضة الشريفة مغطاة بالرخام ومزينة بماء الذهب.
الحجرة الشريفة: وهي تطلق على كل ما أحاطت به الشبكة الجديدة المصبوغة باللون الأخضر من الشرق والشمال والغرب، بناها إبراهيم باشا سنة 1228هـ، وهي عبارة عن غرفة من الخشب لها سقف وضع عليه طبقة من الصوف الملبد، وواجهة الحجرة التي يقف عندها الزوار مغطاة بشبك من النحاس الأصفر المتين عليها سلك ومن خارجها شبابيك ثانية من النحاس ومكتوب عليها "لا إله إلا الله الملك الحق المبين، سيدنا محمد رسول الله الصادق الوعد الأمين"، ولهذه الشبابيك حلقات من فضة وفيها باب صغير، وأعلاه مصنوع من الفضة المموهة بالذهب.
حجرة السيدة فاطمة(ع): يوجد داخلها محراب التهجد ملاصقاً لتابوت وضعت عنده شمعدانات من الفضة، وبه40 قنديلاً معلقة بسلاسل الذهب وكسوة التابوت مثل كسوة الحجرة الشريفة وللتابوت أيضاً أربعة أركان لكل ركن منها علم من ذهب، ولكل علم هلال من الجواهر، ويوضع فوق كسوة التابوت شيلان كشميرية وبعضها مشغول بالقصب، أما ستائر الحجرة الشريفة وحجرة السيدة فاطمة(ع) فإنها من الأطلس الأخضر المزركش والمموه بالذهب، مكتوبة بأنواع الرسوم البديعة، وفيها أيضاً مجوهرات يزين بها التابوت.
ولا يدخل الحجرة غير الأغوات وهم من مسؤولي الحرم وخدام الحجرة الشريفة، ويعتبر الكوكب الدريّ من أنفس ما احتوت عليه الحجرة الشريفة، وهو عبارة عن قطع كبيرة من أحجار الماس التي أطرافها مرصعة بقطع من الماس النقي الثمين وكلها مركبة على عمود وموضوعة باتجاه الواجهة الشريفة لقبر النبي(ص)، وقد دفن بالقرب من الحجرة الشريفة الخليفتان الأول والثاني.
وتلحق بالمسجد عدة أبنية أهمها: مقر أهل الصفة "أروكة الأغوات". مكتبة الحرم النبوي الشريف، ومكتبة المصحف التي تضم مجموعات نادرة من المصاحف الشريفة وتقع في الحرم النبوي الشريف
.