من الأمور المهمة للمفتي وللمعلم ولمن يُسأل عن شيء ما كَبُرَ أم صَغُرَ، عَظُمَ أم حَقُرَ، أن يستوضح السؤال ويطلب التفاصيل حتى تكون الإجابة واضحة قليلة الخطأ أو عديمة الخطأ.
وهذا مطلب مهم ، لكن الأكثر عندما يُسأَل فإنه يُجيب بسرعة دون تَرَّوي وتمهل، ظنا منه أن الجواب على كل سؤال يُطرَح يرفع من قيمته ويعلو من شأنه.
فهو وإن كان الأمر ذلك، فإنه لا يلبث إلا أن يَنْخَفِض من حيث أراد أن يَرْتَفِع، ويُجَر من حيث أراد أن يَنْتَصِب، لأن العجلة بالاستفتاء وإجابة السؤال لها مضار على النفس والفرد والمجتمع.
وقد كان الإمام جعفر الصادق لما يُسأَل يستفسر سائله عن سؤاله ويستوضحه، متى وأين وفي أي وقت وماذا كانت حالتك.
يقول برتراند راسل : يذكرني هؤلاء الفلاسفة بصاحب الدكان الذي سألته مرة عن أقصر الطرق إلى مدينة (ونشستر) يوم تهت وأنا ذاهب إليها على متن دراجة، فنادى صاحب الدكان على رجل بالركن الخلفي قائلا: أحد السادة يريد معرفة أقصر الطرق لونشستر.
أجاب صوت شخص من هنالك : ونشستر؟ فأجابه : نعم.
وتابع مستفهما: الطريق لونشستر؟ فأجابه: نعم؟
وتابع: أقصر الطرق؟ فأجابه : نعم؟
فقال ذلك الشخص: لا أعرف .
لقد أراد معرفة طبيعة السؤال بوضوح، ولكنه لم يهتم بالإجابة عليه، هذا بالضبط ما تفعله الفلسفة الحديثة للباحث الجاد عن الحقيقة، فهل يكون غريبا أن يتحول الشباب إلى دراسات أخرى.
وعلى ذلك فإن الإستفهام والاستيضاح ومراعاة تفاصيل السائل وفهمها يؤدي لإجابة صحيحة وعلى أحسن الأحوال إجابة قليلة الخطأ، بعكس الذي يجيب بسرعة فإنه لا يخلو من الأخطاء.
المصدر
العلم والمعرفة للجميع: معرفة طبيعة السؤال بوضوح