بــسرعــهـ
::: أخوكم "." المــسعود
- القرآن والعقل الجاهلي.zip (278.2 كيلوبايت, 765 مشاهدات)
بــسرعــهـ
::: أخوكم "." المــسعود
موفقين
=)
السلام عليكم
بالمرفقاات ….
مصدر : معهد الامارات التعليمي www.uae.ii5ii.com
منقول
المقدمة
تحتل المرأة على مرالفترات التاريخية مكانة متميزة في وجدان الشعراء العرب ، فبين لوعة وهجاء وسعادة وشقاء ، استحوذت النساء على قلوب وألباب الشعراء ، الذين راحوا يطلقون العنان لأقلامهم لترسم صورا بديعة الحسن حينا ، ومغرقة في المعاناة والوحشة أحيانا .
وبين هذا وذاك لا يسع متذوقي الشعر إلا الإعجاب والطرب لما يطالعونه من إبداعات الولهين بدءا من مجنون ليلي قيس ابن الملوح ونهاية بشاعر المرأة نزار قباني .
وربما مرد ذلك أن أغلب الشعراء كانوا من الرجال فقد حمل شعرهم نفس النزعة الذكورية فلم يصوروا المرأة كمخلوق متساو مع الرجل … بل قدمها الشعر دائماً في مرتبة أقل من الرجل . وذلك بسب تسلط منظومة اجتماعية سائدة مفادها أن الرجل هو السيد والمرأة مجرد تابع ، وقد رسخ الشعر العربي هذه النظرية في أذهان الكل و بالتحديد خاصة في العصرين العباسي والأموي ، وفي العصر الحديث أيضاً حذا حذوهم العقّاد وغيره .
الموضوع
اقتصر الشعر في العصر الجاهلي علي الاهتمام بما يمكن تسميته “المرأة الحبيبة” مكتفياً بتصوير الحب المادي والعذري , وتفنن الشعراء في وصف جسد المرأة في أول القصيدة ثم الإسهاب في وصف العذاب والألم الذي سببه العشق للشاعر . وقد كانت أغلب قصائد الشعر الجاهلي تدور في هذا الإطار لكن الشعر المعاصر لم يتحدث عن المرأة بحسب لكنه فتح ذراعيه لكل الجوانب الموجودة المحيطة بها والمتعلقة بحياتها الخاصة والعامة , وأصبحت تجربة الحب لدى الكثيرين مجرد محطة أولى تتسم فيها التجربة الفنية بالتقليد , وتصبح فيها لغة الحب نوعا من التنفيس التطهير .
وقد احتلت المرأة في الشعر الجاهلي مكانة متميزة حتى إنه كان من الشائع أن ينتسب الأفراد إلي أمهاتهم ، وقد أسموا آلهتهم الجاهلية بأسماء الأنثى كعلامة على الإخصاب والخير، كانت المرأة وقتها ، موضع الحب والأشواق والوجدان والهوى إلى الحد الذي استهوى البعض لأن يفنى فيها.
وقد كانت هذه الحالة شائعة عند العرب في ذلك العصر . ونجد في قصائد عديدة ما يوجد في أبيات عروة بن الورد من تعبير عن مشاعر المحب تجاه حبيبته مثل :
وأني لتعروني لذكراك هزة لها بين جلدي والعظام دبيب
بنا من جوى الأحزان والبعد لوعة تكاد لها نفس الشقيق تذوب
وما عجبي موت المحبين في الهوى ولكن بقاء العاشقين عجيب
ويقول مجنون ليلى :
عجبت لعروة العذري أضحى أحاديثا لقوم بعد قوم
وعروة مات موتا مستريحا وها أنا ميت في كل يوم أو كما يقول قيس ابن الحدادية :
وأني لأنهي النفس عنها تجمّلا وقلبي إليها الدهر عطشان جائع
وأني لعهد الودّ راع وأنني بوصلك ما لم يطوني الموت طامع
ومثل ذلك وربما أكثر في أشعار مجنون ليلى وجميل بثينة وغيرهم كثيرين ، الأمر الذي يؤكد أن الحبيبة كانت تساوي عندهم الدنيا ، فهي السعادة التي تنسي الحزن ، والامتلاء الذي يقتل الفراغ ، والجمال الذي يبعث في النفس إحساسا بالراحة واللذة ، ومعها وبها تكون الحياة أكثر جمالاً وتآلفًا .
حتى إن الرجل العربي وقتها كان في ذلك الزمان يفتخر ويجاهر بأنه يحب ويهيم عشقاً في محبوبته ، وهو سلوك كان له أثره على الرجل نفسه ، وعلى طبيعة العلاقة بين الرجل و المرأة وقتها ، وعلى نظرة الرجل للمرأة ، بل وعلى مكانة المرأة لدي المجتمع ، فكون المجتمع وقتها كان يقبل بإعلان الرجل حبه والمجاهرة به كان يدل علي وجود نوع من الحرية يسمح بوجود اختلاط الرجال والنساء أدي إلي تكوين علاقات كان ينتهي بعضها بالزواج، لكن بشرط أن لا يجهر الرجل باسم حبيبته، كما كان مع قيس وليلى وقصتهما معروفة للجميع
كان الشاعر في ذلك الوقت يتمسك بحبيبته تمسكه بالحياة . لا يتخلي عنها مهما تكبد في حبها مشقة ، يقول زهير بن أبي سلمى :
فلست بتارك ذكرى سليمى وتشبيبي بأخت بني السعدان
طوال الدهر ما ابتلت لهاتي وما ثبت الخوالد من أبان
أفيقا بعض لومكما وقولا قصيدكما بما قد تعلمان فاني لا يغول النائي ودي
ولا ما جاء من حدث الزمان وقد كان حب الفرسان الشجعان لزوجاتهم حباً فاق الوصف والتصور ومن ذلك ما أنشده عنترة لعبلة ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسّم وكان لا يخاف الموت إلا لأنه قد يبكي عينيها
في العصر الأموي والعباسي
يري العديد من المحللون أن المرأة في العصر الجاهلي كانت تتمتع بالعديد من المزايا والحقوق فقدت أغلبها في العصرين الأموي والعباسي ويرجع ذلك إلي سيطرة الرجل وفساد الحكام .. أي رجل السلطة في سلب ما كانت تتمتع به المرأة من امتيازات ، على محدوديتها . فالرفاهية التي شهدها الحكام والأمراء في هذين العصرين وزيادة الأموال في أيديهم جعلتهم يقتنون الجواري من كل الجنسيات حتى نشأ لديهم هوس اقتناء الجواري والحريم ومن هنا نشأ حصار المرأة
وتحولت إلي سلعة تباع وتشتري من قبل الرجل واستسلمت لذلك قروناً خسرت فيها الكثير من مكانتها وظهر ذلك واضحاً في الشعر الذي نعرفه عن هذين العصرين فالمتنبي الذي يعد أشهر شعراء هذه المرحلة كان يري المرأة مخلوق ناقص بطبيعته فيصف أخت سيف الدولة ويقول عنها إنها ليست أنثى العقل والحسب ومعنى ذلك إن الأنثى عنده أقل مرتبة مثل قوله :وان تكن خلقت أنثى لقد خلقت كريمة غير أنثى العقل والحسب
وشبه الدنيا بالمرأة من حيث الغدر والخيانة ويتساءل:
شيم الغانيات فيها فلا ادري لذا أنّث اسمها الناس أم لا . وفي كتاب البرقوقي “دولة النساء” والذي يدور حول المرأة وكيف تحول دورها ووجودها إلي مجرد جسد لم يخلق إلا لمتعة الرجل ، رغم أن أغلب النافذين في السلطة وقتها كانوا يفعلون ذلك سراً ويجاهرون بتقليلهم من شأنها وتحقيرها وهو مالا يتفق تماماً وتعاليم الإسلام ، ولذلك شاع اقتناء الجواري وبالتالي فقد أهمل الرجل زوجته ، وأصبح ذوقه متدنيا في المرأة ، لأنه ارتبط بمتعة آنية مع جارية طارئة ، فركّز في موضوع المظهر . وتفنن الشعراء في وصف تفاصيل مظهر المرأة أهملوا جوهرها، مما أفسد الذوق لمئات السنين . ويبدو أن هذه الظاهرة قد أفسدت ذوق حتى الشعراء من الزاهدين أمثال الشاعر أبو العتاهية .
فقد وصف عتبة جارية المهدي التي ولع بها كثيراً بقوله :كأنها من حسنها درة أخرجها اليّم إلى الساحل
عيني على عتبة منهلة بدمعها المنسكب السائل
بسطت كفي نحوكم سائلا ” فمتى ” تردون على السائل وهكذا كانت نظرة الشعراء للمرأة متخلفة متدنية عكس ما كانت عليه مكانتها في الشعر الجاهلي خاصة في العصر العباسي الذي يعده المتخصصون البداية الحقيقية لقهرالمرأة وتدهور مكانتها في قول أبن الرومي :أعانقها والنفس بعد مشوقة إليها وهل بعد العناق تدان … والثم فاها كي تموت حرارتي فاشتد ما ألقى من الهيجان
ومما يلفت النظر حرص الشعراء على مناداة زوجاتهم أو تسميتهن أم فلان، فما أكثر ما ترددت هذه الصيغة في أشعارهم، فكأنما كانوا يتلذذون بها ويستمتعون لما يستشعرونه فيها من فيض العاطفة وصدق الإحساس، وهي صيغة تتشابك فيها وتتداخل مشاعر الأبوة والأمومة والزوجية، وتحيل على صلة رحم واشجة رعاها الإسلام وعمرها بالتراحم والود والتعاطف. بيد أننا ينبغي أن نحترس فلا نظن أن كل من استخدم هذه الصيغة أو هذا النداء كان يتحدث عن زوجه، فربما كان يكني -لسبب أو لآخر- بهذه الصيغة عن حبيبته.
ولكن مثل هذا المسلك لا ينفي عن هذه الصيغة عاطفيتها، ولا يجردها من حيويتها وبهائها لأن هؤلاء الشعراء يخاطبون محبوباتهم بأقرب الصيغ إلى نفوسهن، بل بأقربها إلى الذوق العربي السائد. فنسمع المتوكل الليثي يقول:
إذا ذُكِرَتْ لقلبِكَ أمُّ بكرٍ
يَبيتُ كأنما اغتبقَ المداما
ويسميّها أم أبان: خليليَّ عوجا اليومَ وانتظراني فإنَّ الهوى والهمَّ أمُّ أبانِ
وتبدو صفحة الأمهات في ديوان المداحين نقية بيضاء، ولا سيما أمهات الخلفاء والحكام ورجال السياسة، فقد اتخذ هؤلاء الشعراء من صفاتهن الأخلاقية كالتدين والشرف والحصانة، ومن أحسابهن وأنسابهن مادة شعرية خصبة. ففي تعد صورة الحبيبة أو الزوجة الصورة الغالبة على صفة المرأة في هذا الشعر، فقد كانت مفتاحاً للحوار الشعري والمباهاة الشخصية، وملهمة الإبداع الشعري، مما يدل على المكانة الرفيعة التي وصلت إليها المرأة في هذا العصر، بعد أن تبوأت مكانة عالية في عصر صدر الإسلام، الذي يعد بحق منصف المرأة العربية.
ورفع الإسلام مكانة المرأة وأعلى من منزلتها، وحررها من القيود والعادات التي كانت شائعة في الجاهلية، ورد لها حقها المسلوب في الحياة، وقرر لها حقوقهاً لم تكن تعرفها من قبل فجعل لها حقاً مشروعاً في الميراث وحقق لها الاستقلال الاقتصادي.
وجعل للزواج أحكاماً ووضع للطلاق وتعدد الزوجات قيوداً وقرر للزوجين من الحقوق والواجبات المتبادلة ما به تحسن المعاشرة وتقوى الرابطة
وما إن استقر العصر الأموي حتى شرعت المرأة تفيد من حقوقها وامتيازاتها التي كفل لها الدين، فمضت تشارك في مختلف مجالات الحياة ولاسيما تلك المجالات التي تمسّ شؤونها الذاتية والخاصة. فقد كانت تستشار في أمر زواجها، ويؤخذ برأيها فيه، ونراها تعترض على الزواج غير المناسب فترفضه، أو تشترط له شروطاً كأن تكون العصمة في يدها، فلا يحملها ولي أمرها على غير ما تحب، بل يرى رأيها. وقد سجل الشعراء أطرافاً من ذلك، فصوروا رفضها وما جرّه هذا الرفض عليهم من الهم والسهاد وانكسار القلب.
فها هو ذا محمد بن بشير الخارجي وقد قدم البصرة في طلب ميراث له، فخطب عائشة بنت يحيى بن يعمر الخارجية من عدوان فأبت أن تتزوجه إلا أن يقيم معها بالبصرة ويترك الحجاز، ويكون أمرها في الفرقة إليها، فيأبى أن يفعل ذلك ويقول:
أرقَ الحزينُ وعادَهُ سُهُدُهْ
لطوارقِ الهمِّ التي ترده وذكرت مَنْ لانَتْ له كبدي
فأبى فليسَ تَلينُ لي كبده وأبى فليس بنازلٍ بَلدي
أبداً وليس بمصلحي بلده فصدعت حين أبى مودَّته صَدْعَ الزجاجةِ دائمٌ أَبَدُهْ
المرأة في الشعر الحديث .. أول الغيث
ظهر في عصر النهضة العربية كتاّب وشعراء عرب بدءوا حملة تثقيف للمرأة ودعوا إلي مناصرتها وتحررها . وبرزت في هذه الفترة ثلاث شاعرات طليعيات هن : عائشة التيمورية ، ووردة اليازجي ، وزينب بنت فواز العاملية ، في حين لم تظهر منذ العصر العباسي وحتى القرن التاسع عشر سوى شاعرة واحدة متصوفة هي رابعة العدوية .
والاحتمال كبير بأن هناك شاعرات كثيرات لم يبرزن بسبب الواقع المتخلف للمرأة في تلك المرحلة .
عائشة التيمورية التي توفيت عام 1902 لها ثلاثة دواوين وهي لم تنزع الحجاب وهي من قالت :
يا بغية الصب رفقا بالفؤاد فقد أشجاه ما بك من تيه ومن ميل
بالصد ألهبت قلبا أنت ساكنة هلا عطفت على سكناك يا أملي
وردة اليازجي وهي ابنة العلامة ناصفي اليازجي ، فقد كتبت شعر الغزل بحرية أوسع وصراحة أوضح مني السلام من صار بالسحر وبدل النوم بعد العين بالسهر
وقد توفيت وردة عام 1924
أما الشاعرة اللبنانية زينب بنت فواز العاملية والتي توفيت عام 1914 فلها ديوان شعري فيه غزل رقيق يدلل على جرأة صاحبه :سرى غرامك في قلبي وفي جسدي لذاك آثر إشعاعا وإحراقا
كلي بكلك مشغول ومرتبط فلست أشكو إلي لقياك أشواقا
وأصبح القلب من وجد يذوبّه نور الشبيهة تهياماً وإشفاقاً
وقد كانت الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان قد رأت أن حرية المرأة مجرد زائف في مجتمع لا يعرف معني الحرية
تقول فدوى:
الهواء الثقيل يكتم أنفاسي
يغلّ دفق شعوري
كلما ضقت بالظلام وبالكبت، تلفت مثل طير مكبل
علّ فجر الخلاص يلمح، لا شيء سوى الليل
ليل سجني المقفل
وإذا انشق باب سجني أطلت
منه عينا وحش رهيب كبير هنا كانت الشاعرة صادقة ومتسقة مع نفسها بشكل واضح جداً فقد صورت المجتمع كأنه وحش لا يرحم .
مع بداية الخمسينات من القرن الماضي بدأتْ حركة التحرر العربية تـشق طريقها بخطوات سريعة لتحقق الانتصار تلو الآخر ، ترافق مع تغيرات كبيرة في مجمل الوعي العام العربي و الإيديولوجيات السائدة وقتها والتي تمثلت بالدرجة الأولى في الوعي بضرورة التغيير ، ونشأت تبعاً لذلك قضايا عديدة على الساحة العربية كانت تعني في مجملها تحقيق الوحدة العربية و النهضة والعدالة الاجتماعية وما إلى ذلك .
وفي إطار هذه القضية خِضم هذه المشاريع المتنوعة كان لقضية المرأة موقعاً مهماً من حيث إعادة النظر في دورها في المجتمع و المساحة المتاحة لها للتعبير عن نفسها و علاقتها بالرجل ، فأخذتْ مختلف أطراف الطيف السياسي و الفكري تدلو بدلوها فيما يتعلق بتصورها لحل قضية المرأة .
ولأن الشعر هو أعرق الفنون عند العرب علي الإطلاق ، فقد شكل جهة لصراع الأفكار و الاحتمالات التي ظهرت علي الساحة السياسية العربية ، وكانت المرأة في هذا الوقت قد بدأت في الدخول إلي عالم الشعر بشكل يختلف عن الصورة التقليدية التي عرفت عنها في الشعر العربي ، إذ أن المضمون كان يعني حرية المرأة وتحقيق المساواة :عند أمل دنقل اليساري الراحل الذي انخرط في مسيرة الحداثة الشعرية العربية في ظل تلازم واضح بين الهم السياسي و الهم الإبداعي لتغدو الكثير من قصائده علامات فارقة في الحداثة الشعرية ، ورغم ما تميز به أمل دنقل من وعي بدا جلياً في تناوله لكافة ما أحاط به من صرا عات خاصة الصراع مع العدو الإسرائيلي ، إلا أن تناوله للمرأة في أشعاره لم يرقي إلي نفس درجة الوعي وقد أرجع النقاد ذلك إلي كونه لم يستطع التخلص من جذوره الريفية التي تعتبر المرأة مصدر للغراء وحسب رغم ظهور الحبيبة الطاهرة المقدسة في أشعاره وهي الازدواجية التي يعاني منها الرجل الشرقي يقول أمل :
نزار قبانى الشاعر الراحل
يهتز قرطها الطويل
يراقص ارتعاش ظله
على تلفتات العنق الجميل
و عندما تلفظ بذر الفاكهة
و تطفئ التبغة في المنفضة العتيقة الطراز
تقول عيناها : استرحْ
و الشفتان شوكتان
تقتصر صورة المرأة في قصائد شعراء المقاومة على صورة أم الشهيد أو أخت الشهيد أو في الصورة المثالية التي استخدمها شعراء المقاومة كثيراً و هي صورة المرأة الوطن ، و على الرغم مما امتلأت به هذه الاستخدامات من جماليات لا متـناهية لكن ذلك لا يمنعنا من انتقاد شعراء المقاومة في عزوفهم عن تـناول المرأة كمرأة بصرف النظر عن أي اعتبار آخر ككائن له مقوماته الإنسانية و خصوصيته الأنثوية ، و كأن ردّ الاعتبار إلى المرأة و منحها موقعها الصحيح يتطلّب الانتظار ريثما تُحرَّر الأرض المحتلة
الخاتمة
رغم كل ما سبق من جمال وروعة إلا في وصف المرأة بشكل جميل يفيض رقة وعذوبة إلا إن ذلك لم يمنع تحوّل المرأة لدى عدد كبير من المثقفين إلى مكمل من مكملاتهم التي يقتنونها معهم من مكان إلي آخر مثلما يحملون أمتعتهم ، فالمرأة مثلاًً عند مظفر النواب لم تكن أكثر من لحظة متعة ينسي بها متاعب طريق النضال الوعر فهي كالكأس أو السيجارة والأرض، والوطن، والرحيل وبقية المكملات الأخرى …
وحين يذكر المرأة والشعر نذكر علي الفور سعاد الصباح التي قدمت في قصيدة “كن صديقي ” صورة مختلفة لعلاقة المرأة و الرجل بشكل مغاير للشكل النمطي الذي ظل سائداً تقول فيها :
كم جميلٌ لو بقينا أصدقاء
كم جميلٌ .. أن كل امرأةٍ تحتاج إلى كف صديق
كُنْ صديقي .. كُنْ صديقي
لماذا تهتمُّ بشكلي و لا تدركُ عقلي
كُنْ صديقي .. كُنْ صديقي
أما الحداثة التي سيطرت على الشعر العربي منتصف القرن العشرين، فنهج نهجًا مختلفًا فلم يغرق في الرمز ولم يسع إلى القطع مع التراث الشعري العربي القديم، وإذا كان تاريخ الشعر القديم يتحدث عن ليلى وعفراء و غيرهما، فإن المؤرخ للشعر العربي الحديث سوف يتحدث عن أنثى نزار قباني، التي لا وجود لها خارج القصيدة، إنها من صنع القصيدة ولا وجود لها في الواقع، أو هي القصيدة:
اشكري الشعر كثيرا..
أنت، لولا الشعر، يا سيدتي
لم يكن اسمك مذكورا
لقد نظم الشاعر الجاهلي الشعر في شتى موضوعات الحياة ومن أهم أغراض الشعر الجاهلي : المعلقات ، والمضليات والأصمعيات ، وحماسة أبي تمام ، ودواوين الشعراء الجاهليين ، وحماسة البحتري ، وحماسة إبن الشجري ، وكتب الأدب العامة ، وكتب النحو واللغة ومعاجم اللغة ، وكتب تفسير القرآن الكريم
الموضـــــوع
عرف التاريخ الشعر العربي في العصر الجاهلي نساء شواعر منهن على سبيل المثال : الخنساء وخرُنَق وكبشة أخت عمرو بن معدي كرب وجليلة بنت امرأة كليب الفارس المشهور ولها في كليب مراث من عيون الشعر العربي وقيسة بنت جابر امرأة حارثة بن بدر ولها أيضاً مراث في زوجها وأميمة امرأة بن الدمينة وقد كان أبو نواس الشاعر العباسي
يروي لستين شاعرة من العرب .
والناظر في المصادر العربية تهوله تلك الكثرة من الأشعار والشعراء خاصة إذا ضم إليها ماجاء في كتب التاريخ والسير والمغازي والبلدان واللغة والنحو والتفسير إذ تزخر كلها بكثير من أشعار الجاهليين بما يوحي أن الشعر كان غذاء حياتها، وان هذه الأمة قد وهبت من الشاعرية الفذة ما يجعل المرء يتوهم أن كل فرد من رجالها ونسائها وعلمائها كان يقول الشعر وتدل هذه الكثرة من الشعر والشعراء على أن الشاعرية كانت فطرة فيهم ثم ساندت هذه الفطرة الشاعرة عوامل أخرى منها تلك الطبيعة التي عاش العربي الأول كل دقائقها من جبال وممهاد ووديان وسماء ونجوم وأمطار وسيول وكائنات .
لقد كانت الطبيعة كتاباً مفتوحا أمام بصر الشاعر العربي وبصيرته ومن هنا استلهمها في أشعاره ويضاف إلى الطبيعة تلك الحروب التي ألهبت مشاعره بحماسة موارة . ثم حياة الإنسان العربي في بساطتها وفضائلها . وفي معاناته وصراعاته ضد الجدب والخوف معاً ومن ثم جاء هذا الشعر ممثلاُ لحياة الجزيرة العربية في بيئاتها وأحوالها المختلفة ،
ولحياة الإنسان العربي في أخلاقه وطباعه وعاداته وعقائده وبطولاته وأفكاره .
كانت للشاعر العربي في قبيلته منزلة رفيعة .
كما كانت رموز القبيلة العربية الأساسية ثلاثة :
القائد والفارس والشاعر . وكان الشاعر في القبيلة لسانها الناطق والمدافع معاً . بل كان بيت الشعر أحياناً يرفع من شأن قببيلة ، كما يحكى عن بني أنف الناقة الذين كانوا يعيرون بلقبهم ، حتى كان الرجل منهم يحتال على إخفاء لقبه ، فما إن قال فيهم الحطيئة بيته الشهير :
قوم هم الأنف والأذناب غيرهم ——— ومن يسوي بأنف الناقة الذنبا
حتى صاروا يباهون بلقبهم ونسبهم .
ولقد نظم الشاعر الجاهلي الشعر في شتى موضوعات الحياة ومن أهم أغراضه الفخر والحماسه ، الغزل ، الرثاء ، الوصف و الهجاء
أ- الفخر والحماسة :-
الحماسة لغة تعني : القوة والشدة والشجاعة .ويأتي هذا الفن في مقدمة أغراض الشعر الجاهلي ،حيث يعتبر من أصدق الإشعار عاطفة .
ب- الغزل :-
وهو الشعر الذي يتصل نالمرأة المحبوبة المعشوقة .والشعر هنا صادق العاطفة ،وبعضه نمط تقليدي يقلد فيه اللاحق السابق .
ج- الرثاء :-
وهو الشعر الذي يتصل بالميت . وقد برعت النساء في شعر الرثاء .وعلى رأسهن الخنساء ،والتي أشتهرت بمراثيها لأخيها صخر .
د- الوصف :-
اقد تأثر الشعراء الجاهليون بكل ما حولهم ،فوصفوا الطبيعة ممثلة في حيوانها ، ونباتها .
هـ- الهجاء :-
فن يعبر فيه صاحبه عن العاطفة السخط والغظب تجاه شخص يبغضه .
ومن خصائص الشعر الجاهلي :-
• يصور البيئة الجاهلية خير تصوير.
• الصدق في التعبير .
• يكثر التصوير في الشعر الجاهلي .
• يتميز بالواقعية والوضوح والبساطة .
أما النثر في العصر الجاهلي :-
فهو الصورة الفنية الثانية من صور التعبير الفني ،وهو لون الكلام لا تقيده قيود من أوزان أو قافية .
ومن أشهر ألوان النثر الجاهلي :-
• الحكم والأمثال .
• الخطب .
• الوصايا .
• سجع الكهان .
ولقد اصبح من الثابت لدى الباحثين أن العصر الجاهلي لا يشمل كل ما سبق الإسلام من حقب طوال ولكنه يقتصر على حقبة لا تزيد على القرنين من الزمان وهي ما اصطلح الباحثون على تسميتها بالجاهلية الثانية.
وفي تلك الحقبة ظهر هذا الإنتاج الغزير الناضج من الشعر والنثر واكتملت للغة العربية خصائصها التي برزت من خلال هذه النتاج الأدبي الوفير.
كما استقر أيضا رسم حروفها الألف بائية فما انتهى إلينا. إذن، من أدب جاهلي هو أدب الجاهلية الثانية. وهو ما نستطيع الحديث عنه ودراسة فنونه وخصائصه أما أدب ما قبل هذه الحقبة التاريخية فهو أدب ما يسمى بالجاهلية الأولى وهو
أدب لم تتوافر نصوص منه.
فالحديث عنه غير ممكن ومن هنا فان الأبحاث التي استقصت أولية الشعر العربي أو أولية اللغة العربية تقوم على مجرد الحدس والتخمين أو على نوع من الأخبار الوهمية والخرافات. على أن اللغة العربية التي سجلت بها النصوص الأدبية في عصر الجاهلية الثانية هي واحد من الأسرة السامية التي تشمل
1- والبابلية والآشورية
2- الآرامية
3- الكنعانية
4- الآكادية الحبشية
5- العربية بفرعيها الشمالي والجنوبي
وإذا كانت الأمية قد شاعت بين العرب فان هذا لا يعني فقط انعدام القراءة والكتابة لديهم فلقد انتشرت القراءة والكتابة بينهم بالقدر الذي يسمح لهم بتدوين معاملاتهم وآدابهم انظر كتاب ( الكتابة العربية )
وإذا كانت الذاكرة العربية التي تميزت بالقوة قد حفظت قدرا كبيرا من الأشعار فان التدوين أيضا كان مساندا للرواية الشفوية أما طرح ابن سلام في كتابه ( طبقات فحول الشعراء ) لقضية الانتحال فينبغي أن يؤخذ على انه دليل على ما بذله الأقدمون من جهود لتقنية الشعر الجاهلي من التزييف ووضع المعايير العلمية الدقيقة لضمان سلامة الشعر الجاهلي وتوثيقه .
أما مراكز الشعر العربي في العصر الجاهلي فإنه بالاضافة الى الجزيرة العربية نفسها نجداً والحجاز فقد عاش الشعر العربي وازدهر في إمارتين اثنتين هما : إمارة الغساسنة والمناذرة وقد قامتا في الأطراف الشمالية من شبه الجزيرة العربية .
أما إمارة الغساسنة فقد قامت في بلاد الشام ، حيث اتخذ الرومان ، ثم خلفاؤها البيزنطيون من بعدهم ، من الغساسنة حلفاء لهم ضد أعدائهم التقليديين من الفرس ،وحلفائهم من المناذرة في العراق ، وقد كان الغساسنة عرباً من الجنوب نزحوا إلى الشمال وأقاموا إمارتهم العربية تلك في شرق الأردن وكانوا قد تنصروا في القرن الرابع الميلادي ، وقد كانت إمارة الغساسنة على جانب كبير من الثراء والتحضر ، ومن أهم ملوكهم الحارث الأصغر ، ثم ابناه من بعده النعمان وعمرو ، والأخير هو الذي قصده النابغة الذبياني ، كما قصد حسان بن ثابت النعمان بن المنذر أيضاً ومدحه في قصائد شهيرة ، منها قصيدته التي من أبياتها :
أولاد جفنة حول قبر أبيهم – – — – – – – – — قبر ابن مارية الكريم المفضل
وكما قامت إمارة الغساسنة في الشام ، فقد قامت إمارة المناذرة في العراق . وكما كان الغساسنة عرباً ذوي أصول يمنية فكذلك كان المناذرة . ومثلما قصد شعراء الجزيرة العربية أمراء الغساسنة ، فكذبك قصدوا إمارة المناذرة ، الذين كان من أشهرهم المنذربن ماء السماء حوالي ( 514 – 554 م ) وعمرو ( 554 – 569 م ) الذي ازدهرت الحركة
الأدبية في أيامه ، وقد وفد عله في الحيرة ، حاضرة المناذرة ، عمرو بن قميئة والمسيب بن علس والحارث بن حلزة وعمرو بن كلثوم . كما وفد النابغة الذبياني على أبي قابوس النعمان بن المنذر الرابع ( 580 – 602 م ) ، ووفد عليه أيضاً أوس بن حجر ،والمنخل اليشكري ولبيد والمثقب العبدي وحجر بن خالد ولاشك أن طبيعة المنافسة السياسية بين المناذرة التابعين لدول فارس الغساسنة الموالين للبيزنطيين قد انعكست على الحياة الأدبية على نحو ليس بالقليل .
ازدهر الشعر الشعبي إبان الجاهلية ازدهاراً عظيماً تمثل في هذا العدد الكبير من الشعراء الذين تزخر المصادر بأسمائهم وأشعارهم إذ نظموا في جاهليتهم الأخيرة قبل الإسلام كثيراً من الشعر .
الخاتمـــــــــــة
ضاع معظم الشعر الجاهلي ، على حد قول أبي عمرو بن العلاء :" ما انتهى إليكم مما قالته العرب إلا قلة ، ولو جاءكم وافراً لجاءكم علم وشعر كثير وقد اشتهرت في الجاهلية بيوت كاملة بقول الشعر . فالنعمان بن بشير ، مثلاً كان أبوه وعمه شاعرين ، وكذلك جده ثم أولاده من بعده ، وكعب بن مالك الصحابي الشاعر كان أبوه وعمه شاعرين . ثم أبناؤه وأحفاده ، وكذلك كان أمر بيت أبي سلمى ومنه زهير وولداه كعب وبجير وأخوال كعب شعراء ومنهم بشامة ابن الغدير ثم هناك حسان بن ثابت الصحابي الشاعر وقد تسلسل الشعر في بيته لبضعة أجيال .