إن الأخذ بآداب الحوار يجعل للحوار قيمتهالعلمية ، وانعدامها يقلل من الفائدة المرجوة منه للمتحاورين . إن بعض الحواراتتنتهي قبل أن تبدأ ، وذلك لعدم التزام المتحاورين بآداب الحوار . والحوار الجيدلابد أن تكون له آداب عامة ، تكون مؤشرا لايجابية هذا الحوار أو سلبيته ، وإن لمتتوافر فيه فلا داعي للدخول فيه ، وهذه الآداب تكون ملازمة للحوار نفسه ، فانعدامهايجعل الحوار عديم الفائدة . وعند الحوار ينبغي أن تكون هناك آداب لضمان استمراريةالحوار كي لا ينحرف عن الهدف الذي من أجله كان الحوار ، وحتى بعد انتهاء الحوارلابد من توافر آداب من أجل ضمان تنفيذ النتائج التي كانت ثمرة الحوار ، فكم من حواركان ناجحا ولكن لعدم الالتزام بالآداب التي تكون بعد الحوار كانت النتائج سلبية علىالمتحاورين .
لذا ستركز هذه المقالة على ثلاثة أقسام:
آداب عامةللحوار.
آداب خلال الحوار.
آداب بعد الحوار.
/
آداب عامة للحوار:
يحتاج الحوار الىآداب عامة ينبغي للمتحاورين أن يلتزمو بها ، لأن الحوار سينهار من قبل أن يبدأ فيحالة عدم الأخذ بهذه الآداب العامة ، وهذه الآداب تجعل الحوار مثمرا بإذن الله عزوجل ، وتكون كالمؤشر لايجابية هذا الحوار أو سلبيته ، وهذه الآداب هي من الأخلاقوالأسس التي ينبغي أن تتوافر في كل مسلم وليس فقط في المتحاورين . وهذه الآدابالعامة للحوار.
1 – اخلاص المحاور النية للهتعالى:
اخلاص النية لله عز وجل ، وابتغاء وجهه الكريم قبل الدخول في الحوارتجعل أطراف الحوار يحرصون على تحقيق أكبر فائدة منه .
2 – توفر العلم في المحاور:
قبل أن يدخل المحاور في الحوار لا بد أن يكون لديهالعلم بموضوع المحاورة، حتى في الحوار التعليمي، فأحد الطرفين لديه العلم الكافيلدخوله في المحاورة .
3 – صدق المحاور:
إن توافر هذاالأدب في المتحاورين له قيمته الكبيرة في نجاح المحاور فوجود ضد هذه الصفة وهيالكذب يفقد طرفي المحاورة أمانتهم ويتطرق الشك في صدقهم
4–الصبر والحلم:
إن البعض يضيق صدره بسرعة في المحاورة حتى وإنكان الطرف الآخر لا يخالفه في الرأي ، وهذا أمر خطير لأنه لا يتمكن من شرح أو توضيحوجهة نظره، فضلا على أنه لن يستطيع الدفاع عنها عند المخالفة ، ولذا يجب أن يتصفالمحاور بالصبر والحلم قبل دخوله في المحاورة.
والصبر في الحوار أنواع منها:
– الصبر على الحوار ومواصلته.
– الصبر على الخصم سيئ الخلق.
– الصبر عندسخرية الخصم واستهزائه.
– الصبر على شهوة النفس في الانتصار على الخصم.
– الصبر على النفس وضبطها.
5 – الرحمة:
إن من الصفات التييتصف بها المحاور المسلم هي الرحمة ، وهي رقة القلب وعطفه، والرحمة في الحوار لهاأهمية فالمحاور حين يتصف بها تجد فيه إشفاقا على من يتحاور معه وميلا إلى إقناعهبالحسنى فهو لا يعد على خصمه الأخطاء للتشفي منه.
6 – الاحترام:
إن إختلاف وجهات النظر مهما بلغت بين المتحاورين فإن ذلك لايمنعهم من الاحترام والتقدير ، إن الاحترام المتبادل يجعل الأطراف المتحاورة تتقبلالحق وتأخذ به
– 7 التواضع:
الانصاف والعدل لهمامعنى واحد في هذا الأدب ، وأكثر المحاورات تفقد قيمتها عند إنعدام هذا الأدب ، فبعضالمتحاورين يغفلون عن هذا الأمر ؛ بما يجعلهم لا يصلون الى ما يرجون مننتائج.
آداب خلال الحوار:
يبدأ الحوار فيالعادة دون مقدمات ، فتوافر آداب الحوار العامة في المتحاورين قد لا يضمن لهم نجاحالحوار ، فالحوار عندما يبدأ قد ينتهي إذا لم تكن هناك آداب يلتزم بها المتحاورونعند حواراتهم، ومن هذه الآداب:
1 – الاتفاق على أصول ثابتهيمكن الرجوع إليها:
قبل بداية الحوار على المتحاورين أن يتفقوا على أصلبينهم يمكن الرجوع إليه عند الاختلاف .
2 – ضبطالنفس:
خلال المحاورة ولطبيعة الموضوع المتحاور فيه ، قد يحدث أن يضعف طرفرأي الطرف الآخر ، ويقوم بتخطئته .
3– البدء بنقاط الاتفاقوتأجيل نقاط الاختلاف مع تحديدها:
عند تحديد المتحاورين لنقاط الإلتقاءفإنهم بذلك قد وضعوا قاعدة مشتركة فيما بينهم تدفع الحوار للأمام.
4 – تحديد المصطلحات بدقة:
إن الحوار قد يحدث حول قضايا فيهابعض المصطلحات التي تحتاج الى تحديد وتوضيح، خاصة إذا كان استعمال المصطلح يدل علىعدد من المعاني .
5 – الأمانة العلمية في توثيق المعلومات:
خلال المحاورة يسعى طرفا الحوار لتأييد رأيه بالأدلة والأقوال، وهناتظهر الأمانة العلمية لكل طرف ، فكل دليل يذكر في المحاورة يجب توثيقه وكل قول لابد أن ينسب لصاحبه.
6 – الالتزام بالأدلة :
من حق كلمتحاور أن يطلب من الطرف الآخر الدليل الذي يؤيد رأيه .
7– التدرج في الحوار :
المحاور الذي يعرف ما يريد تجده في محاورته يتدرج فينقاط ، وحتى يصل إلى حقيقة يسعى إليها ، وتكون مقنعة ومفحمة لمن يحاوره.
8 – التزام القول الحسن :
إن المحاور المنصف هو الذي يلتزمبالقول الحسن خلال محاوراته ، كما عليه أن يبتعد عن أسلوب الطعن والتجريح والهزءوالسخرية ، وألوان الاحتقار والإثارة والاستفزاز .
9 – حسن الاستماع وتجنب المقاطعة :
يعد هذا الأدب من أكثر آداب الحوار أهمية ،لأنه يلحظ أن بعض الحوارات في هذه الأيام تخلو من هذا الأدب ، ويحق للمحاور أن ينهيالحوار إن لم يستمع له الطرف الآخر .
10 – التركيز على الرأيلا على صاحبه :
في الحوار تكون هناك قضية معينة يحاول طرفا الحوار إثباتصحتها ، أو أن أحد الطرفين يحاول تعريف الآخر بمعلومة معينة .
11 – عدم السخرية من الخصم :
يلجأ بعض المتحاورين إلى السخرية منالطرف الآخر ؛ بغية إحراجه ، وبيان ضعفة ، إن السخرية بالطرف الاخر ستجعله يخرج منطوره .
12 – الإلتزام بوقت محدد:
يدخل بعض المتحاورينفي المحاورة وهو يرغب في أن يستأثر بالكلام وحده ، وهذا خطأ لأن في ذلك تضييعاللوقت ، وظلما للطرف الآخر .
بعد الإنتهاء من الحوار فهناك آداب ينبغي الأخذ بها لضمان الاستفادة منالحوار الذي حصل ، وهذه الآداب إن لم يؤخذ بها فإن الحوار قد انتهى بغير فائدة ،ومن هذه الآداب :
1 – الرجوع إلى الحق والإعترافبالخطأ:
خلال الحوار أو في نهايته قد تتضح لأطراف الحوار بعض الحقائق والأمورالواضحة التي يتحتم على الطرف المخالف الرجوع إلى الحق عندها .
2 – احترام الرأي المخالف :
يرى بعض الناس أن رأيه صواب لايحتمل الخطأ وأن غيره لا يمكن أن يكون على صواب وهذا الأمر غير صحيح .
3 – اجتناب الاعجاب بالنفس :
بعد انتهاء المحاورة وخروج أحدالطرفين منتصرا فيها بقوة حجته وقدرته على اقناع خصمه فإن الشعور بالسعادة لهذهالنتيجة أمر طبيعي .
4 – تجنب الحسد :
بعد انتهاءالمحاورة قد يتأثر أحد أطراف الحوار بالطرف الآخر إما لقوة حجته أو لحسن عرضه أولبلاغته أو لسعة علمه أو لغير ذلك من الأمور ، وهذا التأثر له احدى حالتين :
– الحسد ( وهو أن تكره تلك النعمة وتحب زوالها(
– الغبطة ( وهي أن لا تحب زوالهاولا تكره وجودها ودوامها ولكن تشتهي لنفسك مثلها ) وقد يطلق عليها المنافسة .
وفي الحوار قد يحدث نوع من التنافس ويرغب كل منهما في اظهار رأيه وبيان صحتهوهذا غير الحسد .
ينتهيالحوار أحيانا بظهور أحد طرفي الحوار على الآخر وهذا الأمر طبيعي يعود إما إلى قوةحجته أو سلامة أسلوبه أو غير ذلك ، والمتوقع استفادة الطرف الثاني من هذا غير أنبعضهم قد ينتهي به الأمر إلى الحقد و الغل .
وقد يبدأ الحقد خلال الحوار ، فتجدالمحاور لا يأخذ بكلام الطرف الآخر ويزداد الأمر سوءا إذا ظهر الطرف الآخر عليهفإنه بذلك يتربى الحقد في نفسه . والغل والحقد بعد انتهاء الحوار يهلك صاحبه فهويغلي في داخل نفسه رغبه منه في الانتقام ، وهذا أمر يؤدي به إلى خطر عظيم فهو بهذاالأسلوب سيهلك نفسه ، وعلى المسلم توطين نفسه بتقبل الأمور فإن انتهى الحوار بعدمظهوره فعليه تقبل الأمر ، والاستفادة من نتائج الحوار .
بعد انتهاء المحاورة ولم يقتنع أحد طرفي الحوار بوجهةنظر الآخر ، فإنك قد تجد أحدهما في هذه الحالة يلجأ إلى غيبة أخيه ويتكلم فيه فيالمجالس وهذا من الأمور المحرمة
انتمنى ان تكون فكرتنا فالتقرير واضحه للقارئ وانتمنى ان ينال اعجابالقارئ وان يستفيد منه.
آڷٺۈصېآٺ ۈ آڷمـٌقٺرحـآٺ :
الحوار . آدابة وتطبيقاته في التربية الإسلامية .
خالد محمدالغماسي .
مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني.
وبالتوفيق
=)