يسعدلي صباحڪم / مسـاڪم بـ ڪل خيـر وبرڪـه . .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين…أما بعد:
فان الإسلام العظيم قد نبذ كلًّ ما من شأنه التفريق بين أتباعه، وحث على الالتحام والتوحد والتماسك والتآخي الذي ينتج عنه المحبة والقوة…وقد أسس الرسول صلى الله عليه وسلم دولته الأولى على أساس الأخوة الإيمانية المبنية على المحبة والتضحية لذلك كانت قوية وأقامت حضارة لم تعرف الإنسانية لها مثيلا في العدل والحب والأخوة وخدمة الإنسانية جمعاء…. عندما بني النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم المسجد ليكون النواة الأولى التي تنطلق منها الدولة ثم آخى بين الأنصار والمهاجرين….وحثهم على التقارب والمحبة في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحبًّ لأخيه المسلم ما يحب لنفسه"، وفي قوله تعالى حاثاً على التعاون في الخير: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان". والتأكيد على الأخوة الصادقة في قوله تعالى: "إنما المؤمنون إخوة".
من هنا فإنه يجب أن يعلم الجميع أن الإسلام أراد من المسلمين جميعاً أن يتحدوا على أساس متين ليكونوا قوة واحدة وعلى قلب رجل واحد، ورفض التشتت والتحزّب والتفرق لأن ذلك من شأنه إضعاف الموقف وتشتيت القوة وتمكين الأعداء من الأمة التي أراد الله لها أن تسود ووضعها في مكانه مرموقة متقدمة الأمم جميعاً في قوله تعالى: "كنتم خير امة أخرجت للناس".
رفض الإسلام أن تكون هذه الأمة ضعيفة لأنها تحمل رسالة الخير للبشرية فيجب عليها أن تكون قوية متماسكة حتى تؤدي رسالتها على الوجه الأكمل…فنهى الله تعالى عن التفرق في الدين في قوله تعالى: "ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات".
وقوله تعالى: "ولا تكونوا من المشركين، من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كلُّ حزبٍ بما لديهم فرحون". بل أراد لهم أن يكونوا حزباً واحداً متمسكاً بمنهج الله القويم وقد تكفّل الله تعالى لهم بالنصر والتمكين إن هم فعلوا ذلك قال تعالى: "ألا إنّ حزب الله هم الغالبون".
والمقصود هنا التفرق في المعتقد والأصول والبعد عن عقيدة الإسلام الصحيحة التي كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، قال تعالى: "وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرَّق بكم عن سبيله ذلك وصاكم به لعلكم تتقون".
فالطريق الموصل إلى الله تعالى إنما هو طريق واحد.. وقد وضحه النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته حيث كان جالساً على الأرض فخط عليها خطاً مستقيماً وخط حول هذا الخط خطوطاً قصيرة، ثم قرأ: "وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تنبعوا السبل…"الآية.
ثم قال وهو يمر بإصبعه الشريفة على الخط المستقيم: "هذا صراط الله وهذه طرق على رأس كل طريق منها شيطان يدعو الناس إليه".
ثم بين صلى الله عليه وسلم هذا الأمر محذراً هذه الأمة من الافتراق والتحزب قائلاً: "تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاثٍ وسبعين فرقه كلها في النار إلا واحدة. قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: هي الجماعة". وفي رواية أخرى: "ما أنا عليه وأصحابي".
وهذا يؤكد أن النجاة والقوة لا تكون بالتفرق والتحزب إلى أحزاب وشيع وطرقٍ شتى، وإنما بالانتماء إلى طريق واحد وبسلوك طريق واحد , إنما هو طريق النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحبهِ.
إن الإسلام يحارب التفرق الذي ينافي التكتل..ولكن التكتل ينافي التحزّب الذي يعني التعصب لطائفة من الطوائف الإسلامية ضد الأخرى..خاصة إذا كانت كلها على عقيدة إسلامية صحيحة والخلاف بينها خلاف اجتهادي في الوسائل والطرق وليس في الأصول والمعتقدات, لأن الذي ذمًِه القرآن الكريم وكذا النبي صلى الله عليه وسلم في التفرق والتحزّب هو القائم على أسس عقائدية مخالفة لمنهج الإسلام، أما تقليد المذاهب الفقهية القائمة على الاجتهاد السليم فظاهرة صحية ودليل على تفكير الأمة وتقدمها، وقد حثَّ كثيرٌ من علماء الأمة المسلمين عامة على تقليد أحد المذاهب الفقهية لأنها في الفروع وهي في مجال الاجتهاد بشرط عدم التعصب المذهبي…ويقاس على هذا الأمر الأحزاب السياسية في ديار المسلمين التي تنتمي في الأصل إلى العقيدة الإسلامية، وتجتهد في المجال السياسي لتصل إلى حلول عملية لا تتعارض مع الإسلام لحل القضايا السياسية سواء في فلسطين أو غيرها ومن المعلوم أن الإسلام قد أباح الاجتهاد لذوي الخبرة والاختصاص في القضايا الفرعية التي يمكن الاجتهاد
فيها ,حتى إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد جعل لكل مجتهد نصيب إن كان من أهل الاختصاص وإن أخطأ.
ومن المعلوم أيضا أنه لا اجتهاد مع النص ……ولا اجتهاد في المسائل المعلومة من الدين بالضرورة كالمسائل الاعتقادية الأصولية التي فيها نصٌ واضح وأجمع عليها السلف، فلا مجال للاختلاف فيها.
أما الأحزاب التي لا تتخذ الإسلام عقيدة وترفض الانتماء لهذا الدين فهي مرفوضة في الإسلام جملة وتفصيلاً…لكن يمكن التعامل معها بالحوار الهادف البناء لعلها تعود إلى رشدها والى أمتها هكذا علمنا ديننا الحنيف.
فديننا وأمتنا تحثنا على الوسطية والاعتدال في كل الأمور قال تعالى: "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً"….
كما حثنا على دعوة الناس ومناقشتهم مناقشة عقلية منطقية واعية عسى أن يقتنعوا بالحق
قال تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن".
وقد جاء الإسلام ليحارب أشكال التعصب والانغلاق ويثبًت جذور الحوار البنًّاء….فالتعصب يأتي في اللغة بمعنيين:
الشدة والتجمع، والإحاطة والنصرة.
والمعنى الاصطلاحي لا يخرج عن المعنى اللغوي إذ التعصب: "هو التشدد وأخذ الأمر بشدة وعنف وعدم قبول المخالف ورفضه وألا يتبع غيره ولو كان على صواب".
وهذا مخالف لديننا الحنيف الذي ذمًّ التعصب بهذا المفهوم الذي لا يؤدي إلا إلى الشجار والتفرق والتشرذم والاعتداء على الآخرين، نعم إن كلمة "تعصب" تعني اختلالاً فكرياً يليه اختلالُ وجداني يتحمس للاختلال الأول ليتبعه اختلالٌ سلوكي تراه العين المجردة وتقيس مضاره المرئية الإنسانية جمعاء…على صاحبه وعلى دوائره كما يقول علماء الاجتماع.
وقد حثُّ الإسلام على إتباع الحكمة في الدعوة والمناقشة والمناظرة والجدال بالتي هي أحسن…كما بيًّن المصطفى صلى الله عليه وسلم أن المسلم عليه أن يقبل الحق والحكمة حتى لو كانت عند العدو وذلك كما في قوله صلى الله عليه وسلم :" الحكمة ضالة المؤمن أنىّ وجدها فهوا أحق بها".
كما أن التعصب ضد التسامح الذي يدعو إليه ديننا الحنيف، والانغلاق ضد الانفتاح، والتحجر ضد الفكر ورفض الآخر، وعدم قبوله ضد التواصل معه، والتعايش والتوافق، والعصبية ضد التجرد للحق والانتصار له…مع أن الإسلام قد ألدّ على التسامح، والانفتاح على الغير بالخير، والتفكر والانطلاق بالفكر والتقدم به، والتواصل مع الآخرين غير المحاربين إلا بشروط، والتعايش والتوافق مع الآخرين بالعدل والإحسان والانتصار للحق وذم كل ما يخالف هذه الأمور, وذلك في آيات كثيرة في القرآن الكريم لا يتسع المجال لذكرها هنا.
فالإسلام حارب أشكال التعصب والانغلاق، فكل بني آدم مكرمٌ لقوله تعالى: "ولقد كرما بني آدم وحملناهم في البر والبحر" وقال تعالى حاثا على التماسك والتعاون على الخير: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان".
وقد نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن كل عصبية جاهلية محرمة في قوله: "من قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبية أو يدعو إلى عصبية، أو ينصر عصبية فقُتل، فقتلته جاهلية".
كما جعل الإسلام المناصرة بين المؤمنين على حق ودفع الظلم، كما في قوله تعالى: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر".
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوم" فقيل له: قد عرفنا كيف ننصره مظلوماً، فكيف ننصره ظالماً؟، قال: أن تمنعه عن الظلم" وهذه فلسفة جديدة للإسلام لنشر مفاهيم العدل والسماحة.
كما حثًّ الإسلام على الإصلاح بين الناس وجعل مكانة المصلح عظيمة وأجره كبير في قوله تعالى: "لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروفٍ أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نوتيه أجراً عظيماً".
وقال صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلكم على أعظم درجة من الصلاة والصيام؟ إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة ! لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين".
ثم إن الإسلام ينشر مفهوم الولاء والبراء من منطلقاته العقائدية فالولاء هو النصرة والتأييد والدعم العملي، لكل من يعتقد بعقيدة الإسلام ويلتزم بالإسلام عقيدة وشريعة ومنهج حياة، والبراء هو التبرؤ من كل من لا يعتقد بعقيدة الإسلام ويخالف هذا الدين ويعاديه بالشكل والمضمون، وليس معنى هذا أن نعادي البشرية جمعاء فقد سبق الحديث بأن الإسلام يحث أتباعه على العدل والإحسان، كما أنه يدعو المسلم إلى معاملة غير المسلم بالحسنى خاصة إذا كان غير محارب للإسلام وأهله، ولم يعتد على الإسلام ولا على عقائده وشرائعه, أما إن كان قد تعدى على الإسلام أو على حقوق المسلمين فيجب محاربته والتبرؤ منه.
إن الإسلام دينٌ يدعو إلى السلام المبني على العدل والاعتدال والمساواة, فهو دين سلام وعدالة واعتدال يقوم على ركائز من الفكر السوي والعقل السليم والمنطق القويم ، فيقابل الدعوى بالحجة والطرح بما يدعمه من الدلائل والبراهين، ويستهجن ديننا الإكراه والتسلط في حق الآخرين, حتى لو كانوا أهل كتاب, قال تعالى: "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم، وقولوا آمنا بالذي أُنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون".
وهذا يعني أن المسلم يجب أن يكون وسطياً في فهمه وتعامله مع الآخرين وفي جميع علاقاته فلا تطرف ولا تهاون في الدين.
كما أن التعصب والتطرف ينافي الإحسان إلى الآخرين في مفهوم الإسلام إذ إن الإسلام لا يقتصر على المعروف فقط في مفهوم الإحسان، وإنما يتناول هذا مع غيره من الحقوق كاحترام حق الآخرين في الرأي والفكر فيما يمكن الاجتهاد فيه، مما يجعل التعايش بسلام بين أبناء الوطن الواحد.
حتى إن الإسلام يكفل التعايش مع أهل الكتاب مع الحفاظ على معتقدهم -يعني حرية الاعتقاد- مما يؤسس لبناء حضارة إنسانية تسعد جميع أبناء البشر..وتكفل وترعى مصالح الناس جميعهم على اختلاف أشكالهم وألوانهم وأجناسهم، بل معتقداتهم ومذاهبهم الفكرية، والجار -مهما كان مسلماً أو ذمياً- فقد صان الإسلام حريته الأساسية في الحياة الكريمة والبقاء، وفي حق التملك، وتنمية الموارد في إطار الأسس والمقومات العادلة التي أقرها، وفرضها على الجميع من أجل الصالح العام، وفي الحديث: "كل المسلم على المسلم حرام ماله وعرضه ودمه، يحسب امرئٍ من الشر آن يحقر أخاه المسلم ".
وفي حق الذمي المعاهد قال صلى الله عليه وسلم: "من قتل معاهداً لم يجد رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً ".
فالتسامح في الإسلام الذي هو ضد التعصب، يتمثل في احترام حق الغير في ممارسة حقوقه الإنسانية من حرية العقيدة-إن لم يكن مسلماً- وفي الرأي وفي التعبير، إضافة إلى توفير حق الحماية له في العيش بسلام حالة الاختلاف قال تعالى: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي".
الحوار الهادف:
وحتى لا يكون التعصب الحزبي هو السائد فقد وضع الإسلام وسيلة من أرقى وسائل إحقاق الحق على مر العصور، وهي استخدام العقل الواعي السليم، والحكم بمقتضى منطق الحكمة في كل القضايا المتعلقة بالدين والدنيا وما يرجع إليهما, من خلال الحوار البناء, وهذا الحوار هو أساس الدعوة إلى إحقاق الحق وإزالة كل خلاف ينشأ بين الإنسان وغيره.
ضوابط نجاح الحوار:
وقبل الحديث عن ضوابط نجاح الحوار فقد حدد علماء الإسلامً أخلاقيات الحوار من أجل نجاح أي حوار, ومن أجل الوصول إلى الحق وعدم الانزلاق إلى التعصب الأعمى الذي يؤجج مشاعر الحقد، وتضخيم الذات وينشر الجهل والتخلف المعرفي، والانغلاق وضيق الأفق، كما يؤدي إلى تقديس البشر والغلو فيهم، والفهم الديني الخاطئ.
فلابد من معرفة أخلاقيات التعامل مع المخالف، وهي ما تسمى:
أخلاق الحوار:
فلكي يكون الحوار مثمراً ومؤدياً إلى الغرض المطلوب منه لابد أن يتحلى بمجموعة من الأخلاق والآداب منها:
1. الإخلاص وتوفير النية الحسنة من أجل الوصول للحق.
2. التأدب في القول: مطلوب أن يكون المحاور مهذباً في ألفاظه فالكلمة الطيبة صدقة…وعليه الابتعاد عن الطعن واللعن، وأن يجادل بالتي هي أحسن "وجادلهم بالتي هي أحسن" ، "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم". والمؤمن ليس بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء.
3. العدل والإنصاف- "ولا يجرمنكم شنآنُ قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى".
4. ترك المراء لأن المماري لا يطلب الحق….بل المغالبة ومعارضة الخصم، قال تعالى: "إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد" والمماراة هي المخاصمة والمجادلة….وهي من المرية بمعنى الشك والريبة.
5. التأدب في الجلوس: فينبغي على المحاور أن يجلس جلسة تدل على احترام من يحاوره.
6. عدم السخرية, قال تعالى : "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قومٌ من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم".
7. التحلي بالصبر والحلم, قال صلى الله عليه وسلم: "ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب".
8. الترفق بالخصم: فإذا أخطأ المحاور وأراد من محاوره المساعد فليساعده, ويوقف خطأه من غير تخجيل, قال تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة".
9. حسن الاستماع للخصم وتجنب المقاطعة.
10. التزام الصدق, فهو من الصفات الحميدة التي حثُّ عليها الإسلام.
11. تجنب الإساءة إلى الخصم, وعدم استصغاره والصياح في وجهه واحتقاره.
12. إصلاح المنطق وتهذيبه, وتجنب اللحن في كلامه والإفصاح عن بيانه فقد استعان موسى عليه السلام بالدعاء وبأخيه هارون، قال تعالى: "واحلل عقد من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي".
13. الحرية في النقد وإبداء الرأي: فلا يكن في الحوار إرهاب فكري من أحد الطرفين، لأن الإرهاب الفكري نوع من الاستبداد يضيق آفاق الحوار, ويقتل المواهب والملكات, إضافة إلى أنه يشحن النفس ولا يصل إلى الحق.
14. الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضيته, وهذا مقرر شرعاً فلكي تحافظ على سلامة القلوب يجب أن تبتعد عما يسيء ويحرج, وأن تعفو عن الخصم إذا صدرت منه بعض الكلمات المسيئة إذا خرجت عفواً، فان ذلك أدعى للخصم أن يحترم رأيك وربما يميل إليه إن كان حقاً.
هذه أهم أخلاقيات الحوار التي رسخها الإسلام.
أما ضوابط الحوار الناجح فهي:
1. تحديد المصطلحات قبل الحوار: حتى يتوجه الحوار وجهته الحقيقية السليمة.
2. ضرورة العلم بالقضية المطروحة للنقاش لأن جهل أحد الطرفين بالموضوع يقطع الحوار، ويذهب الوقت سدى ولا يحصل المقصود، قال تعالى: "ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدىً ولا كتابٍ منير".
3. الاتفاق على الثوابت والمسلمات: وقد تكون مرجعها أنها عقلية بحتة لا تقبل النقاش عند العقلاء المتجردين كحسن الخلق، وقبح الكذب وشكر المحسن ومعاقبة المذنب، أو أن تكون مسلمات دينية، فالوقوف على الثوابت والمسلمات والانطلاق منها يتحدد مريد الحق ممن لا يريد إلا المراء والجدل؟
4. الانطلاق من المتفق عليه للمختلف فيه وهذا منهج القرآن الكريم، قال تعالى: "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي انزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون".
5. البعد عن التعميم: إن التعصب الأعمى يدفع صاحبه إلى إصدار الأحكام العامة المطلقة على الخصم دون تمييز بين حالة وحالة أو شخص وشخص، وهذا نوع من الظلم وعدم الشعور بالمسؤولية…فيجب التفريق بين الحالات قال تعالى: "ولا تزر وازرة وزر أخرى".
6. التزام طرق الإقناع الصحيحة…وهذا يترتب عليه "إن كنت ناقلاً فالصحة أو مدعياً فالدليل".
7. عدم الالتزام بضد الدعوى…إذ كيف تدعو إلى أمرٍ وتلتزم ضده….فهذا مرفوض في الحوار السليم.
8. سلامة كلام المحاور ودليله من التناقض.
9. تجنب الحيل في المناظرة فلا يكون الدليل ترديد لأصل الدعوى.
10. عدم الطعن بأدلة المحاور إلا ضمن الأصول المنطقية.
11. الرضا بالنتائج وقبولها، فلابد في نهاية الحوار من نتائج يتوصل إليها المتحاوران والواجب الرضا والقبول بالنتائج والالتزام الجاد بها، وما يترتب عليها وإذا لم يتحقق هذا الأصل كان الحوار ضربا من العبث الذي يتنزه عنه العقلاء.
هذه أهم الضوابط التي يذكرها علماء الإسلام للحوار الجاد والهادف الذي نطمح إليه في مجتمعنا الفلسطيني المسلم كي نوحد جهودنا ونوجه وحدتنا إلى عدونا المتربص بنا، ومن أجل أن تكون قوة يحسب لها الأعداء الحساب لابد لنا من الحوار ثم الحوار ليس من أجل الحوار وإنما من أجل الوصول إلى الحق…والى الوحدة والتلاحم…"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا".
نسأل الله العلي العظيم أن يؤلف بين قلوبنا ويجمعنا على الحق الذي يرضيه عنا وان يلهمنا رشدنا.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
. .
ألغًل’ـٍآكلًـٍـهْ . .