التصنيفات
الصف الحادي عشر

تقرير عن الموارد الإقتصادية للصف الحادي عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

الموارد الاقتصـــــــــــــــــــــادية
يتزايد اهتمام معظم (أن لم يكن جميع) الدول في الوقت الحاضر بدراسة الموارد الاقتصادية، حيث أنه بقدر ما يتاح من موارد لمجتمع ما، يتجدد مستوى الرفاهية الاقتصادية، ناهيك عن أن غنى وفقرالدول في الوقت الحاضر يقاس ليس فقط بما في حوزتها من موارد، ولكن أيضا بمقدرتها على استغلالها بكفاءة.

وعموماً فهناك العديد من الأسباب التي تدعو إلى دراسة الموارد الاقتصادية لعل من أهمها:

أ. ندرة الموارد وتعدد الحاجات:

تواجه كافة المجتمعات مشكلة اقتصادية تتمثل في ندرة المتاح لديها من الموارد، في الوقت الذي تتعدد حاجات سكانها وتتزايد بصفة مستمرة وتبدو خطورة هذه المشكلة عندما نعرف أن هذه الموارد، حتى في حالة زيادتها تنمو بمعدل يقل كثيراً عن معدل زيادة السكان وحاجاتهم. وهذه الحقيقة معروفة منذ القدم، فقد نبه إليها (مالتس) منذ القرن الثامن عشر حيث قدر ما معناه أنه في الوقت الذي تتخذ فيه الزيادة في السكان شكل المتوالية الهندسية، فإن الزيادة في الموارد تتخذ شكل المتوالية العددية.

وعلى ذلك فان لم تقم هذه المجتمعات بالتصدي لمشكلة ندرة مواردها وقصورها عن تلبية حاجاتها فقد يأتي وقت تتدهور فيه القدرة الإنتاجية لبعض هذه الموارد. بل وقد يكف بعضها عن العطاء، ولذلك لا مفر أمام هذه الدول من بذل قصارى جهدها في محاولة البحث عن موارد جديدة تستطيع أن تسهم في الارتفاع بمستويات اشباعها أو على الأقل تحافظ عليها. ليس هذا فحسب، وإنما يتعين عليها اولاً وقبل كل شيء أن تحاول استخدام المتاح لديها من الموارد بأكثر الطرق كفاءة من الناحية الاقتصادية بمعنى وصولها إلى التخصيص الأمثل لمواردها يعني تخصيص الموارد، عموماً، تلك الطريقة التي يتم بها توزيعها على استخداماتها البديلة المختلفة بحيث يتحقق في النهاية قدر معين من الإنتاج.

إذا افترضنا مبدئياً أن هناك نمطاً توزيعياً (تخصيصاً) معيناً للموارد يؤدي إلى تحقيق حجم معين من الإنتاج، وأمكن مع ذلك اعادة تخصيص نفس هذا القدر من الموارد بطريقة مختلفة تولد عنها قدر اكبر من الإنتاج فمعنى ذلك أن هذا التخصيص المبدئي لم يكن يمثل أفضل طريقة لاستخدام هذه الموارد ومن هنا يتضح انه من الممكن تخصيص نفس القدر من الموارد بطرق مختلفة يحقق كل منها حجماً مختلفاً من الإنتاج. فإذا ما وجد ثمة تخصيص معين يحقق اكبر قدر ممكن من الإنتاج، فإن أي تخصيص آخر غيره لابد وأن يؤدي إلى انخفاض حجم الإنتاج. ومن ثم يمكن تعريف التخصيص الأمثل للموارد بأنه تلك الطريقة التي يتم بها استخدام الموارد المتاحة بحيث يتولد عن هذا الاستخدام اكبر قدر ممكن من الإنتاج. وبتعبير اكثر دقة، فإن التخصيص الأمثل للموارد هو ذلك الاستخدام الذي يترتب على أي تغير فيه انخفاض حجم الإنتاج.

ب. التنمية الاقتصادية:

يعيش العالم اليوم عصراً يطلق عليه عصر التنمية الاقتصادية حيث تحاول جميع الدول قاطبة، المتخلف منها والمتقدم، أن تقوم بتنمية اقتصاداتها (لعل من شواهد ذلك أن اطلقت هيئة الأمم المتحدة على العقد الماضي (الثمانينيات العقد الأول للتنمية).

وترتبط عملية التنمية، في الواقع (بحجم المتاح من الموارد وطريقة استخدامها. حيث أن زيادة المتاح في هذه الموارد وحسن استخدامه يعجل بلا شك بعملية التنمية وتختلف الدول المتقدمة عن المتخلفة من حيث حجم الموارد المتاحة في كل منها، وذلك في حد ذاته يفرض على الدول المتخلفة ضرورة التعرف على مواردها وحصرها والشروع في وضعها في دائرة الاستغلال بطريقة كفء حتى تتمكن من وضع وتنفيذ برامجها التنموية الطموحة التي تساعدها على الأخذ بأسباب التقدم وتسرع بها قدماً عن طريق الرخاء.

ومن الجدير بالذكر أن هناك عاملاً اضافياً يعرقل مسار التنمية الاقتصادية في الدول المتخلفة ويضع عبئاً اضافياً على استخدامها لمواردها وهو ما يطلق عليه (أثر المحاكاة) أو ثورة التوقعات العالية، ويتمثل هذا العامل في أن سكان الدول المتخلفة، نتيجة تقدم وسائل الاتصال والمواصلات، تتعرف بسرعة وتحاول – بصرف النظر عن جدوى ذلك – تقليد هذه الانماط ومحاكاتها. ويتطلب ذلك ضرورة توفير المزيد من السلع والخدمات المستخدمة التي لم تكن الموارد المتاحة مطالبة أصلاً بتوفيرها لو لم يمارس أثر المحاكاة ضغوطه، وهذا في حد ذاته يزيد من حدة مشاكل الموارد في هذه الدول ويستدعي معالجتها بمزيد من الحكمية والرشادة.

ج. حماية الموارد والمحافظة عليها:

يتميز أي مجتمع انساني بأنه مجتمع حركي وليس ساكناً. وحيث أن الموارد الاقتصادية في أي مجتمع كما عرفنا سلفاً، هي اصلاً نادرة ومحدودة، فضلاً عن أنها ليست حكراً على جيل واحد بل هي ملك لكافة الأجيال المتعاقبة، لذلك يلزم استخدام المتاح منها بطريقة لا تؤدي إلى تبديدها بل وتضمن حمايتها وزيادتها كلما امكن ذلك حتى يستمر عطاؤها من جيل إلى جيل.

وحماية الموارد والمحافظة عليها يتطلب حصرها حصراً كاملاً وشاملاً لتحديد امكانات استغلالها حالياً ومستقبلاً ووضع الخطط والبرامج التي تتضمن عدم الاسراف في استخداماتها.

وهناك أمثلة كثيرة على ذلك، ففي بعض المجتمعات التي تتمثل مواردها الطبيعية في غابات واشجار كثيراً ما تسن الدولة تشريعات تحرم قطع الأشجار في مناطق معينة ولفترات معينة خوفاً من تبديد هذه الموارد. وكذلك فان هناك بعض الدول التي قد تحرم صيد بعض الحيوانات أو الاسماك في سن معينة وفي مناطق معينة ولفصول محددة. وقد تحرم دول أخرى أو تحد من استخراج معادن معينة من مناجم معينة في أوقات معينة وكل ذلك هو بهدف المحافظة على الموارد وضمان عدم استنفاد قدراتها الإنتاجية.

ومن ناحية اخرى، قد تقوم بعض الدول – منفردة أو مجتمعة – بالعديد من الاجراءات التي تهدف إلى حماية البيئة من التلوث منها مؤتمر ستوكهولم الذي عقد في يونيو 1972 وكان غرضه الرئيسي جذب الانتباه إلى المخاطر المتولدة عن التلوث.

د. آثار الحروب:

تمثل الحروب عامة سواء كانت دوافعها الحصول على الأرض مباشرة (الحروب العربية الاسرائيلية) أو من أجل السيطرة على الموارد (الحروب الاستعمارية) عبئاً على الموارد الاقتصادية المتاحة البشرية منها وغير البشرية.

فبالنسبة للموارد البشرية، يتمثل هذا العبء في فقدان كامل لجزء من القوى البشرية متمثلاً في شهداء الحروب أو في ظهور قوة عاملة غير منتجة مثل مشوهي الحروب الذين يتعين على المجتمع أن يضمن لهم حياة كريمة نظير ما قدموه له من خدمات. وبالنسبة للموارد غير البشرية، تؤدي الحروب إلى استخدام جزء منها في الإنتاج الحربي، مما يعني تحول هذه الموارد بعيداً عن الإنتاج المدني، بالإضافة إلى تخصيص جزء من الإنتاج المدني وتوجيهه لخدمة مطالب القوات المسلحة. وهذا يعني انخفاضاً في مستوى الرفاهة الاقتصادية للمجتمع متمثلاً في انخفاض حجم السلع المدنية الذي كان يمكن أن يتحقق لو أن هذا الجزء من الموارد لم يخصص لخدمة الأغراض العسكرية. بالإضافة إلى ذلك فللحرب أثر مباشر يتمثل في الدمار الذي يلحق بالكثير من المنشآت القائمة وتوقف بعض أوجه النشاط الاقتصادي كلياً أو جزئياً وهي أمور تمثل بلا شك ضياعاً لجزء كبير من موارد المجتمع واستنزافاً لها.

وبسبب توقف، أو التهديد بتوقف، طرق المواصلات نتيجة الحروب فقد تضطر بعض الدول إلى استغلال جزء من مواردها استغلالاً غير اقتصادي، وذلك بتوجيهها إلى انتاج سلع لم تكن لتنتجها في الظروف العادية. مثال ذلك ما فعلته انجلترا خلال فترة الحربين العالميتين، حيث اقتضتها ظروف الحرب إلى التوسع في الإنتاج الزراعي فاستغلت أراضي لم تكن مهيئأة للاستغلال الزراعي من قبل.

بالإضافة إلى ذلك، فإن سوء توزيع الموارد بين دول العالم ادى إلى تسابق بعض الدول الكبرى في محاولة لفرض سيطرتها على المصادر الأولية في بعض الدول الاخرى، الأمر الذي أدى إلى انقسام العالم إلى كتل واحلاف يسعى كل منها إلى تحقيق اكتفاء ذاتي فيما بينها.

أنواع الموارد

تتبنى معظم الكتابات التقليدية اتجاهاً مؤداه تقسيم الموارد استناداً إلى ثلاثة معايير، وهي:

أ. معيار التوزيع الجغرافي:

وعلى اساسه يكون المورد إما متوافراً في جميع الأماكن كالأوكسجين في الهواء، أو في اماكن متعددة كالأراضي الصالحة للزراعة، أو في أماكن محدودة كالمعادن التي في جوف الأرض، أو متمركزاً في مكان واحد مثل النيكل في كندا.

ب. معيار القدرة على التجرد:

وتبعاً له يكون المورد إما متجدداً، كالأشجار والغابات والثروة الحيوانية، أو فانياً مثل زيت البترول والفحم والغاز الطبيعي.

ج. معيار الأصل:

ووفقاً له يكون المورد إما طبيعياً أو بشرياً، أو مصنعاً.

وفي الواقع فإن هذه المعايير الثلاثة ليست مانعة بالتبادل، بمعنى أن الأخذ ببعضها لا يتعارض مع الأخذ بغيره، فضلاً عن أنها تتكامل معاً في توصيف المورد محل البحث. فقد يكون مورد ما، طبيعياً (من حيث أصله)، فانياً (من حيث قدرته على التجدد)، ومتوافراً في أماكن محدودة (من حيث توزيعه الجغرافي) كما هو الحال بالنسبة للبترول مثلاً. ومن هنا يوجد، في رأينا، ثمة تقسيم واحد – عريض – للموارد – هو الذي يميز بينها من حيث الأصل، أما التقسيمات الأخرى فلا تعدو أن تكون مجرد تقسيمات جزئية مشتركة في داخل كل فرع من فروع هذا التقسيم الأساسي.

وعلى هذا (نتناول فيما يلي أنواع الموارد من حيث أصلها، موضحين بالنسبة لكل نوع طبيعة توزيعه الجغرافي وقدرته على التجدد – كلما كان ذلك ممكناً:

أولاً – الموارد الطبيعية:

كانت الموارد الطبيعية تعني عند معظم الاقتصاديين القدامى (سطح الأرض) ولذلك ركزوا على أنها اصيلة لا تهلك، غير أن الفكر الاقتصادي المعاصر ينظر إلى الموارد الطبيعية نظرة اكثر عمومية وشمولاً، فيعرفها بأنها أية أشياء مادية لها قيمة اقتصادية ليس للإنسان دخل – مباشر – في ايجادها. فمثلاً، المخزون الطبيعي من المعادن، ومدى توافر المصايد والغابات، وكذلك المناخ والتضاريس والمساقط المائية والموقع الجغرافي، كلها أشياء لها تأثير على الثروة القومية، وذلك دون أن يكون للإنسان دخل مباشر في ايجادها، وعلى ذلك يمكن القول بأن سطح الأرض وما عليه وما حوله، وما في داخله، هو ما نقصده بالموارد الطبيعية. فسطح الأرض من يابس وماء، وما يتميز به من تضاريس ومناطق مناخية متباينة يؤثر بطريقة مباشرة على نوعية النشاط الاقتصادي الذي يمارسه سكان كل منطقة فعلى سبيل المثال، نجد أن سكان المناطق الساحلية والمناطق المشتملة على مسطحات مائية كبيرة، يتميز نشاطهم الاقتصادي اساساً بالتجارة (النقل البحري) والصيد كما أن المناخ الذي تتميز به المناطق المختلفة – بالإضافة إلى نوعية التربة الموجودة – يؤثر بطريقه مباشرة في تحديد نوعية النشاط الزراعي الذي يمارسه سكان كل منطقة، بالإضافة إلى تحديد طول الموسم الزراعي نفسه.

كذلك، فيما يحتويه باطن الأرض (القشرة الارضية) من ثروات معدنية كالحديد والفحم والنحاس والبترول… الخ. يعتبر من الموارد الطبيعية التي يحدد مدى توافرها، طبيعة النشاط الاقتصادي الرئيسي لسكان المناطق التي يتوافر فيها.

أما ما يحيط بالأرض من موارد طبيعية، فتتمثل في الغلاف الجوي الذي يحيط بالكرة الأرضية. وإذا كان الغلاف الجوي يعتبر من الموارد الطبيعية التي لا تزال بكراً لم تستغل كما يجب حتى الآن – بالرغم من أنها تعد بامكانات كبيرة مستقبلاً – فان اضطراد التقدم الاقتصادي (والتقني) في المجالات المختلفة كثيراً ما يترتب عليه تلوث هذا الغلاف. ومن هنا ظهرت مشكلة تلوث البيئة، ولهذا السبب بدأ حديثاً الاهتمام بالمحافظة على الموارد من خلال المحافظة على البيئة المحيطة بالانسان، حتى تظل خالية من التلوث بقدر الامكان.

وبالنسبة للتوزيع الجغرافي للموارد الطبيعية، فإن بعضها قد يكون متوفراً في جميع الأماكن بحيث لا يواجه الإنسان أية صعوبات في سبيل الحصول عليه، ومن ثم لا يصاحب عملية انتاجه أو توزيعه أية مشكلة اقتصادية. ومن أمثلة ذلك غاز الأوكسجين الموجود في الهواء حيث يحصل كل كائن حي على احتياجاته من دون مقابل على انه يجب الإشارة هنا، إلى أن ذلك ليس صحيحاً على إطلاقه فإن في بعض الأحيان يطلب الأوكسجين معبأً في صورة خاصة لمواجهة احتياجات طبية أو صناعية مختلفة، وعندئذ يكون له مقابل مباشر، وحديثاً، اصبح على الإنسان – لكي يحصل على الأوكسجين الذي يكون مصدره الهواء، أن يدفع في سبيل ذلك مقابلاً غير مباشر، يتمثل في تكاليف تنقية الهواء الجوي من التلوث المصاحب للتقدم الصناعي، كذلك قد تكون بعض الموارد الطبيعية متوافرة في أماكن متعددة، وهذه الموارد تتفاوت درجة توافرها أو ندرتها من أقليم لآخر وبالتالي يكون لها سعر يتعين أداؤه في مقابل الحصول عليها. ويتحدد هذا السعر كما هو الحال بالنسبة لأي سلعة من السلع بتفاعل قوى العرض والطلب. ومثال ذلك الأراضي الصالحة لمختلف أغراض الاستغلال الاقتصادي كالزراعة والرعي واقامة المصانع والمساكن والطرق… الخ أيضا قد تتوافر بعض الموارد الطبيعية في أماكن محدودة. وهذه الموارد تتوافر في أماكن دون أخرى، الأمر الذي تنجم عنه مشاكل اقتصادية تتعلق بتسعيرها نظراً لاختلاف ظروف الطلب عليها والعرض منها، ومثال ذلك المعادن التي يتركز وجودها في أماكن محدودة. فالبيترول، مثلاً، يتركز معظم انتاجه في منطقة الشرق الأوسط، ويتركز انتاج التصدير في ماليزيا وبوليفيا واندونيسيا وتايلاند. كما تقوم المانيا وفرنسا والولايات المتحدة بانتاج ما يزيد على (90%) من الإنتاج العالمي للبوتاس. ومن الجدير بالذكر هنا، أنه إلى جانب المشاكل الاقتصادية التي تثيرها ندرة هذه الموار فهناك العديد من المشاكل السياسية – بل والعسكرية – تتعلق بالمنطق القليلة التي توجد فيها هذه الموارد الطبيعية التي تتركز في مكان واحد مثل النيكل الذي تنفرد كندا بانتاج معظمه، كما تتركز مادة (الكربوليت) التي تستخدم في استخلاص الألومنيوم، في الساحل الغربي لجزيرة (جرينلاند).

أما بالنسبة لمقدرة الموارد الطبيعية على التجدد فنجد أن بعضها يعتبر موارد متجددة حين يمكن أن تستمر في العطاء، بشرط أن يستمر الإنسان في الحفاظ عليها وعدم اجهادها. فالتربة الزراعية إذا امكن الحفاظ على خصائصها وعدم اجهادها، فإنها تظل مستمرة في العطاء أما إذا أسيء استغلالها فقد يترتب على ذلك انخفاظ انتاجيتها وضعف معدلات عطائها. ومثال الأرض الزراعية في مصر غير بعيد، فقد انتشرت ظاهرة تجريفها للحصول على الطين اللازم لعمل طوب البناء. ولا يخفى ما في ذلك من خطورة تؤثر على الإنتاجية الزراعية للأرض فتضعفها، خاصة بعد إقامة مشروع السد العالي والذي ترتب عليه احتجاز كميات الطمي التي كانت ترد سنوياً لتضيف قوة إنتاجية جديدة للأرض الزراعية على ضفاف وادي النيل الدائم دون إقامة مشروعات للصرف، ارتفاع نسبة منسوب المياه فيها مما أدى إلى اضمحلال انتاجيتها ومن ناحية أخرى تعتبر بعض الموارد الطبيعية فانية أو غير متجددة. ومثال ذلك الموارد المعدنية والنفط وحيث أن هذه الموارد قد تفنى في يوم ما، فعلى الإنسان أن ينظم استغلالها ويحافظ على الرصيد المتاح منها مراعاة لمصالح الأجيال القادمة.

ثانياً: الموارد البشرية:

تتمثل هذه الموارد في حجم ونوعية القوى البشرية المتاحة، عاملة وغير عاملة. وفي دراستنا للموارد البشرية، أو ما يعرف براس المال البشري، لا ينحصر اهتمامنا في دراسة مشاكل السكان، واعدادهم ومعدل تزايدهم فقط، بل نهتم إلى جانب ذلك بدراسة العوامل التي تؤثر في نوعية العنصر البشري. وفيما يتعلق بنوعية العنصر البشري. يمكن أن نميز اساساً، بين النوعية المكتسبة وغير المكتسبة (أو الذاتية) والنوعية المكتسبة تتمثل في مجموعة من الصفات والخبرات والمهارات والكفاءة، التي لا يولد الإنسان بها بل يكتسبها عن طريق التعليم والتدريب والرعاية الصحية. أما النوعية الذاتية فنقصد بها المواهب الخاصة الفنية أو الابتكارية التي يخص به الله سبحانه فئة قليلة من البشر يولدون بها. وهذه النعم لا يستطيع الإنسان أن يكتسبها بأي ثمن أو تحت أي ظروف ، وإن كان من الممكن تنمية المواهب وصقلها وتهيئة الظروف اللازمة لاستمراريتها وإثرائها. وعموماً، نظراً لأهمية المورد البشري، بدأ حديثاً خلال العقدين – الماضيين وبالتحديد مع بداية الستينيات – الاهتمام جدياً بدراسة (اقتصاديات الموارد البشرية) كفرع مستقل من فروع علم الاقتصاد. وفي الواقع، فإن دراسة اقتصاديات الموارد البشرية تركز اساساً على ثلاثة عوامل تؤثر في نوعية وتوزيع القوى البشرية، فاقتصاديات التعليم واقتصاديات الصحة تؤثر في نوعية المورد البشري، بينما تؤثر اقتصاديات الهجرة في توزيع الموارد البشرية. أما من ناحية الكمية، فيلزم دراسة حجم السكان ومعدل تزايدهم والمشاكل التي قد تنجم عن ذلك مثل مشكلات الغذاء والإسكان والنقل والمواصلات. وترتبط هذه المشاكل كلها بالحجم المتاح من الموارد الطبيعية والمصنعة والقوى العاملة من ناحية، وحجم الموارد البشرية (السكان) كمستهلك للإنتاج من ناحية أخرى.

ومن ناحية التوزيع الجغرافي للموارد البشرية، نذكر اساساً أن العنصر البشري ليس مورداً متوافراً في كل مكان (أي ليس سلعة حرة) حيث يلزم نظراً لطبيعته الخاصة – ككائن حي – وجود حد أدنى من الظروف التي تسمح له بالكينونة، فالإنسان لا يعيش إلا على سطح اليابسة، ليس هذا فحسب بل أن كثيراً من المناطق على سطح اليابسة – لا تسمح – لظروفها غير الملائمة بحياة البشر مثال ذلك ثلاجات المناطق القطبية المتحدة الشمالية والجنوبية، بعض أحراش أفريقيا الاستوائية، بل وفي بعض بقاع الأقاليم المدارية ذاتها. كذلك نجد هناك مناطق تتمتع بالكثافة السكانية ومناطق أخرى تتميز بالخفة السكانية. فالهند والصين ومصر من الدول التي تعاني من مشاكل التزايد السكاني الرهيب واضطراد زيادة معدل النمو السكاني أيضا. بينما استراليا وكندا وبعض دول أوروبا خصوصاً الدول الاسكندنافية (شمال أوربا لا تزال تمر بمرحلة الخفة السكانية، ومن الجدير بالملاحظة. أن الدول التي تكتظ بالسكان، معظمها من الدول المتخلفة، حتى ليختلط الأمر على المرء فيما إذا كان التزايد السكاني بهذه الدول سبباً في التخلف أم نتيجة له هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى إذا جاز لنا أن نتكلم عن فئات نوعية للمورد البشري كمصدر لعنصري العمل والتنظيم لأمكن أن نقول أن العمل غير الماهر هو عنصر متوفر في أماكن عديدة بل في كل مكان مأهول بالبشر. أما العمل نصف الماهر والماهر وعنصر التنظيم، فهي من قبيل الموارد النادرة التي لا تتوافر إلا في أماكن محدودة. ومن المهم أن نذكر أن هذا لا يعني أن الأماكن التي لا يتوافر فيها العمل الماهر أو التنظيم ستظل محرومة منها دائماً لأن عامل الهجرة يمارس تأثيره الملحوظ في اعادة تشكيل نمط التوزيع الجغرافي لهذين العنصرين بين الدول المختلفة، وبذلك يعمل على تحقيق قدر من التوازن النسبي بين العمل وعوامل الإنتاج الأخرى.

أما من حيث قدرة الموارد البشرية على التجدد، فإنها تنقسم بالاستمرارية طالما يتم المحافظة عليها ورعايتها وعدم اجهادها. فالعمل غير الماهر يمكن أن يتحول إلى عمل ما هر عن طريق تهيئة الظروف المناسبة مثل تصميم البرامج التعليمية وإعداد مراكز التدريب ومنح الفرص للمواهب الشابة لتبوّء المراكز القيادية في المشروعات. فضلاً عن ضرورة تبني نظم للحوافز والدوافع التي تعمل على خلق مثل هذه الموارد النادرة في المناطق التي تفتقر إليها، ناهيك عن عدم هجرة الموجود منها إلى مناطق أخرى، وليس يخفى أن كثيراً من دول العالم المتخلفة – ومن بينها مصر – التي تفتقر إلى هذين العنصرين (العمل الماهر والتنظيم) تعاني من مشكلة (هجرة العقول) إلى الخارج، سواء كان الدافع إلى ذلك هو الحصول على فرص حياة أفضل أو سعياً إلى ما قد يوفر لهم إمكانيات التقدم أو هرباً من مشاكل اجتماعية أو سياسية أو غيرها. بالإضافة إلى ذلك يجب الاهتمام بالبرامج الصحية، فبجانب أنها تؤدي إلى تحقيق زيادة كمية في حجم العنصر البشري عن طريق تخفيض معدلات الصرفيات، إلا أنها من الناحية النوعية ثبت وجودها بالنسبة إلى قدرة العنصر البشري على التجدد، حيث أن التحسينات في المستويات الصحية تؤدي إلى تحسين نوعية العنصر البشري بزيادة قدرته الإنتاجية.

ثالثاً: الموارد المصنعة:

وهذه الموارد هي نتاج تفاعل الإنسان مع الطبيعة وتعرف اساساً برأس المال المادي. ويضم رأس المال المادي مكونات عديدة مثل الموارد الطبيعية المستخرجة من الأرض بعد معالجتها صناعياً وتحويلها إلى معدات وآلات إنتاجية (كالحديد والألومنيوم) وجميع التجهيزات الأساسية من مباني وخلافه والتي تسبق النشاط الصناعي، كذلك فالمنتجات الزراعية التي تدخل كمواد أولية في بعض الصناعات (كالقمح والقطن والصوف) هي شكل من أشكال رأس المال المادي. والموارد المصنعة لا تنصب فقط على رأس المال المادي بأشكاله المختلفة، بل تنسحب أيضا إلى نوع آخر من رأس المال يطلق عليه البعض (رأس المال الاجتماعي) أو ما يعرف باسم (البنية الاقتصادية الأساسية) والذي يتمثل في مجموعة الطرق والانشاءات والجسور وخطوط السكك الحديدية وبعض المجاري والمحطات المائية التي استحدثها الإنسان مثل قناة السويس وقناة بنما وبحيرة ناصر ونفق أحمد حمدي الذي يمر من تحت قناة السويس رابطاً صحراء سيناء بمصر الأم.

ويمثل رأس المال الاجتماعي ضرورة اساسية لمزاولة النشاط الصناعي لما لوجوده من أهمية قصوى فيما يتعلق بربط مواطن وجود المواد الأولية بأماكن الإنتاج ثم بأماكن الاستهلاك. وحديثاً، فإن هناك بعداً جديداً يضاف إلى تعريف رأس المال وهو مستوى (المعرفة التقنية) لما لذلك من آثار مباشرة وملموسة على مستوى الإنتاج خصوصاً مع استمرار التقدم والتغير التقني وفي رأينا أن هناك شكلا آخر من أشكال الموارد المصنعة زادت أهميته النسبية في الآونة الأخيرة – ولا تزال – وهو ما يمكن أن نسميه بالمعالم الأثرية. ويمكن أن نعتبر المعالم الأثرية أحد مكونات رأس المال المادي حيث أنها تساهم في خلق وتنشيط صناعة جديدة هي صناعة السياحة. وهذه الصناعة لها العديد من الآثار المباشرة وغير المباشرة على مستوى العمالة والانتاج والدخل في المجتمعات التي لا توجد بها. ومن ناحية التوزيع الجغرافي، فإن الموارد المصنعة بعضها موجود في أماكن عديدة مثل المنتجات الزراعية التي تدخل كمواد أولية في بعض الصناعات كالقمح والقطن والصوف وبعضها يوجد في أماكن محدودة كالحديد والألومونيوم والمعالم الأثرية.

أما من حيث القدرة على التجدد فإن بعض الموارد المصنعة يمكن أن يستمر الإنسان في الحفاظ عليها مثل راس المال الاجتماعي والمعالم الأثرية. بينما بعض الموارد المصنعة يعتبر من قبيل الموارد الفانية مثل المنتجات الزراعية الأولية – أو الموارد الطبيعية المعالجة صناعياً

م/ن

بالتوفيق

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.