أهمية الماء
يشكل الماء 70% من مساحة اليابسة ويشكل الماء 65% من وزن الإنسان فإن ما بين 40 ـ 50 ليتراً من الماء هي أنت .
كما أن للماء دور كبير في سير التفاعلات الكيميائية داخل أجسام النباتات والحيوانات وذلك من أجل الحصول على الطاقة وللماء دور في تغير سطح الأرض من خلال عمليات الحت.
خواص الماء الكيميائية والفيزيائية الفريدة :
1 ـ الرابطة التشاركية القوية : إن البناء الفريد للماء يجعل جزيئاته متماسكة ومرتبطة بروابط هيدروجينية، ويصبح كل جزيء مرتبطاً بأربعة جزيئات مجاورة، وكل منها بأربعة، وهكذا تبدوا جميع الجزيئات مرتبطة ببعض في شبكة فراغية متماسكة، ولولا هذا لكانت درجة غليان الماء (-80م) ودرجة تجمده ( -100 م ) ولاستحال وجود الماء على شكل سائل وصلب على سطح الأرض ولاستحالت الحياة فمن غيرُ الله يعرف خواص كل من الأوكسجين والهيدروجين ويعلم أنه إذا شكلا جزيئاً فإنه لن يتواجدا بحالة سائلة أو صلبة إلا إذا كانت الرابطة التي تربط بينهما رابطة هيدروجينية قوية .
2 ـ السعة الحرارية الكبيرة للماء : من المعلوم أن درجة غليان الماء مرتفعة وذلك لقوة رابطته التشاركية لذلك فهو يمتص قدرة حرارية كبيرة لكي يتبخر حيث كل غرام من الماء السائل يحتاج إلى 540 حريرة ليتحول إلى بخار وهذه الخاصية تعطي الماء دوراً فريداً في نقل القدرة من مكان لآخر، فالماء الذي يتبخر من المحيطات تسوقه الرياح مئات وآلاف الكيلومترات إلى أماكن باردة فعند تبرد البخار وتحببه وتساقطه على شكل قطرات مطر ينشر معه الطاقة التي أمتصها أثناء تبخره فيساهم في رفع درجة الحرارة في تلك المناطق وتلطيف حرارة الجو وكذلك في أثناء تساقط الثلوج فكم هذه الحرارة المنتشرة كبيرة إذا علمنا أنه يتبخر كل عام 520 ألف كيلوا متر مكعب من الماء .
3 ـ تمدد الماء عند تصلبه : وهناك خاصة فريدة أخرى للماء فنحن نعلم أن كل الجوامد المعروفة يتناقص حجمها عندما تتبرد ، و هذا صحيح في جميع أنواع السوائل المعروفة على السواء عندما تتناقص درجات حرارتها ، وأثناء ذلك تتناقص حجمها، و أثناء تناقص حجمها تزداد الكثافة، وبالتالي تغدوا الأجزاء الباردة من السائل أثقل ، ولهذا السبب تزن الأشكال الصلبة للمواد أكثر ( بالحجم ) من كونها في الشكل السائلي لكن توجد حالة واحدة لا ينطبق فيها هذا القانون و هي حالة الماء ، فهو مثل جميع السوائل يتقلص في الحجم كلما صار أبرد ، ويفعل ذلك فقط مادامت درجة حرارته فوق أربع درجات مئوية ، و لكن ما أن يصل لدرجة أربع درجات مئوية خلافاً للسوائل المعروفة فإنه يبدأ بالتمدد ، وأخيراً عندما يتجمد فإنه يتمدد أكثر من ذلك ، و نتيجة لتصلب الماء و تمدده يصبح وزنه أخف من الماء السائل فيطفوا على سطح الماء، ولهذه الخاصية البديعة فائدة عظيمة لتلك الكائنات المائية التي تعيش في المناطق الباردة والمتجمدة فعندما تنخفض درجة حرارة الماء في فصل الشتاء في الأحواض المائية ( نهر _بحيرة _ بحر… ) نتيجة انخفاض درجة حرارة الغلاف الجوي المحيط تتجمد طبقة الماء السطحية فتتمدد وتزداد كثافتها فتطفوا على سطح الماء وتشكل عازلاً طبيعياً بين الغلاف الجوي البارد والماء أسفل الحوض فتساهم تلك الخاصة في خفض درجة حرارة الماء واعتداله مم يحول دون تجمد الحوض المائي فيساهم هذا العازل الطبيعي إضافة إلى الحرارة المنتشرة من تجمد الجليد على تلطيف حرارة الماء والمحافظة على حياة الأحياء المائية وتجنيبها خطر التجمد والموت .
4 ـ التوتر السطحي للماء عالية : نتيجة لقوى التجاذب بين جزيئات الماء يلاحظ أن قيمة التوتر السطحي للماء عالية جداً وتبلغ 72 ميلي نيوتن /المتر وهي تفوق الضغط الجوي فهذه الخاصة هي التي تجعل الماء يرتفع بنفسه في الأوعية الشعرية في الأشجار وتعرف بالخاصة الشعرية فيحمل الماء من خلالها الغذاء إلى الخلايا النباتية حتى ارتفاعات عالية ، كما أنها هي المسئولة عن تحريك الماء في المسامات والفراغات والأقنية والشقوق الدقيقة في التربة والصخور نحو الأعلى حتى تتساوى قوة التوتر السطحي للماء مع قوة الجاذبية الأرضية مم يسهل على جذور النباتات الحصول على الماء في المناطق الجافة والصحراوية .
5 ـ تعد قيمة ثابت العزل الكهربائي للماء عالية جداً وهي نحو ( 80 ) في جزيئات الماء وتكون مراكز الشحنات الموجبة والسالبة منزاحة كثيراً عن بعضها البعض، فنلاحظ أنه عند غمر جسم ما في الماء نلاحظ أن القوى الناشئة بين الجزيئات أو الذرات على سطحه تضعف تحت تأثير الماء مئة مرة تقريباً ، فإذا أصبحت الرابطة بين الجزيئات غير قادرة على مقاومة فعل الحركة الحرارية بدأت جزيئات الجسم أو ذراته بالانفصال عن سطحه والانتقال إلى الماء، وبدأ الجسم عندئذ بالذوبان حيث يتفكك إلى جزيئات مستقلة كما يحدث للسكر عند ذوبانه في كأس من الشاي أو يتفكك إلى جسيمات مشحونة ( أيونات ) كما يحدث لملح الطعام .
و يعتبر الماء ، بفضل ثابت عزله الكهربائي الكبير جداً، من أقوى المذيبات ( المحلات )، فباستطاعته أن يذيب أي صخر كان على سطح الأرض، والماء يفتت ببطء الغرانيت ويسحب أو يمتص منه الأجزاء السهلة الذوبان فتحمل مياه الأنهار والجداول والسواقي الشوائب المنحلة فيها وتقذف بها في المحيطات التي تتراكم فيها الأملاح والشوائب على مدى العصور ،لذلك تكون مياه البحار والمحيطات مشبعة بالأملاح والمعادن والشوائب التي بدورها تمنع المياه من أن تتسنه وتتنتن وتتحول إلى مستنقعات فتموت بالتالي معظم الأحياء البحرية .
و لهذه الخاصة أهمية كبيرة للنبات فالماء يذيب الأملاح والمعادن والشوائب الضرورية لحياة النبات التي تنتقل عبر الأنابيب الشعرية إلى الخلايا النباتية فتبارك الله أحسن الخالقين .
6.المفعول(الأعلى، الأخفض ) للتجمد :
تتجمد السوائل عادة من الأسفل نحو الأعلى لكن الماء على العكس فهو يتجمد من الأعلى نحو الأسفل، وطبعاً هذه أول خاصة غير مألوفة للماء، وهذه الخاصة هي خاصة حاسمة لبقاء الماء على سطح الأرض، وإذا لم تكن تلك الخاصة محققة، أي إذا كان الجليد لا يطفو فكثير من ماء كوكبنا سوف يحتجز بشكل جليد، عندئذ تصبح المياه غير ممكنة في بحارها وبحيراتها وبركها وأنهارها .
دعنا نفحص هذا بالتفصيل ولنرى لماذا ؟ يوجد العديد من الأماكن في الأرض حيث تهبط درجات الحرارة في الشتاء إلى ما دون الصفر المئوية، وغالباً ما يتم ذلك بشكل معتبر، وطبعاً مثل ذلك البرد سيؤثر في ماء البحار والبحيرات ..
فتأخذ تلك العوالم المائية بالتبرد شيئاً فشيئاً وتبدأ أجزاء منها بالتجمد فإذا كان الجليد لا يسلك الطريق التي يسلكها عادة وهي أنه يطفو، فالجليد سوف يغرق للأسفل بينما الأجزاء الأدفئ من الماء سوف تصعد للسطح وتتعرض للهواء الذي درجة حرارته مازالت تحت التجمد، فيحدث تجمد تالي وهكذا تغرق كلها إلى الأسفل، وسوف تستمر هذه العملية حتى لا يصبح هناك ماء سائل موجود على الإطلاق، لكن ليس ذلك هو ما يحدث، بل ما يحدث هو شيء آخر مختلف أي ما يحدث بدلاً من ذلك هو التالي : أثناء تبرد الماء يتزايد الماء في ثقله حتى تصل درجة حرارته إلى (4س) وعند تلك النقطة يحدث تغير مفاجئ لكل شيء، فبدلاً من حدوث تقلص للماء فإنه يبدأ بالتمدد ويصبح وزنه أخف مع هبوط درجة الحرارة، والنتيجة هي أن الماء ذي الدرجة (4س) يبقى في الأسفل والماء ذي الدرجة (3س) يكون فوقه وماء الدجة (2س) فوقه وهكذا يالتدريج حتى الوصول إلى السطح، عندئذ تكون درجة حرارته هي الصفر المئوية فقط وهنا يحدث التجمد، أي أن السطح فقط هو الذي يتجمد، أما طبقة الماء ذات الدرجة (4س ) فإنها تبقى سائلة تحت الجليد، وهي كافية لاستمرار حياة المخلوقات والنباتات تحت سطح الماء .
يجب أن نشير هنا إلى الخاصية الخامسة للماء وهي انخفاض الناقلية الحرارية للجليد والثلج فهي أيضاً حاسمة في هذه العملية، وبسبب كونهما ضعيفتين جداً للنقل الحراري فطبقاتهما تحتفظ بحرارة الماء في الأسفل وتمنعها من الهروب للجو، ونتيجة لذلك فحتى ولو هبطت درجة حرارة الهواء لما دون الصفر وليكن لـ( -0.5س )، فطبقة الجليد في البحر سوف لن يزيد سمكها عن مترٍ أو مترين لدى المخلوقات التي تقطن المناطق القطبية مثل الفقمة ( عجل البحر ) والبطريق، فهي تستفيد من ذلك لتصل الماء أسفل الجليد .
مرة أخرى دعنا نتذكر ماذا سيحدث لو كان الماء لا يسلك هذا الطريق وإنما سلك طريقاً نظامية بدل ذلك، ولنفرض أن الماء استمر في تكثفه مع انخفاض درجة حرارته وأن سلوكه هذا يماثل سلوك بقية السوائل الأخرى كلها وأن الجليد غرق إلى الأسفل، فماذا يحدث عندئذ ؟
حسناًُ في هذه الحالة فإن عملية التجمد في البحار والمحيطات ستبدأ من الأسفل وتتابع كل الطريق نحو الأعلى بسبب عدم وجود طبقة من الجليد على السطح لتمنع الحرارة الباقية من النجاة والهروب للجو .
وبكلمة أخرى فإن معظم بحيرات الأرض والبحار والمحيطات ستصبح جليداً صلباً مع بقاء طبقة من الماء سمكها بضع أمتار على سطح الجليد وليس تحته .
وحتى ولو تزايدت درجة حرارة الهواء فإن الجليد في الأسفل سوف لن ينصهر كلياً بشكل مطلق، ففي بحار هذا العالم ( الافتراضي ) لن تكون هناك حياة، وأيضاً وفق مبادئ علم ( الإيكولوجي ) وهو علم يدرس العلاقة بين الأحياء وبيئتها في البحار، فوفق هذا النظام سوف لن تكون هناك حياة على اليابسة أيضاً، وبكلمة أخرى إذا كان الماء لا يسيء سلوكه وتصرفه، وعمل بشكل نظامي فإن كوكبنا سيكون عالماً ميتاً لا محالة .
لماذا لا يسلك الماء سلوكاً نظامياً ؟ ولماذا يبدأ بالتمدد فجأة عند الدرجة (4س) بعد أن تقلص بالطريقة التي يجب أن تكون ؟
طبعاً لأن الله سبحانه وتعالى قد جعله ملائماً للحياة .
ارجو التقييم