– الإيجاز :
ôهو التعبير عن الأفكار الواسعة و المعاني الكثيرة بأقل عدد من الألفاظ .
وهو نوعان :
أ – الإيجاز بالحذف : ويكون بحذف كلمة أو جملة أو أكثر مع تمام المعنى .
مثل :
ôو جاهدوا في × الله حق جهاده . أي في سبيل الله .
ôو اسأل × القرية أي أهل القرية .
ôخلقت × طليقاً أي خلقك الله طليقاً .
ب – الإيجاز بالقصر : ويكون بتضمين العبارات القصيرة معاني كثيرة من غير حذف
مثل :
ô قال تعالى: " أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ " العبارة توضح معاني كثيرة تتعلق بالخالق و عظمته و قدرته و وحدانيته …. إلخ .
ô" ولكم في القصاص حياة " العبارة توضح معاني كثيرة من تخويف للقاتل و حقن للدماء و شعور بالأمن والأمان …إلخ .
ô قال الرسول – صلى الله عليه وسلم – : إذا لم تستح فاصنع ما شئت !! رواه البخاري.
وفي قول الرسول – صلى الله عليه وسلم – ( إذا لم تستح فاصنع ما شئت) ، الكثير من المعاني التي يحملها ذلك الأمر التهديدي ، ومعناه أنه إذا انتزع الحياء من نفس الإنسان فقد يعمد إلى عمل الفواحش والمنكرات بأنواعها ، سراً وجهراً ، قولاً وعملاً ، ولكن العاقل يدرك أن وراء هذا القول ما وراءه من تهديد ووعيد ، فمن يقدم على ذلك ، فالحساب أمامه والعقاب ينتظره .
ôجاء في رسالة الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلى كسرى : أسلم تَسْلَمْ رواه البخاري.
وفي قول الرسول ( أسلم تسلم) غاية الإيجاز ، ومنتهى الاختصار ، فمعنى هاتين الكلمتين : اعرف الإسلام ، وادخل فيه ، وسلِّم أمرك للَّه ، بالانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك ، فإن تحقق ذلك سلمت نفسك من العذاب وسلطانك من الانهيار
هام جداً :
الفرق بين نوعي الإيجاز ، هو أن إيجاز القصر يُقدَّر فيه معان كثيرة ، أما إيجاز الحذف فغايته هي اختصار الكلام وقلة ألفاظه.
سر جمال الإيجاز :
إثارة العقل وتحريك الذهن ، وإمتاع النفس .
لبيان نوع الإيجاز في العبارات الآتية :
(1) – قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} (82) سورة الأنعام.
(2) – و قال تعالى: {قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ}
(85) سورة يوسف(3) – و قال تعالى: {أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا}
(31) سورة النازعات.(4) – و قال تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ}
(106) سورة آل عمران.(5) – وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَل لِّلّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَن لَّوْ يَشَاء اللّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}
(31) سورة الرعد.(6) – وقال أبو الطيب : أتَى الزّمَانَ بَنُوهُ في شَبيبَتِهِ فَسَرّهُمْ وَأتَينَاهُ عَلى الهَرَمِ
(7) – أكلتُ فاكهةً و ماءً.
الإجابة :
(1) – في الآية إيجاز قِصَر ، لأن كلمة {الأمن } يدخل تحتها كل أمر محبوب ، فقد انْتَفَى بها أن يخافوا فقرًا ، أَو موتاً ، أو جوْراً ، أو زوال نعمة ، أو غير ذلك من أصناف المكاره .
(2) – في الآية إيجاز حذف ؛ لأن المعنى {تالله لا تفتأ تذكر يوسف}
فحذف حرف النفي.(3) – في الآية إيجاز قصر ، فقد دل الله سبحانه بكلمتين على جميع ما أخرجه من الأرض قوتا و متاعاً للناس من العُشب والشجر والحطب واللِّباس والنار و الماء .
(4) – في الآية إيجاز حذف ، فقد حُذف جوابُ أَمَّا ، وأصل الكلام : {فيقال لهم أكفرتم بعْد إيمانكم }.
(5) – في الآية إيجاز بحذف جواب لو ، إذ تقدير الكلام لكان هذا القرآن .
(6) – في البيت إيجاز بحذف جملة : و التقدير و أتيناه على الهَرم فساءنَا.
(7) – في العبارة إيجاز حذف جملة ، إذ التقدير و شَربْت ماء .
(أ) – بين نوع الإيجاز فيما يأتي ووضح السبب :
(1) – قال تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} (91) سورة المؤمنون
(2) – وقال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}
(199) سورة الأعراف(3) – وقال عليه الصلاة والسلام : « إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا » .
(4) – وقال تعالى في وصف الجنة: {.. وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ..}
(71) سورة الزخرف.(5) – و قال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ}
(51) سورة سبأ .(6) – وقال تعالى: {وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ } (4) سورة فاطر.
(7) – وقال صلى الله عليه وسلم : " الطمعُ فقرٌ واليأسُ غِنًى " .
(8) – وقال علي – كرم اللَه وجهه -: " آلَةُ الرِّيَاسَةِ سَعَةُ الصَّدْرِ" .
(9) – ويُنْسب للسموءل : وإِنْ هُو لَمْ يَحْمِلْ على النَّفْسِ ضَيْمَها *** فَلَيْسَ إلى حُسْنِ الثَّناءِ سبيلُ
(10) – و قال تعالى في وصف انتهاء حادثة الطوفان {وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}
(44) سورة هود .(ب) – بيِّنْ جمالَ الإِيجاز فيما يأتي و اذكر من أيِّ نوعٍ هو :
(1) – كتب طاهرُ بن الحسين إلى المأمون وكان واليَهُ على عُمَاله بعد هزمه عسْكر علي بن عيسى بن ماهان [من كبار القادة في عصر الرشيد و الأمين] و قتله إِياه : كتابي إِلى أَمير المؤمنين، ورأْسُ علي بن عيسى بن ماهان بين يدَي، وخَاتمُهُ في يدي، و عسكَرُه مُصرَّف تحت أمري والسلام .
(2) – وخطب زياد فقال : أيها الناس لا يَمْنعكم سوءُ ما تَعْلمون منَّا أن تنَنْتفعوا بأحْسَنِ ما تسمعون منّا.
(جـ) – بين ما في التوقيعات الآتية من جمالِ الإيجاز :
(1) – وقَّع أبو جعفر المنصور في شكوى قوم من عاملهم : كما تكونوا يؤمَّر عليكم .
(2) – وكتب إليه صاحبُ مِصْر بنُقْصان النيل فوقع : طهِّرْ عسكركَ من الفسادِ يعطِكَ النيلُ القيادْ .
(3) – ووقع على كتاب لعامله على حِمص و قد كثُر فيه الخطأ : استبدِل بكاتبك، وإلا أستُبْدِل بك .
(4) – وكتب إِليه صاحب الهند أنَّ جُنْدًا شغبوا عليه و كَسروا أقْفالَ بيتِ المال ، فَوقَّع : لو عدلْت لَمْ يشْغبُوا ولو وفَيْت لَمْ ينتهِبُوا .
(5) – ووقع هارون الرشيد إلى صاحب خراسان : داوِ جُرْحكَ لا يتسعْ .
(6) – ووقع في قصة البرامكة : أنبتتهم الطاعة ، و حصدتْهُم المعصية .
(7) – وكتب إِبراهيم بن المهْدي في كلام للمأمون : إن عفوت فبفضلك، وإن أَخذتَ فبحقك. فوقَع المأمون: القُدْرة تُذهبُ الحفيظَة .
(8) – ووقع زِياد بنُ أبيه في قصة مُتظلم : كُفِيتَ.
(9) – ووقَّع جعفر بن يحيى [من قادة البرامكة] لعامل كَثُرَتِ الشكوى منه: كثُر شاكوك ، و قلَّ شاكرُوك ، فإما عدلْت ، وإِمَّا اعْتَزَلْت .
(10) – ووقع في قصة محبوس: الجناية حسبهُ ، والتوبةُ تطلقه .
(د) – اقرأ الحكاية الآتية وبين وجه الإيجاز و نوعه فيما يعرض فيها من أمثال :
كَان لرجل من الأعراب اسمه ضَبَّةُ ابنان . يقال لأحدهما سعْد و للآخر سُعيْد ، فنَفَرتْ إبل لضبة فتفرق ابناه في طلبها ، فوجدها سعد فردها ، فمضى سُعيْد في طلبها ، فلقيه الحارث بن كعب ، وكان على الغلام بُرْدان ؛ فسأله الحارث إياهما فأبى عليه فقتله وأخذ برديه ، فكان ضبة إذا أمسى ورأى تحت الليل سوادًا قال : أسعد أَمْ سُعيْد ؟ فذهب قوله مثلا يُضرب في النجاح والخيبة ، ثم مكث ضبة بعد ذلك ما شاء الله أَن يمكث ، ثم إنه حج فوافى عُكاظ فلقي بها الحارث بن كعب ، ورأى عليه بُرْدي ابنه سُعيْد ، فعرفهما ، فقال له : هل أَنت مخبري ما هذان البردان اللذان عليك ؟ قال لقيت غلاماً يوماً وهما عليه فسألته إياهما فآبى عليَّ فقتلته فأخذتهما ، فقال ضبة : بسيفك هذا ؟ قال : نعم ، قال : أرنيه فإِني أظنه صارماً ؟ فأعطاه الحارث سيفه ، فلما أخذه هزَّه و قال : الحديثُ ذو شُجُون ثم ضربه به فقتل ! ، فقيل له يا ضَبة: أفي الشهر الحرام ؟ فقال : سبقَ السيفُ العذل [اللوم] فهو أول من سارت عنه هذه الأمثال الثلاثة .