قسم خاص بكل ما يتعلق بتعليم الصف الثامن في الامارات
تقرير لدرس الشفاء بنت عبدالله ""رضي الله عنها ""
أتمنى أن ينال إعجابكم ….
من أنا ……
الشفاء بنت عبد الله بن عبد شمس بن خلف بن شداد بن عبد الله بن قرط بن
رزاح بن عـدي بن كعب القرشية العدوية ، أسلمت قبل الهجرة ، وهي من
المهاجرات الأوَّل ، وبايعت الرسـول -صلى الله عليه وسلم- ، وكانت من
عقلاء النساء وفضلائهن000
من غار حراء شع فجر الإسلام … يملأ مكة وشعابها بنور الله … فيفيض إشراقاً في العقول ويمنح للقلوب المؤمنة ضياء لتنسج به عظمة الإسلام.. فكم رفع الإسلام أناساً لم نسمع عنهم من قبل … وكم زاد الإسلام من مكانه أناس فأضحوا خياراً في الجاهلية وخياراً في الإسلام.. لم يفرق بينهم نساء ورجالاً.. هكذا كانت الشفاء بنت عبد الله بن عبد شمس بن خلف بن شداد القرشية العدوية.. قيل اسمها ليلى وكانت تكنى بأم سليمان.. ولكنا اشتهرت بالشفاء وربما نالت هذا اللقب بسبب شفاء البعض على يديها بإذن الله.
تزوجت الشفاء بنت عبد الله من أبى خثمة بن حذيفة بن عامر القرشي العدوي.. واعتنقت الإسلام في وقت مبكر من بزوغ شمسه.. فصبرت مع المسلمين الأوائل وتحملت أذى قريش وتعنتهم حتى أذن المولى عز وجل للصابرين والصابرات في مكة بالهجرة إلى يثرب فهاجرت معهم.
كانت الشفاء بنت عبدالله العدوية من القلائل الذين عرفوا القراءة والكتابة في الجاهلية وقد حباها الله من فضله عقلاً راجحاً وعلماً نافعاً.. فقد كانت تجيد الرقية منذ الجاهلية.. فلما جاء الإسلام قالت : لا أرقي حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فحضرت إليه وقالت : يا رسول الله إني قد كنت أرقي برقي الجاهلية وأردت أن أعرضها عليك ، فقال : اعرضيها ، قالت : فعرضتها عليه وكانت ترقي من النَمِلة [ النملة نوع من التقرحات تصيب الجلد ] فقال : (ارقي بها وعلميها حفصة : باسم الله ، اللهم اكشف البأس رب الناس) ، قال : ( ترقي به على عود كركم "زعفران" وتطليه على النملة).. فاستمرت الشفاء ترقي بها المرضى من المسلمين والمسلمات وعلمتها لأم المؤمنين حفصة .. ويلاحظ هنا أن الشفاء رغم علمها القديم الذي أجادته قبل الإسلام لم تحاول الإفادة منه إلا بعد أن عرفت حكم الشرع فيه.. فلما أجازها النبي عليه السلام خدمت به الناس.. ولم تكتف بهذا بل علمت نساء المسلمين القراءة والكتابة فحق لها أن تكون أول معلمة في الإسلام.
لم تترك لنا كتب التراجم من أخبار الشفاء بنت عبدالله إلا النذر اليسير.. إذ وصفها ابن حجر في الإصابة بأنها من عقلاء النساء وفضلاهن.. وكان عليه الصلاة والسلام يبر بها فأقطعها داراً في الحكاكين بالمدينة لتسكنها.
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يثق برأيها ويقدم كلامها على غيرها حتى قيل إنه ولاها من أمر السوق شيئاً، ولم تذكر لنا كتب الأخبار ما المهام التي قامت بها الشفاء بنت عبدالله في السوق إلا ما رواه ابن سعد في طبقاته عن حفيدها عمر بن سليمان بن أبي خثمة ، عن أبيه قال : قالت الشفاء ابنة عبدالله : ورأيت فتياناً يقصدون في المشي يتكلون رويداً فقالت : ما هذا ؟ فقالوا : نسّاك ، فقالت : كان عمر إذا تكلم أسمع وإذا مشى أسرع وإذا ضرب أوجع وهو الناس حقاً.. ويتضح لنا من كلام الشفاء بنت عبدالله السابق الذكر أن هذا جزء من مهام الحسبة التي قامت بها ولكنها ، كما هو وارد في القصة ، لم تخاطب جماعة الفتيان مباشرة إنما قالت كلامها لمن هم معها.
وربما كانت مهمتها أيضاً الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بما يخص النساء ، وربما مراقبة تعليم الصبيان على اعتبار أن تلك المهام من أعمال المحتسب في الإسلام ، والله أعلم.
روت الشفاء بنت عبدالله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن عمر بن الخطاب، وروى عنها ابنها سليمان بن أبي خثمة وآخرون من أحفادها، وقد روى لها البخاري في كتاب الأدب وكتاب أفعال العباد كما روى لها أبو داود والنسائي.
توفيت معلمة الإسلام الأولى في زمن عمر بن الخطاب سنة عشرين بعد هجرة النبي عليه السلام، فجزاها الله عن المسلمين والمسلمات خير الجزاء بما خدمت به الأمة ورقت مرضاها وعلمت نساءها…
وقد أقطعها النبي دارا عند الدكاكين بالمدينة فنزلتها مع ابنها سليمان وكانت تكتب بالعربية في الوقت الذي كانت الكتابة في العرب قليلة. فكانت تعرض على رسول الله ما كانت ترقي به الناس في الجاهلية. فكان يسمع منها صلى الله عليه وسلم. ودخل رسول الله على أم المؤمنين حفصة بنت عمر فوجد الشفاء بنت عبد الله عندها فقال لها: علمي حفصة رقية النملة كما علمتيها الكتابة. كانت تعلم الناس الكتابة والقراءة مبتغية بذلك الأجر والثواب من الله، فكانت حفصة من بين من علمت من النساء. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور أم سليمان ويقيل عندها فلقد سألت رسول الله فقالت- ما أفضل الأعمال يا نبي الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: (إيمان بالله وجهاد في سبيله وحج مبرور). وكان عمر بن الخطاب يقدمها بالرأي.
{فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (يس/83)
ومن هنا يتبيّن المراد من قوله تعالى في سورة الرحمن حيث يقول:
{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ} (الرحمن26،27)
وكذلك قوله تعالى في سورة القصص :
{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} (القصص/88)
يقول الشاعر الفارسي:
((سيه روئي زممكن در دو عالم جدا هركز نشد والله أعلم))
أي سواد الوجه من ممكن الوجود وهو كلّ ما سوى الله تعالى لم ولن ينفصل عنه أصلاً، سواء تلبَّس بالوجود أم لم يتلبس به، حيث أنَّ ممكنَ الوجود طبيعتَه طبيعةٌ سوداء مظلمة لا نور لها وكما قيل:
((كلُّ ما في الكون وهمٌ أو خيال *أو عكوس في المرايا أو ظَلال))
وظهور ممكن الوجود كله يرجع إلى الوجود، فلأجل وُجوده ظهر، فلولا الوجود لما ظهر الممكن أصلاً، فليس هناك شيء ظاهرٌ في الكون إلا الوجود، وهو الله سبحانه وتعالى وليس هناك شيء باطن إلاّ الوجود، وهو الله سبحانه وتعالى.
{هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} (سورة الحديد/3)
فلا أول قبل الوجود ولا آخر بعده، لأن الحق المطلق ليس أولاً له آخر، ولا هو آخرٌ له أوَّل بل كما قال أمير المؤمنين عليه السلام :
((هو الأول بلا أول كان قبله، والآخر بلا آخرٍ يكون بعده))
فالأول هو والآخر هو، وجميع الموجودات مظاهره تعالى، ليس لها أي استقلال وأصالة أبداً، بل هي أمور اعتبارية محضة:
{كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ …} (النور/39)
فالغافل من يرى الأشياء فيحسبها مستقلة في الوجود ويعتبرها ذات قيمة، فيُقَيِّم الدنيا والآخرة والمال والجاه والجمال، فهو الأعمى حقاً:
{وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَـى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً} (سورة الإسراء/72)
{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ…} (النور/35)
فالآية صريحة في أنَّ الله تعالى نور السماوات والأرض وليس مُنوِّرها، فيا ترى ما هو المقصود من هذه الآية المباركة؟
إنها تريد القول بأنَّ الله نورٌ، والسماوات والأرض وهما إشارة إلى جميع الكون سواء المُنَور منه أو غير المنور، أعماق الأرض أو سطحها.
فالكواكب التي لا تصل إليها نور الشمس أيضاً ذات نور، ونورُها هو الله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له.
فجميع الموجودات سواء كانت مظلمة في الظاهر أو مضيئة، حتى السُّرُج كالشمس بل وحتى نفس النور، كلها مظلمة في حدِّ ذاتها، حيث أنَّها معلولة فقيرة تحكمها الحدود والتعيُّنات والقابليات (سوف نشرح آية النور بالتفصيل، راجع الكلمة)، ولذا يمكن السؤال عنها بكيف وأين وكم وهل!
وأمّا الله فهو نور مطلق ليس له حدٌّ ولا يأيَّن بأين، وفي الكافي بإسناده عن أبي إسحاق السبيعي عن الحارث الأعور قال:
((خطب أمير المؤمنين عليه السلام خطبة بعد العصر فعجب الناس من حسن صفته وما ذكره من تعظيم الله جلّ جلاله، قال أبو إسحاق، فقلت للحارث أ و ما حفظتَها قال: قد كتبتها، فأملاها علينا من كتابه: الحمد لله الذي لا يموت ولا تنقضي عجائبه … ليست في أوَّليَّته نهاية، ولا لآخريته حدّ ولا غاية، الذي لم يسبقه وقتٌ، ولم يتقدَّمه زمان، ولا يتعاوره زيادة، ولا نقصان ولا يوصف بأين ولا بِمَ ولا مكان)) (الكافي ج1 ص141 روايه7)
وهو تعالى الذي جعل النور نوراً :
{وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا} (سورة نوح/16)
فشعَّ النور المطلق ، فكلٌّ اكتسب النور على قدر استعداده وقابليته :
((يا نور كل نور يا نور كلّ شيء))
فالله سبحانه وتعالى هو نور النور باعتبار أن النور لا يكون كذلك إلا إذا كان موجوداً فالوجود هو النور حقيقةً، وهو منور النور، وخالق النور ومدبر النور ومقدِّر النور، حيث أنَّ نورانية النور من الوجود، كما أنَّ جمال الجميل وقدرة القادر وإرادة المريد من الوجود، فهو نور فوق كل نور، ونور ليس كمثله نور.
((وبنور وجهك الذي أضاء له كل شيء))
فالنور الحسي مهما بلغ من الشدة فله قَدَر محدود وسوف ينتهي أمده من ناحية الزمان وتنتهي شموليته من ناحية المكان، فمادام هو محدود فسوف يكون لها أفول وزوال، وهذا شأن كلِّ شيء ذات حدّ، لأنَّه متغير، وكل متغير حادث، أي لم يكن وكان، فوجوده ليس من نفسه بل هو من واجب الوجود أعني الله سبحانه وتعالى.
ومن المستحيل أن يخبو النور المطلق:
{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} (سورة التوبة/32)
وعلى ضوء ما ذكرنا يمكن أن نصل إلى مستوىً من عمق كلمات أئمتنا عليهم السلام في هذا الموضوع.
ففي دعاء عرفة للإمام الحسين عليه السلام:
((أ لغيرك من الظهور ما ليس لك حتّى يكون هو المظهِر لك، متى غبت حتّى تحتاج إلى دليلٍ يدلُّ عليك، أو متى بَعُدتَ حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك، عميت عين لا تراك ولا تزال عليها رقيباً، وخسرت صفقة عبدٍ لم تجعل له من حبك نصيبا))
فليس هناك حجاب في قبال هذا النور ،لأنْ ليس وراء الحق المطلق شيء يحجبه:
ففي الكافي بإسناده :
((عن محمد بن زيد قال: جئت إلى الرضا عليه السلام أسأله عن التوحيد، فأملى عليَّ: الحمد لله فاطر الأشياء إنشاءً، ومبتدعها ابتداعاً …احتجب بغير حجاب محجوب، واستتر بغير ستر مستور، عرف بغير رؤية ووصف بغير صورة، و نُعت بغير جسم، لا إله إلا الله الكبير المتعال)) (الكافي ج1 ص105 روايه3)
روي مثله عن أبي إبراهيم الإمام موسى بن جعفر عليه السلام (البحار ج3 ص327 رواية27 باب14).
فكلّ شيء في عالم الملك والدنيا قد اكتسب الوجود من الفيّاض المطلق بمقدار الوعاء الخاص به والقدَر المعيَّن له:
{رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} (طه/50)
{وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} (الأعلى/3)
{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقـَدَرٍ مَعْلـُومٍ} (الحجر/21)
ومن الطبيعي أنّ الموجودات كلّها قد أُحسن خلقها، فلا تتمنى أن تتبدل إلى غيرها:
{الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} (السجدة/7)
ومن هذا المنطلق ليس هناك تفاوت في خلق الرحمن ،كيف وهو ذو الرحمة الواسعة!
{مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَانِ مِنْ تَفَاوُتٍ} (الملك/3)
فلو نظرنا إلى نظام الخلق وتعمقنا فيه لعرفنا بأن هناك نظاماً طولياً يبدأ من الحق المطلق وينتهي إلى الجماد.
وكلُّ هذا الاختلاف لم ينشأ من الله سبحانه وتعالى، فهو ليس ببخيل بل هو الغني على الإطلاق، و الفيّاض المطلق، وهو دائم الفضل على البرية وباسط اليدين بالعطيّة، فلا يعقل أن يمنع الأشياء قسطها، كيف وهو القائل:
{وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} (الأعراف/85)
{وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ} (الإسراء/35)
{وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ} (الرحمن/7)
وفي سورة الرعد قد قرَّب سبحانه هذه الحقيقة بمثال رائع حيث قال :
{أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثَالَ} (الرعد/17)
فمن خلال هذه الآية المباركة نعرف :
أنَّ الماء الذي أنزله الله لم يكن محدوداً، بل كان كثيراً، ومن كثرته انقلب سيلاًً، وأمّا الأودية فكانت مختلفة من حيث القابليّة، فكلّ وادٍ منها كان يتحمّل الماء بمقدار سعته ووعائه، وبعد الفيضان حصل الباطل الذي يتمثّل في الزبد الرابي المتلوّن والمتشكل بأشكال مختلفة ذات المظهر الخلابّ المغري.
ولأنَّ الملائكة عقول محضة فلا يتصور فيها التكامل، وكذلك الجمادات والنباتات والحيوانات بطبيعتها محدودة الإطار بلا زيادة ولا نقصان، فلا تتكامل من ناحية القرب إلى الله أي التكامل الطولي، وإنّما يمكن تربيتها ونموّ استعدادها، وهذا ما يطلق عليه التوسع العَرضي.
ولمكان هذا التسلسل الطولي أصبح كلٌّ منها ولياً تكوينياً على الآخر، فالحيوان له الولاية التكوينية على النبات والنبات على الجماد.
وأماّ الإنسان فضلا عن أنه حيوان ونبات وجماد له الولاية التكوينيَّة (بما هو إنسان) عليها.
والنفس الإنسانية مضافاً إلى إمكان توسعتها عَرضاً، يمكن أن تتكامل في النظام الطولي، ففي الجانب العَرضي يتوسَّعُ الإنسان بالعلوم التجريبية كالطبّ والفيزياء والكيمياء وحتى الصناعات، فهذه العلوم بما هي علوم ليس لها أيُّ دور في تكامل الإنسان وتقربه إلى الله سبحانه.
نعـم : ربَّما تكون سبباً ووسيلةً لسلوك الإنسان في مراتبَ طوليَّةٍ تقرِّبُه إليه تعالى.
وأمّا العلوم الإنسانيَّة فبطبيعتها تصنع الإنسان وتبنيه فتوسِّع في أفقه وترفعه إلى مستويات عالية تقرِّبه إليه تعالى، ومن هنا تكون للإنسان الكامل ولاية تكوينيَّة على غيره من الموجودات، بل على الإنسان الذي دونه شأناً ومنزلةً (ومن منطلق هذه الولاية والكرامة الإلهية حيث أن "أكرمكم عند الله أتقاكم" يمكننا أن نتعرَّف على أسرار كثير من العبادات والمعاملات، فالإنسان الأتقى له الولاية على من دونه، حتى لو كان أباه، حيث أنَّ وجوده أكمل من غيره فيجب على الغير إطاعته وتبعيته وذلك يعني إطاعة الله، غير أنَّ الإطاعة بالنسبة إلى غير المعصوم محدودة، قال تعالى: "المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" كما أنَّه لا قوّامية للرجل الفاسق على المرأة المؤمنة إلاّ في مجال المسائل الزوجية، وأمّا في سائر الأمور الراجعة إلى الشريعة فلا ولاية له عليها. ومن هنا أيضاً تعرف السر في الإسترقاق، حيث أن الكافر المحارِب كالحيوان بل هو أضل سبيلاً، فيُتعامل معه تعاملَ حيوان فيباع ويُشترى، وكذلك بالنسبة إلى كثير من التشريعات فتأمَّل.)
وهذا هو مقام رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمَّة المعصومين عليهم السلام الذين هم خلفاء الله في الأرض ومظاهر صفاته وأسمائه، فجميع الموجودات تكون تحت ولايتهم التكوينيَّة، فلهم الولاية على جميع ذرات الكون.
فلا تظهر صفة من صفاته سبحانه حتَّى الإرادة في موجود من الموجودات إلاّ من خلال تلك الأنوار الطاهرة ، وهذه الولاية هي مرآة ولاية الله سبحانه.
ثمَّ إنَّ الله سبحانه هو منشأ الخيرات:
{بيده الخير}
ولكن حيث أنَّهم عليهم السلام أوَّل فيض من فيوضاته لأنَّ بهم فتح لله ، فلهذا و صلوا إلى مرتبة نخاطبهم :
((إن ذكر الخير كنتم أوّله، وأصله، وفرعه، و معدنه، و مأواه، ومنتهاه)) (بحار الأنوار ج102 ص132 رواية4 باب8 وج102 ص155 رواية5 باب8)
فجميع ذرات الكون حتى الجمادات لا يمكن أن تصل إلى غاية كمالها إلاّ بهم ، فكما أنَّ القرآن الكريم يشتمل على جميع الحقائق:
{وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (النمل/75)
{وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (يونس/61)
فكذلك ولي الله الأعظم ، حيث أنَّ له الولاية التكوينيَّة ، فكلُّ شيءٍ تحت سلطانه و إرادته بإذن الله تعالى :
{وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} (يس/12)
وقال تعالى :
{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} (السجدة/24)
والآية تشير إلى الهداية بالأمر التي هي الولاية التكوينيَّة، وقد تحدَّث العلامَّة الطباطبائي قدس سرُّه في الميزان حول الهداية بالأمر (الميزان ج14 ص304)
وفي الحديث :
((محمد بن يحيى وغيره عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن محمد بن الفضيل قال: أخبرني شريس الواشي عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنَّ اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا، وإنما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلم به فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس حتّى تناول السرير بيده ثم عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين، ونحن عندنا من الإسم الأعظم اثنان وسبعون حرفاً، وحرفٌ واحدٌ عند الله تعالى استأثر به في علم الغيب عنده، ولا حول ولا قوه إلاّ بالله العلي العظيم)) (الكافي ج1 ص230 رواية1).
نا من الإسم الأعظم اثنان وسبعون حرفاً، وحرفٌ واحدٌ عند الله تعالى استأثر به في علم الغيب عنده، ولا حول ولا قوه إلاّ بالله العلي العظيم)) (الكافي ج1 ص230 رواية1).
وجاء في بعض الأحاديث أو الآثار أنه إذا أجدبت الأرض، فإن البهائم ترفع رؤوسها إلى السماء وتقول -أو تلعن عصاة بنى آدم وتقول-: "منعنا القطرة بسبب ذنوبهم" أي: عصاة بنى آدم، وجاء في بعض الآثار أن الحبارى تموت في وكرها من ظلم الظلمة.
فإذن نقول على أهل البلاد التي يصابون بالقحط ونحوه أن يتذكروا أن ذلك بسبب سيئات اقترفوها، وأن هذا القحط ابتلاء من الله حتى يتذكروا أنهم مذنبون، وحتى يتوبوا وينيبوا إلى ربهم ويعترفوا بخطاياهم، هذا كله قبل أن يدعو رجاء أن يتوب الله -تعالى- عليهم وأن يرحمهم؛ ولذلك على الأئمة والخطباء في الجوامع ونحوها إذا حصل هذا الجدب أن يكثروا من تذكير الناس ووعظهم، ويخبروهم بأنهم هم السبب، وأن ذنوبهم هي التي حالت بينهم وبين رضى الله، وأوقعت بهم ما أوقعت من هذا السخط ومن هذا القحط والجدب والجفاف، ويبس الأشجار وغور المياه وانقطاع الأنهار كما هو واقع في الكثير من البلاد التي أصيبت بهذه المصيبة.
من ثم بعد ذلك عليهم أن يصلوا هذه الصلاة وتسمى صلاة الاستسقاء، وتسمى صلاة الاستغاثة؛ وذلك لأنهم يطلبون من ربهم أن يغيثهم، والغيث والغوث هو الإجابة والإعطاء لما يطلبوا، إذا أغاثهم فمعناه أنه أعطاهم ما يطلبونه منه، يقول الله -تعالى-: وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا أي: يأتي بالغوث، الغوث هو إجابة سؤالهم، وإزالة شدتهم، فإن كل من دعوته فأغاثك فإن إغاثته هي إجابة ما أنت فيه وإعطاءك ما تطلبه ونصرك له إذا استغثت، قال الله -تعالى-: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ أي: قال له أغثني فإني مضطر إلى إغاثتك، يعني: إلى نصرك، وقال الله -تعالى-: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ يعني: في غزوة بدر، لما أحدث المشركون بالمسلمين استغاثوا ربهم، يا ربنا أغثنا أغاثهم الله بالملائكة فكانت الملائكة غيث لهم وغوثا ونصرا.
فنصر الله -تعالى- يسمى غوثا، والمطر عند الاضطرار إذا دعوا ربهم يسمى غوثًا، يعني: إجابة لهم وتفريجًا لكرباتهم؛ لذلك تسمى هذه الصلاة صلاة الاستغاثة لأنهم يطلبون الغوث الذي هو إزالة الكرب.
هذه الصلاة سنة، تقدم أنها من آكد السنن، كثير من الفقهاء يجعلون آكد السنن هذه الصلاة، وبعضهم يقول: آكدها الكسوف، وكل منهم مجتهد، ولعل الصلاتين –الكسوف والاستسقاء- متقاربتان في الأهمية، هذه مهمة وهذه مهمة، وليست أحدهما فرضا، وإنما هي سنة مؤكدة.
على الإمام إذا أراد أن يستسقوا أن يحدد لهم يومًا، ويقول: موعدكم اليوم الفلاني أخرجوا فيه للاستسقاء، اطلبوا من ربكم الاستسقاء، فيخرجون ويصلون صلاة الاستسقاء .
ويجوز أن يستسقي بعضهم بمفرده أو يستسقي أهل بلد وحدهم، أو أهل بيت أو نحو ذلك، فإن الله -تعالى- يجيب من دعاه، والوقائع كثيرة، ذكر أن صاحب نخل خاف أن ييبس نخله، طلب من أهل البلدة أن يستسقوا، فقالوا: ننتظر أمرا من الملك، فخرج هو وأهله وأهل بيته وأطفاله إلى جانب نخلهم، فصلى ركعتين بعد طلوع الشمس ودعا الله -تعالى- مع أنه عامي، وقلب عباءته ورجع، فأنشأ الله سحابة أمطرت على شعب قريب من نخله فشرب نخله حتى روي، ولم يشرب غير نخله إلا خمس نخلات من جاره، أجاب الله -تعالى- دعوته، وكذلك جاء أحد الصالحين ووجد أخاه قد غار الماء من بئره، فاستقبل القبلة ودعا الله وبالغ في الدعاء، فما أمس الليل حتى جاء سيل وسقى ذلك النخل الذي كاد أن يموت، شخص واحد ولكنه من الصالحين دعا الله -تعالى- فأجاب الله دعوته.
وتذكرون أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما كان في غزوة تبوك، وكانوا في برية لا ماء فيها، فخافوا أن يموتوا من العطش، فدعا الله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأرسل الله سحابة فأمطرت عليهم حتى استنقعت الأرض، فشربوا وشربت رواحلهم، وملئوا القرب معهم، ملئوا كل قربة، ثم نظروا وإذا السحابة لم تتجاوز محطتهم، لم تتجاوز رحلهم، بل كان عليهم على رؤوسهم فقط .
وكذلك لما أجدبت مرة دخل رجل والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب فطلب منه وقال: "جاع العيال وانقطعت السبل وهلكت الدواب فادعوا الله يغيثها أو يغيثنا" أنشأ الله سحابة وامتدت في السماء، وأرسل الله المطر، واستمر ذلك أسبوعا، والمطر ينزل، ففي الجمعة الآتية جاء رجل، وطلب من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يدعو الله بإمساكها، فدعا الله -تعالى- فانجابت السحب، وخرجوا يمشون في الشمس……………………..
وكذلك لما خرج بهم إلى الجبانة، يستسقي بهم في المدينة في البقيع، يقول: إنه لما دعا الله -تعالى-، ورجعوا أنشأ الله سحابة وأمطروا قبل أن يصلوا إلى بيوتهم، فلما أقبلوا سعوا إلى الكن، فضحك من متعجبًا من حرصهم على الكن، وقال أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، يعني: أن الله -تعالى– أجاب دعوته في الوقت نفسه في هذه الوقائع وغير ذلك كثير .
فهكذا إذا دعوا الله -تعالى- فهو أكرم من أن يردهم، ولكن عليهم قبل ذلك أن يتوبوا، وأن يصلحوا أعمالهم، فإن الذنوب سبب للعقوبات، قال الله -تعالى-: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ .
صفة صلاة الاستسقاء كصلاة العيد، يعني: أنه يبدأ بالصلاة قبل الخطبة، هذا هو القول الراجح، يبدأ بالصلاة ركعتين، صفتهما كركعتي العيد، يفتتح الأولى بسبع تكبيرات بعد التحريم، يقف بين كل تكبيرتين قدر ما يقول: "الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا إلى آخره، كذلك الثانية يفتتحها بخمس تكبيرات، يجهر فيها بالقراءة، يقرأ فيها ما تيسر، سواء قرأ بسبح والغاشية أو بغيرهما، يرفع يديه مع كل تكبيره من التكبيرات الزوائد وبعد ما يصلي ركعتين يخطب بهم، إلا أنه ذكروا أن الخطبة واحدة، خطبة العيد يخطب خطبتين يجلس بينهما، وأما الاستسقاء فيخطب خطبة واحدة، وإن أطال وجلس وخطب ثانية فله ذلك؛ لأن الجلوس بين خطبتي الجمعة لأجل أن يريح نفسه بعد الخطبة الأولى.
الخطبة يقف على مكان مرتفع، يجعل له مكان مرتفعا بدرجتين أو ثلاث، يأمرهم بالتوبة، يأمرهم بالتوبة وذلك لأن الذنوب سبب العقوبات، والتوبة تمحو الذنوب، التوبة هي الإقلاع عن السيئات والمخالفات، ولها ثلاثة شروط أولها: الإقلاع عن الذنب، الذي يقول: أنا تائب وهو مستمر على ذنبه لا تقبل توبته، الثاني: الأسف والندم على ما مضى من السيئات، وطلب الله المغفرة، الثالث: المعاهدة والتعهد أنه لا يعود إلى الذنوب مرة أخرى، بل يقلع عنها ويتركها بقية حياته، يأمرهم بالتوبة النصوح.
ثانيا: يأمرهم بترك الظلم، أي: ترك الظلم بينهم، في الحديث القدسي يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا فيحثهم على التخلي عن المظالم، وأن يرد كل منهم ما عنده من المظالم، سواء كان الظلم بين العبد وبين ربه بالتوبة، أو بين العباد فيما بينهم.
ثالثًا: يستحب صيام ذلك اليوم ليكون سببا في قبول الدعاء، جاء في حديث دعوة الصائم لا ترد أو ثلاثة لا ترد دعوتهم: -ذكر منهم- الصائم حتى يفطر .
رابعا: يأمرهم بالصدقة، يأمرهم أن يتصدقوا؛ لأن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، والصدقة تدفع ميتة السوء، ولعل هذه الأوامر يأمرهم بها قبل الخروج، يعني: في يوم الجمعة أو في خطبتها أو في المجتمعات يأمرهم بهذه الأربع: "التوبة وترك الظلم والصيام والصدقة".
يخرج بهم ليوم يعدهم فيه يحدد لهم يوما، ثم يخرجون ويخرج الإمام، يخرجون ببذلة أي: بثياب بذلة، لا يخرجون بإعجاب ولا بتكبر ولا بتجمل، بل يخرجون بثياب متواضعة، وهي ثياب البذلة، أي: الثياب العادية، فلا يلبسون ما يلبسونه في أيام الأعياد.
يخرجون أيضا بتخشع، أي: بخشوع وخضوع خاشعة أبصارهم، ذليلة أبدانهم، منكسرة قلوبهم، يخرجون بتذلل، أي: يؤثرون التذلل، الذل لله -تعالى- سبب للعز، فيتركون الترفع بأنفسهم والشموخ بأنوفهم والتكبر على ربهم، بل يتذللون لله ويستكينون له، كذلك يتضرعون، التضرع هو كثرة الدعاء مع الإلحاح فيه ومع إظهار الضراعة التي هي الخشية ونحوها.
إذا خرجوا كلهم بهذا التبذل والتخشع والتذلل والتضرع رجي بذلك أن يجيبهم الله؛ لأنه قال في بعض الآثار: "أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي" كذلك لا يتطيب إلا أنه لا يكون مع رائحة منتنة، بل يكون في ثيابه العادية ولا يحتاج إلا أن يطيب ثيابه، هذه صفة خروجهم……..
يصلي بهم ركعتين، يبدأ بالصلاة قبل الخطبة، الركعتان مثل ركعتي العيد في افتتاحها بالتكبيرات الزوائد وفي الجهر بالقراءة، يخطب بعد ذلك واحدة خطبة واحدة، وإن أطالها واحتاج أن يجلس في أثنائها فله ذلك، تحتوي هذه الخطبة على الاستغفار والدعاء يكثر فيها من الآيات التي فيها الاستغفار أو الأمر به، مثل قول نوح: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب .
ذكر أن ابن عباس ألقى مرة موعظة، وجعل الناس يسألونه، فجاءه رجل فقال: إني مئناث -لا يولد لي إلا إناث- فقال له: عليك بالاستغفار، أكثر من الاستغفار، وقرأ له هذه الآية: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ ما قال ببنين وبنات، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا يقول ذلك الرجل: فلزمت الاستغفار، فكنت استغفر كل يوم ألف مرة، يقول: استغفر الله، استغفر الله في الصباح والمساء، فرزقه الله -تعالى- بنينا، وهذا مصداق ما ذكر الله وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ فالاستغفار سبب لأن يمد الله -تعالى- عباده، ويجعل لهم أنهارا، أي: جارية، ومثل قوله مع هود -عليه السلام-: وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ أمرهم بالاستغفار وأخبرهم بأن الله -تعالى- يرسل السماء عليهم مدرارا، أي: يغيثهم ويذكر لهم الأدعية التي فيها الاستغفار، مثل قوله تعالى: وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ومثل قوله حكاية عن الأبوين: قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ .
هكذا أخبر أنهما بادرا إلى المغفرة وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ وقول بني إسرائيل: لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ وقول نوح -عليه السلام-: وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ وقول موسى: رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ والآيات مثلها كثيرة.
وكذلك أيضا ما ذكر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال ابن سعود أو قال ابن عمر "كنا نعد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المجلس الواحد مائة مرة ربي اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم" وكان يقول: أيها الناس توبوا إلى الله، فإني أستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة يقول: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه أو يقول: ربي اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم ونحو ذلك.
الغفر هو الستر، اغفر لي يعني: استر سيئاتي، ومنه سمي المغفر الذي يلبس على الرأس؛ لأنه يستر الرأس من وقع السلاح، فمعنى اغفر لي يعني: امحوا سيئاتي وأزل عني آثارها واسترها ولا تؤاخذني بها.
ويكون هذه الاستغفار من أحب الأعمال إلى الله، وذلك لأن فيه اعتراف العباد بأنهم مذنبون، وأن الله -تعالى- هو الذي يغفر الذنوب كما في قوله تعالى: لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ فيكثر من الاستغفار سواء بالآيات أو بالأحاديث.
جاء عنه -صلى الله عليه وسلم- قال: سيد الاستغفار: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء بك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت هكذا أخبر بأن هذا سيد الاستغفار .
وطلب أبو بكر -رضي الله عنه- أن يعلمه النبي -صلى الله عليه وسلم- دعاء يدعو به في صلاته، فأرشده أن يقول: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم هذا وهو أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-، أمره بأن يعترف بذنبه حتى يغفر الله -تعالى- له، وكذلك أمر الله نبيه أن يستغفر لذنبه وللمؤمنين: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ هكذا أمره أن يستغفر لذنبه، مع أن الله -تعالى- قال: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ أخبر بأنه قد غفر له ما تقدم وما تأخر من ذنبه، ومع ذلك كان يستغفر الله، كان يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة.
يكثر أيضا من الدعاء، والمأثور أحسن، أي: المأثور من الدعاء أولى بأن يأتي به، ذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حفظ عنه أنه كان يدعو فيقول: اللهم أنت الله لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث هذا من المأثور.
ومن المستحسن أن يقول: اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، القانطين هم الذين يقطعون الرجاء .
في قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا هكذا أخبر من بعد ما قنطوا دل ذلك على أن القنوط قد يقع منهم، فيقول: لا تجعلنا من القانطين، أي: الآيسين من فضلك، حفظ عنه أنه -صلى الله عليه وسلم- قال في دعائه: اللهم اسق عبادك وبلادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت هذا من المأثور، فالمأثور أحسن.
وإن دعا بغير ذلك مما يستنبط من الآيات إذا قال: "اللهم أنزل من السماء ماء طهورا فأسق به بلدة ميتا" أسقي به بلدة ميتا أو فأحي به بلدة ميتا، وأسقيه مما خلقت أنعامًا وأناسي كثيرة، هذا مأخوذ من الآية التي في سورة الفرقان، إذا قال: "اللهم أنبت لنا الزرع، وأدر لنا الضرع، وأنزل علينا من بركاتك" فإن ذلك من الأدعية المأثورة يعني: المنقولة إما مرفوعة، وإما عن سلف الأمة.
وهكذا إذا قال: اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بشر ما عندنا، أو اللهم ارفع عنا الجوع، ارفع عنا الجوع والجهد والعري، واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك، اللهم إن بالعباد والبلاد من اللاؤاء والشدة والضيق والضنك ما لا نشكوه إلا إليك، يكثر من الأدعية بعد الموعظة وبعد التذكير.
ثم بعد ذلك يحول ردائه إذا كان على المعتاد أن الأكسية التي عليهم إزار ورداء كلباس المحرم، بعد الخطبة يستقبل القبلة ويدعو، كذلك أيضا المصلون يدعون ويرفعون أيديهم دعاء خفيا، ثم يقلبون أرديتهم، يجعل ظاهره باطنه، إذا كان عليه رداء جعل باطنه ظاهره، وإن كان عليه عباءة أو مشلة جعل ظاهره باطنه، يعني: قلبه، وإن لم يكن عليه إلا عمامته قلبها أيضا، أي: حولها فجعل الظاهر باطنا، قيل إن الحكمة في ذلك أن تتحول الحال أن يحول الله -تعالى– حالتهم من بؤس إلى سعة، من ضيق إلى سعة، من شدة إلى فرج، من قحط إلى خصب، يحول الله -تعالى- حالتهم، يقول: إذا كان عندهم أهل الذمة، أهل الذمة هو المعاهدون الذين لهم عهد ولهم ذمة من اليهود أو النصارى، فإنه يجوز أن يخرجوا، ولكن يكونوا في ناحية يستغيثون ويدعون في ناحية، ولا يختلطوا مع المسلمين .
إذا أرادوا الخروج؛ وذلك لأنهم لهم ديانة ولهم رزق رزق من الله -تعالى–، فلا يمنعون أن يخرجوا، ولكن لا يخرجون في يوم خاص، بل يكون خروجهم يوم يخرج المسلمون، فلا يخرجون بيوم لماذا؟ مخافة أن ينزل المطر بعد استغاثتهم فيعتقد العوام أنهم أولى بالهدى، ويقولون: دعونا فلم يقبل منا، ودعا اليهود فقبل منهم، لا يؤذن لهم أن يخرجوا في يوم خاص.
إذا نزلت الأمطار وخيف الغرق وخيف كثرة الغرق، فإنه يدعو، ذكر أن ذلك أن رجلا دخل والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، وقد ادلهم المطر وكثر واستمر أسبوعًا، فخاطب النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: يا رسول الله تهدمت القصور، وانقطعت السبل، فادعوا الله يمسكها فرفع يديه وقال: اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب، وبطون الأودية ومنابت الشجر فانجابت الغيوم وخرجوا يمشون في الشمس .
يقول أيضا يقرأ أو يدعو بآخر سورة البقرة لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ .
هكذا يدعو إذا دعوا، ولكن ما نزل المطر يعيدون الاستسقاء مرة أخرى وثالثة ورابعة؛ حتى يرحمهم بكثرة دعائهم، إن الله يحب الملحين في الدعاء، وإذا تأخر المطر فعليهم أن يتفقدوا أنفسهم، ويعلموا أن ما أصابهم فإنه بشؤم ذنوبهم، فعليهم أن يتوبوا وأن يجددوا التوبة حتى يرحمهم الله تعالى.
ما هي أسباب الأنانية؟
الأسباب التي تدفعُ الإنسان للأنانية كثيرة منها : التربية الخاطئة من الأبوين للأبناء في الصغر وعدم توعيتهم على اجتناب الأحقاد والاستيلاء الفردي وغيرها ذلك قد يسبب الأنانية ولكن في بعض الأحيان يكون الوالدين هم مُصابون بالأنانية فهذه علة ٌ أكبر، الحرمان أيضاً سببٌ مهم و نحنُ نقول لا نريد كثرة الدلال للأبناء لأنها قد تفسدهم ولكن لا نريد أيضاً حرمانُهم ويجب أعطائهم متطلباتهم بشكل ٍ معقول وغير مُفرط وخاصة ً الأمور المادية كي لا يتوسع ذلك الحرمان والأنانية في الكبر، أيضاً كثرة العقاب على أتفهُ الأمور و السفاسِف هي ليست بالتربية السليمة لأنها قد تحوّل ذلك الناشئ لشخص أناني في كبره يتلذذ بعقاب الآخرين كما عُوقب في صِغره، أيضاً من الأسباب تحقير وكسر الشخصية والتقليل من الشأن والضرب خاصة ً أمام الآخرين والإحراج الغير مقبول والإهانة قد توّلد الأنانية والكره للغير، ومن الأسباب أيضاً تفضيل الأبوين أبن على ألآخرأخوك أفضلُ مِنك بكذا وأنت لا تفهم وغيرها قد تدفعه لكره أخوه وتسيطر عليه الأنانية، ومن الأسباب أيضاً عندما يكون الإنسان صاحبة إعاقة أو داء ٍ مزمن أو عاهات ٍ جسدية محرجة إنها أيضاً يولد عند بعض الأشخاص الأنانية، ومن الأسباب أيضاً وفاة الوالدين مُبكراً ( اليتم ) أحد أسباب الأنانية المُندرجة من الحرمان العاطفي و الإحساس بالأبوة والأمومة، الفقر أيضاً أحد الأسباب البارزة في هذا الجانب وعدم قدرة ولاة الأمر على تفهم متطلبات الأفراد من الجيل الواعد هي سببٌ ودافع ٌ للأنانية أيضاً.
ما هي طرق علاج الأنانية؟
في نظري الأناني شخصٌ مريض يحتاج للعلاج ويريد من يقف معه للقضاء على الأنانية في ذاته فالمجتمع والأسرة لهم دورٌ كبيرٌ في ذلك لأن المولود في الواقع يتأثر بالعوامل المحيطة به فيجب تعليمه وتعويده من صغره على عدم الأنانية وأن يحُب لغيره ما يحبه لنفسه قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( حب لأخيك ما تحب لنفسك )، ويجب علينا أن نصّفي أنفسنا من صفة الأنانية هذه الصفة المكروهة ونبتعد عن الرغبات النفسية لأنها منشأ الاختلافات وهي من أهواء النفس الشيطانية، والتعوّيد على حب التعاون والأعمال الجماعية والاختلاط والتقارب أيضاً له دور مهم ، والأنانية هي نتيجة تربية أسرية خاطئة فيجب على الأسرة مراجعة قراراتها للتخلص من هذه الآفة والسلوك الخاطئ، ويجب أن نقطع نبتة الأنانية المزروعة في أنفسنا ونزرع فيها المحبة قال الإمام عليعليه السلام ( ثمرة المحاسنة صلاح النفس
ابي حل صفحة 99 , 100 , 101
و حل درس صلاة الضحى كامل مع التقويم
والسموحة منكم
شـحالكم؟
ان شـاء الله الـكل بـخير
اعرف اني واااااااااااايد اتفلسف بس شو اسوي
صـفحه "175"
أنـاقش:
1-مـا الاوقات …………..؟
– مـاكـتـبـتـهـأ
2-مـا حـكـمها……………..؟
– سـنه مـؤكده عـند الـحاجه إلـى الـماء.
3- مـتى تـصلي؟
– أول الـنهار ، وهـي تـصلي فـي جـميع الاوقـات .
صـفحه "176"
أتـدبـر………:
-مـا اثـر………………؟
– لـفتح الله عـليهم بـركات الـسماء و الارض.
مـا اسـباب…………….؟
1-بـسبب كفرهم و عـنادهم و عدم تتوبتهم إلى الله 2- بـسبب ارتـكابهم الـمعاصي و الـظلم.
صـفحه "179"
الـنشاط الـثالث:
1- خـطأ
2- خـطأ
3- صـحيح
صـفحه "180"
الـنشاط الـرابع:
مـا يـستحب………………….:
1-صيام ثلاثه ايام
2-التوبه من المعصيه و التقرب الى الله
3- اعـطاء الحقوق الـى اصـحابه
وبــــس هـذا الـي حـليته
تـحـياتـي شموو
اتريا ردودكم